اعتراف أميركي أردني بتفوّق الجيش السوري في حرب البادية واقترابه من التنف ارتباك سياسي ودبلوماسي حول مشاركة لبنان في الرياض… ورعد: لن نسمح بالفراغ

كتب المحرّر السياسي

كشفت المحطة الثانية لجولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المنطقة وانتقاله من الرياض إلى القدس، أنّ صورة القوة وهالة الحسم ولغة الفرض التي ظهرت بحضوره في قمة الرياض، قد انقلبت تراخياً وتهاوناً في التعامل مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فتبخّر الحديث عن حلّ الدولتين ليصير أو دولة واحدة أو ما تريدونه، والقمة الثلاثية التي تضمّ ترامب ونتنياهو ومحمود عباس صارت اجتماعاً ثلاثياً يحدّد لاحقاً تحدث عنه وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون، بعدما بدأ من الرياض الاقتصاص من تنازلات حركة حماس بتصنيفها تنظيماً إرهابياً في خطاب ترامب.

عملياً تحوّلت زيارة ترامب مناسبة احتفالية مع نتنياهو بالموقف السعودي الذي أذاعه ترامب علناً بقوله إنهم يحملون لكم مشاعر طيبة، وتقديمه إنجازات قمم الرياض لـ»إسرائيل» في تركيز التعبئة ضدّ إبران وحزب الله.

في الميدان الحقيقي للمواجهة، حيث تدور الحرب الحقيقية، وكانت رسالة التمهيد لقمم الرياض بالغارة الأميركية في البادية السورية، والإيحاء برسم خطوط حمراء لحركة الجيش السوري، جاء الجواب أمس بالنجاحات التي حققها الجيش السوري في مواجهة الجماعات المدرّبة والمشغلة من الأميركيين والتي يرعاها الأردن في البادية السورية جنوباً وشرقاً حول معبر التنف وتقدّم الجيش إلى مسافات قريبة من الحدود تسقط نظرية الخطوط الحمراء باعتراف أميركي أردني أشار إلى التقدّم السوري من دون أن يبدي تعليقاً على الأحداث.

لبنانياً، انشغلت الأوساط السياسية بمتابعة التفاعل مع شكل ومضمون المشاركة اللبنانية في قمم الرياض، والتي حصدت كمية من الانتقادات اللافتة، بدءاً من تخطيها مقام رئاسة الجمهورية ومروراً بتخطي القمة لحضور لبنان وحقه في إلقاء كلمة، وصولاً لمضمون ما جرى توزيعه كبيان صادر عن القمة، قال وزير الخارجية جبران باسيل أنه لم يُعرَض على لبنان، وأنّ الوفد اللبناني سمع بالبيان وهو في الطائرة.

في مسار قانون الانتخابات المنشود وأخطار مراوحة في المكان، ومواصلة السير على حبل مشدود واللعب على حافة الهاوية، كان لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة موقف لافت أعلن فيه عزم حزب الله على منع الوصول للفراغ الذي يعني نهاية المجلس النيابي والحكومة، بحيث يصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئاً…

هل تستعيد حكومة «الثقة» جزءاً من السيادة؟

بعد خرق المملكة السعودية الأصول الدبلوماسية بدعوة رئيس الحكومة بدلاً من رئيس الجمهورية الى مؤتمر قمة الرياض، استمر التمادي السعودي في النيل من سيادة لبنان ووحدته الوطنية واستخدام سياسة الانتقام المالية والسياسية بحق اللبنانيين المتمسكين بمقاومتهم التي حرّرت أرضهم المحتلة في أيار عام 2000 ودافعت عن حدود الوطن وبناه التحتية في عدوان تموز 2006 وساهمت الى جانب الجيش اللبناني في دفع خطر الإرهاب.

فلم يكتف المؤتمرون في الرياض بتهميش لبنان وهمومه عن جدول أعمال القمة ومنع رئيس حكومته سعد الحريري من إلقاء كلمته، بل عمدوا الى إطلاق أوصاف الإرهاب بحق مكوّن وطني أساسي مقاوم من دون علم الوفد اللبناني، الذي لم يكلّف نفسه عناء الاعتراض أو التحفظ عن البند الخاص بلبنان، مكتفياً ببيان خجول لوزير الخارجية جبران باسيل يوضح فيه أن الوفد لم يكن على علم بالبيان الذي صدر خلال وجود الوفد في الطائرة.

وعلى رغم الاتهامات التي كالها الرئيس الأميركي والملك السعودي والمسؤولون الأميركيون والسعوديون بحق حزب الله فضلاً عما تضمنه بيان القمة المجحف وصدور بيان سعودي أميركي ملحق أمس، يؤكد «دعم جهود الدولة اللبنانية لفرض سيادتها ونزع سلاح حزب الله»، لم يصدر حتى الآن أي بيانٍ رسمي من الحكومة اللبنانية ولا من وزارة الخارجية تعبّر من خلاله عن رفض لبنان التدخل في شؤونه الداخلية والنيل من استقراره السياسي وأحد مكوناته الأساسية، بل جاء الردّ من الرئيس الايراني المنتخب لولاية ثانية حسن روحاني الذي اعتبر أمس أن «حزب الله هو تيار معتمد من قبل اللبنانيين وفي البرلمان ويحترمه المسيحيون في لبنان وباتهامه لا يمكن محاربة الإرهاب».

فهل تستلحق حكومة «استعادة الثقة» نفسها بإصدار بيانٍ اعتراضي على البند المتعلق بلبنان في بيان القمة لاستعادة ثقة اللبنانيين وكجزء من احترامها وسيادة بلدها؟ أم أن هناك تفاهماً في مجلس الوزراء على تمرير قمة الرياض بأقل الخسائر الممكنة وتجنب المواجهة مع السعودية وإطلاق بيانات تعكر صفو العلاقات اللبنانية السعودية المرمّمة حديثاً، ومازالت في طور الترميم؟

وقال وزير الخارجية الأسبق عدنان منصور أن «صدور بيان القمة في ظل وجود الوفد اللبناني في الطائرة، كما أشار بيان الخارجية اللبنانية، يعني أن جميع الدول موافقة على نص البيان كما يعني أنه مُعَدّ سلفاً قبل عقد القمة، لذلك لم تعترض أي دولة عليه.

وأشار منصور لـ»البناء» إلى أن «على الحكومة ووزارة الخارجية اللبنانية أن توضح بشكلٍ رسمي وفور صدور البيان تحفظها على الفقرات المتعلقة بحزب الله والمقاومة اللبنانية، لأن ذلك مسٌّ بسيادة لبنان وتؤثر بشكلٍ سلبي على الوضع الداخلي، فوصف مكون لبناني أساسي موجود في الحكومة والمجلس النيابي بالإرهاب، يعني نعتَ كامل الحكومة بالإرهاب لأن الحزب جزء منها».

ودعا منصور وزارة الخارجية الى «إرسالها باسم الحكومة، بياناً رسمياً مكتوباً الى أمانة المؤتمر يتضمن تحفّظ الحكومة على البيان، وأن التخلف عن ذلك يعني موافقة الوفد اللبناني ولبنان على نص بيان القمة ما يترك أثراً سلبياً على التماسك الوطني والحكومي».

وأوضح منصور أن الأصول المتبعة في القمم، تلزم القيّمين على القمة اطلاع وفود الدول المشاركة على نص البيان أو المقرّرات، لكن ما حصل في قمة الرياض تم تمرير البيان من دون معرفة معظم الدول الحاضرة ومنها لبنان كما تمّ اختصار الكلمات ببعض الدول لأسباب سياسية».

وفي سياق ذلك، يواصل الوفد النيابي المكلف متابعة ملف العقوبات الأميركية الجديدة على لبنان لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، وأكدت مصادر الوفد بعد لقائه فريق عمل السيناتور ماركو روبيو أن «لا أساس للعقوبات الجديدة على لبنان وما نشر في الإعلام هو مسودة أفكار لإحدى اللجان في الكونغرس الأميركي والاتجاه هو إجراء تعديلات على قانون عقوبات العام 2015»، مشيرة الى أن «لبنان موجود في سلم اولويات الولايات المتحدة الأميركية لا سيما في الكونغرس ووزارة الخارجية».

مؤشرات «الستين» تلوح في الأفق

على صعيد آخر، بدأت مؤشرات إجراء الاستحقاق النيابي على قانون الستين تلوح في أفق أزمة قانون الانتخاب في ظل استمرار الخلافات السياسية حول المشاريع المطروحة وانسداد أبواب الحلول والمخارج الدستورية والسياسية حتى الآن، فبعد طلب عدد من الأحزاب السياسية من مراكز الدراسات والإحصاءات تزويدها بدراسات وتوقعات انتخابية وفقاً لقانون الستين، افتتح رئيس حزب «القوات» سمير جعجع أمس، سباق الترشيحات، بإعلانه ترشيح مرشح «القوات» أنطوان حبشي عن المقعد الماروني في بعلبك الهرمل.

وعلمت «البناء» أن «التيار الوطني الحر أبلغ الجميع بأنه لم يعد لديه شيء ليقدمه من مبادرات انتخابية ويتمسك بالمشروع التأهيلي حتى إيجاد البديل الذي يراعي مبدأ المناصفة والتمثيل الصحيح والتوازن في المؤسسات الدستورية بين المكونات الطائفية، كما أنه اقترح تمديد مهلة التوافق على قانون جديد الى ما بعد 19 حزيران، وإن تخطّينا المهل ودخلنا في الفراغ لكن ذلك قوبل برفض معظم القوى الأخرى».

وبرز أمس موقف لافت لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، الذي حذّر من أن «البلد بعد 20 حزيران مهدد بالفوضى وعدم الاستقرار»، وقال: «الفراغ ممنوع في هذا البلد، لأن الفراغ يعني نهاية البلد ونهاية الدولة والمؤسسات، والفراغ لا يعني أنه لم يعد لدينا مجلس نيابي أو رئيس مجلس نيابي، الفراغ يعني أنه لم يعد لدينا حكومة ولا رئيس حكومة، ويصبح رئيس الجمهورية لا يملك شيئاً».

وأضاف رعد: «لن نقبل الفراغ، ولن نقبل من أحد أن يسعى اليه في لبنان، ولذلك أمامنا شيء واحد، وهو ما نقوله إما ان تستمروا بالحوار أمامكم 20 يوماً، لكن مَن يفكر بأنه يمكن التوافق على قانون انتخاب بعد انتهاء ولاية المجلس لا يحلم بها، التوافق على قانون انتخاب يجب أن يتمّ قبل 20 حزيران. البلد بعد 20 حزيران مهدد بالفوضى وعدم الاستقرار، ولا أحد يدري من أين تأتي التعليبة. لذلك ليس من حق أحد أن يغامر بالبلد».

وقالت مصادر نيابية لـ»البناء» إن «لا اتفاق حتى الآن بين القوى السياسية على مبدأ النسبية التي لا يمكن أن تتجزأ، فالخلاف توسّع وتعقّد بعد التوتر السياسي بين عين التينة والرابية، وكلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل التصعيدي، وما يجري الآن ليس سوى مساعٍ يقودها أكثر من طرف لتخفيف حدة التوتر والعمل على التهدئة لخلق مناخ إيجابي للحوار في الفرصة الأخيرة بعد فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي أواخر الشهر الحالي».

ولفتت المصادر الى أن «اتصالات ولقاءات تحصل بعيداً عن الأضواء الإعلامية لإعادة الجميع الى الحوار قبل نفاد الوقت، لكن خلافات عدة تتحكم في المشاورات ونتيجتها، أولها فشل المتحاورين حتى الآن في الوصول الى مفهوم مشترك للنسبية وترجمته بصيغة انتخابية معينة، ثانياً لا اتفاق على عدد الدوائر، فكل طرف يطرح العدد من منظار ما يؤمن له الفوز بأكبر عدد من المقاعد وإقصاء أخصامه السياسيين داخل الطائفة الواحدة إضافة الى الصوت التفضيلي الذي يُصرّ «التيار الحر» على حصره بالقضاء».

واعتبرت المصادر أن «النسبية الكاملة هي الحل الوحيد للأزمة السياسية والطائفية والمذهبية في لبنان»، وأشارت الى أن «رئيس الجمهورية متحمّس للنسبية الكاملة الذي لطالما طالب بها، لكن هناك ضغوط تتعرّض لها الرئاسة الأولى من الثنائي المسيحي «التيار» و«القوات» لدفع الرئيس ميشال عون لتبنّي خيار المشروع التأهيلي أو ما يشابهه، باعتبار الثنائي أن الفرصة اليوم سانحة لاستعادة حقوق المسيحيين في السلطة وقد لا تتكرّر، وهذه الظروف تتمثل بوجود مؤسس «التيار الحر» ميشال عون في رئاسة الجمهورية وبالتحالفات السياسية التي نسجها التيار مع المستقبل والرئيس سعد الحريري والظروف الإقليمية السانحة».

لكن المصادر رجّحت أن «تصطدم مساعي ربع الساعة الأخير بحائط الشروط والشروط المقابلة ونصل لنهاية ولاية المجلس من دون اتفاق وحينها لا يبقى إلا خيار الستين، فيدعو رئيس المجلس نبيه بري الى جلسة لتعديل المهل القانونية وتمديد تقني لإجراء الانتخابات على قانون الستين»، موضحة أن «النظام السياسي الحالي الذي تتحكّم به الطبقة الرأسمالية والمصرفية لن تنتج قانون انتخاب يؤمن مصلحة الشعب اللبناني ويضرب مصالحها».

سقوط طائرة تجسس «إسرائيلية» في عيتا الشعب

أمنياً، أفيد مساء أمس، عن سقوط طائرة تجسس إسرائيلية من نوع «SkyLark» فوق منطقة عيتا الشعب على مقربة من المنطقة الواقعة خارج الخط الأزرق عند الحدود اللبنانية الجنوبية مع شمال فلسطين المحتلة، بينما لم يخرج تأكيد من القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفيل» والتي أعلنت أنه سيتم التحقق من الموضوع.

وشهدت الحدود مع لبنان استنفاراً لقوات الاحتلال «الإسرائيلي» بعد سقوط الطائرة.

وأكد رئيس الجمهورية أن «الجيش والقوى الأمنية الأخرى يقومون بواجباتهم كاملة في المحافظة على الأمن والاستقرار في البلاد، منوهاً بالعمليات الاستباقية التي ينفذها الجيش في مواجهة الإرهابيين في جرود عرسال وجوارها، وفي ملاحقة الخلايا النائمة وكشفها واعتقال أفرادها».

وأشار عون، خلال استقباله أمس في بعبدا وفداً من بلدة العيشية في قضاء جزين، أن «الامن المستتب في كل المناطق اللبنانية يؤمن الأجواء الملائمة لكي يكون الصيف المقبل واعداً في مختلف المجالات».

وأكد السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسيبكين خلال حفل استقبال أقامه مساء أمس، في فندق الكورال بيتش، لمناسبة العيد الوطني لبلاده، أن روسيا تطرح مبادرات سلمية وتكافح الإرهاب الدولي بالتعامل مع الشركاء وبدرجة أولى مع الجيش السوري الصامد وحلفائه»، مشيراً الى أن بلاده تقدر تقديراً عالياً المواقف الشجاعة للجيش اللبناني، كما تسعى الى توثيق التعاون مع الجمهورية اللبنانية الصديقة في المجالات كافة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى