«طاقة المياه»… صوَراً فوتوغرافية لحسن شعبان في المدينة

رنا صادق

نظّمت منظّمة «سمارت» التي تُعنى بشؤون التنمية المستدامة في المناطق الجبلية في سويسرا، برنامجاً يختصّ بتغيّر المناخ. ودُعي المصوّر حسن شعبان للإقامة ثلاثة أشهر في إحدى القرى السويسرية ذات الطبيعة الجبلية، لتقديم مشروع فوتوغرافي يقوم على مورد من موارد الطبيعة.

اختار شعبان موضوع المياه للعمل عليه، تحت عنوان «طاقة المياه». يضمّ المشروع صُوَراً فوتوغرافية لمراحل تغيّر المناخ في المنطقة، وذوبان الثلوج على قمم الجبال الجليدية آنذاك، ومراحل صيانة مضخّات المياه، وهو الحدث الذي نادراً ما يحصل إلا في حالات استثنائية عند ندرة تساقط الأمطار، كما حدث أثناء مكوث شعبان.

وضمن البرنامج أيضاً كان للمصوّرة الفوتوغرافية السويسرية نيكول هيرزوغ فيري مشروع في لبنان تحت عنوان «الماء للحياة»، وهي التي صوّرت من خلاله مناطق مجرى الأنهار والحياة فيها، وسبل استخدام المياه التي تقتصر على الزراعة والري. شعبان وهيرزوغ قدّما مشروعيهما الفوتواغرافيّين، وعُرضت صوَر المشروعين في لبنان، على خشبة مسرح المدينة ـ الحمرا.

لبنان فريد بمناخه، ملّقب بـ«سويسرا الشرق»، وهو يُعتبَر من أهمّ مصادر المياه، إذ يجري فيه حوالى أربعين مجرى مائياً من نهرَي الليطاني والعاصي إلى الأنهار الساحلية، إضافة إلى السدود كسدّ القرعون، بشرّي والخردلي، لكن المنتج المائي المحلي غير مستغلّ للإفادة منه سوى في الريّ والزراعات المحلية، عدا عن الكمّيات المهدورة سنوياً.

بالانتقال إلى مشروع شعبان الفوتوغرافي، احتلّت السدود مقدّمة عدسة شعبان من سدّ «غراند ديكسانس» ارتفاعه يبلغ 285 متراً ، سدّ «إموسون»، إلى سدّ «موري»، ومحطّات توليد الطاقة الكهربائية، كما يُظهر العمّال والفنّيين والمهندسين أثناء فكّ الشبكات وتصليحها. المياه لم تتساقط كعادتها.

فكان الوقت المناسب لصيانة مضخّات المياه، وما كان من شعبان إلّا أن صوّر هذه المراحل بتفاصيلها. هذه المحطّات تستغلّ المياه في توليد الكهرباء وتعتمد عليها، لم يكتفِ بذلك، بل راقب الدهاليز التي تقع في قاع السدود وصوّرها، إلى جانب عمليات فكّ التوربينات الضخمة، ومفارق المحطّة التي هي عبارة عن أنفاق داخل أنفاق مؤلّفة من الحديد، مجهّزة للاستخدام والتنقّل. إذ إنّ العمّال يتنقلون بوساطة الدرّاجات الهوائية، وهذه فكرة عامة عن مدى اندماج الفكر الإنساني مع طبيعته هناك، واستغلاله وتحويله إلى طاقة تحقّق إلى حدّ كبير اكتفاءاً ذاتياً وثقة بالانتاج المحلي. ودلالة قاطعة على الإرادة الحيّة في الاستقلال والاكتفاء الذاتي، ما يذكّرنا أننا في لبنان لا نستغلّ طبيعتنا بما هو أحسن، بل جلّ ما نراه، حرائق تلتهم الأشجار، تلوّث يجتاح مياه البحر والأنهار، وهدر بشكل مخيف. لبنان بعيد كلّ البعد عمّا سيحلّ بموارده في المستقبل القريب.

يعتبر شعبان أنّ التصوير الصحافي هو نتاج خبرات عاشها المصوّر في الشارع، زامن بيئته وعاشر محيطه بكلّ جوانبه حتى يتمكّن من إيصال صورة هذه الشريحة من المجتمع. إذ كان شعبان يتغيّب عن المدرسة لأجل تصوير التظاهرات والتجمّعات الشبابية في تلك الفترة. ويعتبر أن فرادة المصوّر تخلق من تكيّفه واندماجه فيه، لأن قربه من الحدث يعطيه إنعاشاً في البثّ والنشر، كما بات اليوم هو المراسل والصحافي والناشر في آنٍ، لأن الصورة اليوم تُغني عن آلاف الكلمات، لذلك تقع على عاتقه مسؤولية كبيرة في تحديد اتجاهه ومسؤولياته. كما أن توسّع آفاق المصوّر شيئاً فشيئاً يمنحه تناغماً مع المجتمع والعصر.

هوى التصوير منذ صغره، اهتمّ بأخبار الساعة، بقي على اطّلاع دائم، فكانت إلى حدٍّ ما هواية، لم يغص شعبان في مدارك التخصّص بل اكتسب تجربته الخاصة، ثمّ انتقل إلى التصوير الصحافي، واكتسب خبرته من الشارع، ويعتبر أن التصوير موهبة ثم خبرات خاصة. وأهمّ عامل في المصوّر ـ بحسب قوله ـ الاحتكاك مع الشارع والتقرّب من الناس، والاهتمام بطابع حياتهم واختلاف أساليب عيشهم، ومعرفة ايديولوجيات كلّ منطقة وقرية. ذلك ما يسمح له بالتقدّم وبتوسيع دائرته ورؤيته التصويرية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى