نوستالجيا «سورية للمسرح الراقص»… والميل إلى الحزن بشفافية محترفة

دمشق ـ آمنة ملحم

بخفّة جسدية وتمازج في الأعمار المختلفة، تندمج الأرواح والأجساد بين أعضاء فرقة «سورية للمسرح الراقص»، مقدّمين لوحات تلامس خبايا النفس بشفافيتها ومصداقية غاياتها. وها هي الفرقة تقدّم عرضها الجديد على مسرح دار الأوبرا في دمشق بعنوان «نوستالجيا».

تمايلت أجساد الشبان والشابات بلياقة وانسجام خلال العرض برفقة طفلة لا يتجاوز عمرها ستّ سنوات، على مدار ساعة ونيّف، وذلك على وقع أغنيات شرقية تلوّنت ما بين التراث والوطنية والرومنسية، وتخلّلتها أغنيات لسيدة الأغنية فيروز ومنها «وطني»، «بيتي أنا بيتك»، حاملة نفحات من الهوى وعشق الأرض وحبّ الحياة، مقدّمة بشخوصها نماذج لفئات مختلفة في الأحلام والأطياف الباحثة عن الأمان المتمسّكة بالأرض والحياة بعيداً عن كلّ الحسابات، مع شاشة عرض رافقت العمل كخلفية له حاملة لوحات منسجمة مع روح العرض الراقص ورسائله بحبّ الأرض والوفاء للتراث والعشق والرومنسية، كما لم تبتعد عن نبذ القتل بذريعة الدين، وكان ختامها مع العلم السوري الذي يرفرف عالياً.

وفي حديث إلى «البناء»، أشار نورس برّو مؤسّس فرقة «سورية للمسرح الراقص» والعمل له في التأليف والاخراج والكريوغراف، إلى أنّ العمل لم يكن ضخماً، بل جاء كلوحات بسيطة وخفيفة تعبّر عن مونولوج الإنسان السوري الذي يعيش الحرب بكلّ إنسانية وتجرّد، حيث ضمّ العاشق والعاشقة ورجال الدين ونماذج مختلفة من المجتمع السوري، وعكس صمودهم رغم الحرب التي يعيشونها، وإصرارهم على البقاء متشبّثين بالأرض السورية ومعلّقين تحقيق أحلامهم وطموحاتهم في أحضانها.

ونوّه برّو بأن العمل أنجز في ظرف إنتاجيّ صعب وضعيف، فكانت مبادرة من فرقة «سورية للمسرح الراقص».

وعن اختيار عنوان «نوستالجيا»، أوضح برّو أنّ نوستالجيا يعني الحنين للعودة إلى الرحم، وهؤلاء السوريون لديهم حنين للعودة إلى الرحم السورية، فهي نوستالجيا نعيشها بشكل يومي لسورية السلام والأمان.

أما عن اختيار الأغاني المرافقة للرقصات وميلها إلى النغم الحزين، فأشار برّو إلى أنّ الأغاني كانت أقرب إلى الشفافية أكثر من الحزن. فالمونولوج العربي حزين إجمالاً، وما مرّت به الشعوب العربية على الدوام جعلت هذا نمطاً لها. فعموماً، الأغنية الشرقية تميل إلى الحزن لأن الشعوب العربية لم تعتد الفرح كثيراً. وربما لأننا نعايش الحزن، فيومياً هناك أحداث قاسية وشهداء ودماء، ومع ذلك لم تكن الأغاني حزينة بقدر ما كانت شفّافة وتعبّر عن مونولوج كلّ شخصية ومرآة صغيرة عن هذه الشخصيات. فالعرض حمل قصصاً عادية وكيف مرّت بالحرب بريتم هادئ وشفّاف وليس حزيناً، حاملاً في طيّاته بعضاً من الأمل بالقادم من الأيام، ولكننا لا نستطيع التغريد خارج السرب ونقدّم الفرح بشكل كبير.

«نوستالجيا» هو العمل الثامن لفرقة «سورية للمسرح الراقص» منذ تأسيسها عام 2011 وحتى اليوم، وذلك بعد أعمال «درب المجد»، «سورية»، «قصّة حبّ» وغيرها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى