أميركا تنشئ حلفاً خليجياً «إسرائيلياً»… وتحت الرايات والشعارات الطائفية تحارب إيران وسورية

اياد موصللي

تقسيم وتفتيت بلادنا تمهيداً للاستيلاء عليها وغرف خيراتها ونهب ثرواتها والتمتع بطبيعتها.. كان ولا يزال أحد أهمّ أهداف الدول منذ الاسكندر المقدوني الى الرومان والفراعنة ونابليون والفرنجة الى يومنا هذا. فمنذ سايكس بيكو والاستعمارين الافرنسي والبريطاني.. لا تزال المحاولات مستمرة حيث جاءت دول الغرب وعلى رأسها أميركا فزرعوا الصهيونية في أرضنا وشرّدوا أهل فلسطين وما زالوا يحاولون جعلها وطناً لها..

اليوم عاد الهدف نفسه وتقوم ذات القوى بإعادة تفتيت المفتت وتقسيم المقسّم.. وتدمير ما أمكن من مقومات الصمود والحياة.. امتداداً من ليبيا التي بحجة استبدال نظامها السياسي دمّروها تدميراً ولا تزال تنهش بعضها بعضاً، وكانوا قبل ذلك احتلوا العراق عسكرياً في حرب «رسمية» وتحت ذات الذرائع، وخلقوا الفتن والإرهاب في الشام عبر مجموعات متطرفة ترفع شعارات دينية وأشعلوا حرباً تدميرية واعادوا الأمر نفسه في العراق.. وحاولوا احتلال اليمن وأغرقوه في الدم والقتل والدمار.. ليجعلوا منه بوابة العبور الى إيران.. واصبحت «إسرائيل» قاعدة رئيسة في التخطيط والتنفيذ.

انّ ما يجري اليوم من أحداث وتطورات متسارعة هو نتاج مخطط نشر الفوضى في إطار إعادة صياغة الشرق الأوسط بما يسهّل السيطرة عليه والتلاعب بقدراته..

بدأ هذا المخطط بخطوات تبدأ بغزو العراق ثم تفتيته ونشر الفوضى والحروب الأهلية ثم استتباع ذلك بمحارية إيران.. هذا المشروع يبرّر الشراسة التي تبديها أميركا تجاه إيران وسورية وفلسطين عبر تنظيماتها وما تناوره حول العراق انطلاقاً من سياستها واستراتيجيتها القائمة دائماً على اضطهاد الدول التي لا تذعن في الشرق الأوسط. فاللوبي اليهودي في الولايات المتحدة دفع السياسة الخارجية الاميركية في هذا الاتجاه وجعلها تضع المصالح الإسرائيلية فوق مصالح أميركا متخطية الأهداف الأميركية ساعية لتحقيق الأهداف الاسرائيلية.

وقدّم الاستاذان الجامعيان الأميركيان جون ميرشماير وستيفن والت دراسة عبر مقالة نشرت في مجلة «لندن ريفو اوف بوكس» قالا فيها:

«لقد عملت الحكومة الإسرائيلية والجماعات الموالية لها في الولايات المتحدة لتشكيل سياسة الإدارة الأميركية إزاء العراق وسورية وإيران وبنت خطتها الكبرى على أساس إعادة ترتيب الشرق الأوسط الجديد وقد مكّنها من ذلك النفوذ الطاغي الذي يمارسه اللوبي الموالي لـ»إسرائيل» على السياسة الأميركية.

هذه السياسة عبّر عنها أيضاً مايكل ليدن اليهودي الموظف السابق في البنتاغون اذ قال:

«انّ التدمير الخلاق هو الخصلة التي تميّزنا، سواء داخل مجتمعنا او في الخارج. اننا نهدم النظام القديم كلّ يوم من عالم الأعمال، الى عالم العلم والأدب والفن والعمارة والسينما الى السياسة والقانون.. انّ أعداءنا اذ يرون أميركا تحطم المجتمعات التقليدية يخشوننا لأنهم لا يرغبون ان يُحطموا لذلك يهاجموننا ليحافظوا على بقائهم..

انّ التحركات التي نشاهدها في مناطقنا والمحيط العربي في أفريقيا والخليج والتي تكثر فيها التقلبات والتغييرات والأعمال التدميرية ناجمة عن العجز في تطبيق مخطط مهاجمة إيران فاستبدل بالحروب الأهلية وحركات التمرّد والفتن بما يكفل نجاح هذه المخططات، كلّ هذا زاد في حدة الحروب التي تعصف بالبلاد والمنطقة. ونشر الإرهاب الديني كما حدث في مصر والشام وبهذا النهج تريد «إسرائيل» ان تبقى المنطقة تحت وطأة ورحمة الأحداث وانعدام الاستقرار، فـ»إسرائيل» تقنص الفرص بارتكابات وأعمال تتمّم مخططاتها ونواياها القائمة أساساً على بنك الدماء وفي هذا الذي يجري تطابق تامّ مع ما ورد في البروتوكول 186 من بروتوكولات حكماء صهيون: «دولتنا الماضية في طريقها طريق الفتح السلمي من حقها ان تبدل أهوال الفتن والحروب بما هو أخفّ وأهون وأخفى على العيون وهو إصدار أحكام بالموت ضرورية من وراء الستار، فيبقى الرعب قائماً وقد تبدّلت صورته فيؤدّي ذلك الى الخضوع الأعمى.. لا تتراجع الى الرفق غدت عامل القوة الأكبر في الدولة.. نعود فنقرّر انه العنف».

حرب اليمن هي حرب خلفية غير مباشرة على إيران.. والتدخل الأميركي في سورية بحجة محاربة داعش والإرهاب في الشام والعراق احتلال مبطن.. والتمدّد «الإسرائيلي» المقنّع بالعباءات البدوية أصبح مفضوحاً..

ثبات الدولة في الشام والعراق واليمن إفشال لما هو مخطط.. وتغيير العناوين لا يبدّل الأهداف. فقد كشفت زيارة ترامب رئيس الولايات المتحدة الكثير مما يخطط لهذه البلاد وأصبح الأعراب خط التآمر الأول بعد ان كانوا الرديف.

فإعلان الحرب المذهبية على إيران هو تجديد للنعرات الطائفية بجبهة جديدة تعيدنا الى أبو مسلم الخراساني ويزيد بن معاوية فيتحوّل الهدف وتصبح «إسرائيل» أكثر أماناً واستقراراً ونحن أشدّ استعاراً واشتعالاً..

المخطط الجديد إكثار الفتن والاضطرابات وإبقاء الوضع الداخلي في فلسطين كما هو للحؤول دون إتمام حلّ الدولتين وإفساح المجال للدولة الفلسطينية بالسيطرة الفعلية على الضفة الغربية. وهذا الموقف لا يمنع قبول «إسرائيل» بوجود عدد من الكيانات المعزولة بعضها عن بعض داخل المناطق الفلسطينية بحيث لا يصبح الفلسطينيون أكثرية.. وتوطين اللاجئين حيث هم.. لذلك يفشل الإسرائيليون كلّ المبادرات ودعوات السلام..

لهذا كله سنشهد تطبيعاً للعلاقات بين «إسرائيل» ودول الخليج الذين تهمّهم السلطة والنفوذ.. لذلك تحاول «إسرائيل» استخدام النفوذ الأميركي في تحقيق هذه الخطوة بحيث تنتقل بعدها لتحقيق مشروعها في الجولان السوري..

وستفتح جبهات جديدة.. جبهة مصرية ليبية تشغل مصر بعيداً عن فلسطين..

وجبهة تركية إخوانية ضدّ الأكراد في الشمال الشامي..

وجبهة سنية في العراق ضدّ الوجود الإيراني الداعم للحشد الشعبي..

يريدون إعادة التاريخ وتفتيت العرب كمراحل التاريخ الأولى والتي أفشلها متانة الإيمان ووحدة الهدف والاتجاه..

ولن يحبط المؤامرات والتدخلات الخارجية إلا إيماننا بوحدتنا لأنّ في الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية الاجتماعية التي تتكفل بإنهاض الأمة. لقد شاهد أجدادنا الفاتحين السابقين ولكن أجيال أمتنا الحاضرة والمستقبلية ستضع حداً للفتوحات.. ليس عاراً ان ننكب ولكن العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من أمة قوية متماسكة إلى أمة ضعيفة متخاذلة.. اننا لا نخاف الحرب ولن نخاف الفشل لأننا مؤمنون بأنّ طريقنا طويلة وشاقة لأنها طريق الحياة ولا يثبت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة، واما المنحرفون المتخاذلون فيسقطون على جوانب الطريق.

ولن تستطيع السعودية بحلفها الجديد ولا راعيها ترامب ان تبدّل عقيدتنا وإيماننا بأننا أمة أبت أن يكون قبر التاريخ مقراً لها في الحياة، ولا ان تبث الفرقة والفتن المذهبية والطائفية لأننا نؤمن بأننا كلنا مسلمون لرب العالمين منا من أسلم بالله بالقرآن ومن من أسلم بالله بالانجيل ومن من أسلم بالله بالحكمة وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا الا اليهود.. نحن نؤمن انّ اقتتالنا على السماء يفقدنا الأرض ومن لا أرض له لا سماء له.

نحن نصارع في سبيل إنهاض هذه الأمة وكلما تراكمت علينا الصعاب وتجدّدت قوانا وسحقت ما اعترضنا من صعاب.. وستفرض حقيقتنا نفسها وهي حقيقة الانتصار لهذه النهضة بهذه الأمة العظيمة.

اما بالنسبة للدور الذي تقوم به السعودية بشكل معلن منظم هذا الدور يبعدها عن الدين والدنيا.

فإيران تتبنى نظاماً دينياً شرعياً أحد عناوينه ليس لعربي فضل على أعجمي الا بالتقوى، وانّ اكرمكم عند الله اتقاكم..

السعودية العربية أرضاً وانتماء والتي تحمل هوية خدمة الحرمين الشريفين، فإنها تناقض كلياً في مواقفها بالنسبة للفكر الديني والانتماء القومي..

دينياً التعاليم الاسلامية تحدّد اليهود أعداءً كما جاء في الآية 82 من سورة المائدة التي تقول: «ولتجدن أشدّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا.. ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى ذلك بأنّ منهم قسيسين ورهباناً وانهم لا يستكبرون…»

وعربياً هنالك قاعدة عشائرة تقول: «انا واخي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب لكن الموقف السعودي يترجم واقعياً أنا والغريب حتى لو كان عدواً ملعوناً في القرآن الكريم ضدّ اخي وابن عمي.. وهو موقف مناقض للقاعدة الدينية «انما المؤمنون اخوة ولا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه…»

فعندما يقف حكام عرب في الحجاز أرض الرسالة ومهد النبوة ومهبط الوحي.. ويعتبرون اليهود الذين كفرهم الدين بوضوح حلفاء ويعتبرون المقاومة ضدّ عدوان هؤلاء الكفرة أعداء فبماذا نصفهم ونصنّفهم.. وهم يقفون ضدّ اعداء الدين والدنيا..

لقد قيل وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة.. وقال عنهم القرآن الكريم: «والأعراب اشدّ كفراً ونفاقاً».

ونذكّر من يُحب من العرب والمسلمين ان يتذكر الآية الكريمة التي قالت عن اليهود يوم حاولوا تغيير دينهم واعتناق الاسلام مكراً وخداعاً الآية 56 من سورة التوبة: «ويحلفون بالله انهم لمنكم وما هي منكم ولكنهم قوم يفرقون…»

ونسأل: هل هؤلاء أيها العربان اقرب اليكم من إيران وحزب الله وحماس…!؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى