المرأة السورية ليست من جواري باب الحارة!

جورية السرور

للّذين يبحثون عن جارية تشبه نساء «باب الحارة» في بعض الدول العربية… لن تجدوها، لأنّ تاريخ المرأة السورية يختلف تماماً عمّا يقدّمه هذا المسلسل.

تمكّنت المرأة السورية من الحصول على حقّ الانتخاب في عام 1949، فكانت سورية من أوليات الدول التي منحت المرأة هذا الحقّ، حتى أنّها سبقت عدداً من الدول الأوروبية المتقدّمة في ذلك الحين. وفي عام 1950 رشّحت ثريا الحافظ نفسها في انتخابات البرلمان لكنها لم تفز، وبحلول عام 1971 أصبح للمرأة أربعة مقاعد في البرلمان من أصل 173 مقعداً. ازداد بعدئذٍ عدد المقاعد البرلمانية النسائية حتى وصل إلى 12 في المئة من مجمل مقاعد البرلمان السوري في الانتخابات التشريعية لعام 2012.

علماً أنّ المراة السويسرية لم تنل حقّ التصويت إلا في الستينات. وتعمل المرأة في السلك الدبلوماسي السوري منذ عام 1953 وقد بلغ عدد السفيرات السوريات خمس سفيرات عام 2005. ودخلت سلك القضاء منذ عام 1975 وتعمل في كافة أنواع المحاكم مدنية، جزائية، تجارية وكافة درجات التقاضي حتى محكمة النقض ومجلس القضاء الأعلى والنائب العام الأول لسورية ولكن ليس في القضاء الشرعي.

إنجازات المراة السورية: في القرن العشرين تكوّنت حركة من أجل حقوق المرأة في سورية من سيدات المجتمع والنساء المتعلّمات. وفي عام 1928 الناشطة الحقوقية، المرأة اللبنانية سورية الأصل نظيرة زين الدين، وهي واحدة من الأوليات ممّن أشرن إلى مكانة المرأة المذكورة في القرآن، نشرت كتاباً ينتقد الفرض الإلزامي للحجاب، بحجة أن الأسلام يدعو إلى امساواة بين المرأة والرجل.

وفي عام 1963 تولّى حزب البعث السلطة في سورية، وتعهّد بتحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل فضلاً عن إفساح الطريق لعمل المرأة.

في عام 1967 شكّلت المرأة السورية منظّمة شبه حكومية سمّيت «الاتحاد العام للمرأة السورية»، وهو تحالف من الجمعيات النسائية الاجتماعية، والجمعيات التربوية، ومجالس طوعية تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص للمرأة في سورية.

في عام 1989 أصدرت الحكومة السورية قانوناً يلزم المصانع والمؤسّسات العامة بتوفير أماكن لرعاية أطفال العاملات في مكان العمل.

الصالونات الأدبية: عرفت دمشق عاصمة الحضارة ظاهرة الصالونات الأدبية منذ فترة مبكرة من القرن العشرين، فقد أسّست الرابطة الأدبية عام 1922، وقامت السيدتان مريانا مراش وماري عجمي بإحياء تقليد المجالس الأدبية، وضمّ مجلسهما وجوه الأدب والفكر من دمشق والمحافظات.

كذلك فعلت السيدة زهراء العابد حرم الرئيس محمد علي العابد عندما أسّست صالوناً أدبياً في منزلها.

كما شهدت دمشق خلال هذه الفترة التاريخية حركة غير مسبوقة في نشاطات المجتمع المدني، وسأكتفي بالجمعيات النسائية لأهميتها وسياقها التاريخي فهي مؤشر حقيقي لمستوى الوعي الحضاري لأبناء دمشق وبناتها، ومنها: «جمعية نقطة الحليب»، «يقظة المرأة الشامية»، «خرّيجات دور المعلّمات»… وللمقال تتّمة.

ما أريد قوله إنّ المرأة السورية عبر تاريخها وبنية تفكيرها وثقافتها وعَظَمتها لا تشبه نساء مسلسل «باب الحارة».

كاتبة سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى