قراءة في كتاب «تسريب الأراضي والعقارات في الضفة الغربية» لمحمد الياس نزّال

د. عادل سمارة

هي دراسة تعريفية بالشركات «الإسرائيلية» الاستعمارية العاملة في مجال تزوير

ملكيات الأراضي الفلسطينية وشرائها: أساليبها، أدواتها، والبيئة القانونية الحاضنة لها.

كثيراً ما شغلتني وطاردتني مسألة وجود سياسة ومركز فلسطيني لدراسات الأرض على أرضية أن الصراع هو تماماً ومطلقاً على الأرض، على الحيّز بلا مواربة. وقد كتبت أكثر من مرّة عن وجوب وجود مركز كهذا، مع العلم أن في الأرض المحتلة عدد من المراكز «البحثية»، والتي غالبيتها إن لم نقل جميعها ممّولة من أطراف تبتعد عن ملامسة الأرض!

جاء هذا الكتاب ليحرشني أكثر ويؤكد صحة التوجه، إنّما على أرضية البحث الصبور والدقيق والحذر، ومن هنا مساهمة المؤلف في مسألة هي الإشكالية الصراعية التناقضية تناحرياً مع الكيان الصهيوني الإشكنازي.

كُتب كثيراً، وخصوصاً من غير الفلسطينيين عن تسريب أراضي عرب وفلسطينيين قبيل الاغتصاب الأكبر عام 1948. لكن التقصير المقصود هنا هو تقصير كلّ من كانت لديه مسؤولية أو قرار فلسطيني أو عربي في عدم متابعة سماسرة و/أو باعة الأراضي ولو بأثر رجعي. وقد أسّس هذا التقصير لتبرير، مباشرة أو لا مباشرة، الكثير مما يحصل ضد الأرض حتى اليوم.

صحيح ان كتاب محمد الياس نزّال لم يعالج ما قبل 1967، ولكنه يفتح الطريق إلى ذلك.

تقوم سياسات الاحتلال الاستراتيجية واليومية على الجغرافيا، على السيطرة على الحيّز وسحقه عبر اغتصابه من جهة وعبر إعادة تشكيله بشكل متواتر بدءاً من شراء وتزوير شراء الأرض منذ ستينات القرن التاسع عشر من جهة ثانية وحتى وقت قادم سيتوقف بعد تحرير الوطن. لذا وجدنا المستعمرات منذ القرن التاسع عشر وصولاً إلى قرار التقسيم 1947 ثم توزيع بقايا فلسطين بعد هزيمة 1948 بين الأردن ومصر، فاحتلال 1967 والبدء مباشرة بسحق الحيز بالاستيطان والمناطق المغلقة والعسكرية وشراء الأرض وتزوير الشراء اي أكل الأرض قطقة قطعة. لذا نجد فلسطين اليوم مقسمة إلى المحتل 1948 بِاسم «إسرائيل»، المحتل 1967 مقسماًُ إلى أ و ب و ج، ثم الضفة الغربية من جهة وغزة من جهة ثانية، والقدس التي يحاول كل طرف وضعها في سياق مختلف عن الآخر… إلخ. كل هذا يعني أن الحيّز مدمّر ولم يتوقف ذلك. ولعل من المفيد هنا الإشارة إلى أن أفضل موقف صهيوني من سحق الحيّز الفلسطيني هو طرح إيلان بابيه الذي يتلافى سحق الحيّز ويسمي ما جرى بـ: التطهير العرقي. وهو وصف خبيث لأن التطهير العرقي يحصل بين شعبين لكل منهما في الأرض حق، وهذا لا ينطبق على اليهود في فلسطين، هذا ناهيك عن أن التطهير العرقي يحصل في فترة معينة وبقعة محدّدة، بينما في فلسطين هو متواصل منذ قرن ولم يتوقف.

لم يكتف الاحتلال بهذا، بل مارس سحق باطن الحيز باطن الأرض بحفر الأنفاق تحت القدس وصولا إلى قيام حكومة الكيان في بداية حزيران 2017 بعقد إحدى جلساتها في نفق تحت القدس في إشارة عدوان لأخذ كل شبر.

من الإشكاليات أو التقصير الفلسطيني في حالتي الاحتلال الأول 1948 والثاني/التكميلي 1967، التغاضي عن فتح وإبقاء ملف الأراضي مفتوحا لمعاقبة مرتكبي البيع والسمسرة، وذلك نزولاً عند العامل النفسي الاجتماعي المتخلف اي عدم نشر الغسيل الوسخ، بفضح السماسرة والباعة! وهو خطاب في منتهى الخطورة لأنه يبرر التغطية على القديم والتمهيد للجديد! هذا مع وجوب الإشارة إلى أن هذا الخطاب هو خطاب تقليدي بثقافة ونمط تفكير إقطاعي قرابي نَسَبي ينتهي لا وطني بمعنى تغليب الحامولة، العائلة، او حتى الفلسطنة على أهمية ومركزية الأرض!

ليست هذه المراجعة لتقييم اتفاقات أوسلو، ولكن الجانب المتعلق بالأرض في تلك الاتفاقيات شكّل غطاء، ولو غير مباشر، اي نفسيا لباعة وسماسرة الأرض حيث نص على : «… سوف يحترم الجانب الفلسطيني الحقوق القانونية للإسرائيليين بما في ذلك الشركات المملوكة للإسرائيليين ذات الصلة بالأراضي الواقعة في المناطق الخاضعة للولاية الإقليمية للمجلس» ص 4. المقصود بالمجلس السلطة الفلسطينية.

هذا النص يعني لدى المواطن الفلسطيني أن العدو شريك في الوطن، وبالتالي يصبح البيع تجارة أو إنقاذ فردي من مأزق مالي أكثر مما هو جريمة وخيانة. لأن الحد الأدنى المفروض في اتفاق «مرحلي» أن لا اتفاق من دون اقتلاع المستوطنات. فلا يمكن تعبئة المواطن ضد تسريب او بيع الأرض طالما يقوم الاتفاق على تقاسم الوطن مع العدو. طبعاً، اتفاقات أوسلو تُقر بحق المستوطنات في التوسع بناء على متطلبات النمو الطبيعي لها، ما يعني أنها هي نفسها طبيعية!

كما أن هذا النصّ بجوهره وبتسمية «المجلس» يؤكد أن لا سيادة فلسطينية حقيقية على الأرض وهذا يجعل الحيز مائعاً أي قابلاً للانتهاك. وها قد رأينا الفترة الانتقالية المقرّرة لخمس سنوات قد تجاوزت العشرين. وهذه المرونة الخطيرة في الاتفاقات هذه هي التي أسست لغياب الاهتمام الشعبي بمسألة السمسرة وبيع الأراضي وبالتالي عدم الوقوف الجاد ضد الباعة والسماسرة وكأنهم يبيعون أملاكاً خاصة لا أجزاء من وطن.

هذا التقوُّل من جانبي لا يعني أبداً إعفاء الناس من واجباتهم ورمي كل شيء على كاهل السلطة.

ولا يختلف حصر تشريعات سلطة الحكم الذاتي في الأراضي الخاضعة لها فقط عن عدم المس بالمستوطنات لأن الأمرين يجعلان قصداً او سهواً مسألة تتجير الأرض مع العدو أمراً عادياً ذلك لأن العدوّ ليس مجرد تاجر/مستثمر اجنبي بل هدفه كل الوطن.

ولست أدري إن كانت هذه الثغرات الهائلة في اتفاقات أوسلو هي التي حالت من دون تشكيل محاكم مختصة وعلنية ضد تسريب وبيع الأراضي للعدو. أي أن غياب هذه المحاكم ليس سهواً.

ليس من السهولة بمكان مراجعة هذاالكتاب لأن كل ما فيه يستوجب ذكره لتكون المراجعة تكراراً للنص! لذا أتعرّض لبعض القضايا مع أهمية التركيز بأن المطلوب أن تكون المراجعة حافزاً لقراءة الكتاب نفسه.

ورد في «ص 8» أنّ العدو نقل صلاحية التشريع من الأردن إلى الحكم العسكري الصهيوني على إثر احتلال 1967. وهذا يطرح السؤال: هل غفل الطرف الفلسطيني عن هذا الأمر قبل توقيع الاتفاق؟ ومن جهة ثانية، ما هو ردّ السلطة الفلسطينية على استمرار العدو في اغتصاب صلاحية التشريع بعد اتفاقات أوسلو؟

في «ص 11» ورد في الهامش أنّ عدداً من الباحثين يرون «أنّ صعود الجناح الصهيوني الجابوتنسكي للسلطة شجع جمهوره للانخراط في المشروع لاستعماري في المحتل 1967 كأحد مخارج تلك الأزمة». وأعتقد أن هذه قراءة حسن النية من جانب أولئك الباحثين لأن أزمات الكيان الاقتصادية لم تصل حدّاً عميقاً. هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن وصول «الليكود» إلى السلطة حصل لأنه هو الذي تنبه لليهود الشرقيين بعكس حزب «العمل» الذي هو اكثر إشكنازيةً. ناهيك عن أن هذا تجمع استيطاني لا يسمح للباحث بتصنيفه سياسياً وإيديولوجياً وحتى طبقياً ضمن المعايير السوسيولوجية العامة بمعنى أن الفارق بين من يزعم اليسارية وبين من يزعم اليمينية لا يكاد يذكر وخاصة إن قرأناه على أرضية الموقف من الأرض أي حتى قبل الموقف من الشعب.

تذكرنا إقامة البؤر الاستيطانية ص 14 في اول فترة حكم ليكودية على يد إريك شارون، بما كان يجب أن يقوم به الفلسطينيين بأموال الصمود أنظر عادل سمارة، باب تركيز التوطين العربي في مواجهة الاستيطان العبري في كتاب اقتصاديات الجوع في الضفة والقطاع 1979 ص 224-227 .حيث طرحت على منظمة التحرير الفلسطينية إرسال بحث موسع إلى بيروت من أجل إقامة قرى صغيرة على الجبال التي من المحتمل أن يقيم عليها العدو مستوطنات حيث لم يكن العدو قد بدأ سياسة حصر المخططات الهيكيلة للقرى، كما أن أموال الصمود كانت متوفرة حينذاك. ولكن منظمة التحرير الفلسطينية فضلت إقامة ضواحي للمدن بهذه الأموال وهي ضواحي لم يتمكن من حيازة قطعة أرض فيها سوى الطبقة الوسطى فما فوق بينما في الريف تكون القرى زراعية ولفائدة الجيل الشاب المنتج ناهيك عن ان هدفها الأساس حماية الأرض! وهنا تحضر مجدداً مسألة غياب مركز ابحاث وسياسات الأرض ناهيك عن غياب سياسة تنموية قبل اوسلو وبعدها وتحديداً، نموذج «التنمية بالحماية الشعبية».

ولأن للعدو هدفاً وسياسات متواصلة وواضحة لنهب الأرض فقد ألغى ص 16 بعد ثلاثة ايام من احتلال 1967 كافة الصلاحيات الممنوحة للحكومة الأردنية وحوّلها للشخص الذي يعينه الحاكم العسكري الصهيوني. وهذا ما كان يجب ان ترفضه وتصر على إلغائه وإلغاء تبعاته الحكومة الأردنية ولاحقاً السلطة الفسطينية والتوقف عن أيّ مفاوضات أو تنفيذ اتفاقات إلى أن يتم شطبه. أيّ أن استمرار أيّ علاقة على ضوء بقاء هذا السحب هو لإطلاق يد العدوّ في تزوير وشراء الأرض.

ارتكازاً على تهاون الطرفين في هذه المسألة تلاعب العدو في القضاء وتعيين القضاة ونقل الصلاحيات الفعلية لقضاة يهود ص 21 والإلغاء النهائي للجنة الاعتراضات الخاصة على صفقات الأراضي والمكونة من فلسطينين ص 23 . لا بل جرّد الفلسطينيين من أيّ صلاحية هامة أخرى تجاه الأرض.

على أن الشغل الأساسي في الكتاب هو على مسألتين هما الأهم:

ـ السياسات والأحكام العسكرية «والقوانين» التي وضعتها سلطات الاحتلال والتي شملت كافة مستويات الحياة في المحتل 1967 وخاصة تزوير وشراء ونقل ملكية الأرض كما لو كان سلطة شرعية منتخبة من أهل البلاد.

ـ أعمال وألاعيب التزوير سواء بخلق شركات يهودية بحتة أو شركات يهودية بأسماء عربية، أو شركات بأسماء معروفة أو بأسماء مغفلة شركات بأسماء وهمية أو غير وهمية، شركات مسجّلة في الكيان أو الخارج، مثلاً في جزيرة العذراء البريطانية ص 62 … إالخ، وذلك لتسهيل تسريب الأرض وبيعها.

والمسألتان متكاملتان.

في قراءتي لكتاب شتاين، «Land Question of Palestine, 1984»، والذي يتحث عن بيوعات أراضي قبيل 1948، تسائلت: لماذا لم تتم مواصلة ملاحقة سماسرة وباعة الأرض شخصياً؟ بل وملاحقة ورثتهم وثرواتهم حتى اليوم؟ فعدم القيام بهذا جعل السمسرة والتزوير والبيع من الأمور السهلة.

أما اليوم، في فترة السلطة الفلسطينية، فلماذا لم تتم على الأقل مصادرة أملاك العملاء الذين إما قُتلوا، أو هربوا إلى المحتل 1948 أو إلى الخارج؟ لماذا لم تخصّص محكمة لهذه الحالات؟

في جانب قد يبدو بعيداً عن الأرض نسبياً، وهو متعلق بشركات التعاقد من الباطن، لا بل المشتركة بين فلسطينيين و«إسرائيليين» فقد بدأ الكيان بهذه مباشرة بعد الاحتلال كما هي منطقة «إيرز» الصناعية شمال غزة. كما احتوى مكتب تسجيل الشركات في الضفة الغربية على اسماء شركات وأصحاب اسهم من العرب واليهود عادل سمارة، اقتصاديات الجوع في الضفة والقطاع، 1979 ص 106-107 . ربما كانت هذه الشركات المختلطة إحدى آليات التعاون مع الكيان والذي انتقل من الصناعة إلى الأرض علماً أن الصناعة تحتوي المستوى العقاري أي مكان ومبنى الشركة.

حين تقرأ هذا الكتاب، توقن أن حرب الأرض أو الحرب على الأرض هي بالنسبة إلى العدو حرب يومية دائمة، وهذا يكشف عن خطورة هذه المسألة.

لنلاحظ الفارق بين مخطط اليهود، وتخلّف الفلسطينيين العرب حتى قبل تأسيس الحركة الصهيونية السياسية 1897، حيث أُسِّست شركة «نحلاه» في نهاية القرن التاسع عشر بقيام البارون روتشيلد بتمويل توطين يهود يمنيين في فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر بهدف شراء ارض حول مدينة القدس لإسكان اليهود اليمنيين فيها ص 76 .

في الفصل الرابع، بعنوان «آليات عمل الشركات الاستعمارية»، ص 142- 182 يجد القارئ كم «أبدع» العدو من آليات السيطرة على الأرض سواء بالتزوير أو الشراء المباشر أو عبر تزوير سماسرة لوثائق وحتى بصمات اصابع الملاك.

يمكن لأيّ مخرج سينمائي أن ينتج فيلماً نادراً عن كيفية اختطاف ملاك الأرض ومحاولة اغتيالهم او قطع الإبهام لوضع البصمة على نص مزور للبيع. أو استصدار شهادات وفاة لأحياء أو شهادات وفاة جديدة لموتى رحلوا منذ سنوات عدة وطبعاً مع حماية العدوّ للسماسرة ص 148-149

في هذا السياق، يمكننا ملاحظة مهارة العدو في قراءة ثقافة تقليدية محلية مثل تسمية الإبن على اسم الجدّ وبشكل مكرّر مثلاً محمد حسن محمد حسن، وبالتالي استغلال العدو لإسم الحفيد الذي يتم إغراؤه لبيع الأرض على اعتبار ان الجد المالك الأصلي هو الذي باع. هنا نحن أمام عقلية انثروبولوجية واستشراقية تدرس كافة ثغرات المجتمع. فتكرار الإسم بهدف تبجيل السلف وبالتالي تثبيت وريث العرش يفتح الفرصة للتزوير. لا بدّ أن نُقرّ بأن هذا العدو يفهمنا جيداً.

إضافة إلى توصيات المؤلف، أعتقد أن كتاباً كهذا يجب أن يتم تدريسه في المدارس والجامعات كمساق توعوي وكفاحي؟ كما يجب على الحركات السياسية أن تتبناه لتوعية اعضائها أن يكونوا حرساً وطنياً دائماً على الأرض من حيث الزمان والمكان.

وفي الحقيقة، هذا يفتح على مسألة هامة هي أن الحاضنة الاجتماعية أو المجتمعية للوطن باتت مهلهلة ومفككة حيث الفرد يذهب باتجاه مصالحه المحدودة تاركاً الهمّ العام تماماً، الأمر الذي يجعل أو يوفر لكثير من باعة الأرض أو السماسرة فرصة أن يتحولوا، خاصة من له خلفية حمائلية كبيرة ولديه فائض مالي، إلى وجهاء وحتى ممثلين لحمائلهم أو قراهم. بمعنى أننا في أماكن معينة في حالة تبييض وغسيل عملاء! ولا يمكن حدوث هذا لولا أن الحاضنة المجتمعية مشوهة، معدومة أو منخفضة السقف الوطني أو في أفضل الحالات متعامية.

فالوضع الطبيعي ان تكون هناك دائماً مبادرات شعبية لمختلف أوجه المواجهة، وفي الحالة المعطاة تكون أو تتخذ على الأقل حالة المقاطعة الشعبية في الموقع.

قد يعزو البعض هذا التخاذل إلى الجهل الوطني، وهذا تقدير غير سليم، لأن مسألة الأرض مفهومة تماماً لا سيما بالنسبة إلى الفلاحين الذيني يعيشون في القرى ولا يملكون مساحات شاسعة ويعيشون من ريعها ولكن بعيداً عنها كبقايا الأسر الأرستقراطية أو الإقطاعية. وما أعتقده هو أن تدهور المشروع الوطني هو الذي يقف وراء اللاإبالية هذه أو حتى ممالئة السماسرة، وخاصة لغياب محاكم ونشر وإعلام يسرد القصص ويوثقها ما يخلق مناخاً لحاضنة إيجابية.

يمكن أن نضيف في هذا الصدد مسألة أخرى وهي التشوهات التي أدخلت على التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية في فترة السلطة الفلسطينية حيث يحل الجهاز البيروقراطي محل الوطن كجهة توظيف للشباب وخاصة الخريجين، ما قاد إلى مزيد من إهمال. الأرض كمصدر رزق ناهيك أنها فقدت دورها كوحدة الإنتاج الأساسية للفلاحين. وهذا يخلق انفصاماً بين الفلاح والأرض ويقلل من جاهزية مقاومة المصادرة أو التزوير… إلخ.

ليست الحماية الشعبية للأرض وحدها المطلوبة، ولكن من ناحية سياسية لا بدّ من تشكيل محاكم محلية مختصة بهذه المسألة لمنع مواصلة التزوير والبيع وفتح الملفات السابقة، وبالطبع فإن كل نشاط يدعم الآخر.

أما على المستوى الخارجي، فلا بد من اللجوء إلى المحاكم الدولية ضد التزوير والاغتصاب الذي يقوم به العدو وهذه يمكن ان تشكل ضجة كبرى لا سيما إذا ما روفقت بفيديوات ووثائق وتقارير… إلخ. وهي في أسوأ الأحوال تجنّد المزيد من الرأي العام العالمي ضدّ الكيان كوحش لا يشبع من الأرض.

أختم بمسألتين تشكلان أهم مرتكزين في فهم الكيان الصهيوني الإشكنازي:

الأولى: إن هذه المستوطنة الرأسمالية البيضاء هي الوحيدة بين نظيراتها التي لا تمتلئ، بل تبحث دائماً عن أكثر عدد ممكن من المستوطنين اليهود لاستجلابهم إليها.

والثانية: أن هذه المستوطنة، تمدّ أذرعاً أخطبوطية لشراء أراض في الأقطار العربية المشرقية، سواء في لبنان أو الأردن أو العراق. ولعلّ هذا خير دليل على أنّ من يشتري أرضاً في العراق هو بالتأكيد سوف يمارس كافة أشكال التزوير والتعسف لاغتصاب كل شبر من فلسطين، ولعل هذه رسالة لدعاة الدولة الواحدة أو الدولتين من الفلسطينيين والعرب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى