حردان: إقرار النسبية إنجاز كبير وسيبقى مشروعنا الأمثل الدائرة الوطنية الواحدة من خارج القيد الطائفي

أكد عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أنّ الإصلاح السياسي الأساسي في لبنان يبدأ بقانون الانتخاب، قانون تعلّق عليه آمال كبيرة ومهمة في مرحلة زمنية طويلة جداً. ولفت إلى أنّ مطلب اللبنانيين بموضوع إيجاد قانون انتخابي يؤمّن صحة التمثيل وعدالته، لذلك كانوا يعتبرون أنّ قانون النسبية هو الذي يشكل هذه القاعدة. وشدّد على أنّ النظام النسبي يفسح المجال أمام الشرائح اللبنانية من أفراد ومجموعات وأحزاب لإبداء الرأي والتعبير عن وجهة نظرها في كيفية المشاركة في الندوة البرلمانية.

وشدّد حردان في لقاء عقده مع الصحافيين في مكتبه أمس على أنّ قانون الانتخاب هو مسألة نضالية عند كلّ اللبنانيين مهما تفاوتت مشاربهم وآراؤهم ومواقعهم السياسية. كلّ طرف لديه وجهة نظر. وجهة نظر تقول بالمصلحة الوطنية وأخرى بالمصلحة الشخصية، لذلك كان هناك صعوبة في التفاهم على قواسم مشتركة بين هذه الأطراف كلّها. استغرق النقاش طيلة هذه المدّة حول ماذا يُصلح، كيف نتطلّع كرؤية واحدة إلى لبنان المستقبل ومصلحة اللبنانيين وحرية التعبير فيها من خلال قانون انتخابي لا يلغي أحداً، يفسح بالمجال أمام كلّ الأطراف أن تعبّر عن وجهة نظرها. لذلك كان المطلب هو قانون النسبية.

وقال حردان: نحن أصحاب مبدأ ومطلب رئيسي، خاصة بعد التسوية السياسية التي حصلت في اتفاق الطائف ووثيقة الوفاق الوطني، نحن من القوى السياسية التي حملت مشروع النسبية فقدّمنا إلى المجلس النيابي اقتراح قانون قائم على اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية خارج القيد الطائفي. لقد جرّبنا قوانين كثيرة ووجدناها فاشلة ولم تؤدِّ الغرض اللازم، وكان من المفترض أن نذهب للدائرة الانتخابية الواحدة على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي، لأنّ من شأن ذلك أن يحقق الانصهار الوطني حتى لو كان التنافس قائماً بروح الديمقراطية، صحيح انّ من نتائجها أن هناك فريقاً يحكم وآخر يعارض لكن ذلك لا يلغي أيّ فريق.

تقدير الجهود

وسجّل حردان الشكر لكلّ الذين بذلوا جهداً في البحث عن نقاط التلاقي بين اللبنانيين للخروج بقانون انتخاب حتى لا يذهب البلد إلى «المهوار» المتمثل بالفراغ. ونحن نرى أنّ النسبية بحدّ ذاتها كقانون، هي انتقال من مرحلة إلى مرحلة جديدة وإقرارها بمثابة إنجاز كبير يجب أن يسجّل للبنانيين بتحقيق هذه النقلة النوعية كخطوة متقدّمة يُبنى عليها للمرحلة المقبلة لإيجاد قانون يقوم على عدم التخبّط والفوضى داخل مواده، حتى يكون واضحاً وجلياً ويؤمّن بصورة واضحة جلية كيفية العدالة والإنصاف وصحة التمثيل، قانون لا يفصّل بمقصّات تتلاءم مع مصالح بعض الأطراف السياسية القائمة على تناقض بينها وبين روحية اعتماد النسبية.

لكن حردان أشار إلى أنّ الكثير من الموادّ في الصيغ التي حملها المشروع تحمل تناقضات مع روحية قانون النسبية، وسأل: لماذا لم نحافظ على هذا الإنجاز العظيم؟ لماذا ألبسوه ثوباً «مشققاً ومرقعاً وغير سليم»، ولا يمثل مضمون روحية النسبية والانطلاق نحو الإصلاح.

أضاف: نحن لدينا الكثير من الملاحظات، لكن مجمل هذه الملاحظات وضعناها في سياق تحفّظات رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو على طاولة مجلس الوزراء، التي سجلت في اللجنة الوزارية وفي محضر جلسة مجلس الوزراء، مشيراً الى أنّ هذه التحفظات تعبّر عن وجهة نظرنا كحزب وككتلة وكقوة سياسية منتشرة على امتداد الساحة اللبنانية من عكار إلى الجنوب ومن الساحل إلى أقصى البقاع.

ورأى أنّ هذا القانون يحمل الشيء وضدّه. وسأل: أين الروح الإصلاحية فيه؟ لقد ماتت الروح الإصلاحية في مسألة تصغير الدائرة التي تخدم بعض المذاهب والطوائف، على سبيل المثال نحن كحزب قومي منتشرون في كثير من المناطق، لكن في الكثير من المناطق تواجدنا سيكون لصالح حلفائنا أكثر مما هو لصالح إبداء الرأي من وجهة نظرنا، وهناك كثيرون مثلنا في القوى السياسية في البلد. وتابع ما حصل لا يعبّر عن وحدة اللبنانيين التي تضمّنتها روحية وثيقة الوفاق الوطني.

ولفت إلى أنّ وحدة المعايير فُقدت في هذا المشروع الذي نعتبر أنّه كان من المفروض المحافظة عليها، إذ إنّ تقسيمات الدوائر غير متجانسة وغير متساوية، حيث نجد دوائر تتألف من 13 نائباً وأخرى من 11 نائباً، وثالثة من 8 نواب ورابعة من 5 نواب هكذا دواليك.

أما في ما يتعلق بالصوت التفضيلي، فكان من المفروض كما قال حردان أن يكون هناك صوتان تفضيليان لكلّ مقترع وفي حال تعذر ذلك أن يكون الصوت التفضيلي على صعيد الدائرة الانتخابية بدلاً من القضاء كما كان مطروحاً في القانون النسبي على أساس لبنان دائرة واحدة. أما ما طرح عن الاغتراب فإنه يعطي انطباعاً عن الخفّة في التعاطي مع المغتربين أكثر مما يعطي انطباعاً عن تشريع حقيقي لإشراك هؤلاء في الانتخابات.

على صعيد تخفيض سنّ الاقتراع، فقد قارب حردان الموضوع من زاوية لفت النظر إلى أن الشاب الذي بلغ 18 عاماً بإمكانه الانخراط في المؤسسة العسكرية وحمل بندقية والدفاع عن سيادة الوطن. وربما الاستشهاد دفاعاً عن المواطنين كلّهم في لبنان، وفي الوقت نفسه غير قادر أن يذهب إلى صندوقة الاقتراع؟ لماذا؟ وظائف الدولة كلّها تبدأ بعمر 18 سنة. من عمر 18 عاماً يحصل المواطن على رخصة قيادة سيارة ويتحمّل مسؤوليات أدبية وأخلاقية ومعنوية ووطنية وقانونية… أليس قادراً أن ينتخب؟ لكن للأسف هواجس الخوف عند البعض تتمثل بما يسمّونه الخلل ديموغرافي، الذي سيبقى ويتضاعف. وتابع من المعيب أن لا نفتح المجال للشباب اللبناني الاشتراك في العملية الانتخابية.

وفي موضوع الكوتا النسائية قال حردان نحن ككتلة قومية وكحزب قومي لا نعتبر أنّه يجب أن يحدّدوا للمرأة عشرة نواب، أو عشرين أو ثلاثين. نحن مع فتح هذا الباب على مصراعيه، وأن تكون اللوائح مختلطة.

وشدّد حردان على أننا سندفع كحزب قومي في إطار حركة شعبية في المستقبل لتطوير هذا القانون النسبي، لكي يكون أكثر عدالة وصحة في التمثيل، وأكثر إشراكاً لشرائح المجتمع. لذلك نحن سجّلنا هذه التحفّظات على القانون، رغم تقديرنا للإنجاز المتمثل بإقرار النسبية.

ورداً على أسئلة الصحافيين قال حردان: «بعد إقرار القانون سننتقل إلى مرحلة جديدة، وسنبدأ بالتحضير للعملية الانتخابية، وهذا الأمر البديهي والطبيعي، خاصة أنّ هذا القانون يحمل في طياته بنوداً «مشربكة»، فبعض التعقيدات أخلّت به، ما يتطلب الكثير من الدراسة وكثير من الإيضاحات وكثير من التعبئة وكثير من الشرح للماكينات الانتخابية وللقواعد الشعبية قبل القوى السياسية.

وشدّد على أننا سننخرط في العملية الانتخابية انتخاباً وترشيحاً، وسنمارس هذا الدور انطلاقاً من عكار إلى الجنوب، وعلى كلّ مساحة لبنان. سيكون لنا مرشحون في دوائر عدة وسندعم حلفاءنا في دوائر أخرى. لذلك يمكن القول إنّ المرحلة المقبلة ستكون مرحلة دراسة وتصوّر لتحالفاتنا.

واعتبر أنّ التحالف الانتخابي هو تحالف انتخابي، لكن لا يمكننا سلفاً أن نقرّر هذا الموضوع إلا في قاعدته المبدئية، والتي تقول إنّنا سنشترك في المرحلة المقبلة ترشيحاً وانتخاباً، وسندرس مع حلفائنا طبيعة خوض هذه المعركة الانتخابية. نحن قوة سياسية شعبية منتشرة بصورة متفاوتة الحجم والقدرة، من الشمال إلى الجنوب ومن الساحل إلى البقاع مروراً بالجبل، وسنستثمر كلّ طاقاتنا وقدراتنا في الأمكنة التي لنا تواجد فيها.

وقال إنّ العملية الانتخابية لها قواعدها ولها مصالحها ومبادئها ومعاييرها، هناك تحالفات ثابتة. هناك خط عام لا نستطيع أن نرى أنفسنا خارجه، ولكن هذه لعبة انتخابية ولذلك سننظر إلى كلّ منطقة وخصوصيّتها، فلو كان النقاش على مستوى لبنان دائرة واحدة لكان اختلف الحديث.

ورداً على سؤال عن الخلاف التاريخي مع الكتائب وإنْ كان يحول دون الالتقاء في بعض المناطق؟ قال حردان: صحيح هناك خلاف تاريخي، ولكن لا نستطيع أن نقول إنّ الخلاف لا يزال كما كان في الماضي، في الماضي كان هناك حرب واليوم البلد في حالة سلم، ونحن مع تعزيز السلم الداخلي، ومسألة الانتخابات مسألة سبق أن قلت إنّ القرارات المسبقة فيها ستكون قرارات غير دقيقة.

واكد أنّ موقع الحزب واضح وحلفاؤنا واضحون من خلال موقعهم، وبالتالي أيّ مستجدّ على هذا الأمر في حينه سنتعاطى معه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى