«لا يعرف أنّ اللعبة انتهت»…!

معن حمية

تقود الولايات المتحدة الأميركية تحالفاً دولياً ضدّ الإرهاب منذ أيلول 2014. لكن نتائج العمليات العسكرية التي ينفذها هذا التحالف، تساوي صفراً، لا بل هي في أحايين كثيرة تنفَّذ كتغطية نارية لصالح تنظيم «داعش» الإرهابي. ما يعني أنّ قائدة التحالف الدولي، ليس في أولوياتها محاربة الإرهاب، طالما هو ورقة رابحة تستخدمها لتحقيق مصالحها عن طريق الحروب والنزاعات.

أميركا أوهمت العالم، أنها العدوّ الأول للإرهاب، ففي أعقاب هجمات 11 أيلول 2001، أعلنت الحرب على أفغانستان للقضاء على تنظيم «القاعدة». وبعد سنتين أعلنت الحرب على العراق بذريعة امتلاكه أسلحة الدمار الشامل، فغزته ودمّرت بناه التحتية وأنهكت اقتصاده وقوّضت مؤسّساته، وفي الطليعة مؤسّسة الجيش، وشظت وحدته بالنعرات والغرائز الطائفية والمذهبية، وضمنت بعد اندحارها ملاذات للقوى الإرهابية.

في حربه المزعومة ضدّ «داعش»، حقق التحالف الدولي الأميركي نتائج عكسية، حيث ينفذ غارات جوية على مدينة الرقة لا تستهدف سوى المدنيّين، كما نفذت الطائرات الأميركية قصفاً استهدف مواقع الجيش في جبل الثردة في دير الزور، ما مكّن «داعش» من السيطرة على تلك المواقع. ومن ثمّ تمّ إطلاق صواريخ التوماهوك الأميركية على مطار الشعيرات السوري، وبعد ذلك تمّ توجيه ضربات ضدّ وحدات الجيش السوري المتقدّمة باتجاه منطقة التنف السورية… وصولاً إلى إسقاط الطائرة الحربية السورية فوق ريف الرقة… وذلك للتدليل على أنّ واشنطن ومَن معها ليسوا في مواجهة مع الإرهاب، بل هم يخوضون حروب الهيمنة ضدّ سورية والدول التي تحارب الإرهاب بحق.

قبل إسقاط الطائرة السورية، كانت أميركا تتذرّع بارتكاب أخطاء خلال أنشطتها العدوانية، وهذا ما حصل عندما قصفت مواقع الجيش في جبل الثردة، وبذريعة الردّ على كيماوي خان شيخون قصفت مطار الشعيرات، فبماذا تبرّر إسقاط طائرة سورية تنفذ مهامَّ قتالية ضدّ الإرهاب؟!

ما هو واضح، أنّ أعذار أميركا ليست مقبولة ولا اعتذاراتها، هذا ما يشي به الموقف السوري المتأجّج غضباً، والذي يترجم اندفاعة قوية في الميدان، بحيث تمكّن الجيش السوري والقوات الرديفة من التثبيت في النقاط الأساسية التي تؤمّن البادية السورية برمّتها، ناهيك عن التقائه بالقوات العراقية جيشاً وحشداً في أكثر من نقطة حدودية.

وعلى ضفة حلفاء سورية، كانت الرسائل بالغة القوة، حيث أطلقت إيران صليات من الصواريخ البالستية مستهدفة مواقع «داعش» في دير الزور، في حين سارعت روسيا الاتحادية إلى تعليق العمل بمذكرة منع حوادث الاصطدام بين الجانبين الروسي والأميركي في الأجواء السورية، مع تهديد صريح باستهداف طائرات التحالف وإشارات بأنّ الجيش السوري وضع منظوماته الصاروخية الحديثة قيد التشغيل وهي لا تعرف خطوطاً حمراء.

واشنطن أرادت من وراء إسقاط الطائرة السورية، جسّ نبض سورية وحلفائها، لكنها لم تتوقع ردود الأفعال على النحو الذي سبق، وهذا ما أربكها وأربك حلفاءها، وبعضهم علّق مشاركته الجوية ضمن التحالف الدولي.

وإذا كان من السابق لأوانه إطلاق مقولة «ما بعد الطائرة السورية ليس كما قبله»، لكن المؤكد أنّ أميركا ستقرأ جيداً ردود الأفعال القوية، حتى لو أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب «لا يعرف أنّ اللعبة انتهت»، على حدّ تعبير السفير الأميركي السابق في دمشق روبرت فورد.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى