ردود فعل ساخرة محلياً.. وردّ أوروبي فاتر على خطة ما بعد بريكست

ردّ قادة الاتحاد الأوروبي بفتور أمس، على مقترحات بريطانيا حماية حقوق المواطنين الأوروبيين المقيمين لديها عقب بريكست، بعدما قدمت رئيسة الوزراء تيريزا ماي ما وصفته بالعرض «العادل».

وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر للصحافيين لدى وصوله للمشاركة في اليوم الثاني من قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل إنّ «هذه خطوة أولى، ولكنها غير كافية».

وعند سؤاله إن كان يعلم أيّ شكل من أشكال بريكست تسعى الحكومة في لندن إليه الآن، أجاب يونكر «لا».

وأفاد قادة الاتحاد الأوروبي «أنه لن تتم مناقشة الخطة المتعلقة بحقوق المواطنين الأوروبيين في وقت تجري المفاوضات المتعلقة ببريكست بشكل منفصل».

من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، والتي تعد أقوى قادة الاتحاد الأوروبي، أول امس الخميس «إنّ خطة ماي بداية جيدة، لكن بالطبع يبقى هناك كثير من الأسئلة».

من ناحيته، اعتبر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال «أنّ الاقتراح الذي رسمت ماي خطوطه العريضة خلال عشاء عمل لقادة الاتحاد الأوروبي الخميس كان غامضاً».

وأشار ميشال إلى أنّ «بروكسل لن تقبل بعروض لم تدقق في تفاصيلها»، مضيفاً «يجب ضمان حقوق المواطنين الأوروبيين على المدى البعيد».

من جهته، قال المستشار النمساوي كريستيان كيرن «إنه عرض أولي جيد أقدره، ولكن من الواضح أنّ لدينا الكثير من العمل».

وقال مصدر أوروبي «إنّ المزاج الذي ساد على الطاولة هو أنّ ماي قدمت أقل من الحد الأدنى، فيما توضح بروكسل أنّ تاريخ الانفصال يجب أن يكون اليوم الذي تخرج فيه بريطانيا من الاتحاد».

وعلناً، أفاد القادة الأوروبيون «أنّهم يتطلعون إلى الحصول على المزيد من التفاصيل التقنية عندما تنشر بريطانيا وثيقة رسمية في هذا الشأن الاثنين».

وقال مصدر في الاتحاد الأوروبي «بما أنّ المواطنين هم أولوية دول الاتحاد الأوروبي الـ27، فإنّ تقديم المملكة المتحدة لاقتراح مفصل بشأن كيفية ضمان حقوقهم يُعدّ خطوة إيجابية».

وأضاف «لا تزال تنبغي معرفة إن كان العرض البريطاني سيكون بسخاء ذاك الذي وضعته دول الاتحاد الأوروبي الـ27 بالتفصيل بشأن توجيهات التفاوض. وفي هذه المرحلة، بصراحة، هناك بعض الشكوك».

ويشكل مصير حوالي ثلاثة ملايين مواطن أوروبي يعيشون في بريطانيا بعد بريكست أكثر المسائل خلافية في المفاوضات بشأن انسحاب بريطانيا من التكتل المكوّن من 28 دولة في عملية بدأت الاثنين الماضي.

وبعد عام تماماً على تصويت البريطانيين في 23 حزيران العام الماضي لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، تعهّدت ماي بأنه «لن يُجبر أحد على مغادرة بلادها بسبب بريكست»، مقدمة حقوقاً دائمة في «مجالات الرعاية الصحية والتعليم والرعاية الاجتماعية والتقاعد للأوروبيين الذين وصلوا إلى بريطانيا قبل تاريخ الانفصال عن التكتل».

إلا أنها رفضت تحديد هذا التاريخ، مشيرة فقط إلى «الفترة بين 29 آذار 2017»، عندما أطلقت بريطانيا آلية بريكست، وخروجها المتوقع بعد عامين.

ولدى وصولها إلى القمة أمس، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «أريد أن أطمئنكم أن جميع مواطني دول الاتحاد الأوروبي المقيمين في المملكة المتحدة، والذين كوّنوا حياتهم ومنازلهم فيه، لن يُرغَم أيّ منهم على المغادرة. لا نريد أن نرى عائلات مشتتة».

وقالت إنه «عرض عادل وجدّي سيعطي الناس الثقة»، مضيفة «بالطبع، ستكون هناك تفاصيل لهذا الترتيب الذي سيشكّل جزءاً من العملية التفاوضية».

وكانت ماي قد رفضت في السابق منح ضمانات بشأن حقوق المواطنين الأوروبيين قبل ضمان مستقبل مليون بريطاني يعيشون في باقي دول الاتحاد، وأوضحت أنّ «عرضها يعتمد على اتفاق متبادل».

ولكنه لربما يمثّل غصن زيتون في وقت تحاول ضمان سلطتها بعد خسارتها الغالبية المطلقة في الانتخابات المبكرة التي جرت في بريطانيا قبل أسبوعين، وهو ما ترك حزبها المحافظ يعمل جاهداً لتشكيل حكومة مستقرة وترك استراتيجيتها بشأن بريكست تغرق في الشكوك.

ودعت ماي إلى «الانتخابات» بهدف «ضمان سلطة تخوّلها سحب بريطانيا من السوق الموحّدة وتقييد الهجرة»، وهي مسألة شكلت أساساً لاستفتاء بريكست. ولكن بعض وزرائها يحذّرون الآن من أنّ «الأولوية يجب أن تكون للوظائف والاقتصاد».

يذكر أنّ، اقتراح ماي أثار ردود فعل ساخرة محلياً، حيث اعتبرته جماعة ضغط تُمثّل المهاجرين الأوروبيين في المملكة المتحدة وتُدعى «ذي 3 مليون» أو الملايين الثلاثة، «مثيراً للشفقة».

أما رئيس بلدية لندن، صادق خان، وهو عضو في حزب العمال المعارض، فقال إنّ خطة ماي «لا تضمن بشكل كامل حقوق المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون في المملكة».

وأضاف: «من غير المقبول أن تعامل رئيسة الوزراء المواطنين الأوروبيين الذين يعيشون هنا، ويساهمون في اقتصادنا ومجتمعنا وكأنهم أداة للمساومة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى