ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

زيارة الزعيم إلى مدرسة «الناشئة الوطنية»

أورد الأمين ابراهيم يموت في مؤلّفه «كيف يحلو الحصار»، ما كان ورد في «النشرة الرسمية» تاريخ شباط 1948 عن الزيارة التي قام بها زعيم الحزب إلى مدرسة «الناشئة الوطنية»، ننقل أهم ما جاء عن الزيارة.

بعد كلمة الطلبة التي ألقاها الطالب النشيط عارف فياض 1 ارتجل الأمين عبد الله قبرصي كلمة رائعة. ثم كانت كلمة الزعيم كما نقلها وفق مسجّلها اثناء ارتجال الزعيم كلمته.

«من جملة المؤسّسات التي زارها الزعيم في مثل هذه الأوقات الخاطفة مدرسة الفريكة الوطنية التي يرأسها ويديرها المربّي القومي الاجتماعي الرفيق المناضل جورج مصروعة 2 . كانت الزيارة نهار الأحد 30 يناير 1948 تلبية لدعوة الرفيق مصروعة ورغبة الطلاب المتشوقين إلى رؤية الزعيم».

كلمة حضرة الزعيم

«رفقائي الطلاب، هذه هي الزيارة الثانية اقوم بها لمدرسة بعد عودتي إلى الوطن. وهي الزيارة الثانية لمدرسة بعد العهد القومي الاجتماعي، على الاطلاق، ما خلا زيارة اولى بين انتهاء العهد الماضي وبداية العهد الاجتماعي إلى الجامعة الوطنية في عاليه. تلك كانت زيارة تكلمت فيها إلى طلاب ولكن بغير صفة النهضة القومية الاجتماعية ومن غير أن يكون هناك انتظار أو تحسس لوجود النهضة. الزيارة الثانية كانت في آواخر السنة المدرسية الماضية للطلاب الاجتماعيين في الشوير. هذه كانت الزيارة الأولى في العهد القومي الاجتماعي. وهذه هي الثانية».

«اني أشعر بسعادة كبيرة لوجودي في المدرسة يحيط بي طلاب تلاميذ، طلاب حياة جديدة وتلاميذ فكر جديد، مؤسس لحياة جديدة. انتم التلامذة الصغار، انتم كلكم، لستم تلامذة يتعلمون القراءة والكتابة، انتم تتعلمون القراءة والكتابة توصلاً لشيء ووراء ذلك إلى معرفة الحياة الجميلة من الحياة القبيحة، حتى تعرفوا ان الحياة الجميلة تتميّز بقوتها، والقوة بالبطولة، بالشهامة، بالسيرة الحسنة والاخلاق الطيبة، التي تجعل الجميع فرحين عندما يرون احداً يمارسها، حياة كلها عزّ وكلها خير. ونحن نتعلم القراءة والكتابة لنعرف اين طريق الخير وطريق العز لا أن نكون كميات مهملة لا معنى لها في الحياة. هناك قصص كثيرة تجعل التلميذ الصغير يرى الطريق الحسنة التي يجب عليه أن يسلكها، واحسن القصص هي التي يأخذها الانسان من تاريخ بلاده».

«فإذا فهمنا ان القراءة والكتابة هي واسطة للوصول إلى الخير والعز والحياة الجيدة الحسنة، نفهم جيداً كم يجب أن نجتهد لإنهاء هذه الواسطة والوصول إلى الأحسن إلى ما نريد ان ما نريد يختلف بكثير عما هو اليوم. وعلينا ان لا نأخذ قدوة من الشيء الذي كان موجوداً حتى ابتداء النهضة لأن كل ما وجد قبل النهضة بكل أسف ليس جميلاً قبل النهضة مثلاً نكاية اهل الضيعة ببعضهم البعض هو جميل لمن لا يعرفون ما هو الجميل في الحياة ـ لكي يأتي الأجنبي ويسرح ويمرح في البلاد بينما أبناء البلاد الواحدة يهتمون بتحطيم بعضهم البعض. هذه صورة تجعلنا نترك الحياة القديمة لنصل إلى حياة جديدة لأننا أبناء عائلة واحدة، وبهذا نتحد لنقاتل احسن ، اعداء بلادنا الذين يأخذون بلادنا من غير القتال».

«ان حياتنا المقبلة سوف تكون غير هذه الحياة وكيف يتم الوفاق بين ابناء العائلات العدوة بين بعضها منذ سنين. ان عقلية الجيل الماضي لم تفهم الحياة القومية الجديدة، عقلية لا تصلح لنا، علينا أن نبحث عن حياة جديدة تختلف عن حياة الماضي فيها تعاون على الخير وعلى قتال كل من يريد أن يحوّل بلادنا إلى مسرح يعيشون عليه. ان علينا أن نصلح حياة الابناء، وعندما يرى هؤلاء مجتمعاً أحسن يتعلمون من اولادهم المحبة، واعتبار انفسنا أمة واحدة ووطن واحد يكونون قد فعلوا أحسن شيء يمكن أن يصنعوا في حياتهم الباقية».

«ان غايتنا هي الوصول إلى حياة اجمل واسمى، إلى حياة تبرز لنا الحياة والجمال والقوة لتكوين الأمة العظيمة التي تبني مجداً».

«سمعتم أن بلادنا جميلة جداً ولكن لا اعلم اذا كنتم قد سمعتم أن بلادنا يجب أن تكون اجمل مما هي عليه. اذا نظرتم إلى هذه الطبيعة حول المدرسة رأيتم مسحة من الجمال صغيرة تقدر أن تكون أحسن واجمل. فبدلاً من الصخور نرى غابات تشع منها الحياة تعطي للانسان مواد يستفيد منها بدلاً من ان تكون جامدة، جافة للعين».

«سروري الخاص هو وجودي في مدرسة مديرها من العاملين المفكرين في الاتجاه والتوجيه الجديدين، وان الطلبة منها، نفسها صافية تحب السير في المسالك الجميلة ـ لأن العلم بلا غاية شبيه بالجهل ـ وغاية العالم هو جعل الحياة جميلة مجيدة حلوة».

وبعد تناول حضرة الزعيم الغذاء على مائدة الرفيق جورج مصروعه صاحب المدرسة ومديرها عاد إلى بيروت لاستئناف المحاضرات التي يلقيها كل احد بعد الظهر في «الندوة الثقافية للحركة القومية الاجتماعية».

من جهته يروي الأمين جورج عبد المسيح في الجزء الثالث من سلسلة «أيام قومية» أن سعاده طلب منه ترك أعماله في شركة المقاولات، والانصراف إلى إدارة مدرسة الناشئة الوطنية في الفريكة، مضيفاً «أن البناء الذي اصبح مدرسة كان في الأصل معمل استخراج خيوط الحرير من الفيالج، يخص آل طعمة من قرنة الحمراء». الإيجار بِاسم مصروعة الرفيق جورج مصروعة الكفيل: أسد بولس الأشقر الأمين أسد الأشقر .

هوامش:

1 طبعاً هو غير الأمين عارف فياض المحامي، الذي سبق أن تولّى مسؤوليات محلية ومركزية. مقيم في نطاق منفذية الغرب.

2 نسجّل أسفنا أنّ كلّ محاولاتنا للحصول على معلومات غنية عن الرفيق المربّي الأديب والمؤرّخ جورج مصروعة لم تسفر عن نتيجة، لذا اكتفينا سابقاً بتعميم نبذة متواضعة عنه 3 نأمل من كلّ معنيّ، ومن كلّ رفيق عرفه جيداً ان يزوّدنا بما يجعلنا نعمّم نبذة غنية عن رفيق يستحقّ أن تتعرّف إليه اجيالنا الطالعة، وعن مؤلفاته، ومنها «هنيبعل» جزءان، «ابن زيكار» و«ضحيتان».

3 مراجعة قسم من تاريخنا على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى