الاجتماع حول سعاده وحزبه جبهة وطنية

ناصر قنديل

– شكّل الاحتفال المركزي للحزب السوري القومي الاجتماعي بذكرى استشهاد مؤسسه وزعيمه أنطون سعاده مناسبة غير تقليدية في لبنان، باجتماع قوى مضى زمن غير قصير على اجتماعها في التحدث على منبر واحد وبخطابات متقاربة الروح والتوجّهات. فحلفاء الخيارات الاستراتيجية الذين فرّقتهم السياسة، سواء في ملف الرئاسة كحال التيار الوطني الحر وتيار المردة، أو النقاشات الانتخابية كحال حركة أمل والتيار الوطني الحر، تلاقوا مع «القومي» متحدّثين معاً من منصة أنطون سعاده ومعهم حزب الله والطاشناق وناصريو حزب الاتحاد، ليستعيد الحلف بعضاً من توهّجه حول الثوابت التي برد بريقها تحت ضغط الخلافات.

– الذي منح اللقاء قيمته الاستثنائية خروجه عن المجاملات. فالكلام الذي قيل كان تعبيراً عن صدق الخيارات والرؤى والتوجهات، وأوله الإجماع على شخص المحتفى بذكراه وقد حفلت الكلمات باقتباسات الجميع لكلمات ومواقف سعاده المفكر والفيلسوف والسياسي والمقاوم، وعلى معاني سمو الشهادة التي قدّم بها مثالاً للقادة قلّ نظيره، فصار سعاده الموقف والسيرة والعبقرية، والعقيدة والاستشراف المبكّر للتحديات، نقطة الانطلاق إلى حزبه في السياسة والسيرة والمقاومة والمناقبية والوقفات، ليصيرا معاً سعاده وحزبه قاسماً مشتركاً كافياً للانطلاق إلى تجديد الثوابت المشتركة.

– الإجماع على خيار المقاومة ودعم الجيش والعلاقة مع سورية، وخيار النسبية الكاملة، كانت نقاط الارتكاز في الكلمات المتلاقية من مواقع متعدّدة على جوهر واحد في النظرة للبنان، وهي بالتحديد النقاط التي تشكّل جوهر رؤية القوميين لبلدهم وتطلّعهم لجبهة وطنية تجمّع حولها الحلفاء الذين توزّعوا إلى معكسرين، واحد يضمّ حركة أمل والمردة وثانٍ يضمّ حزب الله والتيار الوطني الحر، وبقيت علاقة حزب الله وأمل ضابط الإيقاع لمنع التصادم بينهما، يتقدّم «القومي» ليضع بفكر زعيمه وسيرته ومسيرة حزبه ما يؤسّس لإعادة لمّ شمل الحلفاء، ومعه الحلفاء الذين بقوا يعبّرون عن ضيق من الاصطفاف هنا أو هناك كحال الطاشناق وحزب الاتحاد برئيسه الوزير عبد الرحيم مراد، ليصير هذا الثلاثي ومعه القاسم المشترك الدائم حزب الله، نقطة بداية صالحة للتأسيس لحوار يسبق الانتخابات النيابية، يمهّد للتعاون أو لتنظيم الاختلاف، حيث يستعصي التعاون. فالتحديات الكبرى قائمة ومستمرة في المنطقة ومحيطة بلبنان، والأهمّ أن لا تتاح فرص للعب على أوتار الخلافات لتفجير جبهة الحلفاء الذين تجمعهم الثوابت الكبرى.

– قدّم سعاده بذكراه وسيرته وفكره، وقد اجتمعت الكلمات على الانطلاق من كونها جميعها علامات فارقة في تاريخ الأمة والصراع على وجودها ومكانتها وتقدّمها واستقلالها، ووحدة مجتمعها، كما قدّم حزبُهُ بسيرته ومناقبيته ووقفاته كشريك صادق مقدام وحليف لا يتخلّى ولا يبيع ولا يساوم ولا يطعن في الظهر. ثابت على الثوابت. حاضر في الساحات. مجاني في التضحيات، ما شهدت المشاركة والكلمات عليه، ليكون اللقاء نقطة بداية مفرحة لكلّ الذين شعروا بالضيق، وهم يرون التفكك السلطوي مرضاً يُصيب الحلف الذي وقف ظهيراً للمقاومة وسورية في حرب المصير خلال سنوات قاسية قاربت قطاف نصرها، ونال لبنان منها تباعاً أولى الثمرات رئاسة وحكومة وقانون انتخابات، وكلما تماسك الحلفاء زاد القطاف…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى