نصر تمّوز ودلالات التاريخ

معن حمية

في الثاني عشر من تموز، قبل أحد عشر عاماً، نفّذت المقاومة عملية «الوعد الصادق». وفي تلك العملية النوعية الخاطفة، قتلت جنوداً صهاينة وأسرت آخرين، مستبقة حربأ على لبنان شنّها العدو الصهيوني على مدى شهر ونيّف، قبل أن يعترف بهزيمته وينتصر لبنان مقاومة وجيشاً وشعباً.

حرب تموز 2006 لم تكن عادية، بل كانت حرباً عالمية لتصفية المقاومة، والشروع في بناء «شرق أوسط جديد». وهذا ما أعلنته وقتذاك كونداليزا رايس التي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية الأميركية، وتناغم معها مسؤولون عرب وصفوا المقاومين بالمغامرين، ومسؤولون لبنانيون كانوا يمدحون رايس ويشكرونها على صبرها.

في عملية الأسر، وما أعقبها من حرب «إسرائيلية» ـ أميركية ـ غربية عدوانية، أظهرت المقاومة قدراً كبيراً من الكفاءة والقدرة العاليتين، وبأنها تمتلك عناصر قوة كبيرة تمكّنها من الصمود والانتصار، كما أنها تفرّدت في امتلاك عامل المفاجآت، وأجاد أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله إدارته، ليقود المقاومة الى تحقيق النصر المؤزّر.

حرب تموز 2006 ارتدّت هزيمة على «إسرائيل» وحلفائها، في حين تحوّلت المقاومة المستهدفة بالتصفية إلى قوة حاضرة ومؤثرة على صعيد المنطقة والعالم، وبالتالي فإنّ الذين توهّموا إمكانية القضاء على المقاومة بواسطة «إسرائيل»، تجاهلوا حقيقة أنّ «إسرائيل» ومهما امتلكت من آلة عسكرية فتاكة تبقى عاجزة عن النيل من إرادة المقاومة، وسبق أن تقهقر الاحتلال الصهيوني للبنان تحت وطأة ضربات المقاومة.

ولأنّ للتاريخ دلالاته، فقد وقّت أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، إطلالته عشية 12 تموز للتهنئة بانتصار القوات العراقية بتحرير الموصل. وهذا توقيت ينطوي على معنى ومغزى، فإذا كانت حرب تموز قلبت معادلات كثيرة، فإنّ انتصار العراق جيشاً وحشداً في معركة تحرير الموصل، تتأسّس عليه وقائع جديدة، خصوصاً بعد هزيمة «داعش» في المدينة التي أعلن منها «دولة الخلافة».

في إطلالته أمس الأول، لم يكتفِ السيد نصرالله بتوجيه التهنئة للعراقيين بالنصر، بل رسم خارطة طريق لنصر جديد على المجموعات الإرهابية في جرود عرسال، نصر بات تحقيقه قاب قوسين أو أدنى، وبوضوح تامّ، ومن دون أية مقدّمات.

إذاً نحن أمام مرحلة جديدة عنوانها الحسم ووأد الخطر الذي يتهدّد لبنان من جراء وجود الإرهاب على حدوده.

المفارقة أنّ بعض العرب وبعض اللبنانيين، لم يتقبّلوا فكرة الانتصار على «إسرائيل»، فأقاموا الدنيا ولم يُقعدوها، ضدّ مقاومة لبنانية تمكّنت من تحقيق انتصارات متتالية على «إسرائيل»، كان أبلغها انتصار تموز 2006 الذي خلخل كيان الاغتصاب الصهيوني.

اليوم، بعض العرب، وربما بعض اللبنانيين، قد لا يتقبّلون فكرة هزيمة الإرهاب، وقد تتصاعد الحملة على المقاومة بذريعة أنها تتفرّد بقرار الحرب والسلم، لكن ما كُتب قد كُتب، وهزيمة الإرهاب ورعاته آتية لا محال.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى