ماكرون وترامب: نهاية الحرب على سورية

ناصر قنديل

– لم يكن للسعودية وتركيا و«إسرائيل» رغم المال والسلاح والاستخبارات القدرة على شنّ حرب تستهدف سورية ورئيسها، الذي صارت إطاحته شعار الحرب وهدفها، لولا التغطية الأميركية والأوروبية ممثلة خصوصاً بفرنسا التي يسلّم لها حلفاؤها الغربيون بخصوصية الدور التاريخي في سورية ولبنان. وقد صار واضحاً أنّ الحرب بما هي مال وسلاح وإعلام، هي رجال أيضاً وأنّ تركيا والسعودية و«إسرائيل» قاتلوا بتنظيمي القاعدة والإخوان المسلمين ومتفرّعاتهما وصولاً لداعش، وما كان هذا ليتمّ لولا التغطية الأميركية الفرنسية.

– من الواضح أنّ القناعة الأميركية الفرنسية بلا جدوى مواصلة الاستثمار على خيار الحرب لتحقيق الأهداف ذاتها، قد حُسمت، فسقف ما تتيحه مواصلة الحرب ليس السيطرة على سورية ولا إطاحة رئيسها، بل خوض حرب استنزاف تعني تمكن التشكيلات المتطرفة من شنّ حروبها الخاصة التي تهدّد أمن أوروبا من جهة، وتغرقها بسيل النزوح الذي يهدّد استقرارها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني، وتعني تجذراً مقابلاً لمعادلتي حزب الله والأكراد، اللتين تصيبان في الصميم أمن تركيا و«إسرائيل»، بينما تبدو السعودية أضعف من مواصلة الاهتمام بالحرب السورية كأولوية، وهي غارقة في حربَيْها لإسقاط قطر وإخضاع اليمن بلا طائل.

– يلتقي الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والفرنسي إيمانويل ماكرون بعد لقاءات رئاسية لكلّ منهما مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليكون الحديث بوضوح عن سقوط مشروع إطاحة الرئيس السوري كهدف للحرب، والتوجّه لأولوية الحرب على الإرهاب، التي دعا إليها الرئيس السوري منذ البدايات، ويجري التمهيد لحلّ سياسي يقول الفرنسيون إنه يمرّ بحكومة موحّدة تضمّ معارضين وموالين في ظلّ رئاسة الرئيس السوري، تجمع قدرات السوريين في الحرب على الإرهاب، وتخيّر الفصائل المسلّحة بين الانضمام لهذه الحرب تحت قيادة الجيش السوري أو الانضمام للتنظيمات الإرهابية، وتضع الحكومة الموحّدة دستوراً جديداً وتتولى بمعونة أممية إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وهو برنامج الرئيس السوري منذ مطلع العام 2013 للحلّ السياسي.

– عندما تعلن قيادة الحرب التخلي عن الهدف الذي خاضتها لأجله، وعندما يصير للحرب شعار وهدف هو الذي يتبنّاه الخصم الذي كانت الحرب تهدف لإطاحته، وعندما يصير للحلّ السياسي روزنامة وجدول الأعمال هو الذي اقترحه مبكراً هذا الخصم، فهذا يعني أنّ الحرب قد انتهت، وأنّ ما هو قائم حروب فرعية ولدت على هامش الحرب الأصلية، وصارت لها قوة دفعها الخاصة، فالحرب لم تخضها الدول الكبرى بجيوشها، كي توقف إطلاق النار وتجلس لمائدة التفاوض، بل خاضتها بواسطة عصابات لها مشروعها وأيديولوجياتها ومصالحها، وقد صار التخلّص منها هدفاً مشتركاً وطريقاً لوقف الحرب، وهذه أعراض الحروب بالوكالة عموماً.

– عندما يصير النصر على داعش له طريق واحد هو القبول بدور لحزب الله الذي أنشئ داعش وجُلب لضربه، وعندما يصير تفادي خطر حزب الله على أمن «إسرائيل» يستدعي تسليم الجيش السوري طوعاً مناطق المسلحين القريبة من الحدود، بعدما جرى دعم هؤلاء المسلحين لضرب الجيش السوري وإخراجه من هذه المناطق، فهذا يعني أنّ الحرب التي عرفناها قد انتهت، وأنّ ما يجري أمامنا هو حرب أخرى مختلفة تماماً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى