آنّا عكاش: المسرح مساحة خطيرة للّعب

محمد سمير طحّان

في مجلس عزاء، تجتمع خمس نسوة سوريات مختلفات المنبت الاجتماعي، سلبت الحرب على وطنهن منهن رجالهن، في العرض المسرحي الذي تُجرى بروفاته حالياً ويحمل عنوان «هنّ». حيث تتناوب مقاطع العرض بين أسطورة الأرض التي وقعت عليها الجريمة الأولى في التاريخ، ودمجها بحكايات النسوة الثكلى لتظهر مدينة دمشق بكل تفاصيلها، الحضن الذي يجمعهن فلا يستطعن مغادرتها.

كاتبة العرض ومخرجته آنّا عكاش قالت: لكلّ امرأة من نساء العرض الخمس حكاية خاصة بها، ولكنهن يتبادلن الأدوار في حكاياتهن لأن كل واحدة منهن فقدت عزيزاً عليها، واجتمعن في مكان واحد فلا ندرك مَن الميت ومَن صاحب العزاء.

وتتابع عكاش: ذاكرتنا قبل سبع سنوات من بدء الحرب هي الحامل الأساس للعرض التي يتشارك بها الجميع، فلا تعود سراً. مبيّنةً أن طريقة التقديم للعرض تعتمد على مستويين من حيث الشخصيات المقدمة على الخشبة والجانب الخاص المتعلق بالممثلات وتقاطعاتهن مع رجالهن الغائبين عن العرض مع الاعتماد على مادة بصرية تحتل حيزاً كبيراً في العرض يمكن تصنيفها ضمن إطار التوثيق من دون أن يسود أداء الممثلين عليها أو العكس.

وأوضحت عكاش أنّ رسالة «هنّ» تدعو إلى وقف الحرب والموت والفقدان مع التأكيد على أننا لن نغادر بلدنا وسنبقى هنا. لافتةً إلى أن فكرة العرض فرضت نفسها كعرض نسائي وإن كانت هي ككاتبة ومخرجة ضدّ تصنيف المسرح إلى عروض نسائية وذكورية.

وتشير عكاش إلى أن مشروعها المسرحي يعتمد على التجريب بالشكل والاختزال إلى أبعد حدّ في جميع مكوّنات العرض من ديكور وأكسسوار مع الاعتماد على أداء الممثل بالدرجة الأولى، وكسر السائد في المسرح السوري. موضحة أن المسرح بالنسبة إليها لعبة قابلة للتفكيك والتركيب، ومن هنا تأتي المتعة وهي متعة اللعب والخلق.

وقالت: المسرح مساحة خطرة جداً للّعب، وأنا أتقبل آراء الجمهور لدى عرض العمل لأنه لا يمكن لأحد أن يفرض على المتفرّج ذائقته الجمالية الفنية.

وحول ظروف الإعداد للعرض والبروفات توضح عكاش أن ظروف التحضير لم تكن مثالية مع وجود مشكلة كبيرة في البحث عن ممثلين أكاديميين يقبلون خوض هذه المغامرة. وقالت: فترة شهرين من الالتزام الكامل بالبروفات إضافة إلى خمسة عشر يوماً في العروض هي كلها تتطلب جهداً كبيراً مقابل أجر يستطيع أي ممثل تحصيله من تصوير عدة مشاهد تلفزيونية لن تستغرق سوى يومين أو ثلاثة من العمل لتصف من يقبل بخوض هذه التجربة المسرحية بالفدائي الذي يحركه الحب لأبي الفنون.

ولا ترى عكاش أن المسرح السوري حالياً بحالة جيدة فظروف الحياة الصعبة تفرض نفسها على العاملين فيه من ممثلين وفنيين وتقنيين.

وتدعو عكاش إلى تقديم الدعم والتسويق الإعلامي للعاملين في المسرح مع ضرورة بدء الاعتماد على شباك التذاكر ودعم الفرق المسرحية الخاصة وتقديم التسهيلات لها وتقول: المسرح لدينا بالمجان وكل ما يمكن الحصول عليه مجاناً ليست له قيمة في نظر البعض.

وترى عكاش أن جمهور المسرح لدينا ينقسم إلى نوعين أحدهما نخبوي من المثقفين والفنانين والمهتمين بالمسرح وهم متابعون دائمون للنشاطات المسرحية والآخر الجمهور العادي الذي يجب أن يتوجه له المسرح ويحاول جذبه إلى صالاته اعتماداً على الدعاية الإعلامية أولاً وأسماء المشاركين في العروض لجذب الجمهور.

يشار إلى أن عرض «هنّ» تأليف وإخراج آنّا عكاش، ومخرج مساعد إبراهيم عيسى، وموسيقى ومؤثرات محمد عزاوي، وتصميم إضاءة ريم محمد، وسينوغرافيا نزار البلال، وتصميم المادة الفلمية والغرافيكس سيمون صفية، ومن بطولة كل من الممثلات: إيمان عودة، إنعام الدبس، رشا الزغبي، لبابة صقر، وجولييت خوري.

الكاتبة والمخرجة آنّا عكاش حاصلة على إجازة في اللغة الإنكليزية وإجازة في الدراسات المسرحية من سورية، وماجستير في العلوم الثقافية وفنون العرض من تونس. وهي عضو في اتحاد الكتّاب العرب ونقابة الفنانين وعملت في المسرح القومي في دمشق كدراماتورج ومعدّة ومؤلفة نصوص مسرحية وكمخرج مساعد. كما أخرجت عروضاً مسرحية وكتبت سيناريوات لأفلام قصيرة وأعمال تلفزيونية. شاركت في كتابة المسلسل الإذاعي «حي المطار» إنتاج شركة «بطوطة» و«بي بي سي ميديا آكشن»، إضافة إلى عملها كمستشارة درامية في عدّة أفلام سورية، وتعمل في الترجمة من اللغتين الإنكليزية والروسية إضافة إلى دراسات وأبحاث في المسرح أهمها تاريخ الأزياء والأصول التاريخية لنشأة المونودراما.

«سانا»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى