فلسطين تستعدّ ليوم المنازلة الكبرى دفاعاً عن الأقصى… وغياب عربي إسلامي مفاوضات وحرب الجرود: حزب الله يتقدّم… وتغطية جوية سورية… وطلب مهلة للفجر

كتب المحرّر السياسي

معركتان كبيرتان مع منتصف الليل تدخلان العدّ التنازلي سترسمان مشهداً إقليمياً جديداً، فمعركة حياة وموت جبهة النصرة تُخاض في جرود عرسال بعدما كانت الوساطات خلال الأيام الماضية لحلّ تفاوضي ينتهي بانسحاب مسلحي جبهة النصرة قد وصلت إلى طريق مسدود، واندلعت المعارك على التلال التي تقدّمت نحوها وحدات النخبة في حزب الله خلال ساعات الليل الأولى من دون اضطرارها لخوض مواجهات تذكر، في ظلال قصف صاروخي ومدفعي نوعي مركّز وكثيف، بينما كان الطيران الحربي السوري يغطّي أجواء المنطقة ليلاً وينفّذ غارات متواصلة على خطوط إمداد النصرة في الأودية والتلال في جرود فليطة ووادي العويني ووقعت تلال الكسارات والتلال 11 و 12 وموقعَي الضليل والبركان بيد مقاتلي حزب الله، بينما كانت مدفعية الجيش اللبناني بمختلف عيارات مدافعها تستهدف مواقع وآليات النصرة في الجرود، وفي منتصف الليل بعدما تمّت السيطرة على تلال عديدة من الجهة السورية وبدأ المسلحون بالانسحاب من التلال المقابلة لمواقع حزب الله، وتحت ضغط القصف الكثيف والمركز طلب الوسطاء مهلة جديدة. وقالت مصادر متابعة إنّ المهلة تنتهي فجراً، وإنّ الأمور وصلت إلى لحظة الحسم، فإما حلّ شامل يولد صباحاً وإما معركة مفتوحة تنتهي بإنهاء الوجود المسلح كله لداعش والنصرة في الجرود.

المعركة الثانية في القدس وعلى مساحة فلسطين كلها، حيث يوم النفير الفلسطيني لحماية الأقصى بمشاركة شعبية شاملة وإعلان الفصائل السياسية والمقاومة للتعبئة العامة والاستنفار واستعداد قوى المقاومة لموقف تصعيدي نوعيّ، دعماً للمواجهة الشعبية التي استعدّ لها الاحتلال بحشد كتائب من الجيش لمساندة وحدات الشرطة بينما قام المستوطنون بتحشيد وتهيئة جماعاتهم لمشاركة الشرطة والجيش في مواجهات اليوم، بعدما سقطت الرهانات على مساعٍ أميركية لنزع بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى رفض الفلسطينيون العبور من خلالها إلى مسجدهم.

فيما يأمل الفلسطينيون من وقفتهم التاريخية فتح باب مواجهة تنتهي بإسقاط محاولة الاحتلال تهويد القدس وفتح الطريق لسيادة فلسطينية على المقدسات تتسع لتشمل القدس لاحقاً، ويعرفون أنّ دون ذلك تضحيات جساماً في ظلّ غياب عربي إسلامي مريب ومشبوه بالتواطؤ والتخلّي، يأمل اللبنانيون والسوريون من الانتصار في معركة جرود السلسلة الشرقية الحدودية بين الدولتين إطلاق إشارة الخلاص من التهديد الأمني لهما ولعاصمتيهما اللتين كانت تصلهما السيارات المفخخة من مصانع أقامتها النصرة وداعش في الجرود، كما يأملون بنهاية إرباك أمن الدولتين مثلته سيطرة الجماعات الإرهابية على هذه المنطقة الحدودية الحساسة، للبدء بمناقشة هادئة لقضية النازحين السوريين.

في ملف النازحين، كان لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون كلمة افتتاحية في اجتماع الحكومة خصّصه للتحذير من خطورة الكلام التحريضي العنصري بحق النازحين السوريين. وهي الجلسة التي شهدت إقرار التشكيلات الدبلوماسية بصورة توافقية بين الرؤساء الثلاثة، ظهرت من مواقف الوزراء.

فشل وساطة الحجيري مع «التلي»

تعيش الجرود الحدودية اللبنانية السورية منذ أسبوعين سباقاً محموماً بين المعركة العسكرية والتسوية السلمية التي تراجعت حظوظها ليل أمس، بعد الشروط التعجيزية التي وضعها زعيم جبهة النصرة في القلمون أبو مالك التلي لانسحابه وعناصره الى داخل الأراضي السورية.

وتصاعدت في الساعات الأخيرة وتيرة الضغوط العسكرية والنفسية على مسلحي الجرود في عرسال، وسط انتشار كثيف لـ«وحدات النخبة» في حزب الله في المنطقة المحيطة بمراكز ومواقع تجمُّع المسلحين من «النصرة» و«داعش» في المقلب الغربي والشرقي من الجرود في الجانب السوري، ومنعاً لأي محاولة فرار من جانب المسلحين باتجاه الأراضي اللبنانية، مع سقوط عملية التفاوض التي تقدمت خلال اليومين الماضيين مع عودة الشيخ مصطفى الحجيري «أبو طاقية» إلى الواجهة.

وبدأت عملية التفاوض عصر الأربعاء الماضي عندما ذهب «أبو طاقية» إلى جرود عرسال والتقى بزعيم النصرة «التلي» في أحد مراكزه العسكرية «لإيجاد تسوية وتجنيب المنطقة إراقة الدماء»، لكن المعطيات من داخل عرسال تحدّثت عن «فشل الوساطة» وأن الحجيري التقى التلي بـ«إيعاز وتكليف من شخصية سياسية لبنانية مرموقة».

رسالة المسلحين إلى «الجولاني»

وأشارت مصادر ميدانية لـ«البناء» الى أن «التلي ليس مفاوضاً جدياً ويتحدّث عن مطالب أشبه بالتعجيزية ولا يمكن تنفيذها». ولفتت الى أن «التلي يعيش في حيرة من أمره بين خيارين: أخذ أمواله وعتاده الثقيل وقليل من معاونيه ومرافقيه الى سورية، وبين طلبه أن يسحب حزب الله قواته من الجرود اللبنانية مقابل انسحاب التلي إلى سورية». ونقل مقربون من «أبو طاقية» «بأن صراعاً كبيراً لا يزال قائماً بين التلي ومسلحي النصرة حول الخروج من الجرود من دون أي معركة، بسبب رفض أبو مالك والحلقة الضيقة منه الخروج من دون العتاد والمال الى ادلب خوفاً من قتلهم هناك»، مطالبين بالدخول الى «الحدود التركية ومساندة مموّلهم القطري والتركي لإنشاء منطقة خاصة بهم»، مع تأكيد «أبو طاقية»، «استمراره بعملية التفاوض حتى وإن دخل الوضع ميدان الحرب».

وكانت لافتة الرسالة التي وجّهها المسلحين من هيئة تحرير الشام الى أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، يتحدثون فيها عن صفقة يحاول «أبو مالك التلي تمريرها على حساب دمنا ودم أهلنا النازحين»، بحسب تعبيرهم. وتقضي الصفقة بـ«خروجه الى مطار بيروت فتركيا مع أمواله التي كانت ثمناً لصفقة تسليم راهبات معلولا». وأشاروا فيها الى أن «المعركة في الجرود باتت انتحاراً وطالب المسلحون الجولاني بإقناعه على الخروج نحو إدلب».

وتؤكد مصادر ميدانية لـ«البناء»، «وجود خلاف حاد بين المسلحين لاسيما داعش والنصرة، رغم الهدنة الأخيرة وتوحيد الجهود»، الا أن مواقع داعش باتت «مكمن القتل» في جرود النعيمات، بعد أن أصبح الإرهابيون من النصرة في جرود عرسال الرئة الوحيدة التي تغذّيهم بالمؤونة والمواد الطبية ومستلزمات القتال». وأشارت المصادر الى حالة التخبّط والخوف والانهيار النفسي والمعنوي في صفوف المسلحين مقابل رصد الاستعدادات الضخمة لحزب الله في معركة الجرود التي لن تسمح بفتح أي ممرات للمسلحين».

«أبو طاقية» التقى أبو مالك ثانية

وعاد أبو طاقية عصر أمس، والتقى التلي في محاولة «لإقناعه والتوصل الى تسوية وخفض سقف مطالبه، إلا أن التلي أصرّ على مطلبه الاساسي وهو انسحاب حزب الله من القلمون الغربي مقابل انسحابه مع المجموعة الضيقة منه وترك باقي عناصر النصرة تلاقي مصيرها».

ونقل رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري عن «ابو طاقية» قوله لـ«البناء»، «إن مساعي التسوية التي يقوم بها «أبو طاقية» مع التلي مخاضها عسير وصعب ومعقد لجهة سقف مطالب التلي المرتفع، لكن همنا أن ننأى بالأراضي اللبنانية عن المعارك والحروب وحقن الدماء، فنحن العراسلة متضررون من المسلحين». وتخوف الحجيري «أن تكون خلف مطالب التلي جهات أخرى تريد توريط التلي فيها لتعقيد الأمور ما يضعنا أمام العمل العسكري المحتوم».

وكثّف سلاح الجو السوري غاراته مساء أمس على جرود فليطة مستهدفاً مواقع النصرة في جرود فليطة عند الحدود في القلمون الغربي، تزامناً مع دخول الوحدات الصاروخية ومدفعية الميدان الثقيلة التابعة لحزب الله واستهدفت مراكز ومواقع وتجمعات النصرة ـ فتح الشام في وادي الخيل وعقبة نوح والكسارات إلى الجنوب الشرقي من بلدة عرسال».

وفي وقتٍ متأخر من ليل أمس، دارت اشتباكات بين الجيش السوري وحلفائه والنصرة عند نقطة ضليل الحاج علي وجبل البركان في جرود فليطة وأخرى في جرود الجراجير عند نقطة وادي الحاج محسن وكوع السبع لفات، ما يعني أن المعركة البرية قد بدأت عملياً.

وقد تمكّنت وحدات حزب الله البرية تحت إسناد ناري ومدفعي كثيف من تحرير موقعي ضليل الحاج علي وجبل البركان في جرود فليطة من المسلحين، كما قصفت المدفعية المقرّ الرئيسي للتلي في وادي الخيل.

مجلس الوزراء أقرّ التشكيلات الدبلوماسية

وحضرت التطورات الميدانية على الحدود وأزمة النازحين على طاولة مجلس الوزراء، فوجّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحية الى الجيش اللبناني على نجاحه في المهمات الصعبة والدقيقة التي يقوم بها للمحافظة على الاستقرار والأمن في البلاد وحماية الحدود من الإرهابيين، داعياً الى وقف الحملات التي يتعرّض لها، ومديناً في الوقت نفسه استغلال ورقة النازحين السوريين لمحاولة النيل من الاستقرار الأمني وإثارة المشاكل.

ودعا الى «وقف كل حملات التحريض ضد النازحين السوريين»، مشدّداً على «ضرورة التمييز بين الذين يرتكبون أعمالاً مخلّة بالأمن، وهؤلاء تتولى الأجهزة الامنية ملاحقتهم، والنازحين الآمنين الذين ينتظرون عودة الهدوء الى وطنهم للعودة اليه».

وعلمت «البناء» أن رئيس الجمهورية لم يكلّف حتى الآن أي موفد رئاسي إلى سورية للتواصل مع الحكومة السورية لعودة النازحين الى بلدهم، وكلف الرئيس عون، بحسب ما علمت «البناء» أيضاً وزير مكافحة الفساد نقولا تويني، «إعداد كتاب الى ممثل الأمم المتحدة في لبنان يطلب فيه كشف حساب بعد أن أعلنت الأمم المتحدة عن انخفاض مداخيلها وعدم قدرتها على توفير الخدمات الأساسية للنازحين السوريين في لبنان».

وبعد إنجاز سلسلة الرتب والرواتب في المجلس النيابي، عبر التوافق السياسي الى مجلس الوزراء، حيث أقرّ في جلسته التي عقدت أمس في بعبدا، الترفيعات والمناقلات الديبلوماسية بعد سنوات على تجميدها.

وتم تعيينَ السفير هاني شميطلي أميناً عاماً لوزارة الخارجية وغدي خوري مديراً للشؤون السياسية في الوزارة والسفير كنج الحجل مديراً للشؤون الإدارية والمالية.

وسجل اعتراض من وزراء القوات اللبنانية على شكل طرح الملف لناحية عدم كفاية الوقت لدرس التعيينات المقترحة، وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» الى أن «ملف التشكيلات الدبلوماسية تم بتوافق مسبق بين جميع مكوّنات الحكومة لا سيما بين الرؤساء الثلاثة في إطار التفاهم السياسي والوطني المتمثل بلقاء بعبدا وبنود الوثيقة التي خرج بها.

وشهدت الجلسة سجالاً بين وزير الأشغال يوسف فنيانوس ووزير الخارجية جبران باسيل، بعد اعتراض فنيانوس على طرح أسماء المعيّنين في المواقع الدبلوماسية من دون عرضها مسبقاً على الوزراء للاطلاع عليه.

واعتبر الوزير باسيل أن ما حصل هو «إنجاز دبلوماسي كبير للبنان لأول مرة منذ سنوات طويلة: ترفيعات، مناقلات، ملء كل الشواغر، تعيين ملحقين اقتصاديين وثقافيين، تحسين الرواتب»، بينما قال الوزير علي حسن خليل إن «التشكيلات الدبلوماسية إنجاز ونحن راضون عنها، والوزير زعيتر هو من طلب إرجاء البت بموضوع غلوريا أبو زيد لأسبوعين».

وأشار وزير الشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي الى «أننا اعترضنا على شكل التعيينات وليس على الأشخاص، لأنه تمّ طرح الأسماء خلال الجلسة». أما وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل فأعلن أن «مجلس الوزراء وافق اليوم على تسمية استشاري دولي لمعاونة الوزارة بمناقصة إشراك القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء».

وشملت التشكيلات أيضاً 74 سفارة حول العالم، حيث تمّ تعيين السفراء ميرا ضاهر في روما وغابي عيسى في واشنطن ورامي عدوان في باريس وشوقي بو نصار في موسكو ورامي مرتضى في لندن. كما عُين السفيران أمل مدللي في الأمم المتحدة وسحر بعاصيري في الأونيسكو.. وسيُصار عملاً بالأعراف، الى اعلان اسماء السفراء تباعاً في بيانات ستصدر عن وزارة الخارجية بعد موافقة الدول على اسماء السفراء المرشحين.

إرجاء تعيين مدير عام «الزراعة»

وأرجأ مجلس الوزراء البتّ في موضوع تعيين المدير العام التعاونيات في وزارة الزراعة أسبوعين، وأشارت المعلومات الى مشاورات حصلت على هامش الجلسة بين وزراء الزراعة والاشغال والمال أدت الى طلب زعيتر إرجاء طرح ملف أبو زيد. بينما أفادت مصادر «البناء» أن «الرئيس ميشال عون طلب تأجيل ملف غلوريا أبي زيد والتي رفضت العودة الى المنصب نفسه في الوزارة، أو تعيينها مديراً عاماً، وتمّ إرجاء البحث في هذا الملف الى الجلسة المقبلة».

وإذ ذكّر رئيس الجمهورية بموقفه من إقرار مجلس النواب لسلسلة الرتب والرواتب، فإنه أشار إلى أنه كان يتمنّى لو كانت الموازنة أقرّت قبل السلسلة لتحديد إيرادات الدولة وأبواب الإنفاق. وطمأنت مصادر وزارية معنية الى أن إقرار السلسلة لن يؤدي الى تضخم في أسعار السلع الأساسية، مشيرة لـ«البناء» الى أن لا داعي للقلق لدى المواطنين إزاء هذا الأمر، لأن الحكومة والوزارات المعنية والأجهزة الرقابية ستتخذ الإجراءات اللازمة لضبط الأسعار وفرض غرامات على مَن يخالف القوانين»، موضحة أن «أموال السلسلة ستحدث حركة تجارية يحتاجها السوق لتحريك العجلة الاقتصادية».

واعتبر وزير المال أن «إنجاز السلسلة قد أرسى قواعد جديدة في تأمين واردات الدولة عندما أصاب طبقة كانت تعتبر نفسها محصّنة عن تحمل مسؤولياتها في حماية الوضع المالي والاقتصادي، وأرسى فوائد ضريبية جديدة تطال الشركات الكبرى وشركات الأموال والمصارف لما يؤمن واردات تحفظ التوازن المطلوب للدولة والوطن».

ودعا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري الى التنبه لحملات التحريض التي استهدفت النازحين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنها «تنعكس سلباً على الاستقرار العام في البلاد». ولفت الى أن موضوع مساعدة النازحين سيكون من ضمن المواضيع التي سيبحثها مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارته للولايات المتحدة الاميركية، وذلك بهدف معرفة ما سيؤول اليه الوضع في سورية».

وسبقت الجلسة خلوة بين عون والحريري، تم خلالها تداول المواضيع المدرجة على جدول الاعمال.

وأشارت كتلة الوفاء للمقاومة خلال اجتماعها الأسبوعي الى أنها بذلت مع حلفائها من الكتل جهوداً مضنية ودؤوبة لانتزاع المكاسب المشروعة لأصحابها وعارضت بشدة إقرار زيادة الضريبة على القيمة المضافة وزيادة الضرائب والرسوم التي تطال ذوي الدخل المحدود، وهي ستواصل سعيها للوصول إلى تحقيق المستوى المقبول من التوازن الاجتماعي والاقتصادي بين مختلف فئات المواطنين لينهض اقتصاد البلاد وينمو بمشاركة فاعلة من الجميع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى