العملية السياسية في المنطقة: مسارات مستقبلية

زهير فياض

تدخل المنطقة مرحلة جديدة من الصراع بعد التطورات الميدانية التي شهدتها أكثر من منطقة سواء في العراق بعد معارك الموصل وإسقاط مناطق سيطرة داعش عليها، أو سواء لجهة الإنجازات التي تحققت في الميدان السوري من ريف دمشق، إلى دير الزور إلى الرقة، إلى مناطق الجنوب، إلى حلب وريفها، الى إدلب وريفها، وأيضاً ربطاً بالحدث اللبناني وتوقعات حسم المعركة في جرود عرسال مع فصائل النصرة الإرهابية. وهذا ما سيؤدّي حكماً الى تموضعات سياسية جديدة وتوازنات قوى جديدة على مستوى المنطقة بأسرها، وإلى إعادة تظهير سيناريوات جديدة أو خطط بديلة تضعها الدول الراعية والحاضنة للمنظمات الإرهابية، والمجموعات المسلحة على اختلافها، إضافة طبعاً الى ردات الفعل المتوقعة وغير المتوقعة لـ«إسرائيل» باعتبارها اللاعب الخفي في المعركة، حيث خيوط علاقاتها بالأحداث والأطراف واضحة للعيان.

لا شك، في أنّ ما يجري اليوم يؤشر الى مسارات جديدة على خط الصراع في المنطقة، فالمعطيات الميدانية لها أهمية ذات طابع استراتيجي تؤشر الى بداية ولوج المنطقة مرحلة جديدة عنوانها الأساسي «سقوط المشروع الأجنبي» الهادف الى إسقاط «الدولة» بما ترمز إليه من وحدة النسيج الشعبي المجتمعي سواء في العراق أو في سورية الشام ، والفشل الذريع في إسقاط مواقع المقاومة والممانعة في المنطقة من خلال ضرب عمقها الاستراتيجي الممتدّ من دمشق الى بغداد.

هذه المعطيات الميدانية الحاسمة فرضت نفسها على أجندات المفاوضات حول العملية السياسية، وحدّدت ترتيباً جديداً لسلم أولويات جديد تتمحور حوله وتتركّز عليه العملية السياسية وعنوانها الأساسي «مكافحة الإرهاب». وهذا بالمعنى السياسي يعيد خلط الأوراق كلّها ويكشف الأقنعة كلّها عن حقيقة المشروع الذي يستهدف بلادنا تفتيتاً وتقسيماً وشرذمةً وتعميماً لحالات الفوضى والعبثية وتفكيك البنى السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية لمجتمعنا في كياناته ودوله من العراق الى الأردن ولبنان وفلسطين والشام.

هذه الوقائع الميدانية الجديدة والنتائج السياسية التي ستنتج عنها، تفترض التركيز على مسارات أخرى من شأنها تحصين الوضع الداخلي الشعبي على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية كافة. وهذا هو بالضبط التحدّي الحقيقي الملقى على عاتق القوى الحية في المجتمع على المديين القريب والمتوسط المدى، وعملية تحصين المجتمع ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً توازي في أهميتها معارك الميدان. فهل نربح الرهان؟ سؤال ستجيب عنه تطورات الأيام والأشهر المقبلة…

عميد في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى