مئة عام من العلاقات الصهيونية الأميركية.. الفيتو «حق» أم عدوّ سافر!

سماهر الخطيب

إنّ الحرص الذي أبدته الولايات المتحدة الأميركية على «إسرائيل» نابع من الخوف على مصالحها، حيث قامت بتوظيف وسائل سياسية عديدة لتحقيق هيمنتها على النظام الدولي، بتطويع المنظمات الدولية على تحقيق أهدافها بعد تغليفها برداء الشرعية الدولية، واستعمال هذه المنظمات كوسائل منفذة لتطلعاتها في السيطرة على مجمل التفاعلات الدولية.

وبالتالي هيمنت بصورة غير مباشرة على التدخل في المبادئ والقواعد الأساسية الخاصة بإنشاء المنظمات الدولية.

وخلال مراحل إنشاء منظمة «الأمم المتحدة» مثلاً كانت تعي تماماً ما تريده من تلك المنظمة والشكل الذي تريد عليه التنظيم الدولي المرتقب والمتتبع لمسيرة إنشاء المنظمة، حيث كانت لها الكلمة العليا خلال المشاورات التي جرت بين الدول الكبرى لإنشاء المنظمة.

وهي التي وضعت المقترحات الأساسية والجوهرية المتعلقة بتصميم التنظيم الدولي الجديد بما يتماشى تماماً مع الغايات والمصالح الأميركية، كما أنّ إقرار حق الفيتو للدول الكبرى كان مطلباً أميركياً أيضاً، وبذلك اتضحت بوادر الهيمنة الأميركية على المنظمة الأممية منذ البداية.

وعذراً هنا على سبيل سلامة النظر من التكرار غير المقصود لكلمة «الفيتو»، والتي إن أرهقتنا للحظات في القراءة فإنها أرهقت شعبنا لسنوات لا تزال عجافاً بفحواها.

لقد استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو في مجلس الأمن التابع لهيئة الأمم المتحدة للحيلولة دون نص قرار وقف إطلاق النار أثناء حرب حزيران 1967 على انسحاب القوات المتحاربة إلى خطوط الهدنة السابقة.

كما استخدمت حق الفيتو ضد قرار تقدّمت به كل من الصومال وغينيا ويوغسلافيا في 10 أيلول 1972 يطالب بوقف العمليات الحربية في الشرق الأوسط بعد شكوى سورية ولبنان.

وفي 26 تموز 1973 اعترضت الولايات المتحدة على مشروع قرار تقدّمت به الهند وأندونيسيا وبناما وتانزانيا ورومانيا وفي 23 كانون الثاني ينصّ على حق الشعب الفلسطيني في ممارسة حق تقرير المصير وفي إقامة دولة حرة في فلسطين وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وضرورة انسحاب «إسرائيل» من الأراضي المحتلة منذ حزيران 1967.

وفي 25 آذار 1976 استخدمت الفيتو ضدّ قرار تقدمت به مجموعة من دول العالم الثالث يطلب من «اسرائيل» الامتناع عن أي أعمال ضد السكان العرب في الأراضي المحتلة.

استخدمت الفيتو أيضاً ضدّ قرار تقدّمت به كل من غويانا وباكستان وبناما وتانزانيا في 29 حزيران 1976 يؤكد حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة إلى وطنه وحقه في الاستقلال والسيادة.

وفي 30 نيسان 1980 استخدمت الفيتو ضدّ مشروع قرار تقدمت به تونس ينص على ممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة. وفي اليوم نفسه، استخدمت الفيتو على مشروع قرار تقدّمت به باكستان باسم «المؤتمر الإسلامي» ينص على إشراك منظمة التحرير الفلسطينية في المناقشات بحقوق العضو نفسه في الأمم المتحدة.

كما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو ضد مشروع قرار يقضي بفرض عقوبات على «اسرائيل» لضمها مرتفعات الجولان السورية في 20 كانون الثاني 1982.

وفي 25 شباط من العام نفسه استخدمت أيضاً الفيتو على مشروع قرار أردني يطالب السلطات المحلية في فلسطين لممارسة وظائفها وإلغاء كل الإجراءات المطبقة في الضفة الغربية. وفي 20 نيسان من العام نفسه استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار عربي بإدانة حادث الهجوم على المسجد الأقصى.

كذلك في 9 حزيران من العام ذاته استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار إسباني بإدانة الغزو «الإسرائيلي» للبنان. وفي 25 من الشهر نفسه للعام نفسه استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن بشأن لبنان.

كما فشل مجلس الأمن في إصدار قرار يؤكد أن نصوص اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تطبق على الأقاليم المحتلة في لبنان، في 6 أيلول 1984 بسبب اعتراض الولايات المتحدة.

وفي 11 آذار 1985 استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد مشروع قرار لبناني في مجلس الأمن يدين الممارسات «الإسرائيلية» في الجنوب اللبناني. وفي 13 أيلول من العام نفسه استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار مجلس الأمن بإدانة الممارسات «الإسرائيلية» القمعية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

واستخدمت الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يطالب «إسرائيل» بسحب قواتها من لبنان، في 17 كانون الثاني 1986.

وفي 30 من الشهر نفسه والعام نفسه استخدمت الفيتو ضد مشروع قانون لمجلس الأمن يدين الانتهاكات «الإسرائيلية» لحرمة المسجد الأقصى ويرفض مزاعم «إسرائيل» باعتبار القدس عاصمة لها.

كما أنها في 7 شباط من العام نفسه استخدمت الفيتو في مجلس الأمن لمنع إصدار قرار يدين اختطاف «إسرائيل» لطائرة الركاب الليبية.

فيما استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يستكر الاعتداءات «الإسرائيلية» على جنوب لبنان ويطالبها بوقف جميع أعمال التعدّي على الأراضي اللبنانية وجميع الإجراءات ضد المدنيين وذلك في 18 كانون الثاني 1988.

وفي 1 شباط من العام نفسه استخدمت الفيتو ضد اقتراح في مجلس الأمن يطالب بالحدّ من عمليات الانتقام «الإسرائيلية» ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

لتستخدم الفيتو أيضاً في 15 نيسان من العام ذاته ضد قرار لمجلس الأمن يدين «إسرائيل» لاستخدامها سياسة القبضة الحديدية تجاه الانتفاضة الفلسطينية في الأراضي المحتلة في أعقاب طردها 8 فلسطينيين.

وفي 10 أيار من العام نفسه أيضاً استخدمت الفيتو لنقض مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لإدانة الاجتياح «الإسرائيلي» لجنوب لبنان.

وفي 14 كانون الأول للعام ذاته استخدمت الفيتو لمنع استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإدانة الاعتداء «الإسرائيلي» الجوي والبري على الإراضي اللبنانية.

أما في 1 شباط 1989 أوقفت الولايات المتحدة جهود مجلس الأمن الدولي لإصدار بيان يسجل رفضه لممارسات «إسرائيل» في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويدعوها إلى الإلتزام باتفاقية جنيف الخاصة بحقوق المدنيين في زمن الحرب.

وفي 18 من الشهر نفسه للعام 1989 استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي بإدانة «إسرائيل» لانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

وكذلك في 9 حزيران من العام نفسه استخدمت الفيتو في مجلس الأمن ضد مشروع قرار لدول عدم الانحياز يدين «إسرائيل» لسياستها القمعية في الأراضي المحتلة.

وفي 7 تشرين الثاني من العام ذاته استخدمت الفيتو للاعتراض على قرار مجلس الأمن يدين الممارسات «الإسرائيلية» في الأراضي المحتلة.

وفي 1 حزيران من العام 1990 استخدمت الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن قدمته دول عدم الإنحياز لإرسال لجنة دولية إلى الأراضي المحتلة، لتقصي الحقائق حول الممارسات القمعية «الإسرائيلية» ضد الشعب الفلسطيني.

وعليه فقد سعت أميركا بسبب ضعف منظمة الأمم المتحدة وهيئاتها الدولية إلى تحقيق أهدافها من خلال توفير غطاء من الشرعية الدولية على الأنشطة العسكرية والعقوبات الدولية التي تقوم بها، كما أضحت الأجهزة الرئيسية في المنظمة ولا سيما مجلس الأمن أدوات لتنفيذ السياسة الصهيوأميركية.

وما قاله وزير الخارجية الأميركية جيمس بيكر: «إنّ استخدام الأمم المتحدة لم يكن نتيجة التزام قوى بفكرة التعددية الدولية، بل كان نتيجة إدراك عميق لفكرة الاستفادة من الأمم المتحدة كوسيلة للقيادة الأميركية» خير دليل.

ولا زال الفيتو «حق» غاشم وعدو سافر…

يتبع…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى