هجوم واسع للمقاومة على جرود عرسال وتحرير مساحة كبيرة من قبضة الإرهابيّين وقتل وجرح العشرات

في وقت قياسيّ لم يتعدَّ الساعات القليلة، انهارت التنظيمات الإرهابية في جرود عرسال أمام القوّة الناريّة والميدانية للمقاومة التي تمكّنت من تحرير مساحة واسعة من الأراضي التي كان يحتلّها الإرهابيّون في المنطقة ورفعت راياتها على مراكزهم بعد تكبيدهم خسائر فادحة في الأراوح. وسط ارتياح أهالي بلدة عرسال لهذه التطوّرات الميدانية وإشادات سياسية بالعمليّة وأهدافها وثناء على المقاومة.

وكانت عملية التحرير بدأت فجر أمس بغارات جويّة كثيفة للطيران الحربي السوري على مواقع عناصر «جبهة النصرة» الإرهابيّة، ترافقت مع قصف عنيف من مدفعية وصواريخ المقاومة لتجمّعات ونقاط انتشار المسلّحين في مرتفعات «الضليل» و«تلّة الكرة» و«تلّة العلم» في جرود فليطة في القلمون الغربي. كذلك، استهدفت تجمّعات ونقاط انتشار وتحصينات مواقع «النصرة» في «ضهر الهوى» وموقع «القنزح» ومرتفعات «عقاب» ووادي «الخيل» حيث يتمرّكز مسؤول «النصرة» أبو مالك التلّي و«شعبة النحلة» في جرود عرسال.

وأفاد الإعلام الحربي، أنّ مقاتلي المقاومة سيطروا بعد 6 ساعات من القصف المدفعي والصاروخي العنيف على مساحات واسعة من الجرود كان يشغلها المسلّحون من أصل 400 كيلومتر مربع تمتدّ من الكسارات حتى جرود رأس بعلبك القاع، وسط تقدّم وتمركز جديد للمقاومة في تلال البركان ومحيطها في جرود فليطة، مع تسجيل سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف مسلّحي «جبهة النصرة».

وأشار الإعلام الحربي التابع للمقاومة في بيان، إلى «أنّ الهجوم انطلق من محورين في اتجاهات متعدّدة لكلّ محور، الأول من بلدة فليطة السوريّة في اتجاه مواقع «جبهة النصرة» في جردها في القلمون الغربي، والثاني من جرود السلسلة الشرقية للبنان الواقعة جنوب جرد عرسال مسيطر عليه منذ 2015 في اتجاه مرتفعات وتحصينات إرهابيّي «النصرة» شمال وشرق جرد عرسال»، وأعلنت قيادة العمليّات في المقاومة، «أنّ لا وقت محدّداً للعملية، وهي ستتحدّث عن نفسها وستسير وفقاً لمراحل تمّ التخطيط لها».

وتراجعت حدّة القصف على مواقع الإرهابيّين بعد الظهر، لتعود وتعنف عصراً مع تقدّم ميداني للمقاومة التي تمكّنت من السيطرة على موقع ضهرة الهوة، أهم المواقع في جرد عرسال، ونزعت راية «جبهة النصرة» من الموقع وغرست راية المقاومة. وتأتي أهميّة الموقع لفتح الطريق امام التقدّم باتجاه وادي الخيل ووادي الدب.

وفي موازاة ذلك، رفع الجيش اللبناني جهوزيّته واستقدم التعزيزات الأمنيّة بهدف إحكام الطوق في شكلٍ كامل على أطراف بلدة عرسال وفي داخلها ومحيط المخيمات لمنع أيّ تسلّل وبهدف حماية المدنيّين داخل البلدة، وأقفل كلّ المعابر من الجرود في اتجاه عرسال من خلال إقامته حاجزاً أمنيّاً طويلاً يفصل بين الجرود وعرسال من جهة، ومخيمات النازحين من جهةٍ أخرى. واستهدف مجموعة إرهابيّة حاولت الفرار في اتجاه عرسال.

أمّا الوضع في بلدة عرسال فكان طبيعيّاً، وأنشأ الجيش ممرّاً لخروج النازحين من المخيمات الموجودة في مناطق الاشتباكات في عرسال، بحيث سهّلت عناصره مرور نازحين من النساء والأطفال إلى عرسال من مخيّم مدينة الملاهي القريب من مراكز المسلّحين بإشراف مندوبين من الأمم المتحدة.

وعلى خط إخراج النازحين من المخيّمات القريبة من الاشتباكات، دعا الجيش المنظّمات الدولية الإنسانية والصليب الأحمر لمواكبة عمليّات دخول النازحين الراغبين بالخروج من المخيمات القريبة من مراكز المسلّحين. وعقد اجتماع مع الصليب الأحمر لتنسيق دخول النازحين إلى عرسال.

وأكّد الصليب الأحمر اللبناني، «أنّه في حال استنفار»، مشيراً إلى «أنّه وضع خطة احترازيّة في حال حصول أيّ طارئ في معارك الجرود»، نافياً «وقوع إصابات حتى الآن في بلدة عرسال».

وبعد ساعات من الهدوء الحذر، عادت عمليّات القصف المحدودة والمركّزة على مناطق الرهوة في جرود عرسال، بعد انضمام ما يُسمّى تنظيم «داعش» الإرهابي بقيادة موفق الجرباني الملقب بـ«موفق أبو السوس» للقتال إلى جانب عناصر «جبهة النصرة» الإرهابيّة في المعركة، وسط تواصل خروج النازحين السوريّين من نساء وأطفال وعجزة من المخيمات في مدينة الملاهي في اتجاه بلدة عرسال بإشراف الجيش اللبناني والمنظّمات الإنسانيّة الدوليّة.

من جهته، أكّد رئيس البلدية باسل الحجيري في بيان، «أنّ الوضع داخل البلدة مستقرّ، فيما النازحون السوريّون يلازمون المخيمات. وأنّ الأهالي يمارسون حياتهم العادية وسط إجراءت للجيش الذي سمح منذ بعض الوقت، عند أطراف وادي حميد لعائلات نازحة بالدخول إلى مخيماتهم».

وأشار الحجيري، إلى «أنّ الأجواء هادئة داخل البلدة حيث تُسمع أصوات القصف في الجرود، وأن هناك تنسيقاً بين البلديّة ومنظّمات دوليّة موجودة في عرسال لمواكبة التطوّرات».

وأعلن «أنّ غرفة الطوارئ التي أنشأناها لهذه الغاية التي تضمّ ممثّلين عن بلدية عرسال ومفوّضية الأمم المتحدة للّاجئين، إضافةً إلى منظمات دوليّة والصليب الأحمر في جهوزيّة تامّة».

وإذ أمل في «ألّا تطول المعركة»، أوضح «أنّ المفاوضات القائمة يبدو أنّها اصطدمت بعقدة اشتراط أبو مالك التلّي مغادرة الجرود بانسحاب حزب الله من القلمون».

وأشاد الحجيري «بوعي أهالي عرسال وسكّان المخيمات، الذي يُساهم في إبعاد المعارك عن عرسال».

إشادات

وتواكبت عمليّة تحرير الجرود مع مواقف داعمة للعمليّة وأهدافها، وفي السياق، قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: «نحن كحزب الله شاركنا في سورية لإسقاط المشروع التكفيري، ولأنّ هذا المشروع هو خطر على سورية والعراق واليمن لبنان وفلسطين والمنطقة وهو أداة لـ«إسرائيل»، ساهمنا في إسقاط هذا المشروع من البوّابة السوريّة والعراقيّة، ونحن الآن نخوض مواجهة في جرود عرسال وجرود القلمون من أجل ضرب مرتكزات ما تبقّى من هذا المشروع المطلّ على الحدود اللبنانية والموجود في جوار بعض بلداتنا، التي تحتاج أن تتحرّر من هؤلاء المعتدين المحتلّين، سواء كان أهلنا في عرسال أو منطقة البقاع بشكلٍ عام، وهذه حلقة في سلسلة بدأت بتحرير القلمون ثمّ بعد ذلك بتحرير الزبداني ومضايا، والآن تستكمل كجزء لحماية كلّ الحدود اللبنانية من الناحية الشرقية ليطمئنّ اللبنانيّون ويواجهوا هذا الخطر الذي برز بمفخّخاته وتفجيراته وعدوانه على اللبنانيّين وعلى كلّ المنطقة».

وختم: «نحن الآن في مواجهة لضرب بؤرة توريد المفخّخات وتعطيل الفتنة وأحلام الإمارة، وهذا امتداد لجغرافيا حماية لبنان وحماية مشروع المقاومة».

وعلّق رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني وزير المهجرين، طلال أرسلان، عبر حسابه على «تويتر» على معركة جرود عرسال، قائلاً: «قلبُنا مع الجيش اللبناني والمقاومين الأبطال في معركة جرود عرسال… والنصر حليفهم بكلّ تأكيد…».

وقال النائب اميل رحمة في بيان: «بمناسبة إنطلاق معركة الحسم في جرود عرسال، النصر وكل الدعم لأبطال المقاومة في جرود عرسال لإنقاذ لبنان من خطر الإرهاب التكفيري».

وأشار إلى أن «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة تبقى المعادلة الذهبية التي تعيشها المنطقة، الأمر الذي يجعلنا نستعيد عرسال بلدتنا الحبيبة إلى حضن الوطن».

وأثنى الوزير السابق خليل الهراوي على «دور وحدات الجيش اللبناني وجهوزيّتها في حماية أمن عرسال وأهلها وتالياً لبنان، لا سيّما مع انطلاق معركة جرود عرسال».

وقال «إنّ عملية تحرير الجرود من الجماعات الإرهابيّة المتناحرة في ما بينها، لا بُدّ منها لقطع أوصال تلك الجماعات مع مخيّمات اللاجئين السوريّين المتواجدة في عرسال ومنها إلى الداخل اللبناني، والتي كان الجيش اللبناني قد دهمها وطوّقها ورفع عليها اليوم العلم اللبناني حماية للمدنيّين العُزَّل».

وختم: «لعلّ الغطاء السياسي الكامل الذي أمّنته الحكومة للجيش اللبناني يزيد من أهميّة المهمّة المرتقبة له في التصدّي للإرهابيين والضرب بيد من حديد لحماية أمن لبنان واللبنانيّين».

وأشاد رئيس المجلس العام الماروني، الوزير السابق وديع الخازن، بـ«الوقفة الوطنيّة الجامعة في وجه الإرهاب على الحدود الشرقية».

وقال في تصريح: «لم يسبق، في تاريخ لبنان المعاصر، أن اتّخذت السلطة السياسية العليا موقفاً متضامناً لا لبس فيه، يمثّل الغطاء الكامل لجهوزيّة الجيش وإطلاق زناده لمواجهة العصابات الإرهابيّة في جرود عرسال ممّن دأبوا على عمليّات التفجير والتخريب، وبثّ الفتنة والفرقة بين أبناء الوطن الواحد تحت شعارات وادّعاءات أقلّ ما يقال فيها إنّها باطلة بطلاناً مطلقاً في أفهام المواطنين».

وإذ حيّا الخازن «جيشنا الباسل في موقفه المشرف والحازم بردّ الأذى عن عرسال ومخيمات النازحين السوريّين من حولها، وصدّ أيّ محاولة لخرق أمن الحدود الشرقية»، حيّا في الوقت نفسه «المقاومة الوطنيّة التي تطارد فلول هذه التنظيمات الوحشيّة بدعم جويّ سوريّ، للتخلّص من البقايا التي استمرت تعيث قتلاً وتخريباً وانتهاكاً لكلّ الأعراف الدوليّة وهتك الحرمات».

وختم الخازن: «هنيئاً لنا، هذه المرّة، بهكذا جيش ومقاومة على نحو الوقفة الوطنيّة الثابتة التي تجسّدت بالتضامن بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي، ورئيس الحكومة سعد الحريري، والتي تعكس أمام العالم أنّ لبنان واحد في مواجهة أخطر النزعات الخارجة عن القوانين الدوليّة، والتي انخرط حزب الله في مواجهتها منذ اندلاع الحرب الإرهابيّة على سورية».

ودعت الهيئة الوسطى للحزب الشيوعي اللبناني في بعلبك الهرمل في بيان، «المواطنين إلى الوقوف مع الجيش اللبناني في وجه المجموعات الإرهابيّة المنتشرة في جرود عرسال، وإلى اعتبار مواجهة الإرهاب قضيّة وطنيّة تعني الجميع».

وهنّأ رئيس لقاء علماء صور ومنطقتها الشيخ علي ياسين العاملي في تصريح، «الشعب اللبناني على نعمة وجود جيشه الوطني ومقاومته الشريفة، اللذان يخوضان اليوم معركة تطهير الحدود من الجماعات الإرهابيّة»، مشيراً إلى أنّ «تحرير جرود عرسال من الجماعات الإرهابيّة هو إكمال لمسيرة التحرير من الإرهاب الصهيوني عام 2000 وحماية لبنان كما حصل عام 2006، وتحصين للوطن»، معتبراً أنّ «هزيمة التكفيريّ اليوم في جرود عرسال هي هزيمة للمشروع الصهيوأميركي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى