ثلاثة ملايين شخص يتنقّلون بواسطته يومياً في أنحاء المدينة مترو طهران… إنجاز تحت الحصار

طهران ـ البناء

زائر طهران، لا يتمّم الزيارة، ما لم يتعرّف إلى بعض معالمها السياحية، وإلى المشاريع الحيوية والإنجازات الاستثنائية التي حققها الإيرانيون على أكثر من صعيد، متجاوزين كلّ تحديات الحصار المطبق على بلدهم وكلّ العقوبات الغربية الخانقة.

وأمام ما يراه من عمران ومشاريع ومؤسّسات وصروح علمية ومدارس، ونظام وانتظام، وقوانين مرعية ونظافة وبيئة، يدرك زائر هذا البلد أنّ الشعوب حين تمتلك الإرادة والعزم والتصميم تكسر المستحيل، وبهذه الإرادة تقدّم الإيرانيون ببلدهم، عمراناً واقتصاداً وصناعة وتطوراً وازدهاراً.

لقد حققت إيران إعجازاً بالاعتماد على الذات وتخطّي الحصار وشتى أنواع العقوبات، ذلك أنّ الحصار الذي فُرض عليها لا بدّ أن يؤدي إلى إحدى نتيجتين، لا ثالث لهما، إما الانهيار على المستويات كافة، أو التسليم بمشيئة القوى التي تحاصر إيران، لكنْ ثمة خيار أوحد ترسخ ولم تتزحزح عنه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهو خيار الصمود والمواجهة، وقد انتصر هذا الخيار، بأقلّ من كلفة الانهيار أو التسليم بمشيئة الأعداء.

في الحديث عن الصمود بمواجهة الحصار والعقوبات، تحضُر المشاريع الكبيرة التي تمّ إنجازها خلال سنوات الحصار، وفي العاصمة طهران التي تشهد حركة لا تهدأ، يستوقفك «مترو طهران» الذي افتُتح عام 1999، وهو على عمق 30 متراً تحت الأرض. إنه عاصمة الظلّ التي لا يغيب عنها الضوء ولا تتوقف فيها الحياة، فهو يضمّ أسواقاً عامة ومحال تعجّ بالزائرين. ويستقبل المترو ثلاثة ملايين شخص يتنقّلون بواسطته يومياً في كلّ أنحاء طهران كونه يعتبر نظام نقل سريع، علماً أنّ المحطات المشغلة حتى الآن لا تتجاوز الخمس، وهناك ثلاث محطات أخرى تنتظر وهي ستصبح جاهزة قريباً، ما يرفع عدد المستفيدين من خدمة التنقل يومياً نحو خمسة ملايين شخص.

خط النقل الذي يستخدم يمتدّ على طول مئة وخمسين كيلومتراً، ويتألف من أربعة مسارات بمجموع 85 محطة، ومن المتوقع بحسب أحد المسؤولين في المترو سيد أكبر مهرابي أن يصل طول الخطوط إلى 250 كيلومتراً، الأمر الذي من شأنه أن يقلّل من حالات الازدحام التي تشهدها العاصمة طهران.

وللتعرّف أكثر على حركة «مترو الأنفاق»، لا بدّ من دخول إحدى غرف التحكُّم لاستبيان الصورة الكاملة. فغرفة التحكم كناية عن مكان يتسّع لشاشات كبيرة موصولة بكاميرات مثبتة في مئات النقاط، وعند بوابات الدخول العديدة وفي كلّ غرفة تحكم، هناك موظفون بالعشرات يراقبون الشاشات ويزوِّدون العناصر المنتشرة بأيّ حادث يحصل. كما أنّ غرف التحكم متصلة بمركز رئيسي للمراقبة يحفظ كلّ الصور، ويدقق في كلّ أمر، ويعالج كلّ طارئ أمني.

يساهم «مترو الأنفاق» في تسهيل انتقال الأشخاص وهناك ميزات خاصة للطلاب وذوي الاحتياجات الخاصة، وللعسكريين أيضاً، وهناك تذكرة تنقل يومية وأخرى شهرية.

تتولى إدارة هذا المرفق العام، إدارة عامة مُنشأة من قبل بلدية طهران، ومؤلفة من مدير عام ونائب مدير عام، وهيئة إدارية، وعديد يفوق المئات بين رجال شرطة بلدية، واختصاصيين ومهندسين ومراقبين.

يتمتع «المترو» في طهران بأحدث التجهيزات التي تكفل تأمين التهوئة النظيفة له، وكذلك الإضاءة وهذه التجهيزات مُصنَّعة إيرانياً، و«مترو الأنفاق» جرى تنفيذه مع انتصار الثورة الإسلامية، وقد بذلت جهود استثنائية لإنجازه، في حين أنّ فكرته سبقت الانتصار.

وإلى التجهيزات فإنّ المترو يتمتع بمواصفات عالية تجعله محصّناً في مواجهة الزلازل والهزات الأرضية، ويتطلع القيّمون على هذا المرفق وصله قريباً بسائر المحافظات الإيرانية، علماً أنّ «مترو الأنفاق» يُستخدم في أربع مدن إيرانية، إضافة إلى العاصمة طهران.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى