الزمن الجديد على إيقاع انتصارات المقاومة

مروان فارس

ما تحقق في الأيام الأخيرة من نجاحات وانتصارات متتالية في جرود عرسال على المجموعات الإرهابية يؤكد أنّ هناك قراراً حاسماً بالقضاء على الإرهاب، وهذا القرار يندرج في سياق الانتصارات الكبيرة التي تحققت عام 2000 وعام 2006، ما يعني أنّ زمناً جديداً بدأ يرتسم في سياق الصراع الكبير الدائر في المنطقة، كما أنّ سحق الإرهاب في جرود عرسال يشكل بداية عصر جديد، وترجمة في الميدان لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي أكد في مناسبة «يوم القدس»: «هذه المرة الأخيرة التي سأتكلم فيها عن جرود عرسال».

على الصعيد الميداني، فإنّ هزيمة المجموعات الإرهابية عسكرياً تعني أيضاً الهزيمة على المستوى الايديولوجي لهذه التنظيمات الإسلاموية، والتي لا علاقة لها بالإسلام فكراً ومنهجاً، كما أنّ الانتصار على الإرهاب والذي في سبيل تحقيقه يرتقي الشهداء، هو انتصار للقيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.

إنّ نتائج المعركة لا تقتصر في القضاء على الإرهاب في النهج والفكر، بل إنّ نتائجها تنعكس على الصعيد اللبناني، بأنها تضع حداً للأفكار المتزمّتة التي يجدها البعض مادة دسمة لاستخدامها وتوظيفها في التحريض الطائفي. ومن هنا لا بدّ من الإشارة الى انّ التكفير بمعناه المتشدّد لا يقتصر على بعض المجموعات، بل تجسّده كلّ الفئات التي راهنت على الإرهاب من أجل إحداث تغيير في المنطقة ورسم خريطة جديدة، ولكن الخريطة الجديدة بدأت ترسمها المقاومة ومحورها بعد سلسلة الإنجازات الميدانية. وهذا يعني أنّ زمناً مغايراً للزمن القديم الذي كانت تنتصر فيه «إسرائيل» من دون رادع من أحد.

مما لا شك فيه أنّ سقوط الحالة الإرهابية هو سقوط للمشروع «الإسرائيلي» في المنطقة كلها، وما تحققه المقاومة في جرود عرسال هو امتداد لانتصارها في العام 2006 على «إسرائيل»، وبالتالي فإنّ الحرب على الإرهاب في جرود عرسال، هي حرب بالنيابة عن العالم. فالإرهاب الذي يحتلّ جرود عرسال هو نفسه الإرهاب الذي يضرب ويفجّر في أوروبا، وبالتالي إنّ انتصار المقاومة على الإرهاب في جرود عرسال يجب أن يتلقفه العالم بإيجابية لأنه يساهم في تخليصه من هذا الخطر الوجودي.

هزيمة الإرهاب في جرود عرسال هزيمة للإرهاب الذي استهدف باريس ولندن… وهو انتصار للقدس وانتصار لفلسطين. وما يحصل على بوابات المسجد الأقصى هو الإرهاب بحدّ ذاته، والبوابات التي يحاول العدو إغلاقها، أعاد الفلسطينيون فتحها بموقفهم المقاوم من خلال صمودهم وثباتهم، فقهروا إرهاب العدو من خلال إسقاط البوابات الإلكترونية التي حاول العدو فرضها أو من خلال العمليات البطولية الأخيرة التي نفذها أبناء شعبنا الفلسطيني والتي كسرت منظومة الأمان الصهيونية.

لا يجب النظر الى انتصار عرسال على أنه مجرد نصر في معركة، بل هو نجاح كبير لمشروع المقاومة ونهجها التصاعدي، وهذا ما يحتّم على بعض اللبنانيين الذين لم يقتنعوا حتى الآن أن يتأمّلوا ويدركوا أهمية الإنجاز الميداني في جرود عرسال. فالمقاومة والجيش معاً يخوضان معركة لبنان كلّه. وهذا الأمر عبّر عنه فخامة الرئيس ميشال عون عندما أعلن بأنّ «معركة المقاومة في عرسال هي معركة المقاومة في لبنان من أجل لبنان كلّه». المقاومة تخوض معركة جميع اللبنانيين بمختلف مذاهبهم وانتماءاتهم، وخير دليل على ذلك موقف أهالي البقاع بمختلف شرائحهم الاجتماعية، حيث حملات التبرّع بالدم للجيش والمقاومة تنطلق من الكنائس والمساجد.

عضو الكتلة القومية الاجتماعية في البرلمان اللبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى