أيها المشككون… الصهاينة ليسوا بحاجة للذرائع

رامز مصطفى

عملية الأقصى التي نفذها ثلاثة من أبناء شعبنا في المناطق الفلسطينية التي اغتصبها العدو الصهيوني عام 1948، وتحديداً من مدينة أمّ الفحم، هي وإنْ كانت ليست الوحيدة التي ينفذها مقاومونا من أراضينا هناك، ولكنها الوحيدة التي أثير حولها هذا الكمّ من الأسئلة والتساؤلات، وصل البعض منها إلى حدّ التشكيك بها، من حيث التوقيت والمكان والدوافع؟ ليس من المهمّ استعراض ما قاله المؤيدون عن تلك العملية البطولية، عن هؤلاء الفتية الذين آمنوا أن لا مكان لمقولة العين لا تقاوم المخرز، وآمنوا أيضاً وبكلّ ثقة، لا يضيع حق وراءه مطالب، فكيف إذا كان المطالب مقاوم بكلّ جدارة.

المشكّكون انطلقوا من حجج لا تمتّ للواقع بأية صلة، ولا أساس لها لا من الصحة، بل هي تعطي الاحتلال المبرّرات الكافية للمضيّ في سياساته التعسّفية الإجرامية بحق القدس والمسجد الأقصى وأهلنا الصامدين هناك. ولم يدرك هؤلاء أنّ الاحتلال وقادته وعلى مرّ العقود السبعة الماضية من عمر النكبة والقضية لم يكونوا في انتظار أيّ مبرّر، بل ما أقدموا عليه على مدار تلك العقود يدلّل بما لا يدعو للشك أنّ هذا المغتصب وعصابات مستوطنيه قد ارتكبوا أفظع الجرائم والمجازر التي لم يعرف التاريخ المعاصر مثيلاً لها، بل هذا العدو وعصاباته عملوا حثيثاً من أجل تصفية العناوين الوطنية للقضية الفلسطينية، وهم الذين وظفوا اتفاقات «أوسلو» عام 1993 خير توظيف لمصلحة فرض وقائعه في تهويد القدس والمسجد الأقصى، وفي الاستيطان الذي يلتهم الأرض الفلسطينية في القدس والضفة، ويعمل على عبرنة مدننا وقرانا وشوارعنا ولغتنا، ويسجن في زنازينه الآلاف من الأسرى والمعتقلين، ويُقدم على الإعدامات الميدانية لنشطاء شعبنا، والاستمرار في حصار قطاع غزة وتجويع أهله هناك، وبالتالي ما سنّه من عشرات القوانين العنصرية بهدف تمرير وفرض رؤيته حول «يهودية الدولة».

وبعد هذا الاستعراض السريع، فما الذي أضرّت به عملية الأقصى البطولية وألحقته بالقضية الفلسطينية؟ وما هي المسوغات التي أمدّت به تلك العملية للعدو الصهيوني لكي يذهب بعيداً في سياساته وإجراءاته بحق القدس والمقدسيين والمسجد الأقصى؟

على هؤلاء المشككين أن يدركوا أولاً وأخيراً أنّ العملية جاءت رداً على المسلسل الطويل لتلك الجرائم والإجراءات التعسفية التي يُقدِم عليها العدو الصهيوني. وقد يذهب الذين ارتضوا لأنفسهم وأقلامهم أن يتحوّلوا منابر للذمّ والتشكيك بالعمل المقاوم للفلسطينيين، إلى القول إنّ البوابات الالكترونية هي نتيجة مباشرة لتلك العملية، وقد تناسوا أنّ الاحتلال ومنذ زمن يسعى ويجهد من أجل تركيب كاميرات لمراقبة أهلنا والمصلين في المسجد الأقصى. ونحن لا نرى فيها إلاّ ذريعة واهية في السلسلة الطويلة من تلك الإجراءات الهادفة إلى السيطرة زمانياً ومكانياً على المسجد الأقصى، وتكريس أنّ القدس عاصمة أبدية لكيانهم الغاصب، ولا مكان للشعب الفلسطيني في هذه المدينة التي يرد أهلها اليوم كما بالأمس وكما في الغد، أنّ القدس الواحدة الموحدة هي عاصمة الدولة الفسطينية طال الزمن أم قصر.

وختاماً هذه الملاحظة: العدو الصهيوني يعمل دوماً على استدراجنا إلى مربّعاته. لذلك يجب أن لا تكون معركة إزالة البوابات الالكترونية على مداخل المسجد الأقصى هي النهاية، بل معركتنا مستمرة حتى طرد الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية المغتصبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى