ترامب يهدِّد اللبنانيين في حضرة الحريري

حسين حمّود

أمام الوفد اللبناني الرفيع برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، أدلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأعنف وأسوأ مواقف ضد حزب الله في وقت يخوض الأخير، مدعوماً بغطاء شعبي شبه جامع، حرب تحرير لبنان من الجماعات الإرهابية واستعادة سيادة الدولة على جرود عرسال ودفع أذى الجماعات المذكورة عن اللبنانيين جميعاً، وقد عاشوا ويلاتها في في محطات كثيرة تعرّضوا فيها للمدنيين، كما للجيش اللبناني، بعشرات الجرائم الوحشية التي ما زالت آثارها وبصماتها في الأحياء الشعبية وحواجز الجيش في أكثر من محلة.

لم يجرؤ رئيس الحكومة على الردّ على السيد الأميركي ولو مواربةً، خصوصاً أن الثاني أطلق هذه المرّة تهديدات مبطنة وصريحة ضد المقاومة تُضاف إلى تهديدات كبار المسؤولين الأميركيين في الآونة الأخيرة، قد تصل إلى عدوان عسكري أميركي مغطى بعدوان «إسرائيلي» على لبنان بذريعة أن حزب الله يهدّد أمن المنطقة، و لا سيما أمن الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة. وهذا ما ألمح إليه ترامب في المؤتمر الصحافي المشترك مع الحريري عقب لقائهما أول من أمس في البيت الأبيض.

الحريري المعجَب بترامب، تناسى سيادة بلده، وهو لم يُبدِ خلال المحادثات مع ترامب أي اعتراض على دخول «إسرائيل» على خط تنامي قدرات المقاومة القتالية، باعتبار هذا الأمر شأناً لبنانياً داخلياً، ولم يُعِرْ شأناً لموقف الدولة الرسمي وفي مقدّمها رئيس الجمهورية ميشال عون الحليف الأساسي لحزب الله ويمحضه الدعم الكامل في معاركه ضد الإرهاب.

وبدا لافتاً تركيز ترامب والحريري معاً على محاربة «داعش» من دون «جبهة النصرة» التي تحاربها المقاومة الآن الأمر الذي فسّرته مصادر سياسية بأن «النصرة» يجري استخدامها في المناطق التي تحتلها، كشوكة في خاصرة المقاومة ولو على حساب سيادة لبنان واحتلال الإرهابيين جزءاً من أراضيه.

وهذا ما يُظهر خلفيات الحملة المسعورة التي شنّها تيّار «المستقبل» ضد المقاومة ورفضه تحرير الأخيرة الأرض المحتلة في السلسلة الشرقية، وذلك قبل بضع ساعات من دخول الحريري إلى البيت الأبيض، فجاء بيان «المستقبل» بمثابة أوراق اعتماد لرئيس التيّار لدى السيِّد الاميركي وموافقة مسبقة على كل ما يقرِّره لاحقاً بشأن لبنان.

وترى المصادر، تبعاً لذلك، أن لبنان أمام مخاطر جدّية ومحطّات تصعيدية صعبة، إذا لم تستعِد القوى الوطنية المبادرة وتعمّق التحالفات بينها على المستويات كلّها، ولا سيّما في الحكومة والمجلس النيابي ومواجهة أي تراخٍ في السلطة يُضرّ بالمصالح الوطنية العليا، كجبهة واحدة موحّدة في المسار والمصير.

فقد بدا أن الحريري لم يستمع ولم يأخذ بنصيحة المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيّد الذي أوصى الأول قبل لقائه ترامب في واشنطن بألاّ يقول له سرّاً «أنّك معه ولا تشجّعْهُ ضد المقاومة! هيدا بنُصّ عقل، إذا صدّقك بيدَهْورك وبيدهْوِر البلد معك».

على عكس ذلك اختتم الحريري لقاءه مع ترامب بتدوين كلمة في السجل الذهبي للبيت الأبيض، تعبّر عن مدى هُيام الحريري بـ»سيّد العالم» الذي منحه «الشرف العظيم» بلقائه. وقال الحريري «اللقاء مع الرئيس دونالد ترامب كان شرفاً عظيماً لتقدير قيادته وقيادة الولايات المتحدة في العالم».

«الشرف العظيم» الذي ناله الحريري جاء خلال دوس الرئيس الأميركي السيادة اللبنانية على الطريقة «الإسرائيلية» تماماً، من دون أي حساب لنا، نحن اللبنانيين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى