مختصر مفيد حزب الله قوّة غيّرت وجه الشرق الأوسط

عندما يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن حزب الله مصدر خطر على لبنان والشرق الأوسط، فهذا يعني بقراءة أميركية و إسرائيلية متطابقة أن حزب الله قوة لم تغيّر وجه لبنان فقط، بل وجه الشرق الأوسط، فما يريد قوله ترامب بعيداً عن المشاعر والأوصاف هو أن لبنان الذي كان ساحة وملعباً صار مهاب القوة في زمن حزب الله، وأن الحسابات للحرب على سورية وإمساك العراق وإدارة داعش فيه، ومثله اليمن قد تغيّر مع زمان حزب الله، وأن فلسطين تغيّرت في زمان حزب الله، وحتى في عمق التفكير الأميركي إيران نفسها تغيّرت وروسيا تغيّرت في زمان حزب الله.

حزب الله ليس جيشاً بل روح بثت معادلات جديدة لفهم موازين القوى وهنا قوته. ففي سورية مَن غيّر المشهد هم السوريون. وفي فلسطين مَن قاوم وصمد هم الفلسطينيون. وفي العراق مَن خاض الحرب على داعش وانتصر هم العراقيون. وفي اليمن مَن رسم معادلات القوة الجديدة هم اليمنيون. وهكذا صمدت إيران وأدارت بحنكة وشجاعة ملفها النووي، ومثلها وقفت روسيا تدافع عن حقها بالحضور الدولي كقوة عظمى. وما فعله حزب الله أنه قدّم المثال والنموذج بالجواب على سؤال هل هزيمة أميركا و إسرائيل ممكنة؟

ما فعله حزب الله خصوصاً في حرب تموز 2006 ولا يزال هو أنه يقدّم المثال والقدوة، ويرسم السقف الذي لن يتوانى المتطلّعون للحق والعدل والحرية عن السعي لمجاراته لبلوغه، ففي حرب تموز كانت وزيرة خارجية أميركا تقول إن هدف الحرب هو رسم وصياغة شرق أوسط جديد، والحصيلة هي أن حزب الله عطّل ولادة هذا الشرق الأميركي الجديد، وما دام قد فعل هذا، فلماذا يعجز عنه الآخرون الذين يشاركون حزب الله التطلعات؟ ومثلها عندما انتصر في العام 2000 وحرّر جنوب لبنان من دون تفاوض وشروط قال للفلسطينيين إن المقاومة ليست مجرد وصفة للكرامة بل للنصر أيضاً. وهذه الخلاصة كتبها الروس بعد دخولهم جمهورية أوسيتيا عام 2008 بالقول لماذا نتحسّب لتدخل أميركي لم نشهده في المكان الأسهل بوجه حزب الله، ونخشاه في المكان الصعب والأعقد معنا؟ وصار شعار العالم الحر بمفهوم الحرية الحقيقية، وليس بالمصطلح التقليدي الذي استعمله الغرب، لسنا أضعف من حزب الله وليسوا أقوى من إسرائيل ولا من أميركا.

جاء الأميركيون و الإسرائيليون ومعهم مال الحكومات الخليجية وفتاويها بالإرهاب ليكسروا سورية ويسيطروا عليها، لكنهم جاءوا بهذا الإرهاب ليكسروا أسطورة القوة التي رسمها حزب الله، وجاءت المعارك التي خاضها حزب الله منذ يوم القصير مروراً بحلب وصولاً لجرود عرسال لتقول إن الإرهاب كـ إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت، وأن تعظيم قوته حرب نفسية بصناعة أميركية لتقع الهزيمة في النفوس وتسقط، فتنتهي الحرب قبل أن تبدأ. وجاءت النتيجة في العراق تقول إن إنهاء داعش الذي وعد الأميركيون بعشرين عاماً لتحقيقه حققه العراقيون بثلاث سنوات.

حزب الله الفكرة والروح خطر على الهيمنة الأميركية والعربدة الإسرائيلية في الشرق الأوسط بل في العالم، ومتظاهرو مناهضة العولمة الذين يخرجون رافعين أعلام حزب الله يقولون ذلك. وقد قالها الراحل الكبير هوغو شافيز بعد حرب تموز للثوار البوليفاريين الذي اجتمعوا لتحرير أميركا اللاتينية ونجحوا، وقال لهم شافيز يومها لقد قال لنا حزب الله إنه لا يزال بمستطاع البسطاء والفقراء أن يعلموا المتغطرسين وأصحاب المال والسلاح درساً في صناعة الحرية والكرامة..

ناصر قنديل

ينشر هذا المقال بالتزامن مع الزميلتين «الشروق» التونسية و«الثورة» السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى