عشق الصباح

متلهف وهو يأخذها لصدره بحنوّ وشوشها، أنت كل مواسم الدنيا، وعبق عطرها، وأنت وطن. قالت: خبأت لك عطر أربعين من السنين يا الغريب. قال: لقد اختصر الله في الأنثى كل الفصول، في الشتاء هي الدفء والنبيذ وسراج ليل الحكايا، وإذا ما أمطرت من بحر عينيها لؤلؤاً أزهر اللؤلؤ ورداً. وعندما تضحك يرقص على ثغرها الجلنار، ويتفتح الورد على ضفاف خديها، يكون فصل النيروز، وشم النسيم، ويرتل سيد الطرب عبد الحليم حافظ: «أنا كل طريق بعيوني علمتو بذكرى معاك، وحياة حبك يا ناسيني، يا ريت يا حبيب أنساك». الهجران يتعبها، ويؤرق الانتظار عينيها، يسكنها الحزن المقيت، خلف نافذة الشوق تجلس ترقب سقوط أوراق الخريف؟ وإذا أقبل الصيف امتلأت جهات الأرض بعطر الحبق والياسمين. الأنثى كل الفصول. سبحان الله. الذي اختصر في الأنثى كل الفصول! يا بحر، كم يشبه وجهها أوّل وميض الضوء على الشرفات والهوى الشرقي، فيروز تمنح الصباحات ألقاً، لصباحك من يدها تصبح القهوة نبيذاً معتقاً، صباحكم عبق الهيل.

حسن ابراهيم الناصر

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى