عناوين لحروب مقبلة والمخفيّ أعظم…

بلال شرارة

وهكذا بعد تحرير حلب من المنظمات الإرهابية كرّت السبحة، فانهزم المسلحون عن أرياف حلب وهم يتراكضون هرباً أمام الحراك الهجومي للجيش السوري وحلفائه على أكثر من جبهة وصولاً الى البادية السورية، مما مكّن سلطة القرار الدولي المعنية بإعادة بعث طائر النورس السوري من زيادة مساحات مناطق تخفيف التوتر.

عراقياً، وكما هو معروف توّج الجيش العراقي ومعه الحراك الشعبي صورة حركتهما العسكرية بتحرير الموصل…

لبنانياً وسورياً تمكّن الجيش السوري وبعملية هجومية متقابلة مع حزب الله من تحرير جرود القلمون وجرود عرسال.

الإرهاب خسر نحو 60 في المئة من مناطق سيطرته حتى الآن، وسوف لا يمضي وقت طويل قبل إعلان تحرير مدينة الرقة السورية وأريافها، وإنْ كان هذا الأمر سيستدعي مستقبلاً بحث مستقبل هذه المدينة بين السلطة وقوات كردية وعربية مدعومة من الولايات المتحدة معروفة باسم قوات سورية الديمقراطية .

بعد الرقة أو في أثناء الحرب لتحريرها ستحدث المعركة لتحرير مدينة دير الزور بعد أن حوّلتها داعش قاعدة ارتكاز رئيسة لها، كما أنّ جبهة هذه المعركة ستكون أوسع لتحرير عدد من البلدات مثل بلدة الميادين التي تقع على امتداد نهر الفرات. تقول بعض مصادر المعلومات انّ المبادرة الى معركة دير الزور هي بيد الجيش السوري وحلفائه بالاستناد إلى دعم روسي، وقد بدأت طلائع الجيش السوري بالتقدّم باتجاه المنطقة من الجنوب الغربي فيما تحاول قوات سورية الديمقراطية وبدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة انتزاع المبادرة لتحرير المدينة.

– -2

كما أنّ إحدى المعارك الكبرى المنتظرة هي المعركة لتحرير مدينة البو كمال المدينة الأقرب إلى الحدود العراقية، وفي الجانب العراقي يبدو أنّ المعركة المقبلة هي المعركة المتصلة بتحرير مدينة تلعفر المتوسطة الحجم، ومن المعارك المؤجلة حتى الآن، والمتوقع اندلاعها في النصف الثاني من هذا العام المعركة حول مدينة الحويجة الريفية التي تقع في أقصى غرب المناطق التي تخضع لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي والمدينة محاطة من ثلاث جهات بقوات البيشمركة والجيش العراقي جنوباً، ومن نقاط الاعتلام والمدن التي تنتظر إنهاء الاحتلال مدينة القائم الواقعة في منطقة الأنبار الصحراوية والمحاطة بتضاريس صحراوية شاسعة حيث يعتقد أن قيادة داعش تتمركز في المدينة.

إذن لا زال هناك العديد من المعارك لاستكمال تحرير سورية والعراق من دولة الخرافة ، وكذلك تثبيت النصر في الجرود اللبنانية وعلى امتداد الحدود الشمالية اللبنانية السورية، كما على الحدود الشرقية.

يبقى كذلك أنّ المطلوب جهد استخباري عالٍ لكشف خلايا الإرهاب المنتشرة في المناطق المحرّرة، كما المناطق التي يتمّ تحريرها. وهو الأمر الذي يتطلّب جهداً عالياً لإحباط مخططات دموية عانى منها الشرق وعاش وقائع دامية من جرائها.

إنّ النصف الثاني من العام الحالي 2017 ينتظر تنسيقاً أعلى لجهود القوى المسلحة اللبنانية والسورية والعراقية، ومعها القوى الشعبية المنخرطة في المعركة، وتجاوز مسألة العداوات التقليدية والانتماءات والولاءات العابرة للحدود والموزّعة بهذا الاتجاه أو ذاك، واعتبار أنّ الجامع الراهن هو هزيمة الإرهاب بكلّ عناوينه وليس تحييد أو توحيد تلك الجماعة لاعتبارات سياسية أو ايدولوجية أو استخبارية.

الإرهاب يمثل العدو المركزي المشترك للجميع. وهو الأمر الذي يقتضي عدم السماح له بالانتقال من جغرافيا المشرق لتهديد المغرب العربي أو تعزيز مواقعه في ليبيا وتهديد جوارها.

– -3

المعركة هي واحدة في عناوين المدن السورية أو العراقية كلّها أو على الحدود مع لبنان، وكذلك الأمر في سيناء وشمالها، خصوصاً في بنغازي وطرابلس الغرب وسرت وغيرها من المدن الليبية والحدود وعمق الجزائر وكذلك تونس والمغرب وتحويل السودان لقواعد ارتكاز لحركة المنظمات الإخوانية.

يبقى أنه مهما كان من أمر فإنّ العام 2017 سيكون التاريخ الذي يسجّل نهايات كبرى للحرب العالمية الكبرى على الإرهاب في الشرق. تلك الحرب العابرة للحدود القارية والوطنية والتي احتاجت ولا تزال الى تجفيف الإمكانيات المادية والتسليحية للإرهاب وموارده البشرية.

هل يكتفي العالم مما أصاب الشرق أم أنّ الفوضى التي أحدثها الإرهاب والحرب في مواجهته ستحقق بعض أهدافها وفي الطليعة تقسيم المقسّم من الكيانات واستكمال إحباط أماني الشعب الفلسطيني وقيامة شرق أوسط جديد ، تستكمل الدول الصناعية الكبرى السيطرة على موارده البشرية والطبيعية؟

أنا أعتقد أنّ الحرب لا تزال في بداياتها، وهي تحتاج إلى أن نواجه كلّ فصولها وأسبابها ونتائجها، وليس إعادة الأمور الى نصابها بردّ المسلحين من مكان الى مكان، إذ إننا نواجه نفوذاً يرتكز على مشروعات ايديولوجية وسياسية وتنظيمية وليس مجرد حركات تمرّد عسكري.

غداً المعركة أشدّ قسوة، وهي لن تكون جغرافية بل بشرية واقتصادية. فهل أعددنا للأمر عدّته؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى