سورية: هل من تغيير في السياسة الأميركية؟

حميدي العبدالله

يتساءل كثيرون، ولا سيما بعد التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا حول المنطقة الجنوبية الغربية، عما إذا كان ثمة تغيير في السياسة الأميركية إزاء سورية. لا شك أنّ أيّ مراقب لما يجري في سورية يلحظ هذا التغيير بوضوح، ومن أبرز عناصر هذا التغيير، المعلومات والتصريحات التي أدلى بها أكثر من مسؤول في الجماعات المسلحة الناشطة عبر الحدود الأردنية، ومن خلال غرفة الموك، التي تحدثت عن أنّ الولايات المتحدة قد طلبت منهم وقف أيّ أعمال عسكرية ضدّ الجيش السوري، وأنّ أيّ فصيل يصرّ على عدم الاكتفاء بمحاربة داعش ومهاجمة مواقع الجيش السوري سيتمّ وقف الدعم الذي يقدّم له من غرفة «الموك». كما أشارت التقارير أيضاً إلى حلّ ما كان يُعرف بــ «الجبهة الجنوبية» وإعادة تشكيل الجماعات المسلحة في أطر جديدة.

لكن ليس هذا وحده الذي يشير إلى تغيير ما في الموقف الأميركي، ثمة مؤشرات أخرى على هذا التغيير، فقد نشرت صفحات المعارضة على شبكات التواصل صوراً للقاء وفد من التحالف الدولي الذي يدعم «قوات سورية الديمقراطية» للنائب في مجلس الشعب السوري محمد خير الماشي في منطقة منبج، وقد ضمّ الوفد عدداً من ضباط التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ويمكن القول إنّ هذا أوّل اتصال شبه رسمي بين قوات التحالف وبين ممثلين عن الدولة السورية، حتى وإنْ كان هذا اللقاء ليس رسمياً، ولكنه يندرج في إطار «جسّ النبض» وتهيئة الرأي العام من قبل الولايات المتحدة وقوات التحالف للاتصال رسمياً مع الدولة السورية.

كما أنّ الوفد الذي ضم محافظ الحسكة والذي زار حلب عبر الطريق البري مروراً بالريف الغربي الشمالي لمحافظة الرقة، ما كان ممكناً أن تتمّ هذه الزيارة من قبل مسؤول رسمي رفيع لولا موافقة الولايات المتحدة على ذلك، وهي الوصية على «وحدات الحماية الكردية» وعلى «قوات سورية الديمقراطية»، التي تسيطر على مناطق واسعة يمرّ منها الطريق الدولي الذي يربط حلب بالحسكة.

لا شك أنّ هذه المؤشرات، إضافة إلى اتفاق المنطقة الجنوبية الغربية بين الولايات المتحدة وروسيا، على الرغم من تدهور العلاقات الروسية الأميركية على خلفية العقوبات الأميركية ضدّ روسيا، يشير إلى تغيير ما في السياسة الأميركية إزاء سورية.

لا شك أيضاً أنّ هذا التغيير سببه التحوّلات الميدانية في مصلحة الجيش السوري وحلفائه، وأيضاً وصول العلاقات الروسية الأميركية في سورية إلى حافة المواجهة المفتوحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى