فعاليات معرض دمشق الدولي للكتاب 29 مستمرّة… الإقبال كبير وتوقيع كتب بالعشرات

بنظرة شاملة لطبيعة المجتمع السوري وثقافته، وبناء على خطط مدروسة تبدأ من اختيار عناوين الكتب المعروضة ومؤلفيها وموضوعاتها، مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع الاقتصادي المستجدّ نتيجة الحرب الإرهابية المفروضة على السوريين، سجّلت عشرات دور النشر حضورها بقوة في الدورة التاسعة والعشرين من معرض دمشق الدولي للكتاب، المقام حالياً في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق.

دور النشر المشاركة في المعرض التي زاد عددها على 140 داراً، على يقين بأنها تشارك في معرض دوليّ معروف بعراقته، وتخاطب شعباً معروفاً بثقافته الواسعة وتنوّع اهتماماته، حيث وضعت خططاً شاملة لانتقاء كتبها في المعرض وعناوينها وموضوعاتها.

دور النشر

وليد أحوش، مسؤول «دار بيسان» اللبنانية، يقول: هناك دراسة شاملة لانتقاء منشوراتنا المشاركة في المعرض بما يتناسب مع رغبة الشارع السوري. معتبراً أن الخبرة التراكمية للدار المتشكّلة نتيجة مشاركاتها الدائمة في دورات المعرض، ساهمت بشكل كبير في تحديد نوعية الكتب المعروضة.

ويؤكد أحوش أنّ الحسومات في جناح الدار وصلت إلى 50 في المئة، وأن أسعار هذه الكتب منخفضة جداً بالمقارنة مع مبيعها في لبنان. معتبراً في الوقت نفسه أن زوّار المعرض أحياناً لا يكترثون بالأسعار انطلاقاً من أن الكاتب الجيد والكتاب الجيد إذا اجتمعا مع بعضهما يجلبان المثقّف الحقيقي.

ولم تغفل دور النشر الجانب الاقتصادي في مشاركاتها بالمعرض حيث أخذته بعين الاعتبار وقدّمت عروضاً مغرية فاقت في بعض الأحيان النسب المحددة من إدارة المعرض. وفي هذا السياق يقول وكيل «دار الفارابي» اللبنانية في دمشق حبيب الضعدي: ارتفاع تكاليف الطباعة لم يمنعنا من تقديم حسومات على مبيع منشوراتنا في المعرض وصلت إلى 40 في المئة. مشيراً إلى أن المعرض يحدّد نسبة الحسومات بما لا يزيد على 25 في المئة. ولكننا آثرنا في الدار تجاوز هذه النسبة كمبادرة منّا لتحقيق مبيعات أكبر والمساهمة بدور فعّال في نشر الثقافة وتجاوز الظروف الصعبة التي تعيشها سورية.

وإذا كانت الحسومات في بعض دور النشر محدّدة عند نسبة معينة، فإن دوراً أخرى تركت المجال مفتوحاً للوصول إلى الغاية المنشودة من المشاركة في المعرض، وهو نشر العلم والمعرفة. حيث كشف عادل طربيه من «دار الأخوة» المصرية عن أن الدار منحته حقّ تخفيض أسعار الكتب لتكون رمزية، من دون الرجوع إلى الإدارة. ليتمكن أكبر عدد ممكن من الزائرين من شراء ما يرغبون به. مشدّداً في الوقت نفسه على أن نسبة الحسومات تصل في منشورات الدار إلى 50 في المئة، وذلك بعد دراسة دقيقة لنوعية الكتب والأسعار وبما يتناسب مع السوق في سورية والظروف التي تمرّ بها.

أهمية الحسومات على أسعار مبيع الكتب في المعرض في تحقيق مبيعات كبيرة لا يمكن أن تغطي على أهمية موضوعات الكتب والمنشورات وأسماء مؤلفيها. وهذا ما أكده وكيل «دار الصماء» السورية التي حرصت على عرض نحو 400 عنوان تتضمن اللغة العربية والأدب والشعر إضافة إلى الكتب الدينية والتاريخية والتعليمية، إضافة إلى منح حسومات وصلت إلى 50 في المئة على كتب الأطفال. مشيراً إلى أن هذا التنوع في الموضوعات يمنح بطبيعة الحال تنوّعاً في تركيبة الزوار الاجتماعية التي تشمل الاختصاصين كطلاب الجامعات والأدباء والشعراء والكتاب إضافة إلى تنوّعها من حيث المستوى المادي.

وكان لـ«دار بيسان» اللبنانية خطة مدروسة في انتقاء منشوراتها المشاركة في المعرض، حيث يقول أحوش إن 90 في المئة من كتب الدار لها علاقة بالمنطقة العربية كلبنان وسورية وفلسطين والعراق، ولا يوجد لدينا كتب خارج هذا النطاق الجغرافي. معتبراً أن منشورات داره تركز على المثقفين الحقيقيين.

وقال وكيل «دار الفارابي» اللبنانية في دمشق أن موضوعات الكتب ومؤلفيها تلعب دوراً كبيراً في الإقبال على المعرض. مبيّناً أن الزائر يطلب عناوين محددة يختارها بالاسم. وقد برز في هذا العام الطلب الكبير على الأعمال الكاملة للمفكر مهدي عامل، وكتاب «النزاعات المادية في الاسلام» لحسين مروة، وروايات جورجي آمادو، ودراسات فلسفية لفلاسفة عرب أو غربيين.

«دار اليقظة» ركّزت مشاركتها في المعرض بحسب صاحبها بسام أورفلي على كتب الأطفال والشباب واختصاصاتهم المتنوعة، والعمل على نشر العلم والمعرفة وعدم الاكتراث بالجانب الربحي انطلاقاً من المسؤولية المجتمعية للمساهمة في تنشئة هاتين الفئتين من المجتمع باعتبارهما أساسه.

انطلاقاً من أهمية شريحة الشباب في المجتمع السوري، حضر عدد كبير من طلاب الجامعات في دور النشر المتخصصة بالجانب التعليمي حيث يؤكد حسان العبيد مسؤول جناح «دار الأنوار التعليمية» المختصة بالخدمات الجامعية أن أغلب زوارها هم طلاب الجامعات الطبية والآداب باختصاصاتها المختلفة الذين يحصلون على حسومات تصل إلى خمسين في المئة لتناسب الأسعار جميع المستويات المادية للطلاب السوريين.

الحسومات وعناوين المنشورات وأسماء مؤلفيها تكاملت جميعها مع مكان إقامة المعرض في مكتبة الأسد الوطنية لتحقيق إقبال كبير من الزوار والمهتمين على أجنحة المعرض متنوعة الجنسيات بين سورية وعربية وأجنبية. حيث أكد مسؤول «دار بيسان» اللبنانية أن لإقامة المعرض في مكتبة الأسد أهمية كبيرة في إقبال الناس على المعرض، باعتبارها تقع في وسط دمشق التي عادت ترفل بالأمن والأمان في ظل انتصارات الجيش السوري على الإرهاب التكفيري الظلامي. مشدّداً على أن هذه الدار تشارك في المعرض كل سنة، في محاولة للوصول إلى كل فئات المجتمع السوري من دون أن يكون الربح مبتغاها.

وكيل «دار الفارابي» هو الآخر رأى أن إقامة معرض الكتاب في مكتبة الأسد لها دلالة تاريخية ورمزية عند الناس والذي يرفع من مستواه ويزيد إقبال الناس عليه لوجود المكتبة في قلب دمشق.

في حين أكد ممثل «دار الأخوة» المصرية أن داره شاركت في دورات المعرض التي أقيمت في مدينة المعارض على طريق المطار. مشيراً إلى أن إقامته في مكتبة الأسد عامل مهم لاستقطاب عدد أكبر من الزوار بسبب رمزها التاريخي وباعتبارها صرحاً ثقافياً كبيراً. مشدّداً على أن مشاركة دور النشر المصرية بشكل عام والتي بلغ عددها هذه السنة 22 داراً استفادت من التسهيلات الممنوحة من قبل إدارة المعرض وهي تهدف في المجمل إلى إغناء الثقافة السورية.

الزوّار

التنوع في العناوين والتباين في الأسعار بين جناح وآخر والتنظيم الجيد في معرض الكتاب مع التأكيد على أهمية الحسومات التي وصلت في بعض الأجنحة إلى 70 في المئة، شكلت أبرز آراء زوّار المعرض بعد مرور ثمانية أيام على افتتاحه بدورته التاسعة والعشرين في مكتبة الأسد الوطنية في دمشق.

تضمنت أجنحة الأطفال بحسب الزائر نضال حموش عناوين تعليمية وتربوية مهمة، لا سيما في ما يتعلق بالحساب الذهني وهذه بادرة بنظره مهمة باعتبار الطفل هو أساس المجتمع ويجب الاهتمام به وتوجيهه عن طريق الكتاب بالطريقة الصحيحة لافتاً إلى أن الحسومات جاءت مدروسة.

وما لفت نظر حموش بالنسبة إلى كتب الأطفال التنسيق العالي والجودة والأشكال الهندسية والألوان وطريقة عرضها وترتيبها في الجناح التي ترغّب الطفل في شراء الكتاب والتعرف على مضمونه.

عودة معرض الكتاب فكرة مهمة جداً بنظر الطالب علي الخليلي، لا سيما إقامته في مكتبة الأسد في دمشق باعتبارها صرحاً ثقافياً كبيراً. متمنّياً مشاركة دور النشر العربية والأجنبية بشكل أكبر.

وانتقد الخليلي ضعف الترويج للمعرض حيث لم يكن بحسب تعبيره بالمستوى المطلوب، فكان مقتصراً فقط على الاعلانات الطرقية مقابل غياب الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماعي كونها لغة العصر، وإصدار قرص ليزري «سي دي» يتضمّن كل الإصدارات والعناوين الموجودة في كل دار ليتمكن الزائر من أخذ فكرة عن عناوين الكتب الموجودة.

ومن غينيا، قال ابراهيم بندي طالب الدراسات العليا: هذه زيارتي الأولى إلى معرض الكتاب في دمشق، تعرفت إلى بعض الكتب والمصادر العلمية التي جاءت متنوعة وشملت جميع مناحي الحياة الأدبية والعلمية والثقافية والاقتصادية والدينية واقتنيت بعضها.

وعن رأيه بالمعرض تحدّث بندي عن وجود بعض الكتب والمصادر التي تفيد الطالب والباحث، لا سيما في هذه الظروف. مبيّناً أن بعض الكتب كانت أسعارها مرتفعة.

المواضيع المطروحة في أي معرض تلعب دوراً كبيراً في جذب القارئ، هذا ما أكّده مدرّس اللغة العربية عمر الصنان معتبراً أن جناح الهيئة العامة السورية للكتاب مميّز في هذه الدورة، سواء من خلال مواضيعه المتنوعة أو حسوماته الكبيرة.

في حين كان لمعلمة اللغة العربية سوسن أومري رأي مخالف عن سابقها حيث قالت: الحسومات في دورة هذه السنة غير فعلية. هناك غلاء في أسعار الكتب لذلك لم أستطع شراء كل ما كنت أريد. إضافة إلى هيمنة الكتب الدينية على الأجنحة. معربة عن أمنيتها بأن يكون هناك تنوّع اكبر بعدد دور النشر في دورة السنة المقبلة وتقديم أسعار منخفضة.

وفي تشارك في المعرفة عملت مجموعة من الطلاب الجامعيين السوريين على تبادل الكتب التي يقتنوها من المعرض كما قال محمد غيث، طالب اقتصاد إسلامي حيث قال: وجدنا في معرض الكتاب ضالتنا من الكتب التي تناسب اختصاصنا مع وجود حسومات جيدة نوعاً ما. كما أننا نعمل على شراء الكتب بصورة جماعية فكل اثنين يشتركان في شراء كتاب لنتبادله في ما بيننا لاحقاً.

ليس كل ما بحثت عنه مهندسة العمارة سوسن سلموني من كتب اختصاصية وجدته في المعرض، لكنها رغم ذلك اقتنت عشرة كتب تتناول موضوعات عن التراث والتصميم المعماري من جناح هيئة الكتاب. لافتة إلى وجود فروق كبيرة في الأسعار بينه وبين دور النشر الأخرى.

وقالت سلموني إن جناح هيئة الموسوعة العربية احتوى كتباً جيدة ونوعية وبحسومات تناسب الزائر. لافتة إلى أن المعرض تميّز بالتنظيم، ودعت إلى الاهتمام أكثر من الناحية الإعلانية من أجل الترويج للمعرض.

الإعلامية ريما خير بيك قالت: حافظ معرض الكتاب على تألقه في هذه الدورة وتضمّن مشاركة دور عدّة إضافة إلى وجود كتب متنوعة تناسب كل الاهتمامات.

وبعض الزائرين أثنوا على النشاطات المرافقة للمعرض، لا سيما حفلات توقيع الكتاب التي وجدوا فيها تفاعلاً بين المؤلف والقارئ. كما أن المشاركة الواسعة لدور النشر تعطي هامشاً أكبر من الحرية أمام الزوار في اختيار الكتب التي تتناسب مع اهتماماتهم. متمنّين تأجيل فترة المعرض إلى أواخر فصل الصيف كما كانت سابقاً تلافياً لحرّ شهر آب.

تفعيل القراءة للمجتمع السوري حاجة أساسية برأي الممثل فايز قزق، حيث قال: علينا حمل ثقافتنا معنا إلى أرجاء العالم، لا الاكتفاء بالانترنت. لأننا أبناء حضارة اخترعت الحرف منذ 17 ألف سنة قبل الميلاد. وعلينا أن نتمثل هذا المنجز الحضاري بالفعل وليس بالكلام أو الشعارات. مبيّناً أنه يبحث عن الكتب التي تهتم بتدريب الطلاب في مجالَي المسرح والفنون، إضافة إلى اهتماماته المتنوعة وخاصة دراسة الأديان.

الروايات المترجمة

غدت الرواية الجنس الإبداعي الاكثر حضوراً على مائدة القراءة حول العالم، واستطاعت أن تستقطب لعالمها قامات إبداعية وشعرية وقصصية ومسرحية كبيرة.

ويشكّل معرض دمشق الدولي للكتاب فرصة ثمينة لعشاق هذا الفن من أجل اقتناص أعمال روائية لأسماء أدبية كبيرة محلية وعربية وعالمية. لما يقدّمه من تنوّع، لا سيما أنه في دورته التاسعة والعشرين شهد زيادة كبيرة في عدد دور النشر ومشاركة دور نشر عربية وعالمية.

وتحدّث نور الدين شعباني من جناح الهيئة العامة السورية للكتاب عن حضور الرواية في الجناح. مبيّناً أنّ الرواية والترجمات تشهد إقبالاً كبيراً من قبل الشباب، كما أن الروايات المترجمة عن العربية هي التي تلقى الطلب الأكبر.

فيما أشار علي معلا من جناح اتحاد الكتاب العرب إلى أن الروايات مرغوبة بشكل عام بين فئة القراء الشباب، ولكنهم يفضلون الروايات الحائزة على جوائز مشهورة، حيث يوجد اقبال جيد على هذا النوع الأدبي تحديداً.

وقال نضال عبود مدير التوزيع في «دار الكتاب العربي» ان الروايات هي التي حظيت بالطلب الاكبر، وبالأخص روايات غابرييل غارسيا ماركيز.

وفي جناح «دار رسلان للطباعة والنشر» ذكرت فاديا عبد الخالق أن الروايات المترجمة عن الإسبانية أو الروسية أو الانكليزية تتربع على قائمة الكتب الأكثر طلباً في الجناح، إضافة إلى روايات لمؤلفين سوريين وعرب. مشيرة إلى أن أرقام مبيعات الجناح تكشف عن طلب كبير على روايات الكاتبين باولو كويلو وكافكا من قبل الشباب، والأدب الروسي بشكل عام، لا سيما روايات ديستوفيسكي وتولستوي لدى الأكبر سنّاً.

أما الرواية العربية فكانت الاكثر طلباً في «دار الشرق» حسبما أكد عبد الله الصالح مدير الجناح الذي أشار إلى انه رغم التنوع في عرضه مجموعة من الأجناس الأدبية، إلا أن روايات الكتّاب اسكندر لوقا وسهيل الديب وحسن حميد كانت الأكثر طلباً.

ولدى سؤالنا زوار المعرض عن نوع الروايات التي يفضّلونها، قال علاء محمد طالب في كلية الحقوق: أبحث عن روايات المؤلفين المشهورين مثل باولو كويلو وماركيز ودان براون، لأن هؤلاء يستطيعون السيطرة على القارئ واصطحابه إلى مناخات جيدة وتقديم ثقافة متنوعة وغنية.

أما رانيا أحمد طالبة إعلام فقالت: شهرة الرواية هي التي تشدّني كما جماليتها، وتشكل الروايات المترجمة بالنسبة إليّ فرصة للاطلاع على ثقافة الآخر مع تفضيلي روايات الكاتبة التركية آليف شافاق، والكاتب الفرنسي غيوم ميسو، إضافة إلى روايات ماركيز لأنها برأيي الأكثر تميّزاً.

أما ابراهيم عيسى طالب حقوق فقال: أفّضل الروايات العربية للمؤلفين العرب المشهورين أمثال نجيب محفوظ وجبران خليل جبران ومي زيادة وغادة السمان لأنها تشبه واقعنا وتقدّم بأسلوب جميل في اللغة العربية ما لا تقدمه الرواية المترجمة، التي تتميّز بجمالية الحبكة ولكنها تفتقر في الغالب إلى اللغة المميزة.

توقيع كتب

ومن ضمن فعاليات المعرض، أقامت «دار رسلان للطباعة والنشر والتوزيع» حفل توقيع رواية «شامان»، لمؤلفها غانم بو حمود.

وتضمّنت الرواية، وهي باكورة أعمال بو حمود الروائية، مزيجاً فنّياً بين الواقع والخيال، في سرد روائي تمكّن الكاتب فيه من معالجة الحدث بأسلوب شيّق يتجه إلى الحكمة، وصولاً إلى قضايا إنسانية كثيرة ودفع الروائي بالبطل شامان إلى مغامرات شجاعة ومتنوّعة. معتبراً أن السفر هو أكثر ما يكسب الإنسان حكمة.

كما يظهر بو حمود في روايته أهمية المرأة ووجودها إلى جانب الرجل كشريك فاعل في تحولات الحياة.

وعن معاني الرواية قال مؤلفها: الرواية تدعو إلى التمسك بالضمير ووجدان الإنسان والمشاعر النبيلة والعمل على التسامح لأن الإنسانية هي أرقى مستويات الوجود.

بدوره، اعتبر رسلان علاء الدين مدير الدار، أنّ «شامان» ابتكار حديث في الرواية المعاصرة لأنها تسعى بأسلوب إبداعي إلى ارتقاء الإنسان وتمسكه بأخلاقه العليا، من خلال أحداث تتطابق مع الواقع، وإن كانت من رسم خيال الكاتب.

يشار إلى أن غانم بو حمود شاعر وقاصّ صدر له عدد من المجموعات الشعرية والقصصية، وهو عضو في اتحاد الكتّاب العرب.

وأقامت الهيئة العامة السورية للكتاب، حفل توقيع لكتاب «الأبدية الخضراء» الذي يتضمّن دراسة تحليلية لقصيدة بورخيس، وهو من تأليف الدكتور نزار بريك هنيدي.

ونجد من خلال قصيدة «فنّ الشعر»، أن الشاعر هو من نذر عمره ليبدع بعد أن اطلع على مخيلات الفنانين والشعراء والفلاسفة والعلماء، ليقدّم الأسرار والخفايا التي لم يتمكّن سواه من تقديمها.

وفي الكتاب يبيّن المترجم هنيدي أن الشاعر الأرجنتيني بورخيس تحدّث كثيراً عن الشعر في كتبه ومحاضراته المتعدّدة. حيث يقول في إحدى محاضراته: أمضيت حياتي وأنا أقرأ وأحلل وأكتب، أو أحاول أن أكتب وأستمتع، وقد اكتشفت أن هذا الأمر الأخير هو الأهمّ.

وفي الكتاب أيضاً يسلّط هنيدي قبل تحليل القصيدة الضوء على تحوّلات حياة الشاعر الثقافية بشكل موسّع. إضافة إلى حياته الصحية والاجتماعية. ثمّ يحلّل نصّ القصيدة مرتكزاً على رؤيته للشعر، من خلال موهبته وتجربته وتجارب الآخرين أيضاً.

وعن سبب تحليله قصيدة بورخيس قال الشاعر والناقد هنيدي: كل كلمة أو صورة أو فكرة فيها سبب للخوض في المتاهات التي تعجّ بها كتابة هذا الشاعر لأن تحليل قصيدته رحلة في عالمه الإبداعي والفكري في مجمله ما يضيف ثراء لثقافتنا.

يذكر أن الشاعر والناقد هنيدي اعتمد على عدد من الكتب المترجمة عن شعر بورخيس وحياته منها النقد الأدبي الحديث لمحمد غنيمي هلال وغيرها.

أما هنيدي فهو شاعر وناقد سوري له ثماني مجموعات شعرية، إضافة إلى كتبه في النقد الأدبين النظري والتطبيقي، وهو عضو اتحاد الكتاب العرب، نال عدداً من التكريمات والجوائز وشغل مناصب متعدّدة في الشأن الثقافي.

وفي جناح «دار تكوين»، وقع الشاعر والمترجم السوري محمد عضيمة الأعمال الكاملة لمختارات من الآداب اليابانية، التي نقلها إلى اللغة العربية. وتضمّ الأعمال الكاملة كتب كوجيكي وهو من المؤلفات التراثية اليابانية القديمة، و«البابا الطائر» لبانيا ناتسو إيشي وهو من شعر الهايكو، وإيشكاوا وهو شاعر من روّاد هذا النمط الشعري في اليابان، وألّف قصيدة «هايكو وهايكو» ورواية «لم يعد رجلاً» لأوسامو دازاي.

وقال المترجم عضيمة: قمت بترجمة هذه الكتب التي تنتمي إلى أجناس أدبية متنوّعة بهدف ربط جسور مثاقفة بين الثقافتين العربية واليابانية وآدابهما، حيث انتقيت كتباً على غاية من الأهمية لمؤلفين يابانيين يمتلكون حضوراً لافتاً على مستوى العالم.

القصة

اتّسع المهرجان القصصي الثاني الذي نظّمه اتحاد الكتّاب العرب كجزء من فعالياته المرافقة لمعرض دمشق الدولي للكتاب، ليشمل تجارب قصصية متباينة ومتنوّعة لنخبة من كتّاب القصة في سورية من مختلف الأجيال والمشارب.

وعالجت القصص مواضيع عدّة، غلب عليها الوطن وأثر الحرب الإرهابية على سورية في الفئة المثقفة من المجتمع، مع حضور للجانبين الوجداني والذاتي.

رئيس اتحاد الكتّاب العرب الدكتور نضال الصالح قال: يأتي مهرجان القصة القصيرة في غمرة نشاطاتنا المساهمة في تنشيط الحركة الثقافية التي تهدف إلى حباط المؤامرات على ثقافتنا، إضافة إلى تقديم الصورة الحقيقية للمثقف السوري وثباته في وجه كل محاولات الإرهاب. معتبراً أن إقامة مهرجان للقصة للسنة الثانية على التوالي ضمن معرض الكتاب، رسالة بأن القصة القصيرة لا تزال صاحبة حضور في الأدب رغم هيمنة الرواية حالياً.

وألقى الأديب مالك صقور قصة بعنوان «راء ذمم» كشف فيها المحاولات التي تعرّض لها الأدباء لاستجرارهم إلى خيانة الوطن مقابل مبالغ طائلة قدمها الصهاينة وعملاؤهم بوسائل مختلفة. معتمداً على الواقع الذي استعار بعضاً من تجربته الشخصية لتكون في بناء قصته.

على حين جاءت قصة الأديبة حنان درويش لتصف سلبيات الغربة والهجران وبشاعة ترك الوطن وصعوبة العودة بعد ان يخسر المهاجر حقوقه ووسائل حركته، مستخدمة لقصتها الوصف الذي طرّز الألفاظ بعبارات شعرية.

كما عكست قصة الأديبة هدى وسوف «حالة حب»، الوطن ومدى تعلقها به عبر نسيج أدبي مطرّز بأحاسيس أنثوية رقيقة، تعتمد على سرد عفويّ يدل على عاطفة صادقة.

وكان مهرجان القصة قد شهد في يومه الأول مشاركة القاصّ الدكتور جرجس حوراني بثلاث قصص عالج فيها مواضيع مختلفة حملت عناوين «شجرة الزيتون» «مفتاح ليس ضمن اللوحة» و«شهونجي». بينما قدّم الأديب ناظم مهنا قصة من أجواء الحرب على سورية بعنوان «صياح الديك». وقرأت الأديبة أنيسة عبود قصة تحت عنوان «المرايا المتعاكسة» حملت نوعاً من الخطاب الأنثوي الداخلي في تعبير عمّا يختلج في داخل المرأة من مشاعر تخاف من إظهارها أمام المجتمع. أما القاصّ سهيل الشعار فقرأ قصة بعنوان «الكنز» تذهب إلى الرمز من دون المبالغة فيه.

… وشِعر

وجاء دور الشعر ليحلّ ضيفاً على الفعاليات الثقافية المرافقة لمعرض دمشق الدولي للكتاب، والتي ينظّمها اتحاد الكتّاب العرب عبر المهرجان الشعري الثاني الذي يستضيف مجموعة من الشعراء من سورية والعراق.

وقال رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور نضال الصالح: المهرجان الشعري منعطف مهمّ في نشاطات اتحاد الكتّاب، ويشكل ردّاً على الفكر التكفيري الإقصائي، لا سيما أن المشاركين جاؤوا من مختلف المحافظات وهم في طليعة الشعراء السوريين، إضافة إلى مشاركة الشاعر العراقي عبد المنعم حمندي الذي يعتبر من أهمّ شعراء بلاد الرافدين. كما أن المهرجان تتنوّع بنيته الفنية بين مختلف أشكال الشعر وأنواعها من الشطرين إلى التفعيلة إلى النثر والخطابة الشعرية.

وألقى الشاعر حمندي قصيدة بعنوان «شام» عبّر فيها عن حبّه الكبير لدمشق. معدّداً صفاتها ومزاياها الوطنية والقومية، بأسلوب شعري شفّاف تتصاعد فيه العاطفة القومية والإنسانية فقال:

عروس هي الشام خود لها الشاذروان

هي الجامع الأموي

وسفر من الفجر تهفو له الشمس

تعلو وتحنو عروش وجان.

وقال الحمندي في تصريح صحافي: جئت مشاركاً في هذا المهرجان لأن دمشق تواجه الإرهاب لتدافع عن العالم العربي، ولتبقى كما كانت في وجه كل المؤامرات رمزاً للحضارة.

أما الشاعر محمد حديفي فألقى مجموعة من القصائد الوطنية التي عبّرت عن مشاعر السوريين وعن وقوفهم في وجه الإرهاب، إضافة إلى اهتمامه الكبير بمكانة الشهداء التي رآها أرقى المكانات فقال في قصيدة «الشهيدة»:

قبل المجيء لموعدي

راحت ترتّب شالها المنسوج

من عطر السنابل وارتعاش الضوء

في شجر الوطن

وحينما صارت على مرمى القصيدة من دمي

تواثب الرصاص في أوصالها

فانداح في الأرجاء موّال شجن.

على حين كانت قصيدة الشاعر يحيى محيي الدين «آه يا شام»، موغلة في حبّ دمشق، محلّقة في أجوائها وفي بهائها وجمالها على أجنحة من الأحلام والعواطف التي جاءت في تكوين القصيدة فقال:

أما آن يا شام أن تستريحي

فتلقي عرائش ضوء على ليل روحي

وتغري حمائم صوتي بقبلة

وتبقي على قمر في السفوح.

أما الشاعر صالح سلمان فعبّر بأسلوبه الرمزي عن إدانته الإرهاب الذي يستهدف الوطن، وذلك بأسلوب شعر التفعيلة. كقوله في نصّ بعنوان «وجبة إلى أبي العلاء»:

إن تقل

لا إمام سوى العقل

سل ثعابينهم من جحور الفتاوى

الكلام سيذبح

والرأس يلقى على طبق وجبة لابن آوى.

وقرأ الشاعر إبراهيم عباس ياسين قصيدة بعنوان «إلى قاتل» جاءت أيضاً على شكل تفعيلات متحوّلة لتعبّر عن الإجرام الذي يُرتكَب بحقّ السوريين فقال:

يا قاتلي كم مرّة ستخطّ بالأشلاء فوق موائد الظلماء تاريخ التتار؟

كم مّرة ستعيد بين يديك موتي وانكساري

دعني وشأني أيها الطاغوت لأستلّ ليلك من نهاري.

وفي اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الشعري، شارك شعراء سوريون وفلسطينيون هم: عصام ترشحاني، جابر سلمان، الدكتور ثائر زين الدين، الدكتور نزار بريك هنيدي، ثائر إبراهيم، وسليمان السلمان.

واقتصرت النصوص على الشعر الموزون من التفعيلة والشطرين في مواضيع تقدّمت فيها الدلالة كما الرمز.

وفي قصيدته «مصباح الملائكة الأخير»، اكتفى الشاعر عصام ترشحاني بمحاكاة شعر محمود درويش حيث تجلّت الذاتية وغلبت المعاني من دون أن يقترب من الواقع الاجتماعي في العصر الراهن فقال:

شجر تضيق به القيامة في دمي لك

غيم يطوف على المقدس

في خرائب مخملي

كم أنت لي وحدائق التكوين لك!

كما ألقى الشاعر الدكتور ثائر زين الدين قصيدة بعنوان «سؤال»، جاءت انسيابية مزهوّة بحرف الباء، ليكون روياً مناسباً للعاطفة الغزلية التي رفلت بها القصيدة حيث كانت الموسيقى متصاعدة الحركة مع ما سبّبه الدفق الشعري والعاطفي فقال:

لا تسأليني لم يجد غيري الجوابا

لا تسألي كم حبّروا ورقا

وكم طرحوا كتابا

الحب أنت

ترفرفين بثوبك الورديّ

في جنبات هذا البيت

تسرقك الفراشة فوق أحواض الزهور

فتختفين كنحلة.

أما الشاعر سليمان السلمان فألقى قصيدة بعنوان «المارقون بذلّة» انتقد فيها من يتصدّرون المشهد الثقافي من دون أن يمتلكوا ما يؤهّلهم لذلك، بأسلوب شعري كانت فيه التفعيلة مواجِهةً موضوعَ النصّ فقال:

ملؤوا المنابر

في هزال الفكر

وانتقلوا إلى بحر المهازل

بعدما اصطادوا دلافين الخشب.

ثم انتقل إلى تمجيد الشهيد بعاطفة صادقة فقال:

للمجد يا وطن الرجال الأقدس

على تراب شهادة

ظمأت للقياهم سماء محبّة

تصفو لها زرق النجوم

وأفقها نار الغضب.

الشاعر الدكتور نزار بريك هنيدي ذهب في قصيدته «شجر يرتدي العاصفة» إلى تكوين فنّي عبر انتقاء الألفاظ والألوان والتشكيلات، ليقدّم نصّه محذّراً من مغبّة التآمر على الوطن، لأن العاقبة ستكون ندماً لن يُجدي نفعاً. إضافة إلى انتقائه الموسيقى المجلجلة في تحوّلات متغيّرة جاءت على حرف وقف ساكن مؤثّر فقال:

أزفّ الوقت

قم

لا تنم

بين جمر السؤءال وبرد الندم

قم

وكن شجراً يرتدي ثوب عاصفة

ويزلزل كهف العدم

قم

فما هي إلا هنيهة دمع

ورجفة دم.

وكانت قصيدة الشاعر الدكتور جابر سلمان التي جاءت بعنوان «وطني» تتجه إلى ما يعانيه الوطن، وما يتعرّض إليه. محاولاً أن يبسّط لغته لتكون أقرب إلى المتلقي وأكثر سهولة في الوصول إليه فقال:

وطني

يا وطناً اضناه التجديف

يا وطنًا مرفأه في كل الأصقاع

يا وطناً وجهته حقّ مسلوب

يا وطني البحر سفينة غربتن

والشاطئء يغريه الملاح

فاغسل عاراً يمزّقنا

فالماء مليء بالأملاح.

ورأى الشاعر سائر ابراهيم أن الشهيد هو أهم من في الوجود وهو الذي يواجه الموت من أجل أن نبقى أحياء في أرضنا وعلى ترابنا، وذلك في قصيدته «أوراق الشهيد» التي جاءت على أنغام تفعيلة واحدة وعاطفة وطنية تجسّد مدى حبّ الوطن وأهميته فقال:

الآن أطلق في المدى الموبوء صرختي الأخيرة

ثمّ أهوي عن جموحي

لم أكترث لرسائل الموت المخيفة

لم أودّع وجه أحبابي البعيدة

وما تعبت من البلاد حملتها في راحتي الغضب

وفي قلب الطموح.

«سانا»:

محمد خالد الخضر ـ شذى حمّود ـ ميس العاني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى