إلى رافضي التنسيق مع سورية هاتوا البديل أو اصمتوا

معن حمية

حين يتلقّى وزراء لبنانيون دعوات من نظرائهم السوريين، وتكون هناك ملفات تتطلّب بحثاً بين الجانبين، فإنّ المصلحة الوطنية تقتضي تلبية الدعوة، وهذه مصلحة لا تخضع لمواقف جهوية تحكم سلوك أطراف بعينها.

الوزراء اللبنانيون الذين تلقوا دعوات سورية، معنيون بمصالح اللبنانيين، وهم لا يرون سبباً موجباً لتعريض هذه المصالح للخطر. فسورية هي البوابة الرئيسة التي من خلالها يصدّر لبنان سلعه وتحديداً الخضار والفواكه إلى العالم العربي. ولقد عانى اللبنانيون كثيراً جرّاء توقف معابر الترانزيت، بعد سيطرة المجموعات الإرهابية عليها. أما الآن، وبعد استعادة الدولة السورية معظم هذه المعابر، وبدء التحضيرات لإعادة فتحها أمام وسائط الشحن، فإنّ لبنان معنيّ بأن يحجز ممراً لمنتوجاته الزراعية، وهذا أبسط الإيمان. كما أنّ هناك عقداً لاستجرار الكهرباء من سورية تمّ تجديده، ويتطلب إجراءات لا بدّ من القيام بها، وهناك ملف النازحين، وهناك مشاريع إعادة الإعمار في سورية والتي تتسابق إليها دول العالم سعياً وراء المصالح.

وعليه، فإنّ ذهاب وزراء لبنانيين الى سورية، يجب أن يكون محلّ إجماع، لكن للأسف، بعض القوى في لبنان منفصلة عن الواقع وعن الحقيقة، ولا تريد التخلّص من عقد نقصها وأوهامها ورهاناتها، وتتعامى عن حقيقة أنها أصغر من أن تقرّر وجود الحكومة السورية أو عدمه.

سورية واجهت إرهاب مئة دولة، وصمدت وحققت الانتصار تلو الانتصار، وأفشلت مخططات ومشاريع كبيرة، لذلك هي لا تنزل إلى ملاعب الصغار، سواء اعترفوا بوجود حكومة فيها أم لم يعترفوا. فالعالم كله يعترف بأنّ سورية دولة حقيقية، والدول التي حاربتها تعترف أنّها فشلت في إسقاطها أو النيل من مواقفها… وتفتش عن مخارج للتعامل مع واقع أنّ سورية رقم صعب في معادلات المنطقة والعالم لا يمكن تجاوزه.

سورية وعلى مدى سنوات الحرب ضدّها، بقيت ممسكة بزمام الأمور، حاضرة بقوة على الساحة الدولية، لا سيما في الأمم المتحدة، وإقصاؤها عن جامعة الدول العربية، لم ينتقص من دورها، فهذه المؤسسة العربية فاقدة للدور، التي تحوّلت مجرد منصة لنشر ثقافة التفتيت والتقسيم والفتن البينية. واللبنانيون الذين وضعوا رهاناتهم كلها في سلة عرب الاعتلال، خسروا الرهان. فالعربان الذين اجتمعوا ضدّ سورية، قد تفرّقوا ويحتربون في ما بينهم…

أما رهان هؤلاء على أميركا وحلفائها، فينطبق عليه القول «من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب».

فما هو مصلحة للبنان وجود تعاون وتنسيق مع سورية، على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة، حيث يستعدّ الجيش اللبناني لتحرير الجرود اللبنانية، بما تتطلّبه هذه العملية من تعاون وتنسيق ضروريّين مع الجيش السوري؟

وما هو مصلحة للبنان، كون سورية بوابته إلى العالم العربي، فهي الممرّ الإجباري، وما من ممرّ آخر، الا «إسرائيل»، فهل في نية أحد أن يكون ممرّه العدو الصهيوني؟!

لذلك، على الذين يقودون الحملات رفضاً للتعاون والتنسيق وتبادل الزيارات بين لبنان والشام، أن يقدّموا البديل، أو أن يصمتوا.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى