الجيش السوري يستكمل انتشاره على حدود الأردن بطلب العشائر سحب المسلحين لقاء بعبدا: لتوافق بين أطراف المعادلة الاقتصادية يواكب إقرار السلسلة والضرائب

كتب المحرّر السياسي

رغم كونهم وحدهم يواصلون الصراخ حول شرعية الدولة السورية، فالكلام السياسي العالي لبعض اللبنانيين وظيفته أن يصل إلى واشنطن، لتضمّه إلى ملف علاقتها التفاوضية بالدولة السورية، وتأخذ على عاتقها مقايضات من ضمنها ملف العلاقة اللبنانية السورية، ومصير الحدود اللبنانية السورية، خصوصاً دور حزب الله هناك، تعويضاً عن الفشل بإمساك الحدود السورية العراقية، فكلّ ما يهمّ «إسرائيل» يهمّ أميركا، لكن أحداً لا يعلم سبب حماسة بعض اللبنانيين للدخول بحماس على تقديم الخدمات المجانية لتسميك أوراق الملفات الأميركية، فالصراخ في وادٍ بلا تأثير، ولن يستمع له مَن في باريس وهو يحزم أمتعة وفود تسافر لدمشق لتحضير السفارة الفرنسية هناك، ولا مَن في القاهرة وهو يستعدّ لإيفاد سفير جديد، وفي واشنطن سيستعملون الكلام وهم يعلمون أنها حركة بلا بركة. فالقضية أولاً وأخيراً ليست شرعية الحكم والرئاسة والحكومة في سورية. وهي شرعية تستعدّ واشنطن لتتعامل معها جيشاً ورئاسة وحكومة في مهلة سقفها نهاية العام، بل قضية الحدود اللبنانية السورية، والتفاوض على دور حزب الله في مناطق تخشى «إسرائيل» تموضعه فيها وجعلها نقاطاً استراتيجية لسلاحه النوعي في حرب مقبلة معها، طالما أنّ واشنطن تعرف مسبقاً أن لا جدوى الحديث عن نشر اليونيفيل بلا قرار مستحيل الصدور عن الحكومتين اللبنانية والسورية، أو قرار وفقاً للفصل السابع مستحيل الصدور بوجود الفيتو الروسي والصيني، فالجعجعة بلا طحين دولياً وإقليمياً ومحلياً، ولو استمرّت…

لأنه كلام لا يُقلق، فالقلق في موسكو هو من موضع آخر، أن تدّخر واشنطن النصرة لمرحلة ما بعد الانتهاء من داعش بتعاون روسيا وسورية وحلفائهما، وتراهن على استخدام النصرة ضدّ الدولة السورية ورئيسها، أو الضغط مجدّداً لتبييضها ودمجها في صيغ التسوية المقبلة، لذلك تضغط موسكو لفتح ملف إنهاء وجود جبهة النصرة، خصوصاً في إدلب قبل فتح باب التعاون مع واشنطن لكيفية الحسم مع داعش، كما قال إعلاميون روس في قراءتهم لتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التي حذّرت من هذا الاستخدام الأميركي لـ«النصرة».

في الميدان، الجيش السوري يقترب كلّ يوم من تحقيق إنجازات بحجم استرداد المبادرة ومعالم السيادة معاً، فما جرى على الحدود مع الأردن في محافظة السويداء يستكمل من جهة مخيم الركبان للنازحين الواقع على الحدود بطلب من العشائر التي اجتمع وجهاؤها بالأميركيين طالبين سحب الميليشيات المسلحة تمهيداً لطلب انتشار الجيش السوري على طول خط الحدود المتبقي، كما نقلت تنسيقيات المسلحين وقناة «العربية» التابعة للسعودية التي قالت إنّ قيادات ميليشيا أحرار العشائر استبعدت من الاجتماع وتخشى تحركات شعبية احتجاجية على وجودها تطالبها بالانسحاب، وإنها لا تلاقي جواً أميركياً مناسباً لدعمها في البقاء وتسمع تلميحات أميركية ونصائح بأنّ وجودها أصبح بلا قيمة وفقد أهميته.

في لبنان، رغم محاولات رفع قضية زيارة وزراء لبنانيين لسورية إلى الواجهة يتصدّر الاهتمام السياسي والشعبي اللقاء الذي دعا إليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا لإنتاج توافق بين أطراف المعادلة الاقتصادية من موظفين وعمال ونقاباتهم، وأرباب عمل واقتصاديين وصناعيين وتجار وأصحاب المصارف وجمعياتهم، بهدف تحصين تطبيق سلسلة الرتب والرواتب، ومعها الضرائب الجديدة، من ايّ اعتراضات تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي، وإذا تبيّن أنّ إدخال بعض التعديلات بالتوافق ضرورياً سيتمّ التداول بالتسويات الممكنة بين الأطراف تمهيداً لسلوكها الطريق الدستوري المناسب بتبنّيها من رئيس الجمهورية كملاحظات على القانون أو بتبنّيها من عدد من النواب لتعديل القانون باقتراح قانون يتقدّمون به.

إحباط عملية إرهابية في طرابلس

رغم الصخب السياسي الذي يثيره فريق 14 آذار حول مسألة التنسيق مع الجيش السوري في المعركة العسكرية ضد تنظيم «داعش» وحملته على زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى سورية، إلا أن الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لم يتوقف عملهما في مكافحة الإرهاب على الحدود أو خلاياه وشبكاته في الداخل، بينما تتجه الأنظار الى بعبدا التي تستضيف طاولة حوار اقتصادية برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاثنين المقبل، تجمع رئيس الحكومة سعد الحريري والوزراء المختصين والهيئات الاقتصادية وممثلين عن القطاعات المختلفة للبحث في قانون سلسلة الرتب والرواتب والضرائب المقررة لتمويلها.

وبالتوازي مع الحصار الذي يفرضه الجيش على تنظيم «داعش» والضربات الجوية والمدفعية التي ينفذها تمهيداً للمعركة البرية المرتقبة، كانت العيون الأمنية تتعقب الخلايا الإرهابية، فقد نجحت قوى الأمن الداخلي أمس، بإحباط عملية إرهابية كان سينفّذها انتحاري من «داعش» داخل مسجد المنصوري في طرابلس.

وأشار بيان قوى الأمن الداخلي، أن «دورية أمنية تابعة لقيادة منطقة الشمال في وحدة الدرك الإقليمي، أوقفت اللبناني ر. ق. للاشتباه به أثناء محاولته الدخول الى مسجد المنصوري في طرابلس. ولدى توقيفه وتفتيش حقيبة صغيرة كانت بحوزته، حاول المغادرة على عجل، فمُنع من ذلك، وقد عُثر داخل الحقيبة على قنبلتين يدويتين.

واعترف الموقوف بانتمائه الى تنظيم «داعش» الإرهابي، وأنه كان بصدد الدخول الى المسجد وقت صلاة العصر، ورمي القنبلتين بينما المسجد يغصّ بالمصلّين، على أن يقوم بعدها بانتزاع بندقية أحد عناصر قوى الأمن الداخلي المولجين الحراسة وإطلاق النار على مَن يبقى على قيد الحياة، إلا أن توقيفه حال دون حصول هذه الفاجعة. كما اعترف بأنه اختار المسجد المذكور لكونه على علمٍ مسبق بأن عدداً من السياح وعناصر قوى الأمن الداخلي يرتادونه عادةً للصلاة.

كما تمكّن الجيش من توقيف ثمانية سوريين على علاقة بخطف العسكريين المحتجزين لدى «داعش» في مداهمة نفّذها أمس في منطقة شبيب في جرود عرسال.

وكثّف الجيش من ضرباته لمواقع «التنظيم» أمس، واستهدف بالمدفعية الثقيلة مركزاً لـ «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع يحتوي أسلحة وذخائر وحققت فيه إصابات مباشرة مما أدّى إلى تدميره. في حين شنت الطائرات السورية غارات مكثفة على مواقع «التنظيم» في مرتفع الحشيشات والشلوبي في جرد الجراجير في القلمون الغربي.

وطمأن الرئيس عون إلى «أن الجيش على أهبّة الاستعداد والجهوزية لمواجهة خطر التكفيريين، وهو سيُحرز الانتصار في معركته في مواجهة الإرهاب».

«سرايا أهل الشام» إلى سورية اليوم

وفي إطار المرحلة الثانية من اتفاق إجلاء المجموعات المسلحة الإرهابية وعائلاتهم من منطقتي جرود عرسال وفليطة على حدود لبنان مع سورية، فقد تم «تحديد موعد بدء تنفيذ الاتفاق الخاص بـ «سرايا أهل الشام» وستنطلق القوافل من جرود عرسال إلى القلمون الشرقي صباح اليوم السبت.

في السياق، كشفت مصادر خاصة لـ «البناء»، أنه تم «التوافق» على إخراج عناصر «سرايا أهل الشام»، وقادتهم. وهم: مرهف صبري سيد العلي الملقب بـ «العمدة»، وعامر غورلي الملقب بـ «ابو طه»، مع أسلحتهم الفردية الى بلدة الرحيبة السورية في القلمون الشرقي، بعدما تمّ «تذليل العقبات التي اعترضت سير العملية بعد تدخّل من قبل المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم». وكشفت المصادر نفسها أن «350 مسلحاً من سرايا أهل الشام وحوالي 3500 شخص من النازحين سيخرجون مع المسلحين إلى القلمون الشرقي بمرافقة أمنية لبنانية إلى الحدود اللبنانية الشرقية مع سورية، سالكين المسار نفسه الذي سلكه مسلحو «جبهة النصرة» سابقاً باتجاه وادي الزعرور ـ الرحيبة في القلمون الشرقي»، وبذلك تصبح جرود عرسال خالية من المسلحين الإرهابيين.

وقد أعلن الإعلام الحربي للمقاومة أن «ترتيبات خروج 350 مسلحاً من سرايا أهل الشام وعشرات العوائل من مخيمات عرسال في اتجاه منطقة الرحيبة في القلمون الشرقي، ستبدأ غداً اليوم ». بينما أكد اللواء إبراهيم، في تصريح، أنه «سيبدأ سرايا أهل الشام وعدد من المدنيين يوم السبت الانسحاب من جرود عرسال وعلى دفعتين». وأشار الى أن «المسلحين عددهم 300 شخص، بالإضافة إلى بعض العائلات التي تريد العودة إلى عسال الورد»، لافتاً الى أن «الأمن اللبناني سيقوم بمرافقتهم حتى الحدود».

قاسم: حاضنة لبنان القوي بالجيش والمقاومة

أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «قرار معركة جرود رأس بعلبك و القاع للإجهاز على إمارة داعش التكفيرية توقيتاً وإدارة هو بيد الجيش الى لبنان ، وعلى الجميع أن يلتفوا حوله، وأن يكونوا معه، وأن يقدّموا له كامل المساندة. ويجب أن ينجح الجيش في هذه المواجهة، وأن تدعمه كل الأطراف بالإمكانيات والسبل كلها، لأنه يمثل رمز انتصار لبنان ورمز سيادة لبنان».

وفي كلمة له خلال احتفال تأبيني أقامه الحزب في بلدة اليمونة البقاعية، اعتبر قاسم أن «معركة جرود عرسال تحوّلت مفصلاً تاريخياً حساساً في إبراز دور ومكانة وإنجازات المقاومة».

ولفت إلى أنه «تم الإنهاء الكامل لإمارة جبهة النصرة التكفيرية في لبنان، وتيئيس من كان ينتظرهم متخفياً في لبنان ليظهر في الوقت المناسب معلناً الولاء لهذه الجماعة الخارجة عن الإنسانية، تمّ التخلص من خطر أمني داهم كان يُغرق لبنان. وهو خطر كان يمكن ان يستخدم في أية لحظة لـ«إسرائيل »، وبحسب الطلب، وفي المناسبات التي تختارها «إسرائيل»».

واعتبر قاسم أن «المقاومة والجيش يشكلان حاضنة لبنان القوي في مواجهة الضعف، وفي مواجهة كل التحديات. وهذا النموذج هو الأمثل وهو الأفضل للبنان، ونحن موجودون في حكومة واحدة، وبانتخابات واحدة، وفي مواطنية واحدة ونحن مقاومة، وهذا لم يحدث ثغرة ولا أي خدش أو أي خلاف في علاقتنا مع الجيش اللبناني».

زيارة الوزراء مصلحة لبنانية

على صعيد زيارة الوزراء الى سورية للمشاركة في معرض دمشق الدولي، علمت «البناء» أن وزراء تكتل التغيير والإصلاح لم يحسموا أمر المشاركة حتى الآن بانتظار اجتماع التكتل الأسبوع المقبل، لكن مصادر في التيار الوطني الحر قالت لـ «البناء» إن «زيارة وزراء التكتل أو حزب الله أو حركة أمل أو أي وزير آخر الى سورية أمر طبيعي في ظل العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، فضلاً عن أنها تخدم المصالح الوطنية اللبنانية الاقتصادية والتجارية»، موضحة أن «ذهاب الوزراء الى سورية أو اعتراف لبنان بالنظام السوري لا يقدّم ولا يؤخر بالنسبة لسورية التي لا تزال عضواً في الأمم المتحدة. وها هي تحقق الانتصارات الميدانية على الإرهاب وتتّجه الى تسوية سياسية بين مكوّناتها وتحضر لورشة كبيرة لإعادة الإعمار سيهرع الكثير من دول العالم للاستثمار فيها، فهل من مصلحة لبنان أن يبقى خارجها؟».

واستغربت المصادر تصريحات رئيس «القوات» سمير جعجع حيال زيارة الوزراء الى سورية، مشيرة الى «أنها لا تصبّ في مصلحة لبنان، بل لمصلحته السياسية والانتخابية»، مشيرة الى أن «مصلحة لبنان تفرض العلاقة الجيدة مع سورية»، مستبعدة أن تنعكس هذه الزيارة سلباً على الاستقرار الحكومي، مؤكدة أن لا جعجع ولا غيره يمكنهم اللعب بالوضع الحكومي، فما هو بديلهم، إذا سقطت الحكومة؟

لقاء بعبدا

على صعيد آخر، أفادت قناة «أو تي في» بأن «لقاء بعبدا سينعقد حول الطاولة المخصصة في القصر الجمهوري لاجتماعات مجلس الوزراء ما يزيد من جدّية اللقاء وأهميته، بينما أشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» الى أن «اجتماع بعبدا سيضم 30 شخصية من الفئات العمالية وأرباب العمل والعمال للبحث عن حل يراعي مصالح جميع اللبنانيين»، موضحة أن «رئيس الجمهورية تريّث بتوقيع قانون السلسلة لإفساح المجال أمام البحث عن مخارج ترضي كل الفئات الإنتاجية التي يجب ايضاً أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية في تغيلب المصلحة الاقتصادية للدولة، وليس البحث عن مصالح فئوية ضيقة، بهدف المساهمة بإقلاع الاقتصاد الذي يعاني من انكماش منذ سنوات عدة».

ونفت المصادر أن يكون ضغط الهيئات الاقتصادية على الحكومة أو رئيس الجمهورية قد جمّد توقيع قانون السلسلة، بل «لوجود أطراف عمالية عدة وضعت ملاحظات عليه، كأساتذة الجامعة والقضاة والمتقاعدين»، لكنها أوضحت أن «التطور النوعي الذي حصل في عهد الرئيس عون هو إشراك أصحاب الرساميل وأرباب العمل في عملية النهوض الاقتصادي من خلال تحملهم جزءاً أساسياً من الضرائب»، ولفتت الى أنه «في حال لم يتم التوصل الى مخرج في الاجتماع سيتم تشكيل لجنة متابعة لإيجاد الحل المناسب».

في حين أشارت المعلومات الى أن «البنود الضريبية الموضوعة للنقاش هي 5 وهناك إمكانية لتعديلها».

..وجلسة تشريعية

وفي غضون ذلك، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الى جلسة تشريعية عامة تعقد عند الحادية عشرة من قبل ظهر الأربعاء المقبل، نهاراً ومساءً، لمتابعة درس وإقرار جدول الأعمال الذي كان مدرجاً في الجلسة السابقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى