موسكو تضغط على أنقرة بملف إدلب… ورئيس الموساد في واشنطن لـ «تفادي حزب الله» الجيش يقضم الجرد وواشنطن تنسحب «جوياً»… و ثلاثة وزراء «رسمياً» في دمشق

كتب المحرّر السياسي

أجمعت الصحف الأميركية على اعتبار الأحداث العنصرية التي عصفت بالمجتمع الأميركي خلال الأيام الماضية وتراخي موقف الرئيس دونالد ترامب، أنها أضاءت الضوء الأحمر حول مستقبل وحدة المجتمع، والتهديد الذي تمثله هذه الأحداث للأمن الأهلي الداخلي بما يتخطّى خطر داعش الذي تتباهى إدارة ترامب بمنحه الأولوية. وصبّت الصحف انتقاداتها على تباطؤ ترامب في إدانة النازيين الجدد والعنصريين البيض، فيما برزت استقالات احتجاجية متلاحقة وسط رؤساء شركات كبرى من مجلس الأعمال الاستشاري لترامب ما أدّى لقيام ترامب بحلّ المجلس ليل أمس، في حدث ينتظر أن يترك تداعيات على صورة الإدارة ومهابتها.

بالتوازي، بدت التصريحات الأميركية التصعيديّة في ملف الاتفاق النووي مع إيران وملف المواجهة مع كوريا الشمالية، غائبة ليحلّ مكانها خطاب عقلاني يُعطي الأولوية للتفاوض والتفاهمات والحلول السياسية، وصولاً لإعلان الرئيس الأميركي في تغريدة على تويتر بعد قرار الزعيم الكوري الشمالي تأجيل توجيه ضربة صاروخية إلى قاعدة عسكرية أميركية في جزيرة غوام، يصف فيها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالحكيم.

في المنطقة تجاذبات تتصل بالاستفتاء حول انفصال كردستان مع رفض روسي وأميركي وتركي وإيراني، وترحيب «إسرائيلي» يصل حدّ اعتبار الحدث في حال اكتماله بولادة دولة كردستان المستقلة التطوّر الإيجابي الوحيد في زمن سيّئ لـ»إسرائيل»، كما قالت افتتاحية صحيفة «إسرائيل اليوم» المقرّبة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بينما كان رئيس الموساد ورئيس جهاز أمان يبدآن في واشنطن سلسلة اجتماعات تنسيقية تحت عنوان كيفية «تفادي حزب الله» كفاعل كبير وخطير في معادلات الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب في سورية والعراق ونهاية داعش.

نهاية الحرب في سورية لم تعُد ملفاً قابلاً للإدارة، والجيش السوري يرسم سياقاً غير قابل للسيطرة والتغيير، سواء في جبهات دمشق وريفها أو في جبهات شرق سورية بوجه داعش، بينما تهتمّ موسكو لما حذّر منه وزير خارجيتها سيرغي لافروف، «خطر استخدام النصرة ضدّ الدولة السورية ورئيسها بعد نهاية داعش»، ما رتّب اهتماماً روسياً مركّزاً على ملف النصرة وحسم أمر التوافق على كيفية إنهاء وضعها ضمن خطة تتكامل مع مسار الحرب على داعش، حيث العين على أنقرة التي قال وزير خارجيتها جاويش أوغلو إنّ مشاورات مكثفة روسية تركية عسكرية وسياسية تتناول وضع إدلب وضمّها إلى مناطق التهدئة.

من الجهة السورية أيضاً، اهتمام بإنهاء وضع القلمون الغربي من تحت سيطرة داعش على الجرود وتشابك الحرب هناك مع الضفة اللبنانية، حيث بدأ الجيش اللبناني عمليات القضم، وبدأ الطيران السوري غاراته على المقلب الموازي، بعدما انسحبت واشنطن من الدعم الجوي للجيش اللبناني بداعي التداخل بين المجالين الجوي اللبناني والسوري ووجود ميدان قتال واحد، بينما التفاهم على أمن الحركة الجوية مع موسكو يقتضي التنسيق في كلّ حركة في الأجواء السورية. وبات التنسيق العسكري بين الجيشين اللبناني والسوري، خارج البحث كضرورة حتميّة تفرضها حقائق المعركة، وللتنسيق نفسه الذي يُخاض بوجهه سجال مفتعل حكاية مع زيارة الوزراء حسين الحاج حسن وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس إلى دمشق للمشاركة في حفل افتتاح معرض دمشق الدولي، مؤكدين الصفة الرسمية لزيارتهم.

الوفد الوزاري يعبّد الطريق إلى سورية

لم تفلح حملة الصراخ والضجيج السياسي التي أثارتها بعض القوى السياسية في ثني الوفد الوزاري عن زيارة سورية وتعبيد الطريق أمام إعادة العلاقات بين البلدين الى طبيعتها، فرغم التهويل باهتزاز الوضع الحكومي والسياسي والأمني في حال تلبية الوزراء الدعوة، وصل وزيرا الزراعة غازي زعيتر والصناعة حسين الحاج حسن لسورية، مساء أمس حيث تمّ تنظيم استقبال رسمي لهما، عند معبر جديدة يابوس.

وفي حين حاول رئيس الحكومة سعد الحريري نفض يديه من الزيارة، أشار في ردّه على سؤال قبيل دخوله الى المجلس النيابي الى أن «الوزراء لا يتوجّهون الى سورية بصفة رسمية، وأن هذه المسألة لن تؤدي الى استقالات من الحكومة». أشارت مصادر مراقبة الى أن لهذه الزيارة دلالات سياسية ولا يمكن حصرها في الجانب الاقتصادي، وتعتبر خطوة أولى على طريق تصحيح العلاقة مع سورية التي عمل بعض من في الداخل والخارج لأهداف ومصالح سياسية فئوية ضيقة الى ضربها، مشيرة الى أنه للمرة الأولى يزور وزراء رسميون في الحكومة دمشق. لا سيما أن هذه الزيارة تأتي بعد انتصار المقاومة والجيش السوري على جبهة النصرة في جرود عرسال والإنجازات التي تتحقق في الجبهات السورية.

وكشف وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس أنه سيزور غداً اليوم سورية وبصفته الرسمية، لينضمّ بذلك الى الوزيرين الحاج حسن وزعيتر.

ولفت الحاج حسن من العاصمة السورية دمشق الى أنه «لن يكون هناك توقيع اتفاقيات في هذه الزيارة، ولكن هناك ملفات يجب بحثها وموضوعها مصلحة لبنان، وأمنية تغيير النظام في سورية سقطت ونحن جئنا الى سورية المنتصرة على الارهاب كي يكون كل لبنان موجوداً في دمشق، وكل اللبنانيين سيستفيدون من تحرّك العجلة الاقتصادية والترانزيت بين البلدين، ولبنان يجب أن يكون حاضراً في إعمار سورية».

وأوضح زعيتر في حديث تلفزيوني، أنه لا يوجد أي مقاطعة للدولة السورية، وهناك بعض المواقف السياسية، على أمل أن تتغير هذه المواقف بعد النصر النهائي على الإرهاب . وأشار الى أن «العلاقات اللبنانية السورية لا تحتاج الى نقاش، وهناك علاقات اقتصادية واتفاقات ثنائية وفي مستويات عدة، ومنطلقات نقاش الفريق الآخر هي منطلقات سياسية على خلفيات سياسية، وغداً اليوم سنوجّه تهنئة من القلب الى سورية والرئيس بشار الأسد ولكل حلفاء سورية بعد الانتصار على الإرهاب ، والأيام قادمة».

تقدّم للجيش يُنذر بقرب المعركة

وعلى ضفة الحدود، تكثفت النيران اللبنانية والسورية على مواقع تنظيم «داعش» في تنسيق ميداني واضح بين الجيشين السوري واللبناني الذي أحرز مزيداً من التلال الحاكمة، ما ينذر بقرب انطلاق المعركة البرية لإنهاء الوجود الارهابي في جرود القاع ورأس بعلبك.

وقد واصلت وحدات الجيش اللبناني تقدّمها في جرود رأس بعلبك والقاع محققةً مزيداً من قضم مواقع استراتيجية من دون الإعلان رسمياً حتى الآن عن بدء ساعة الصفر لمعركة تحرير الجرود.

ومنذ فجر أمس الأول، قامت وحدات الجيش بالتقدم لاسترجاع نقاط استراتيجية حاكمة وتضييق الخناق على مجموعات «داعش» في جرود الرأس والفاكهة والقاع تحت نيران المدفعية الثقيلة التي وصلت أصداؤها الى مختلف بلدات البقاع الشمالي. وسيطر الفوج المجوقل خلال هذه العملية على مجموعة مرتفعات ونجح في تدمير عدد من الدشم والتحصينات، في وقت تابع تعزيز مواقعه في جرود عرسال منعاً لأي تسلل للإرهابيين واستقدم قوات وآليات مدرعة الى تلال رأس بعلبك التي سيطر عليها. وأعقب عملية فوج المجوقل، هجوم مؤلّل لفوج التدخل الأول سيطر فيها على خربة خزعل، عقاب خزعل وعلى مرتفع ضهور الخنزير.

وأفادت مصادر ميدانية عن مقتل 12 مسلحاً من «داعش» في العملية المحدودة التي قام بها الجيش في الجرود.

وأكد مصدر عسكري لـ «البناء»، أن «العملية العسكرية التي نفّذها الجيش امس، تؤشر لبدايات المعركة البرية، خاصة أنه للمرة الأولى يجري تبادل القصف المدفعي بشكل عنيف بين الجيش اللبناني ومسلحي داعش في جرود شرق عرسال ورأس بعلبك، حيث لا تزال المواجهات الميدانية جارية بشكل عنيف، حيث سمع دوي الانفجارات الضخمة في المناطق المجاورة من وادي البقاع».

وفي موازاة ذلك، أعلن الإعلام الحربي للمقاومة تدمير غرفة الإشارة المركزية لداعش في غارات سورية على مواقعه في مرتفع الحشيشات ومرتفع أبو حديج في جرود الجراجير ومرتفعات جرود قارة.

وأوضح رئيس بلدية عرسال باسل الحجيري في اتصال مع «البناء» أنه «لم يتم التعرف على الجثة المتحللة التي عثر عليها الجيش خلال تمشيطه الجرود ونقلت الى مستشفى الرحمة في عرسال»، موضحاً، أن الجثة كانت «متحللة وبدا أن صاحبها توفي او قتل منذ نحو شهر». ولم تستبعد مصادر أن تكون الجثة لأحد المسلحين تمت تصفيته سابقاً، بخاصة أن تلك المنطقة شهدت عمليات تصفية بين صفوف تنظيمي النصرة وداعش».

وفي تطور أمني لافت في توقيته، أطلق مسلحون فلسطينيون متطرفون النار من داخل مخيم عين الحلوة في صيدا على الجيش اللبناني قرب الجدار الأمني الذي يتم استكمال بنائه لمنع الإرهابيين من التسلل وإجبارهم على استخدام المعابر الشرعية.

.. وجلسة تشريعية

وحضر موضوع التضامن مع الجيش في معركته في الجرود وزيارة الوزراء الى سورية، في الجلسة التشريعية التي عُقدت أمس، برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فقد أبدى النائب نقولا فتوش استغرابه رفض البعض زيارة سورية في ظل وجود أكثر من 36 اتفاقية مشتركة بين البلدين، وقال «هناك شخصيات تذهب بالخفاء.. فكفى مكابرة».

وطالب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي عمار المجلس والحكومة بـ «إصدار موقف داعم ومؤيد للجيش اللبناني الذي يتحضر لتطهير جرود رأس بعلبك والقاع من إرهابيي داعش».

وفي حين غابت سلسلة الرتب والرواتب عن جدول أعمال الجلسة وعن نقاشات الوزراء، حضرت تعديلاتها في لقاء سبق انعقادها جمع كلاً من الرئيس بري والنائبين إبراهيم كنعان وجورج عدوان في مكتب رئيس المجلس، تمّ خلاله البحث في مشاريع القوانين المعجلة المكررة التي سيتم إرسالها الى المجلس، وعددُها على الأرجح 8، ليتم في ضوئها إدخال التعديلات الى السلسلة. وأشار كنعان في مؤتمر صحافي من ساحة النجمة الى ان «اقتراحات القوانين المرتبطة بالسلسلة حصل التوافق عليها، وستسلك مسارها القانوني بعد نشر القانون في الجريدة الرسمية»، كاشفاً «أننا أعددنا اقتراح قانون يحافظ على صندوق تعاضد القضاة، وأن الاقتراحات المرتبطة بالسلسلة تشمل الشهداء والجرحى وذوي الاحتياجات الخاصة وعدم إخضاعهم للتقسيط او التجزئة، وأن من الاقتراحات أيضاً الغاء الازدواجية الضريبية في ما يتعلق بالمهن الحرة وإلغاء الرسوم على المشروبات الروحية». وعن تمويل السلسلة والتعديلات، قال كنعان: ستأخذ مسارها الصحيح في الأيام المقبلة وضبط الإنفاق يجب ان يطال الهدر والأبنية المؤجرة لا حقوق من يتفانى في خدمة دولته»، سائلاً «هل يعقل ان تتكبد الخزينة 400 مليار لجمعيات لا تتوخى الربح وتمارس الدولة في المقابل التقشف على حقوق المتقاعدين؟».

وكان الرئيس بري قد أكد أن «البحث في التعديلات التي سيتمّ إدخالها الى قانوني سلسلة الرتب والرواتب وضرائبها، لن يحصل قبل توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عليهما ونشرهما في الجريدة الرسمية».

ولم يبتّ المجلس النيابي من جدول الأعمال المثقل بالمشاريع والاقتراحات، سوى التصديق على 7 قوانين، لعلّ أبرزها الاقتراح الرامي الى تنظيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص لما يحمل من أهمية يحتاجها البلد، كما قال الرئيس بري، والاقتراح الذي ينصّ على إنشاء محافظة في جبل لبنان في قضاءي كسروان وجبيل المقدّم من النائب نعمة الله أبي نصر.

وألغى المجلس بالإجماع المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني التي تُعفي المغتصب من العقوبة على الرغم من زواجه من الضحية بعد مناشدات من الجمعيات الحقوقية، وصادق أيضًا على المشروع الرامي الى حماية الحيوانات والرفق بها بعد نقاش مطوّل حول إشكالية الذبح في المسالخ أو إعطاء الملاحم الخاصة رخصًا، كما وافق على إبرام اتفاقية بين لبنان وروسيا حول نقل الأشخاص المحكومين، واتفاقية أخرى بين لبنان والمجموعة الأوروبية لتسوية النزاعات حول الأحكام التجارية.

وردّ مجلس النواب المشروع المتعلق باستفادة حملة الشهادات الجامعية من الحقوق الممنوحة لحملة الإجازات التعليمية الى لجنة المال والموازنة، فيما صادق على الاقتراح الرامي الى تعديل البند الثاني من المادة التاسعة من قانون رقم 717 الصادر عام 1998 والمرتبط بأساتذة الجامعة اللبنانية.

وبعد اعتراض رئيس الحكومة سعد الحريري على تكبيده الدولة أعباءً مالية إضافية، ولا سيّما عقب إقرار سلسلة الرتب والرواتب، أُرجئ البتّ في الاقتراح الرامي الى إفادة المتعاقدين في الإدارات العامة وسائر المتعاقدين وفقًا للأصول، وبدوام لا يقلّ عن الدوام الرسمي من نظام التقاعد وتقديمات تعاونية موظّفي الدولة، الى أن تنتهي اللجنة الفرعية المعنية بهذا الموضوع والتي يترأسها النائب عاطف مجدلاني من دراسة ضمان الشيخوخة، واذا لم تصل الى نتيجة بعد شهر من ذلك يُعيد الرئيس بري طرح القانون على الهيئة العامة.

ورفع الرئيس بري الجلسة التشريعية المسائية لعدم اكتمال النصاب. وقال للنواب: «لا ترتبطوا بمواعيد يوميْ الثلاثاء والاربعاء».

وفي حين يتجه رئيس الجمهورية الى توقيع قانون السلسلة، طلب عون من وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، التشدد في تطبيق الإجراءات التي تحمي المستهلك اللبناني وتمنع ارتفاع اسعار السلع بشكل عشوائي وتضع حداً لأي تجاوزات تضر بمصلحة المواطنين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى