اجتماعات عسكرية أميركية روسية تركية إيرانية متتابعة محورها إدلب والنصرة الجيشان اللبناني والسوري والمقاومة في الجرود: تضييق الخناق بالقضم والنار

كتب المحرّر السياسي

بينما تحتفل سورية بانتصاراتها المتدحرجة عسكرياً وسياسياً وتتوّجها عبر منصة افتتاح معرض دمشق الدولي، والمزيد من انتصارات جيشها، والمزيد من التسويات وآخرها انضمام فيلق الرحمن لمناطق التهدئة في الغوطة منفصلاً عن جبهة النصرة، ومع كلّ ذلك المزيد من الاعتراف بتعافيها وانتقال عنوان سورية الخارجي من حديث الحرب، إلى حديث الإعمار، كما قالت المستشارة السياسية للرئيس السوري الدكتورة بثينة شعبان بمناسبة افتتاح معرض دمشق الدولي، بدا العالم منشغلاً مرة أخرى بالسؤال عن مرحلة ما بعد داعش، الذي يبدو ينزلق من هزيمته المحققة في سورية والعراق إلى التموضع مجدّداً في بلاد الغرب بصورة تثير الرعب والذعر أمام عجز في أدوات المواجهة، بتقابل عنصريتين مريضتين، ونفاق سياسي رسمي معهما ومع مصادرهما، تحت عنوان ازدواجية التعامل مع الإرهاب وتبرير استخدامه لتحقيق أهداف سياسية، ومسايرة المزاج العنصري الأبيض بدواعٍ انتخابية، والتغاضي عن مراكز تصدير ثقافة التطرف في الخليج، بذرائع اقتصادية ومصلحية بعضها شخصي ورخيص أحياناً.

وحدَها «إسرائيل» وجدت في العمليات الإرهابية فرصتها لتشبيه الأدوات بما يستخدمه الفلسطينيون في عملياتهم، للقول تعانون ما نعانيه، فيما يبدو أنه اسنتساخ غير بريء لخدمة «إسرائيل» تعتمده استراتيجية داعش التي لم يعد خافياً حجم علاقتها وسائر تشكيلات القاعدة ومتفرّعاتها بـ«إسرائيل»، لكن «إسرائيل» كانت منشغلة بالحرب المندلعة على شبكات التواصل، مع حملة أطبقها مؤيدون للمقاومة بعرض أدوات سيضطر «الإسرائيليون» لاستعمالها في الحرب المقبلة، إذا استهدفت مستوعبات المواد الكيميائية أو مفاعل ديمونا، لتتولى شركة «إسرائيلية» اسمها ويب يورسيلف، حملة دعائية رداً على حزب الله تضمّنت موادّ عن الذي «ينتظر عناصر حزب الله في الحرب المقبلة»، حسب تعبيرها.

وعلى صورة الشركة «الإسرائيلية» التي كتبت «لن تنجحوا بالهروب من طائرة أف 35» ردّ مناصرون لحزب الله بـ «نحن ننتظر»، وأيضاً رداً على القبّة الحديدية نشر «لا قبّة ستعلو في فلسطين إلا قبة الصخرة».

تعقيب موقع «يديعوت أحرونوت» على المواجهة الإعلامية كان أننا في كلّ مرة نواجه حزب الله إعلامياً نشعر بالضعف.

في تطوّرات الميدان السوري تتصدّر إدلب ومصير الحرب مع جبهة النصرة التي وضعها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أولوية للتفاهم على مستقبل الحرب على داعش، متهماً واشنطن بادّخار النصرة لمواصلة حرب لاحقة ضدّ الرئيس السوري، ما أسفر تفاهماً روسياً أميركياً على لقاء لوزير الدفاع الأميركي ورئيس الأركان الروسي في أنقرة مع رئيس الأركان التركي مخصّصاً لبحث إدلب والنصرة، بينما كان الرئيس التركي ورئيس أركان الجيش التركي قد التقيا برئيس الأركان الإيراني على مدى ساعات للموضوع نفسه، فيما أفادت معلومات مصادر واسعة الإطلاع بأنّ ضمّ إدلب لمناطق التهدئة قد وضع على نار حامية.

الجبهة الثانية كانت جرود القلمون التي يسيطر على جزء منها تنظيم داعش داخل الأراضي اللبنانية والسورية، حيث بدا أنّ الحملة العسكرية للجيشين اللبناني والسوري وقوات المقاومة قد بدأت تحت عنوان تضييق الخناق في مرحلة أولى، عنوانها القضم الجغرافي لمناطق وتلال حساسة وحاكمة من الجهتين اللبنانية والسورية وغطاء ناري مكثف يستهدف المواقع القيادية وخطوط الإمداد داخل الجرود لمسلحي داعش.

في السياسة اللبنانية الداخلية بقيت مشاركة الوزراء اللبنانيين في افتتاح معرض دمشق الدولي موضع تعليقات وسجالات، أضاءت جميعها على حقيقة أنّ ثمة شيئاً كبيراً قد تغيّر في سورية، حيث غابت لغة الحديث عن الحرب ورهاناتها، وصار التسليم بسورية جديدة تخرج من تحت ركام الحرب وتنفض رماده عنها، بمعزل عن الشعور بالرضى أو الخيبة كحصيلة.

«التيار الحر»: لا خلاف مع 8 آذار ونؤيّد زيارة سورية

نجحت زيارة الوفد الوزاري الى سورية للمشاركة في افتتاح معرض دمشق الدولي والمستمر حتى 26 الحالي، بتأكيد عمق العلاقات اللبنانية السورية، حيث أثبتت الوقائع حاجة لبنان إلى تطوير هذه العلاقة على الصعد كافة، كما أسقطت زيارة الوفد والترحيب الذي لاقاه من الحكومة والشعب في سورية أحلام ورهانات بعض القوى المحلية والخارجية على تكريس القطيعة بين الدولتين وتحويل العلاقات المميزة حالة عداء، لتمرير مشاريع سياسية وأمنية وعسكرية باتت من الماضي لا سيما تدويل الحدود اللبنانية السورية مع نجاح المقاومة والجيش السوري في استئصال تنظيم «جبهة النصرة» من جرود عرسال والعملية العسكرية التي يشنّها الجيش اللبناني لقطع رأس تنظيم «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع.

وقد فتحت لقاءات الوزراء غازي زعيتر وحسين الحاج حسن ويوسف فنيانوس وما تضمنته من عروض مغرية، نافذة اقتصادية وتجارية هامة للاقتصاد اللبناني ستمكّنه من معالجة الكثير من مشاكله وأزماته الاقتصادية والمالية والحياتية المزمنة والحدّ من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان، إن أحسن استثمار هذه العروض وتجاوز الحسابات السياسية المحلية والمصالح الحزبية والانتخابية وغلّب المصلحة الوطنية دون المصلحة الخارجية.

وقد دأبت وسائل إعلام السعودية وتيار «المستقبل» و14 آذار أمس، على استغلال عدم انضمام وزير الاقتصاد رائد خوري إلى الوفد الوزاري وتفسير موقف التيار الوطني الحرّ، بما يخدم الحملة على زيارة الوزراء والتهجم على سورية، لكن مصادر نيابية في التيار الوطني الحر أوضحت لـ «البناء» أن «التيار لم يعارض زيارة الوزراء الى سورية، بل يؤيد هذه الزيارة وكان يفضّل أن تكون رسمية وعلنية لإظهار رغبة لبنان بإقامة أفضل العلاقات مع سورية وتطويرها على الصعد كافة، لكن لم يحصل توافق في مجلس الوزراء على هذه الزيارة. وهذا ما منع وزير الاقتصاد من أن يكون في عداد الوفد»، موضحة أن «هذا لا يعني أن التيار أو رئيس الجمهورية يعارضان زيارة الوزراء الثلاثة، لا سيما أن العلاقات قائمة مع سورية والحدود مفتوحة على التبادل التجاري والتنسيق الأمني والعسكري حاصل حكماً في معركة الجرود، فضلاً عن وجود تمثيل دبلوماسي ومجلس أعلى بين الدولتين، وبالتالي لا تتوقف العلاقة على زيارة وزير أو أكثر». وأشارت المصادر الى أن «وزراء التيار لم يعارضوا الزيارة خلال جلسة مجلس الوزراء بل طالبوا رئيس الحكومة بأن تكون الزيارة رسمية، وباسم الحكومة للمشاركة في معرض الدولي في دمشق، لتأكيد عمق العلاقة والانفتاح مع سورية، وأكدوا أن للوزراء صلاحية الذهاب الى أي دولة، لكن حريصون من جهة ثانية على وحدة واستقرار الحكومة».

وإذا أبدت استغرابها حيال التضخيم الإعلامي للزيارة وتشويه موقف التيار الوطني الحر ووضعه في إطار آخر، نفت المصادر أي خلاف بين «التيار» وحزب الله وفريق 8 آذار، واضعة هذه التحليلات في إطار ضرب العلاقة الاستراتيجية بين هذه المكوّنات، مشيرة الى أن «التيار يدعم تطوير العلاقة مع سورية ومع الدول العربية كلها». ودعت المصادر الحكومة الى قبول العرض السوري بتزويد لبنان المزيد من الكهرباء، متسائلة: إذا كان لبنان يستورد 400 ميغاواط من سورية، فما الذي يمنع من أن يستورد 500 إضافية وبأقل كلفة من مكان آخر؟

وكان رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل قد أشار عبر تويتر الى أننا «عبّرنا عن الرغبة الاقتصادية، بحضور معرض دمشق وعن الإرادة السياسية بعلاقة جيدة مع سورية. أمّا وقد عرض الموضوع على مجلس الوزراء دون الموافقة، فلم يعدّ يصحّ الذهاب، لأنّ مشاركتنا أردناها رسمية باسم لبنان… وبالنسبة للمشاركة الفرديّة فهي شأننا، ونحن نقوم بها كما يلزم».

سجال الحريري – ميقاتي…

على صعيد آخر، أظهر السجال الافتراضي الذي دار الجزء الأكبر منه على «تويتر» بين رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، عمق الخلافات السياسية والانتخابية والتي طفت على السطح أمس، على خلفية أسئلة وجّهها ميقاتي الى الحريري عن إنجازات الحكومة الحالية، وقال إنه ينتظر أجوبة من رئيس الحكومة عليها، ما استدعى رداً من الحريري عبر صفحته الخاصة على «تويتر» قائلاً: «بدي اشكر بيان الرئيس ميقاتي عن إنجازات حكومتنا بس لو يتكرّم يخبرنا إنجازات حكومته. احترنا يا دولتك معك. على كل حال قريباً حا تسمع ردّي».

وعاد وردّ ميقاتي على الحريري قائلاً: «نحن لسنا بصدد مبارزة، بل ننتظر منكم يا دولة الرئيس أجوبة مقنعة للرأي العام وله الحكم الأول والأخير».

وقالت مصادر قيادية مطلعة في تيار المستقبل لـ«البناء» إن «الأمر لا يعدو كونه «زكزكات» سياسية وإعلامية من الرئيس ميقاتي الذي يحاول استغلال بعض الثغرات في الحكومة الحالية للاستفادة منها انتخابياً، لكنها لفتت الى «أنه من المبكر الحديث عن الانتخابات النيابية المقبلة ولا زال هناك متسع من الوقت، لكن يبدو أن ميقاتي يريد أن يفتح الانتخابات في وقت مبكر».

وعن حضور «المستقبل» الانتخابي في طرابلس، أشارت المصادر الى أن «التيار ليس واثقاً من فوزه في الانتخابات المقبلة، لكنه يعمل على تثبيت وتقوية حضوره. والأمر يرتبط بمدى نجاح الحريري في مهمته كرئيس حكومة في الأشهر المقبلة المتبقية قبل موعد الانتخابات وعلى صعيد إنشاء المشاريع الإنمائية للمدينة».

وعن مصير «التيار» في حال تحالف ميقاتي ووزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي، أجابت المصادر: «أهلاً بالمعركة، سنخوض ولن نتحالف مع أي من الطرفين»، ولفتت الى أن «ميقاتي سيسمع قريباً الإجابات على أسئلته من الحريري عن إنجازات الحكومة وآخرها افتتاح محطة التحويل الرئيسية للكهرباء في البحصاص طرابلس، فضلاً عن أنها حققت الاستقرار الأمني والسياسي، ولو أنها قصرت في ملفات عدة، لكن الامر جيد حتى الآن في ظل التناقضات في المصالح والاختلافات السياسية بين مكوّنات الحكومة».

هدوء حذر في عين الحلوة

على جبهة عين الحلوة، خيّم الهدوء الحذر على مخيم عين الحلوة أمس، بعد الاشتباكات التي اندلعت ليل الخميس الماضي بين مجموعة بلال العرقوب المقرّب من المطلوب بلال بدر، وبين القوة الامنية المشتركة، بعد أن تمكنت القوة المشتركة من تطويق الاشتباك والردّ بالنار على المجموعة ودفعها للانسحاب الى محور آخر في حي الصفصاف وإحراق منزل العرقوب. وقد أدت الاشتباكات الى مقتل نجل العرقوب وسقوط ضابط وجريحين من حركة فتح وثلاثة جرحى من حركة أنصار الله.

وقالت مصادر في اللجنة الأمنية العليا لـ «البناء» إن «الجهود التي بذلتها القوة الأمنية الفلسطينية على الأرض أدّت إلى فرض وقف اطلاق النار»، واستبعدت المصادر أن تتوسّع دائرة الاشتباكات الى خارج المخيم، مشدّدة على أن «التواصل قائم بين جميع الفصائل وما تمّ الاتفاق عليه عشية الاشتباكات تم تنفيذه أمس»، وشدّدت على أن الفصائل لن تسمح باستخدام بعض الجماعات المتطرفة للمخيم ضد الدولة اللبنانية أو التشويش على الجيش اللبناني وإرباكه في معركته مع الإرهاب في الجرود، وكشفت مصادر فلسطينية داخل المخيم لـ «البناء» أن «المطلوبين للعدالة شادي المولوي وفضل شاكر يتواصلان مع جهة قريبة من تنظيم داعش يطلبان من قيادة التنظيم شمولهما في أي صفقة تبادل مع الدولة اللبنانية بعد جلاء صورة المعركة التي يشنها الجيش اللبناني ضد مواقع التنظيم في الجرود».

معركة الجرود: الجيش مستمرّ في القضم

على ضفة الجرود، يواصل الجيش قضم التلال الحاكمة المشرفة على مواقع تنظيم «داعش» لإحكام الطوق عليه تمهيداً للهجوم البري.

وبالتوازي شنت المقاومة الإسلامية هجوماً على مواقع داعش في مرتفعات شعبة يونس، حرف وادي الدب، شعبة المحبس الأولى، حرف الحشيشات وقرنة الحشيشات بين جرود الجراجير وجرود عرسال عند الحدود السورية الغربية مع لبنان وحرّرتها، ورفعت راية المقاومة عليها بعدما قتلت حاميتها وسيطرت عليها بالكامل.

وفي سياق ذلك، أفاد الإعلام الحربي التابع للمقاومة أن الطيران السوري نفّذ 20 غارة جوية على تجمعات ونقاط انتشار مسلحي داعش في جرود قارة والجراجير في القلمون الغربي.

وعثرت وحدة الاستخبارات اللبنانية على مخزن اسلحة يضم ذخائر وصواريخ حرارية وقذائف صاروخية ومدفعية هاون من العيار الثقيل في وادي حميد في جرود عرسال تعود لإرهابيي النصرة قبل اندحارهم عن المنطقة. وكشف مصدر عسكري لـ«البناء»، «أن المخزن يحوي على كميات كبيرة من السلاح المختلف والمتعدد الاستخدام، وأهمها الصواريخ المزوّدة حرارياً والتي تستخدم ضد المدرعات والطائرات الحربية والمروحية الهجومية العسكرية».

وزار قائد الجيش العماد جوزيف عون ومدير المخابرات العميد طوني منصور رئيس الحكومة سعد الحريري في بيت الوسط، وتمّ عرض للأوضاع الأمنية في البلاد، خصوصاً في البقاع الشمالي، في ضوء الإجراءات التي ينفذها الجيش لمواجهة التنظيمات الإرهابية في المنطقة.

..وجلسة تشريعية الثلاثاء والأربعاء

تشريعياً، وفي إطار تفعيل عجلة التشريع، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى جلسة مناقشة عامة صباح الثلثاء والأربعاء المقبلين في 22 و 23 آب الحالي، نهاراً ومساء لاستكمال إقرار مشاريع واقتراحات القوانين الباقية على جدول أعمال الجلسة السابقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى