الدورة التاسعة والخمسون لمعرض دمشق الدولي… عرس لانتصار إرادة الحياة… «ربيعهم» ولّى وعاد الصيف إلى سورية

إنعام خرّوبي ـ دمشق

ولّى الربيع العربي المظلم وعاد صيف إلى سورية حاملاً بشارة النصر والسلام والتعافي الاقتصادي وتجسّد بعودة أضخم الفعاليات الاقتصادية في سورية ومنطقة الشرق الأوسط التي اشتهرت بها العاصمة السورية منذ أواسط خمسينات القرن الماضي.

رغم العقوبات والحصار والتدمير الذي لحق ببناها التحتية على أيدي العصابات الإرهابية المدعومة من دول العالم شرقاً وغرباً، ها هم أبناؤها يعيدون إليها ألقاً يليق بها ويعملون كخلية نحل، رئيساً ومسؤولين وتجاراً وصناعيين لإنجاح الدورة التاسعة والخمسين من «معرض دمشق الدولي».

على أرض مدينة المعارض ـ طريق مطار دمشق الدولي، احتشدت وفود الشركات العربية والأجنبية رغم أنّ بعضها لم تتح له فرصة المشاركة نظراً إلى الإقبال غير المتوقع من العارضين من كلّ أنحاء العالم روسيا، إيران، تشيكيا، لبنان، بريطانيا، ألمانيا، وغيرها . بعضها شارك بشكل رسمي مثل روسيا وإيران وبعضها الآخر عبر شركات مثل بريطانيا وألمانيا.

عند الثامنة من مساء الخميس كان الافتتاح الضخم، برعاية الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد ممثلاً برئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس، وبحضور لافت للوفد اللبناني الذي ضمّ وزير الصناعة حسين الحاج حسن ووزير الزراعة غازي زعيتر ووزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس وعدد كبير من رجال الأعمال والصناعيين والتجار، إضافة إلى عدد من الوزراء السوريين وحشد من الفاعليات الاقتصادية ورجال الأعمال.

ورأى خميس في كلمة ألقاها خلال الافتتاح، أنّ الاقتصاد الذي صمد طيلة هذه الأزمة يستحق أن يكون شريكاً موثوقاً للحاضر وللمستقبل»، لافتاً إلى أنّ عودة الحياة إلى المعرض وبمشاركة واسعة وكثيفة من الشركات المحلية والخارجية تعني أنّ الحرب فشلت رسمياً في النيل من مؤسّسات الدولة الدولة السورية وفشلت في قتل إصرار وإرادة السوريين الذين لم ترهبهم طوال السنوات السابقة قذائف الحقد ولم تمنعهم التفجيرات الإرهابية من التوجه إلى أعمالهم والتواجد حيث يريد الوطن وتكمن مصلحته.

وأكد أنّ النجاح في إعادة دوران عجلة الإنتاج في ظلّ ظروف الحرب وآثارها يشير إلى أنّ عزيمة السوريين في مرحلة إعادة البناء والإعمار لا تقلّ عن عزيمتهم التي هزمت الإرهاب.

واعتبر أنّ مؤازرة العديد من الأشقاء والأصدقاء لسورية في إعادة إحياء أقدم فعالية اقتصادية واجتماعية يؤكد أنّ سورية ليست وحدها في حربها ضدّ الإرهاب المهدّد للمنطقة والعالم.

وزير الاقتصاد

وفي حديث لـ«البناء» على هامش الافتتاح، أعرب وزير الاقتصاد السوري سامر خليل عن سعادته بحضور الوزراء اللبنانيين «المهمّ جداً» للمعرض، بالإضافة إلى وجود الشركات اللبنانية. وقال: «إنّ مشاركة كلّ دولة في المعرض سواء بصفة رسمية أو عن طريق وفود اتحادات الغرف التجارية أو الصناعية أو غيرها تدلّ على اهتمام تلك الدول بتعزيز العلاقات الثنائية مع سورية ورفع مستوى التبادل التجاري وزيادة الفرص الاستثمارية الموجودة في سورية، ونحن نرحب بالأشقاء دوماً».

وشدّد على أنّ للمعرض رسالتين: الأولى رسالة الحياة والثانية هي بدء التعافي الاقتصادي في سورية. وقال: «لا يمكن أن يكون هناك معرض من دون أن تكون هناك قطاعات منتجة لسلع ومواد قابلة للترويج والمنافسة من حيث الجودة والسعر». ولفت إلى «أنّ كلّ الجهات القيمة على التحضير للمعرض تعمل ببهجة وسرور لأنها تحضّر لعرس وطني حقيقي.. عرس انتصار سورية، وكلما كانت هناك إنجازات للجيش العربي السوري على المستوى الميداني وبسط الأمان في رقعة جغرافية معينة كلما رأينا قطاعات الإنتاج تعمل بشكل أوسع. واليوم تدلّ المؤشرات على نجاح المعرض من الساعات الأولى».

وأشار إلى «أنّ المنتج السوري استطاع أن يتغلب على الأزمة في القطاعين العام والخاص واستطاع أن يثبت أنه يتمتّع بالمرونة اللازمة ليتكيّف مع هذه الظروف. وقد كان الصناعيون ينتقلون أحياناً من المعامل التي ضُربت بسبب الظروف إلى العمل في ورش واستمرت في الإنتاج وفي تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير».

وزير السياحة

وأشار وزير السياحة السوري بشر يازجي إلى أنّ الوزارة عملت جاهدة على تأمين الخدمات اللازمة لزوار سورية، بدءاً من سِمات الدخول مروراً بالاستقبال في المطار وانتهاء بموضوع الإقامة والحسومات في فنادق دمشق، بشكل عام، والبرامج السياحية المرافقة للمعرض». وقال في حديث لـ«البناء»: «سجّلنا عدداً كبيراً من الزوّار في هذه الفترة، من المغتربين السوريين والسياح من دول العالم كافة، وقد وصلت نسبة الإشغال إلى 100 في المئة، وهذا دليل على أنّ الإقبال كبير ليس فقط من قبل العارضين وإنما أيضاً من زوار معرض دمشق الدولي، إضافة إلى مشاركة كبيرة جداً من الشركات الأجنبية والتجار والصناعيين السوريين».

وختم يازجي بأنّ إقامة المعرض «تكذيب لكلّ البروباغندا الإعلامية التي حاولت أن تنال من صورة سورية خلال الفترة الماضية. فرغم الحرب لم يتوقف نبض الحياة في سورية وحتى اليوم لم يتوقف القطاع السياحي ودائماً تكون نسبة الإشغال في الفنادق جيدة ولا يمكن لأحد اليوم إنكار دخول سورية مرحلة الانتصار والتعافي الاقصادي. إذاً عودة المعرض هي رسالة اقتصادية وسياسية وإعلامية وترجمة للانتصارات الميدانية التي حققها جيشنا».

وزير الاعلام

أما وزير الإعلام السوري رامز ترجمان، فقال لـ«البناء» إنّ المعرض «إنجاز كبير وضخم ورسالة تحدّ بأنّ سورية مصمِّمة على الحياة وأنّ عجلة الإنتاج ستدور والاقتصاد السوري سيتعافى رغم الحصار المفروض عليه من دول العدوان، ورغم الخراب الذي خلّفته العصابات الإرهابية المسلحة». وأضاف: «الشعب السوري مصمِّم على الحياة وثقافة الحياة لديه تتغلب على ثقافة القتل والموت وسفك الدماء. وسوف يبني السوريون وطنهم ومستقبلهم بالأمل والمحبة والسلام».

رئيس الوفد الروسي

بحسب وزير الاقتصاد السوري، وصل عدد الدولة المشاركة إلى 43 والشركات إلى 1562 وتمّ حجز مساحات الأجنحة بالكامل على امتداد 60 ألف متر مربع.

وفي السياق تحدث رئيس الوفد الروسي إلى المعرض ألكسندر فيكتورفيتش إيونوف لـ«البناء» عن المشاركة الرسمية لبلاده، لافتاً إلى «أنّ الوفد الروسي مكوّن من مجموعة من الشركات الضخمة في مجال التصنيع والاستيراد والتصدير، يقدّر عددها بأكثر من30 شركة».

وأكد أنّ مشاركة روسيا في مؤتمر إعادة الإعمار «ضرورية وأساسية لإعادة بناء ما هدمه الإرهاب». وقال: «سوف نستمرّ في التعاون وتقديم الدعم والمساعدة لسورية، خاصة في مجال إعادة بناء البنى التحتية التي هدمها الإرهاب وبكلّ تأكيد سوف ننجح في ذلك».

وكشف إيونوف أنّ حجم الاستثمارات الروسية التي سوف تطرح في المعرض «يتجاوز30 مليون دولار وهي عبارة عن مشاريع متعلقة بحافلات النقل والمعدات اللازمة للزراعة والبناء، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في مجال استخراج النفط وتخزينه وتصديره».

يذكر أنّ معرض دمشق الدولي مستمرّ حتى السادس والعشرين من الشهر الحالي وتتخلله حفلات فنية لنجوم سوريين وعرب أبرزهم معين شريف وعلي الديك ومحمد اسكندر ووفيق حبيب وفارس كرم وأيمن زبيب وغيرهم، بالإضافة إلى نشاطات أخرى وندوات متخصّصة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى