ائتلاف الدوحة وخيانة بالجملة…

جمال محسن العفلق

لم يكتف ما يسمّى ائتلاف الدوحه الخائن منذ تأسيسه في الدوحة على يد وزير الخارجية القطري وبمعنى أكثر دقة على يد أجهزة الاستخبارات التي اجتمعت في الدوحة وصنعت هذا الكيان الوهمي الذي ادّعى أنه ممثل للشعب السوري وسوّق له الإعلام وعقدت مؤتمرات في عواصم غربية وعربية لتسويق هذا الائتلاف والذي اتخذ من تركيا مقراً له ليكون تحت إدارة أردوغان وعصابته.

هذا الائتلاف لم يكتف بالتصفيق أول مرة عندما دخلت قوات تركية الأراضي السورية، وشجب إسقاط الدفاعات السورية لطائرة تركية، وردّد أعضاء الائتلاف ما طلب منهم حول مناطق عازلة، وكان هذا الائتلاف وما زال يسمّي المناطق الخاضعة للجماعات الإرهابية بـ«المناطق المحرّرة».

اليوم يخرج علينا هذا الائتلاف بتصريح يقول فيه وعلى لسان المدعو جواد أبو حطب إنّ «الجيش التركي مصدر أمن بالنسبة لهم، ودخوله إلى إدلب سيلاقي احتضاناً شعبياً دون أيّ تردّد».

في هذه العبارة يختصر هذا الائتلاف دوره، ولن اقول إنه يكشف نفسه أنه مجرد مجموعة من العملاء والخونة تعمل تحت جناج القوى المعادية لسورية وشعبها وللمنطقة بالكامل، فهذا الامر أصبح بديهياً منذ تبنّيهم لجبهة النصرة وأخواتها والتغطية على جرائم داعش والادّعاء بأنّ داعش من صنع النظام السوري وتزوير حقيقة الوضع الإنساني وتقديم صورة كاذبة عن حقيقة ما يحدث في المناطق التي خضعت للجماعات الإرهابية ما عدا المسرحيات التي قامت بها جماعة القبعات البيضاء بخصوص الملف الكيماوي.

نحن اليوم أمام تحدّ كبير على الصعيد السياسي والوطني، وهذا التحدّي بكيفية الحوار مع هؤلاء الخونة وكيف سنعلن بيوم من الأيام أنهم مرحّب بهم في الوطن وهم الذين يتخابرون ويخدمون جهات معادية لسورية وبالعلن ويستخدمون الإعلام لنشر خيانتهم للوطن وللشعب السوري.

قد يسأل أحدهم: لماذا تحرّمون على الائتلاف التعاون او التحالف مع دول وحكومتكم تتعاون مع إيران وروسيا وحزب الله والصين؟ قد يكون هذا السؤال مشروعاً لو كان المتحدث دولة موازية وليس أفراد يدّعون أنهم طليعة ثورية… وقد كرّرنا مراراً انّ للدول الحق في إنشاء التحالفات التي تجد فيها ضماناً لشعوبها وتتوافق مع مصالح أمنها الوطني. في المقابل يعتبر تخابر الأفراد مع جهات معادية صراحة للوطن خيانة عظمى، وهذا ليس قانوناً سورياً وحسب إنما هو قانون كلّ الدول التي تريد ان تحافظ على سيادتها الوطنية وأمنها القومي.

بالعودة إلى تصريح أبو حطب حول دخول الجيش التركي والادّعاء أنه سيلاقي احتضاناً شعبياً في مدينة إدلب فعن ايّ شعب يتحدث أبو حطب؟

هل يتحدث عن المدنيين المحاصرين من جبهة النصرة والعصابات الإرهابية أم عن الإرهابيين الذين نقلوا من الأراضي السورية واللبنانية إلى إدلب بعد أن عاثوا في الأرض فساداً؟ أم عن تجار البشر الذين يقتلون الناس ويرسلون الأعضاء البشرية عبر تركيا لشركات تتاجر بالأعضاء البشرية وتتاجر بالأطفال؟ هل اطلع أبو حطب على عدد السوريين الذين عادوا الى سورية منذ بداية هذا العام أم انه لا يعتبرهم من الشعب الذي ادّعى أنه يمثله كما ادّعى انه سيحتضن القوات التركية اذا ما غزت سورية؟

إنّ المشروع التركي ليس بالجديد وعقدة الأتراك بفكرة إحياء الدولة العثمانية ذات التاريخ السيّئ في المنطقة ما زالت حاضرة في أذهانهم وتعززت بتعاضم عقدة رجب طيب أردوغان وجنون العظمة الذي يعاني منه، فهو اليوم يمارس دور السلطان ويجمع حولة الأتباع وتموّله قطر و«إسرائيل» على حدّ سواء لاقتطاع أجزاء من سورية وصولاً إلى طرابلس في لبنان، فولاية حلب كما هي مرسومة تصل حدودها إلى طرابلس في لبنان، ويعتقد أردوغان انه سوف يملك الختم العثماني القديم ويوزع الألقاب على التابعين ويحيي ألقاب الباشا والبيك والآغا التي كان العثمانيون يمنحونها لمن يخدمهم ويسرق أموال الناس ويعطيهم إياها. وعلى ما يبدو أنّ أبا حطب وأمثاله لهم نصيب بهذه الألقاب.

ست سنوات وأكثر مرّت علينا سمعنا فيها تهديدات كثيرة أميركية وإسرائيلية وتركية وعربية، وتشكَّل تحالف دولي من ستين دولة ودُفعت الملايين على المرتزقة، تسليح ونقل ودعم والنتيجة انّ محور المقاومة ينتصر ويتقدّم ويحرّر أراضي بالجملة، ولن يكون الجيش التركي بالقوة الكبيرة التي سنعجز عن صدّها ولكن وجعنا بمن يدّعون أنهم شركاءنا في الوطن فيما هم يبيعون ما لا يملكون ويتاجرون باسم هذا الشعب حتى المساعدات الطبية الحقيقية سرقوها، فما تنشره مواقعهم عند كلّ خلاف بينهم تتحدّث عن ثروات بملايين الدولارات جمعت باسم الشعب السوري.

لم نشكّ بانتصارنا في يوم من الأيام، لكننا بالتأكيد لن نضع أيدينا بأيدي الخونة، فالعودة إلى حضن الوطن عبارة شائعة في سورية اليوم ولكنها لن تشمل من يجب محاكمتهم، قد يكون للقوى الدولية والقرارات السياسية لإنهاء هذه الحرب حسابات مختلفة عن حسابات الناس ولكن المحاكمة الشعبية لكلّ خائن قادمة دون أدنى شكّ، نحن لا نتحدّث عن نفوذ وصلاحيات سياسية هنا أو هناك، نحن نتحدث عن آلاف الشهداء والضحايا نتيجة عدوان دولي على وطن اسمه سورية. نتحدث عن الذين نقلوا السلاح عبر الحدود، عن قوى سياسية سمحت للجماعات الإرهابية بالتمركز في أراضيها لتكون نقطة انطلاق لقتاتل الجيش السوري، عن أفراد استخدموا كلّ إمكانياتهم للتغطية على معسكرات تدريب تحت اسم مخيمات لجوء.

على ائتلاف الدوحة ان ينتظر دوره بالتصفية فكما تمّ تصفية ستة من جماعة الخوذ البيضاء في إدلب وبقرار مخابراتي دولي لإخفاء عناصر مسرحية خان شيخون الكيماوية سيتمّ اتخاذ قرار بتصفيتهم من صانعيهم، فاللعبة انتهت تحت أقدام المنتصرين بالحرب. لكن الخونة لا يفهمون السياسة…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى