دمشق تطالب مجلس الأمن بمحاسبة التحالف الدوليّ على جرائمه.. وروسيا وتركيا تكثّفان الجهود لتخفيض التصعيد في سورية

أكّدت وزارة الخارجية والمغتربين أنّ تمادي الطيران الحربي الأميركي وطيران التحالف الدولي المزعوم باستهداف المدنيّين السوريّين واستمراره بتدمير البُنى التحتيّة، يشكّل انتهاكاً صارخاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي، ويؤكّد على تكريس الإدارات الأميركية المتعاقبة لشريعة قانون الغاب.

وجاء في رسالتَين وجّهتهما الوزارة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، حول مواصلة «التحالف» جرائمه بحق المدنيّين السوريين: «أضاف الطيران الحربي لـ«التحالف الدولي» الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركيّة مجزرة جديدة إلى سجلّه الإجرامي الحافل باستهداف المدنيّين والبُنى التحتيّة في سورية، وذلك يوم الثلاثاء 22 آب 2017، من خلال قصفه العنيف وبغارات متتالية للأحياء السكنيّة الآهلة بالمدنيّين في مدينة الرقة، الأمر الذي أدّى إلى استشهاد 78 مدنيّاً وجرح العشرات معظمهم من النساء والأطفال، علاوة على إلحاق دمار هائل بالبُنى التحتية والممتلكات العامّة والخاصة في المناطق المستهدفة».

وأضافت الوزارة: «إنّ تمادي الطيران الحربي الأميركي وطيران التحالف المزعوم في استهداف المدنيّين السوريّين، بمن فيهم النساء والأطفال، واستمراره بتدمير البُنى التحتيّة وقطع شرايين حياة المناطق المدنيّة المأهولة بالسكّان وباستخدام قنابل الفوسفور الأبيض المحظورة دولياً، إنّما يشكّل انتهاكاً صارخاً لأحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وصكوك حقوق الإنسان، ويؤكّد على تكريس الإدارات الأميركيّة المتعاقبة لشريعة الغاب بما يتعارض مع الدور المناط بها كعضو دائم في مجلس الأمن، المعنيّ أساساً بحفظ السّلم والأمن الدوليَّين.

وتابعت وزارة الخارجية والمغتربين: «تجدّد حكومة الجمهورية العربية السورية إدانتها لهذه الجرائم التي يرتكبها «التحالف الدولي»، والتي تمثّل جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وتكرّر دعوتها للدول التي ترتكب هذه الجرائم بِاسمها إلى الانسحاب من هذا «التحالف» والنأي بنفسها عن جرائمه، ولا سيّما بعدما تبيّن دوره الهدّام الذي يتناقض مع أهدافه المزعومة.

وختمت الوزارة رسالتَيْها بالقول: «كما تذكّر حكومة الجمهورية العربية السورية مجلس الأمن بمسوؤليّته الرئيسيّة في حفظ السلم والأمن الدوليَّين، وتدعوه لتنفيذ قراراته المتعلّقة بمكافحة الإرهاب وخاصة القرار 2253، والحيلولة بشكل فوريّ دون ارتكاب «التحالف» للمزيد من الجرائم بحقّ المدنيين الأبرياء في الجمهورية العربية السورية».

على صعيدٍ آخر، قالت مصادر رئاسيّة تركيّة، إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبلغ وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس، أنّ تركيا تشعر بالقلق إزاء الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب» الكرديّة السوريّة.

وقالت المصادر في بيان لها عقب اجتماعات بين ماتيس ومسؤولين أتراك، إنّ الجانبَيْن أكّدا أهميّة الحفاظ على وحدة أراضي سورية والعراق مع استعداد إقليم كردستان بشمال العراق لإجراء استفتاء على الاستقلال في أيلول المقبل.

وفي السّياق، أكّدت وزارة الخارجيّة الروسيّة، أنّ موسكو وأنقرة تكثّفان الجهود لإنشاء المنطقة الرابعة لخفض التصعيد في سورية.

وقالت الوزارة في ختام اللقاء الذي جمع ميخائيل بوغدانوف، مبعوث الرئيس الروسي إلى «الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية الروسي، مع نائب وزير الخارجية التركي، إنّه «تمّ خلال الاجتماع الإشارة بارتياح إلى أنّ مستوى العنف في سورية قد انخفض بدرجة كبيرة، نتيجة لإنشاء مناطق خفض التصعيد الثلاث في إطار عملية أستانة ».

وأضافت الوزارة، أنّه تمّ الاتفاق على تكثيف الجهود من أجل التنسيق بشأن منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب.

وكانت الجولة الخامسة للمحادثات في أستانة حول سورية، انعقدت لمناقشة الخيارات المتاحة لمناطق خفض التصعيد المستقبليّة.

فيما كانت النتيجة الرئيسيّة للجولات الأربع السابقة من المفاوضات هي الاتفاق بشأن وضعيّة الفريق التنفيذي المشترك المعنيّ برصد الهدنة في سورية، والتوقيع على مذكّرة تفاهم بشأن إنشاء مناطق وقف التصعيد.

وتمّ حتى يوم أمس، إنشاء ثلاث مناطق لخفض التصعيد، وهي: إلى الشمال من مدينة حمص، وفي منطقة الغوطة الشرقيّة وفي المنطقة على الحدود السوريّة مع الأردن.

هذا، ونشرت الشرطة العسكرية الروسيّة في مناطق خفض التصعيد، نقاط تفتيش ومراكز مراقبة.

ميدانياً، أكّد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو نجاح عملية إنشاء مناطق خفض التصعيد الأربع في سورية، مشيراً إلى توقّف الحرب الأهلية في البلاد عمليّاً.

وأوضح شويغو خلال لقاء عقده مع نظيره اللبناني يعقوب الصرّاف على هامش منتدى «الجيش-2017»، المنعقد في ضواحي موسكو، أنّ إنشاء مناطق خفض التصعيد أصبح ممكناً بفضل فصل المعارضة السوريّة المعتدلة عن الإرهابيّين.

وأوضح الوزير الروسيّ، أنّ إنشاء مناطق خفض التصعيد سمح بتركيز الجهود الأساسيّة على الحرب ضدّ تنظيمَي «جبهة النصرة» و«داعش» الإرهابيَّين والجماعات المنضوية تحت لوائهما، بدلاً من المواجهة بين المعارضة والسلطة.

وتابع أنّ التعاون الروسي اللبناني في هذا السياق يزداد أهميّة، محذّراً من أنّ لبنان يقع في «المنطقة المهدّدة بتمدّد رقعة عدم الاستقرار التي سبق لها أن عمّت سورية والعراق».

من جانبٍ آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسيّة أنّ مركز المراقبة المشتركة لمنطقة خفض التصعيد الجنوبيّة في سورية سيبدأ العمل في العاصمة الأردنيّة عمان أمس.

وأوضحت الوزارة، أنّ إنشاء المركز تمّ وفق الاتفاقات التي توصّلت إليها روسيا والولايات المتحدة والأردن مطلع الشهر الماضي.

وجاء في بيان الدفاع الروسيّة، أنّ المركز الذي يبدأ العمل اليوم أمس ، سيتولّى الرقابة على نظام وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد الجنوبيّة، التي تضمّ أجزاءً من محافظتَيْ درعا والقنيطرة السوريّتين. وسبق أن تحدّث مسؤولون روس وأميركيّون عن ضمّ أجزاء من محافظة السويداء إلى منطقة خفض التصعيد أيضاً، لكنّ هذه المحافظة ليست مشمولة بالخرائط التي نشرتها وزارة الدفاع قبل يومَيْن لمناطق خفض التصعيد في جنوب سورية وفي الغوطة الشرقي وفي حمص. وكان الجيش السوري قد حقّق نجاحات مهمّة في السويداء، وسيطر على كامل طول حدود المحافظة مع الأردن.

وأوضحت الوزارة، أنّ مهمّات المركز تتمثّل في الرقابة على نظام وقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانيّة من دون أيّة عوائق، إضافة إلى الرعاية الصحيّة للسكّان وتقديم مساعدات أخرى لهم.

وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركيّة قد كشفت أنّ مركز عمان سيضمّ مسؤولين من الولايات المتحدة وروسيا والأردن، ليتولّوا الرقابة على وقف إطلاق النار.

ورجّحت المجلة أن يكتفي الأميركيّون في المركز بالرقابة «عن بُعد»، إذ سيجلس ممثّلوهم مع الضباط الروس في مقرّهم بعمان. وأكّدت أنّ العسكريين الأميركيّين لا يخطّطون للعمل مباشرة مع الإيرانيّين أو الجيش السوري، إذ ستلعب روسيا دور الوسيط.

وفي السياق الميداني، توّج الجيش السوري وحلفاؤه هجماتهم الواسعة على مواقع إرهابيّي «داعش» في ريف حمص الشرقي بالنجاح. وكانت العمليات العسكرية على مواقع مسلّحي التنظيم في المنطقة الشرقية دخلت مرحلةً جديدةً وحاسمة، بعد الانتصارات التي حقّقتها القوات التي تتقدّم نحو دير الزور انطلاقًاً من بلدة السخنة.

الجيش السوري وحلفاؤه اقتربوا من إنهاء معاقل تنظيم «داعش» في ريف حمص الشرقي، حصار مسلّحي الأخير في مساحات واسعة وطردهم من بلدة حميمة منذ أيام وقبلها السخنة الاستراتيجية، أدّت لجعل الإرهابيّين متقهقرين غير قادرين على الصمود أمام القوّات التي باتت تتقدّم بمناطق ومساحات ما بعد السخنة على طريق دير الزور.

وفي هذا السِّياق، كشف مصدرٌ عسكريّ سوريّ، أنّ «الجيش السوري وحلفاءه يتابعون عمليّاتهم العسكرية في ريف حمص الشرقيّ نحو ريف دير الزور، وسيطروا على وادي أبو زلة واصلين بهذا التقدّم لمنطقة خشم الضويحك شمال شرقي مدينة السخنة بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيّي «داعش»، أدّت لمقتل عدد كبير منهم».

وأضاف المصدر، أنّ «هذا التقدّم أتى بعد زحف سريع للقوّات على هذا المحور بمسافة عشرة كيلومترات تضمّ عدداً من المرتفعات والنقاط الحاكمة، ليصبح عُمق المسافة الكاملة التي تقدّم الجيش خلالها نحو خمسة عشر كيلومتراً».

وكان الجيش قد واصل تقدّمه أيضاً، حيث أكّد المصدر العسكري أنّ «وحدات الجيش المهاجمة وحلفاءها استعادوا السيطرة على منطقة جديدة غرب جبل الشاعر بريف حمص الشرقي، وتضمّ قارة العريضة وتلول قارة الطحين وقبور الشعلان وبعض النقاط الحاكمة شرق قارة العريضة وجنوب شرقي خربة الحيوانية».

وأشار المصدر إلى أنّ «إرهابيّي «داعش» منهارون في هذه المنطقة ويحاولون الفرار من التطويق الذي يسعى الجيش وحلفاؤه لفرضه عليهم من جهة أخرى، حيث تتقدّم القوّات على حساب مسلّحي التنظيم مستعيدةً قرية الطيبة وقلعتها، إضافةً إلى ضهر الحمرا وصيدة السن واللاطوم الشرقي واللاطوم الغربي الواقعين في منطقة جبليّة شديدة الوعورة».

إلى ذلك، أعربت الأمم المتحدة عن قلقلها إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عدد كبير من المدنيّين في الرقة جرّاء قصف التحالف الدوليّ للمدينة، ودعت إلى اتّخاذ كافة التدبير للحفاظ على أرواح المدنيّين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى