موسكو تردّ على نتنياهو: توحيد منظومات الدفاع الجويّ في سورية بدائرة 400 كلم وارتفاع 35 كلم المستقبل والقوات يتهرّبان من الجواب على خيارات نصرالله… ويؤكدان وجود أمر عمليات أميركي

كتب المحرّر السياسي

تسير متسارعة الخطى السياسية على إيقاع انتصارات ميدانية تسجّلها الجيوش السورية والعراقية واللبنانية ومعها الحشد الشعبي والمقاومة اللبنانية ومن ورائها روسيا وإيران، بحيث بات عنوان السياسة تموضع الدول المتورّطة بالحرب على سورية على ضفاف تسويات، تجلب إليها واجهاتها المعارضة إلى مساري أستانة وجنيف، للانضواء في صيغة سياسية عنوانها سورية موحّدة برئيسها وجيشها وثوابتها وتحالفاتها. فتتحرك تركيا على مسار أستانة لتجميع الجماعات المسلحة التي تشغّلها للانخراط في الحرب على جبهة النصرة مقابل ضمانات عدم قيام كيان كردي على الحدود، بينما تطلب السعودية منحها المزيد من الوقت لترتيب أوراق المعارضة، وفكّها وإعادة تركيبها بما يتلاءم مع السقوف الجديدة، التي قالت مصادر متابعة لتحضيرات لقاءات جنيف السياسية، إنها تحتاج لمعارضة مهذّبة لم يعتد لسانها على التهجّم على الرئيس السوري. ولهذا تحدثت المصادر عن تلبية الطلب السعودي بتأجيل جنيف لمنتصف شهر تشرين الأول، بينما يُعقد لقاء أستانة منتصف أيلول المقبل.

«إسرائيل» التي كانت في طليعة أصحاب مشروع الحرب على سورية، تشعر بعزلتها، بعدما فقدت الإغراءات الجاذبة لبناء حلف لتعطيل مسارات التسويات، وتستشعر ما تسمّيه بانتصار الرئيس السوري، ويجول قادتها العواصم طلباً للدعم بلا طائل، فيسمعون الدعوة للغة التأقلم مع الحقائق الجديدة، قرّرت أن تختبر لغة التهويل والإيحاء بقدرتها على التعطيل والتلويح بوضع خيار الحرب على الطاولة، خصوصاً بعد لقاء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بصورة أرادت إنشاء التباس وتشويش حول حقيقة الموقف الروسي من هذا التهديد، فكان إعلان وزارة الدفاع الروسية عن إنجاز توحيد منظومات الرادار وشبكات صواريخ الدفاع الجوي فوق المساحة السورية كلّها، بدمج المنظومتين الروسية والسورية في منظومة واحدة، تعمل بمدى 400 كلم وارتفاع 35 كلم، كما ورد في البيان الروسي، ليشكل رداً صاعقاً على نتنياهو وتلويحه بخيار الحرب، بعدما شكّل الإعلان الروسي الذي لم يكن تزامنه مع كلمات نتنياهو الاستفزازية مصادفة، رسالة هي الأولى من نوعها منذ الوجود الروسي في سورية، مضمونها انّ استهداف أيّ قوة فوق الأرض السورية، صار من اليوم وصاعداً مشروع مواجهة مع روسيا، التي توفر الحماية الكاملة للأجواء السورية.

في لبنان، حيث يواصل الجيش اللبناني عملياته في الجرود، ومثله الجيش السوري والمقاومة في الجهة المقابلة من القلمون، وتندحر عصابات داعش إلى مساحات أشدّ ضيقاً تحت ضربات التقدّم على الجبهتين، كانت الخيارات التي عرضها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على الطاولة أمام الجميع، بين فرص تفاوض تديرها الحكومة اللبنانية، وعندها فلتستعدّ لطلب رسمي وعلني من سورية لتسهيل تطبيق تفاهمات سحب المسلحين، إذا كان مزعجاً للحكومة أن تتولى المقاومة التفاوض، كما هو حاصل الآن، أو تبارك قيام المقاومة بالتفاوض لضمان عودة العسكريين المختطفين، وتسلّم بعجزها وضعفها وتخلّيها عن مسؤولياتها، تفادياً لمعصية الأوامر الأميركية التي تمنع التنسيق مع سورية وتريده ورقة تفاوضية في جيبها لمرحلة مقبلة من التطبيع مع سورية، ممنوع على لبنان تخطّيها، فكانت الردود تهرّباً من الخيارات، سواء من القوات اللبنانية أو من تيار المستقبل، وركّزت على التهجّم على حزب الله، مؤكدة بذلك ما سبق وأشار إليه السيد نصرالله في كلمته عن وجود أمر عمليات أميركي لحلفاء واشنطن للتصعيد ضدّ المقاومة سياسياً وإعلامياً، وتلاوة فعل الندامة على أيّ إيجابية أظهروها في مرحلة معارك جرود عرسال للمقاومة ضدّ جبهة النصرة، قبل أن يقع الغضب الأميركي عليهم، وربما العقوبات، التي يلوّحون هم بها اليوم لكلّ من يدعوهم لتغليب المصلحة الوطنية لبلدهم على التعليمات الآتية من السفارات.

محاولة لإجهاض الانتصار قبل اكتماله

بقي كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله محور الاهتمام المحليّ لا سيما إعلانه عن معادلتي النصر والتفاوض اللتين أرساهما الميدان في معركة تحرير الجرود الحدودية من تنظيم «داعش» الارهابي.

وقد برزت أمس، عودة «حزب القوات اللبنانية» والمسؤولين في تيار المستقبل وإعلامه الى المنطق السياسي الذي ساد مراحل الانقسام الحاد في لبنان، في محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، متجاهلين الوقائع الجديدة وسقوط رهاناتهم المحلية والإقليمية لا سيما رهانهم على التنظيمات الإرهابية التي تتقهقر وتنهار في الجرود تحت ضربات الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة، تماماً كما رهانهم على العدو «الإسرائيلي» في القضاء على المقاومة.

وقد عمد هؤلاء إلى التهديد مجدّداً بفرض عقوبات مالية أميركية على لبنان وحجب المساعدات عن الجيش اللبناني في حال نسّق مع الجيش السوري والتهويل بإبعاد العاملين اللبنانيين في الخليج، وفوّضوا أنفسهم كمتحدّثين رسميين عن الحكومة اللبنانية وأعلنوا رفض التنسيق مع سورية رفضاً قاطعاً. فهل ما يقوم به هذا الفريق محاولة لإجهاض الانتصار قبل اكتماله؟ وما هي مصلحة لبنان بالتصويب على المقاومة وعلى العلاقة مع سورية في الوقت الذي يخوض الجيش اللبناني معركة تحرير وطنية استراتيجية ضد الإرهاب إلى جانب المقاومة والجيش السوري على أرض متصلة وضد عدو واحد هو «داعش»؟ هل الهدف ضرب معنويات الجيش ووضع خطوط حمر أمامه عشية إطلاق المرحلة الرابعة والأخيرة من عمليته العسكرية للقضاء على آخر فلول «التنظيم» في الجرود اللبنانية، وبالتالي رفع معنويات المسلحين المنهارة؟ وماذا لو أفضت المفاوضات بين الدولة اللبنانية والمسلحين على انسحابهم الى الداخل السوري؟ ألا يتطلّب الأمر ضمانات من الجيش السوري؟ وألا يستوجب ذلك الحدّ الأدنى من التنسيق العلني مع الدولة السورية؟ فهل مصلحة هذا الفريق السياسية والانتخابية وتبعيته الخارجية أهم من دماء الجيش ومصلحة الوطن؟

مصادر نيابية مطلعة أشارت لـ «البناء» الى أن «موقف المستقبل وحزب القوات لا يخدم المصلحة الوطنية العليا، بل مصالحهم السياسية الفئوية فقط ويعبّر عن خلفية العداء لسورية لديهما وضرب العلاقة المميّزة معها الذي يُعتبر هدفاً أميركياً إسرائيلياً». ودعت المصادر الحكومة اللبنانية الى التنسيق مع الحكومة السورية لإنجاح العملية التفاوضية، وبالتالي تسريع تحقيق الانتصار الذي لن يتحقق ويكتمل من دون الدور السوري، لا سيما أن لبنان وسورية محكومان بالعلاقات المميزة والعداء لعدو مشترك هو «إسرائيل».

وتساءلت المصادر: كيف أن فريق 14 آذار قد خسر في السياسة وفقد حلفاءه من التنظيمات الإرهابية في الجرود، وهو الذي كان يحتمي ويستقوي بها على شريكه في الوطن، أن يُملي شروطه على اللبنانيين ويعطّل مصالحهم ويضرب العلاقة الاستراتيجية والتاريخية مع سورية، وهو مَن وضع «كل بيضه في سلة الأميركيين» لإسقاط النظام في سورية؟ وها هي آماله تخيب ويبقى النظام والدولة والجيش.

وحذّرت المصادر من أن عدم التنسيق مع سورية، يشكل طعنة في ظهر الجيش ولبنان بأسره والمطلوب ليس فقط التنسيق ميدانياً، بل بالملفات الحياتية والاقتصادية كافة، وشدّدت على أنه «لولا التنسيق الميداني مع سورية في هذه المعركة والتي سبقتها لما تمكّن الجيش اللبناني من تحقيق تلك الإنجازات وفي هذه السرعة والكلفة». ولفتت الى أن «جعجع ليس الحاكم بأمره في لبنان كي يقرّر مع مَن تنسّق الدولة، بل هو من ضمن فريق الخاسرين سياسياً».

ودعت المصادر الرئيس سعد الحريري الى تجاوز النكايات السياسية والدفع باتجاه التنسيق مع سورية لمصلحة الجيش والعسكريين المخطوفين والمصلحة الاقتصادية اللبنانية، فضلاً عن مصلحة استمرار حكومته.

علي عبد الكريم: الانتصار إحباط للراعي الصهيوني

وأكد السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أن «ما يقوم به الجيشان السوري واللبناني والمقاومة من انتصارات على الإرهاب شكّل إحباطاً للراعي الصهيوني لهذا الإرهاب.

وخلال لقائه رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة، قال السفير السوري: «في اللقاء مع دولة الرئيس كانت الآراء متفقة على أن ما يقوم به الجيشان السوري واللبناني، وما تقوم به المقاومة من انتصارات على الإرهاب التكفيري شكّل إحباطاً للراعي الصهيوني، لهذا الإرهاب والمستثمر فيه. وبالتالي كانت السعادة والاطمئنان والتفاؤل بأن الأمان سيكون نتيجة كبيرة لسورية ولبنان والمنطقة، وما تحقّقه سورية وجيشها وقيادتها وشعبها يشكل فاتحة خير يستبشر بها دولة الرئيس لصالح المنطقة كلها».

هجوم أميركي على «اليونيفيل»

وتزامنت حملة «القوات» و«المستقبل» على المقاومة والجيش السوري مع الحملة التي تقوم بها المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي على حزب الله في المحافل الدولية لا سيما في مجلس الأمن، كما شنت هجوماً لاذعاً على قائد القوات الدولية في جنوب لبنان، معتبرة بأنه «يظهر عجزاً كبيراً في فهم نشاط سلاح «حزب الله» في لبنان». وأكدت هايلي أنه «يتعيّن على قوات اليونيفيل القيام بمهامها بفعالية لتجنّب أي صراع في المستقبل ».

المرحلة الرابعة والأخيرة

ميدانياً، أكمل الجيش اللبناني استعداداته لإطلاق المرحلة الرابعة والأخيرة من العملية العسكرية «فجر الجرود» بعد أن حاصر المسلحين في بقعة جغرافية محددة. وأفادت قيادة الجيش في بيان أن «مدفعية الجيش وطائراته واصلت قصف ما تبقى من مراكز تنظيم داعش الإرهابي في وادي مرطبيا، واستهداف تحركات الإرهابيين وتجمّعاتهم، ما أسفر عن سقوط عدد من الإصابات في صفوفهم، فيما تتابع القوى البرية تضييق الخناق عليهم، والاستعداد القتالي لتنفيذ المرحلة الأخيرة من عملية فجر الجرود، كما تستمرّ الفرق المختصة في فوج الهندسة في شقّ طرقات جديدة، وإزالة العبوات والألغام والأجسام المشبوهة من مختلف المناطق التي حرّرها الجيش».

وأعلنت قيادة الجيش في بيان آخر أنه «أثناء انتقال آلية عسكرية تابعة للجيش في جرود رأس بعلبك ، تعرّضت لاطلاق نار من جهة الإرهابيين ما أدى إلى استشهاد أحد العسكريين».

وقال مصدر عسكري لـ «البناء» «إن قوة الضربات ودقة الإصابة ضيّقت الخناق على إرهابيي داعش وبقي في بقعة جغرافية لا تتجاوز الكيلومترات العشرين، كما جعلت الوحدات الميدانية في كل قطاعات الجيش وخاصة وحدات المشاة المتقدّمة أكثر استعداداً لتنفيذ المرحلة الأخيرة من عملية فجر الجرود»، وسط «متابعة الفرق وحدات فوج الهندسة في شق طرقات جديدة، وإزالة العبوات والألغام والأجسام المشبوهة والنسفيات من مختلف المناطق التي حررها الجيش».

ولفت المصدر إلى «أن الجغرافيا المتبقية للقضاء على داعش صعبة ووعرة، ما شكّل حالة إرباك وتقهقر سريع أمام ضربات الجيش، وبالتالي سيكون هناك قرار عسكري حاسم بعيداً عن التفاوض للقضاء على الجماعات الإرهابية».

السيطرة على المعابر الرئيسية

على الجانب الثاني من الحدود، وفي اليوم السابع لمعركة «وإن عُدتْم عُدْنا»، تمكّن الجيش السوري والمقاومة من السيطرة على أهم المعابر الرئيسية في جرود القلمون الغربي ما يعني سقوط معظم مواقع ومراكز تنظيم «داعش»، وبالتالي هزيمته العسكرية النهائية باتت وشيكة، والمعابر هي: معبر سن فيخا: يصل جرود بلدة البريج السورية ويصل الى الحدود اللبنانية، معبر ميرا: يصل جرود قارة بالبريج اضافة لاتصاله بمعبر سن فيخا ومنه إلى جرود القاع ورأس بعلبك اللبنانية. معبر رأس الشاحوط، معبر الزمراني: وهو عند الحدود السورية اللبنانية ويربط جرود الجراجير بجرود عرسال، معبر أبو حديج: يربط جرود الجراجير بجرود عرسال وله اتصال مع معبر الزمراني عند الحدود السورية اللبنانية.

أما المعابر المتبقية تحت سيطرة «داعش» في جرود القلمون الغربي هي: معبر مرطبية: يصل جرود بلدة قارة بجرود عرسال ورأس بعلبك، معبر الشيخ علي: يصل الأراضي السورية من جرد قارة ومرتفع حليمة قارة إلى جرود عرسال اللبنانية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى