أبعد من التغطية الإعلامية التحرير الثاني وحرب تشرين الثانية

معن حمية

حين يشير أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بإصبعه ويكشف بناء على معلومات، عن طلبات أميركية مباشرة وبالواسطة من بعض وسائل الإعلام، للتعمية على إنجازات الجيش السوري والمقاومة والقوى الرديفة في منطقة القلمون الغربي السورية المتداخلة جغرافيتها بالجرود اللبنانية، فليس سعياً وراء تغطيات إعلامية يتكفل الإعلام الحربي السوري والمقاوم بها، بل ليكشف عن سياسة أميركية، ترتكز على موقف معلن بالتخلص من الإرهاب في الجرود اللبنانية، مشروط بعدم حصول تنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري والمقاومة. وبطبيعة الحال، فإنّ هذا شرط لا يؤدّي إلى تخليص لبنان من خطر الإرهاب، بل إلى إبقاء هذا الخطر قائماً تستطيع أميركا تحريكه متى شاءت.

الجميع يعلم أنه طالما بقي هناك إرهاب في سورية، فإنّ لبنان مهدّد بهذا الإرهاب. وبالتالي فإنّ جوقة الزغل التي نظّمت حملات رفض التنسيق بين الجيشين، تنفيذاً للتعليمات والإملاءات الأميركية، إنما ترتكب الخطيئة ذاتها التي ارتكبتها سابقاً ودفع الجيش اللبناني ثمنها باهظاً من دماء ضباطه وجنوده، ولا يزال الجرحُ نازفاً بوجود عسكريين مختطفين لدى تنظيم «داعش» ولا يزال مصيرهم مجهولاً.

السيد نصرالله تجنّب في كلمته، أمس الأول، تحميل المسؤولية للذين كانوا سبباً بما حصل للضباط والعسكريين، لكنه في المقابل وضع قضية العسكريين اللبنانيين في رأس سلّم أولويات الجيش السوري والمقاومة، ليؤكد أنّ كلّ تفاوض مع الإرهابيين أساسُه معرفة مصير العسكريين وتحريرهم. وبهذا الموقف الأخلاقي والقيمي والذي هو بطبيعة الحال منسّق مع الدولة السورية تترسّخ المعادلة الرباعية من دون الحاجة إلى الإعلان عنها، وتترسّخ معادلة التحرير الثاني لبنانياً وتترسّخ أيضاً معادلة حرب تشرين الثانية الظافرة سورياً.

في ظلّ هاتين المعادلتين اللتين تعرف «إسرائيل» مفاعيلهما جيداً، يصبح التهويل على اللبنانيين بوقف الدعم عن لبنان مجرّد دعابة، لا تغيّر في واقع الحال شيئاً، ولن يتأثر بهذا التهويل سوى الذين يهوّلون نيابة عن الأميركي.

المعادلات التي تحدّث عنها السيد نصرالله، والتي استنفرت ضدّها جوقة الزغل اللبنانية التي تقيم حفلاتها وحملاتها بلكنة أميركية واضحة، أحدثت أيضاً حالة هلع صهيوني، ما دفع برئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مصطحباً معه رئيس الموساد، ووضع مخاوفه على طاولة الرئيس بوتين، لكن اللقاء لم يحقق لنتنياهو غرضه، بحسب الإعلام الصهيوني.

عود على بدء، فكلام السيد نصرالله عن إملاءات أميركية أبعد من التغطيات الإعلامية. فهو يشير الى أنّ سياسة أميركية لا تزال تستثمر في الإرهاب وتعتبره ورقتها الرابحة. وانّ إحراق هذه الورقة، سيكون في مرتفع «حليمة قارة»ز وعندها لن تستطيع «حليمة» اللبنانية الاحتفاظ بعاداتها القديمة المتمثلة بارتهانها المذلّ ورهاناتها الخاسرة.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى