يجب إبقاء التناقض والصراع مع «إسرائيل»

رامز مصطفى

المنطق الوطني يحتم علينا أن نحدّد بوضوح أنّ عدوّنا الوحيد والأوحد هو الكيان «الإسرائيلي» وقادته الموغلة أيديهم عميقاً في الجسد الفلسطيني. وهذا المنطق من البديهي أن يُشكل الثقافة التي تتجذّر في الوعي الجمعي للقيادات الفلسطينية قبل النخب وجموع شعبنا، وعلى أساسها تُبنى سياسات المواجهة مع هذا الكيان «الإسرائيلي»، الذي دعاه موشي دايان يوماً إلى «عدم إلقاء السيف جانباً، لأنّ في ذلك تكون النهاية»، وهذه دعوة صريحة من أجل استمرار قتل الفلسطينيين والعرب على حدّ سواء.

بهذا المعنى لا يجوز تقديم الخلاف على العداوة كما هو حاصل اليوم على الساحة الفلسطينية، وتحديداً في الداخل الفلسطيني المحتلّ والمحاصر، ففي الوقت الذي تشتكي فيه السلطة الفلسطينية برئيسها وأركانها وحزبها من الاحتلال وسياساته الإجرامية بحق الحجر والشجر والبشر والمقدسات، والأمثلة لا حصر لها، المؤسف أنّ الغضب من سياسات المحتلّ الغاصب بدل أن تكون موجهة إليه ولقطعان مستوطنيه، نراها توجه للقطاع وناسه، وبعناوين مختلفة، والأنكى أنّ رئيس السلطة يعلن صراحة أنّ لديه القدرة على فرض المزيد من الإجراءات العقابية إذا لم تنه حركة حماس العمل باللجنة التي شكلتها لإدارة قطاع غزة.

غريب أمر السلطة ورئيسها كيف هم قادرون على إشهار سيوفهم العقابية بحق شعبهم المحاصر في غزة، بينما لا يشهرونها في وجه الاحتلال ومستوطنيه الذين ما تركوا شيئاً إلاّ ودنّسوه في القدس والمسجد الأقصى.. إلى آخر مسلسل مصادرة الأراضي والاستيلاء عليها، والاعتقالات اليومية، والإعدامات الميدانية بحق أبناء شعبنا.

هذا لا يعني أنّ حركة حماس لديها الحق في استمرار القبض على قطاع غزة وناسه، على الإطلاق ليس لقيادة حماس الحق في ذلك، ولكن ما جرى ويجري هو انعكاس ميداني لواقع الانقسام ومخرجاته، التي لا تنتهي إلاّ من خلال الذهاب مباشرة إلى تنفيذ ما اتفق عليه في العديد من الاتفاقات الموقعة بين الفصائل بدءاً باتفاق القاهرة في آذار 2005 وحتى اتفاق أيار عام 2011 أيضاً في القاهرة.

والمسؤولية الوطنية تحتم على السلطة أن تجعل التناقض والصراع الرئيسي مع الاحتلال الغاصب وحكومة نتنياهو المجرمة، لا أن تحوّله إلى صراع مع حماس المطالَبة بدورها أيضاً، وهي تنفتح على الآخرين وتعيد حساباتها في كثير من المواقف التي اتخذتها مخدوعة بما سمّي «الربيع العربي»، أن تدوّر الزوايا قدر المتاح مع حركة فتح وهي الضليعة بذلك. بل ومطلوب من الجميع أن يضعوا في أولوياتهم أنّ التناقض والصراع يُلزمنا جميعاً أن نبقيه مع العدو الصهيوني وكيانه الغاصب، مهما علت الخلافات على الساحة الفلسطينية.

تنويه: ليس هناك أيّ مصلحة وطنية بأن تُتهم حركة الجهاد الإسلامي بالذيلية لحركة حماس، وهذا أمر معيب ولا يليق بحق حركة قدّمت ولا تزال تقدّم نموذجاً راقياً في تضحيات أبنائها وعلاقاتها الوطنية على الساحة الفلسطينية.

كاتب وباحث سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى