نصر دير الزور: حزب الله مهنئاً: مقدّمة لتحرير سورية قانصو للأسد: أسقطتم خطر التقسيم

كتب المحرّر السياسي

بينما لا زالت تداعيات نصر الجيش السوري وحلفائه في دير الزور الحدث الدولي والإقليمي الأبرز، يشيّع لبنان العسكريين الشهداء غداً وسط حداد عام، بعدما انتهت نتائج الفحوص إلى تأكيد هوية الجثامين، والتشييع الوطني الجامع للشهداء سيتمّ بغياب وزير الداخلية نهاد المشنوق، بناء على طلب أهالي الشهداء باستثناء كلّ من ارتبط اسمه بتمييع قضية أبنائهم ومنع الجيش من خيار ملاحقة الخاطفين، وكلّ من قدّم التغطية للمفاوضين المخادعين الذين سهّلوا تهريب أبنائهم إلى الجرود في ظلّ وقف إطلاق النار، ويفترض أن ينطلق تحقيق قضائي عسكري في قضية مقتل العسكريين الشهداء وكشف ملابسات خطفهم وتحديد المسؤوليات والمتورّطين والمتسبّبين بالقتل، قال أهالي الشهداء إنهم سيتابعونه بالتفاصيل منعاً لأيّ تسييس وقطع الطريق على أيّ محاولات لتمييعه وإخضاعه لمنطق التسويات.

الحدث البارز والنصر المدوّي في دير الزور، كان موضوع مواقف الحلفاء المشاركين في صناعة النصر والمقاتلين في الخندق الواحد مع الجيش السوري، من التهنئة التي وجهها حزب الله لسورية معتبراً أنّ النصر مقدّمة لتحرير كامل التراب السوري، إلى البرقية التي وجّهها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانوص للرئيس السوري بشار الأسد معتبراً نصر دير الزور إسقاطاً لمشاريع التقسيم.

على خلفية هذا النصر بدأت المواقف الدولية بالظهور، فكانت الكلمات المعبّرة الصادرة عن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا من منصة جرى تصنيعها للهجوم على الدولة السورية تحت عنوان اتهامها باستخدام السلاح الكيميائي، شهادة على حجم التغيير الذي بدأت مفاعيله مع انتصار حلب وامتلك ديناميكية جديدة بانتصار دير الزور، فبدلاً من مهاجمة الدولة السورية ذهب دي ميستورا بلسان داعميه الغربيين يدعو المعارضة بكلّ قياداتها إلى الواقعية والإسراع بتشكيل وفد موحّد لدخول تفاوض بسقف سياسي جديد، قائلاً للمعارضة لقد خسرتم الحرب وعليكم الاعتراف بذلك.

حزب الله مهنّئاً سورية

تقدّم حزب الله بالتهنئة إلى «سورية المقاومة، برئيسها وقيادتها وقواتها المسلحة البطلة وشعبها الصابر المضحّي، بالانتصار الكبير الذي حققته على الإرهاب والذي تمثل بفك الحصار المجرم عن الأجزاء الصامدة من مدينة دير الزور وفتح الطريق أمام تحرير ما تبقّى من مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي المجرم في الشرق السوري».

وأكد الحزب في بيان أنّ «هذا الانتصار الكبير ما كان ليحصل لولا ثبات القيادة السورية وإصرارها على استرجاع كلّ الأرض التي سيطر عليها الإرهابيون بمختلف ولاءاتهم وانتماءاتهم ومصادر تمويلهم، ولولا التضحيات الكبيرة والمتواصلة للقوات المسلّحة السورية، سواء التي بادرت للهجوم باتجاه المدينة أو تلك التي صمدت فيها على مدى أكثر من ثلاث سنوات، مسجّلة مأثرة مميّزة في تاريخ الشعوب الرافضة للاستسلام والهزيمة».

وأشار إلى أنّ «هذا النصر هو نصر الشعب السوري، الذي بقي في دير الزور على مدى فترة الحصار، وهو أيضاً نصر مشهود ومبارك لكلّ حلفاء سورية الذين وقفوا معها».

ورأى حزب الله «في هذا الانتصار الكبير مقدّمة لتحرير كلّ ما تبقى من أراضٍ سوريّة محتلّة من قبل الإرهاب المدعوم من الخارج والتابع لأوامره»»، مشدّداً على «أنّ سورية الواحدة الموحّدة بقيت وستبقى عصية على المؤامرة الكبرى التي استهدفتها بفضل دماء شهدائها ووعي قيادتها لحجم هذه المؤامرة».

وجّه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو برقية تهنئة إلى الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد، أعرب من خلالها باسمه وباسم القوميين الاجتماعيين عن مشاعر الفخر والاعتزاز بكسر حصار دير الزور بما يتضمّنه من دلالات، تشكل فاتحة للانتصارات الحاسمة المقبلة.

وأكد قانصو في البرقية أن الإنجاز الكبير الذي حقّقه الجيش العربي السوري والقوى الرديفة والحليفة، بكسر حصار دير الزور، يشكّل تحوّلاً استراتيجياً في مسار الحرب على الإرهاب، ونصراً مؤزراً هو فاتحة انتصارات حاسمة مقبلة.

وشدد قانصو على أن «هذا الانتصار الكبير وما سبقه من انتصارات على الإرهاب، كلها لم تكن لتتحقق لولا قيادتكم الحكيمة ومواقفكم الثابتة وصمودكم الاستثنائي في أصعب مرحلة مرّت بها سورية، وهي تواجه حرباً كونية وإرهاباً غريزته القتل والإجرام ومُعاداة الإنسانية».

وأشار قانصو الى أن «أهمية هذا الانتصار الجديد لجيشنا القومي الباسل، لا تقتصر على ترسيخ معادلة القوة والحسم، بل تكمن أيضاً بتسجيل نصر سياسي يقوّض الخطط والمشاريع التي وضعت لتقسيم سورية وتفتيتها، كما أن هذا النصر السياسي يحفظ لسورية موقع الريادة القومية، ويضعها لاعباً قويا ومؤثراً في المعادلتين الإقليمية والدولية».

لبنان يشيّع العسكريين غداً وحداد رسمي

في الشأن المحليّ، بقي ملف العسكريين الشهداء في صدارة المشهد السياسي مع إبلاغ قيادة الجيش أمس، أهالي العسكريين بأن «نتائج الفحوص مطابقة لرفات العسكريين، في حين يشيع أهالي العسكريين ولبنان الشهداء غداً الجمعة الذي أعلن يوم حداد رسمي على أرواح الشهداء، بينما سلك المسار القضائي في القضية وفقاً للأصول القانونية طريقه الى القضاء العسكري الذي كلف إجراء التحقيقات الأولية في الملف».

وأصدر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، مذكرة رسمية، قضت بـ «إقفال الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات يوم الجمعة، حداداً على أرواح شهداء الجيش اللبناني».

وكان قائد الجيش العماد جوزيف عون قد استقبل أهالي العسكريين في مكتبه في وزارة الدفاع، بحضور مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر والطبيب المختص الذي أشرف على فحوص الحمض النووي «DNA» وأبلغهم أن نتائج الفحوص التي أجريت على الرفات التي وجدت في الجرود، تثبت أن الجثامين تعود الى ابنائهم».

.. والأهالي: نرفض حضور المشنوق مراسم التشييع

ثم توجّه الأهالي الى السراي الحكومي حيث التقوا رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد إصرار الدولة على القيام بالتحقيقات اللازمة لمعرفة الجناة الذين ارتكبوا هذه الجريمة البشعة والنكراء بالمقاييس كلها وإحالتهم إلى القضاء لينالوا عقابهم»، ولفت إلى أن «هناك تحقيقاً قضائياً بدأ وسيُستكمل بكشف الحقيقة وملاحقة الجناة والمتورّطين ومحاكمتهم وسيدفعون ثمن ارتكاباتهم».

ومن جهتهم أكد الأهالي أن «قضية العسكريين أمانة في عنق الرئيس الحريري ولن نتنازل عن حق إعدام القتلة»، لافتين الى أن «ما يُعزينا أن أبناءنا اختاروا أن يموتوا بكرامتهم وشرفهم وبذلتهم، ولم ينشقوا او يخذلوا وطنهم، كما أشيع طيلة مرحلة خطفهم»، معتبرين أن «اول مطلب لنا إعدام عمر وبلال ميقاتي اللذين شاركا في خطف وقتل العسكريين».

وطلب أهالي العسكريين المخطوفين من قيادة الجيش ووزير الدفاع يعقوب الصراف ومن رئيس الحكومة سعد الحريري عدم حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق مراسم التشييع بسبب مواقفه عام 2014.

ورد المكتب الإعلامي للوزير المشنوق على ما قاله الأهالي بأن «المشنوق يتفهّم ويقدّر المشاعر التي يحملها الأهالي في هذه اللحظات العصيبة عليهم، ويؤكّد أنّه كان دائماً ولا يزال وسيظلّ إلى جانبهم». ويؤكّد المشنوق أنّ «ما يعيشه الأهالي واللبنانيون هو جرح وطنيّ يحتاج إلى وقت قبل أن يلتئم»، ويشدّد على أنّ «العسكريين استشهدوا دفاعاً عنّا وعن لبنان، ويقول للأهالي إنّ وجعهم هو وجعنا كلّنا».

التحقيقات الأولية خلال أيام

وأحال مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر، على مديرية المخابرات في الجيش، ملف استشهاد العسكريين المخطوفين لإجراء التحقيقات الأولية وضمّه الى ملف القضية الذي فُتح أثناء خطفهم.

لكن تساؤلات عدة بدأت تطرح في الأوساط السياسية والشعبية، هل سيتمكن القضاء هذه المرّة من تجاوز الخطوط الحمراء التي يضعها السياسييون أمامه في أكثر من ملف؟ وهل يذهب في هذه القضية الوطنية حتى النهاية؟ خصوصاً أن هذه القضية تتعدّى كونها جريمة قتل عسكريين الى اعتداء إرهابي موصوف ومنظم على مدينة لبنانية وعلى المؤسسة العسكرية ومسّ بالسيادة الوطنية والأمن القومي للدولة. وهل سيتمّ التحقيق مع بعض السياسيين والعسكريين ممن قصّروا وتآمروا وتورطوا بـ «غزوة عرسال» وبدمّ العسكريين؟ أم أن التدخلات السياسية والتسوية الداخلية ستحول دون ذلك وتبقي عرسال جرحاً وطنياً نازفاً؟

مصادر وزارية وقضائية أوضحت لـ «البناء» أن «المسار القضائي للقضية يتدرّج وفقاً للأصول القانونية، حيث خاطب وزير العدل المدّعي العام للتمييز الذي له الإمرة على جميع المدّعين العامين وكلّفهم بإجراء التحقيقات الاولية، وبما أن الجريمة حصلت على عسكريين في الجيش، يتولى القضية القضاء العسكري أي المحكمة العسكرية بإشراف مفوض الحكومة لدى المحكمة الذي كلف الضابطة العدلية أي الشرطة العسكرية ومديرية المخابرات إجراء التحقيقات الاولية». وكشفت المصادر أن «التحقيقات ستبدأ خلال أيام، حيث سيتم الاستماع الى عدد كبير من الموقوفين الإرهابيين وإلى إفادات الشهود وأشخاص آخرين مشتبه بهم بالتحريض والمشاركة في الجريمة، منهم بلال وعمر ميقاتي وآخرين»، ولفتت الى أنه «وعند انتهاء التحقيقات الأولية ترسل نتائج التحقيقات الى المدعي العام العسكري الذي يدّعي بدوره على الاشخاص المشتبه بهم وكل من يظهره التحقيق ليتمّ التوسّع في التحقيق تمهيداً للبدء بالمحاكمات وإصدار الأحكام».

وفي حين أبدت مصادر مخاوفها من تمييع القضية، كما حصل في قضية نهر البارد ومسألة شادي المولوي، أشار وزير العدل السابق شكيب قرطباوي لـ «البناء» الى أن «ما حصل عام 2014 وقبله عندما قتل الرائد بيار بشعلاني والمعاون إبراهيم زهرمان ليست جرائم عادية، بل هي أعمال إرهابية مخططة بتواطؤ قوى سياسية وبلدية ودينية وجرى خلاله الهجوم على بلدة عرسال وقتل وتهجير أهلها وسرقة ممتلكاتهم والاعتداء على مراكز ومواقع الجيش اللبناني وقتل عدد من ضباطه وعناصره وخطف آخرين وقتلهم لاحقاً، وبالتالي تعتبر قضية وطنية يجب أن يوليها القضاء أهمية خاصة».

ولفت قرطباوي إلى أن «القضاء يحتاج الى نوع من الحماية أو الضمانة السياسية بعدم التدخل في عمله لكشف الحقيقة وتحقيق العدالة»، وحذّر من أن «إدخال التجاذبات السياسية والطائفية في عمل القضاء والتأثير السياسي عليه سيعرقل عمله وتضيع الحقيقة والعدالة»، داعياً إلى «إبعاد التأثيرات السياسية على عمل القضاء»، مشيراً الى أن «الانقسام السياسي والأجواء الطائفية التي كانت سائدة في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي أجبرت القضاء آنذاك على إخراج شادي المولوي من السجن رغم وجود أدلة على انتمائه الى تنظيم داعش الإرهابي وتورطه بأعمال إرهابية».

وبعد الاتهامات التي طاولت الرئيس تمام سلام في قضية العسكريين، ردّ سلام أمس بالقول: «أبلغ الكلام الصمت. أقول فقط: سامح الله من ابتدعوا الافتراءات وروّجوها لأغراض سياسيّة».

.. وجلسة لمجلس الوزراء

وتحضر معارك الجرود وموضوع التفاوض مع «داعش» وقضية استشهاد العسكريّين على طاولة مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة عادية اليوم في السراي برئاسة الرئيس الحريري، كما سيبلغ وزراء «القوات اللبنانية» رئيس الحكومة رفض «القوات» التفاوض الذي قام به حزب الله مع «داعش» وأنه من مهمة الدولة، كما سيطرح ملف تعيين مدير عام للتعاونيات في وزارة الزراعة، فيما لا تزال المديرة الحالية غلوريا أبو زيد في إجازة قسرية.

جلسات تشريعية للموازنة والنفط والسلسلة

على صعيد آخر، دعا رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى جلسة تشريعية عامة يومي الثلاثاء والأربعاء في 19 و 20 أيلول الجاري نهاراً ومساءً، وذلك لدرس وإقرار مشاريع واقتراحات القوانين المدرجة على جدول الأعمال.

وأوضح بري خلال لقاء الأربعاء، وفق ما نقل عنه النواب أن «المجلس سيبادر فوراً إلى مناقشة الموازنة بعد إنجاز لجنة المال تقريرها»، مؤكداً أن «لا مشكلة في أي اختلاف، لأن الأمر يعود في النهاية الى الهيئة العامة». وشدّد بري مرة أخرى على «وجوب تنفيذ القوانين وعدم الإمعان في تجاهل عدد كبير منها»، مؤكداً «دور وتعزيز عمل الهيئات الرقابية في مكافحة الفساد والهدر».

ورأى بري أن «عدم إجراء الانتخابات الفرعية هو تجاوز وانتهاك للدستور»، مترحماً على هذه الانتخابات. وسأل بحسب النواب «كيف يرفضون مخالفة الدستور في موضوع الموازنة ويخالفونه في الانتخابات الفرعية»؟

وكان الرئيس بري ترأس اجتماع هيئة مكتب المجلس وأكد النائب أنطوان زهرا أن «هناك اقتراح قانون يتعلّق بالضرائب على الشركات النفطية، ومن الضروري جداً إقراره لمواكبة عملية التقدّم بالملف النفطي والتنقيب عن النفط، واقتراح قانون تعديل بعض بنود قانون الأحوال الشخصية لدى الطائفة الدرزية الكريمة والتي نهنئها لأنها خطوات متقدّمة في الأحوال الشخصية. وهناك أيضاً مجموعة اقتراحات معجلة مكررة يتعلق جزء منها بسلسلة الرتب و الرواتب والاتفاقات التي حصلت لتصحيح بعض الشوائب الأخيرة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى