قالت له
قالت له
قالت له: أريد إغضابك ولا أريد إغضابك، وأريدك في حياتي ولا أريدك في حياتي. فما هو هذا الحلّ السقيم؟
فقال لها: أتشتاقين إليّ؟
قالت: كثيراً.
قال لها: لأن الشوق والغضب توأمان. والشوق غضب من البعاد. والغضب من فعل غضب من الفاعل، والشوق توق للقاء ورغبة بالبقاء. فيجتمع الغضب والتوق ويصيران شوقاً.
ـ فقالت: أهذا هو الحبّ إذاً؟
ـ قال: هذه إماراته البدائية. لكن ثقافة الحبّ أن يتدرّب الغضب على التنحّي لحساب التوق والكرم والتسامح. فيصير الشوق نسيماً عليلاً يلفح وجه العشّاق، لا ناراً مضرمة تأكل أفئدتهم.
ـ فقالت: وعندما يحين اللقاء كيف يكون الحبّ بلا عتاب؟
ـ قال لها: العتاب ليس صابوناً للقلوب ما لم يكن غفراناً للذنوب. فالفرق بين العتاب والعقاب تبديل حرف. ولا عقاب في الحبّ.
قالت له: هذا يجعل الحبيب بلا كرامة، ويستسهل الحبيب التلاعب عندها واثقاً من نعمة التسامح.
فقال لها: تماماً هذا هو القصد أن نستغرق في التسامح حتى الثمالة وحتى لا يبقى في الحبّ كرامة إلا كرامة اللغة. فالذلّ لأجل الحبّ عناق، والإذلال من الحبيب طريق الفراق.
قالت: والحقوق؟
قال: في الحبّ لا حقوق ولا واجبات. بل إحساس بالقيمة في عيون الحبيب واهتمامه. ومتى سقط هذا الإحساس يكون الحبّ قد انتهى.
قالت: وهل تشعر بقيمتك عندي كثيراً؟
قال: ما نقول كافٍ لنشعر.
قالت: أحبُّنا بخير؟
قال: وأكثر.
قالت: ضمّني الآن ودع قلبي يخفق بقلبك ويضخّ بعضاً من أنفاسك في شراييني. فأنا أحتاج أن أتنفسك قليلاً لأهدأ.
فأسدل شعرها على وجهه وغفا.