البرلمان.. تجذيفٌ في «طريق البحر»

هتاف دهام

انعكست التسوية السياسية، بترولياً، داخل القاعة العامة لمجلس النواب. انتهت المماحكات. تقدم البرلمان خطوة مهمة على «طريق البحر»، بانتظار أن يصل إلى المجلس النيابي «اقتراح البر» الذي ستقدّمه كتلة التحرير والتنمية الأسبوع المقبل، ولا يتأخر إقراره.

لقد أقرّت الهيئة العامة أمس، مشروع قانون الأحكام الضريبية المتعلّقة بالأنشطة البترولية، وفقاً للقانون 132 تاريخ 24/8/2010، في خطوة ستفتح الباب على المناقصات. صدّقت معظم مواد المشروع. وجرى تأكيد أن أرباح الشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات صاحبة الحقوق البترولية المشغلة ستخضع لضريبة 20 في المئة. وسمح القانون لهذه الشركات نقل العجز الحاصل من سنة معينة إلى سنوات أخرى على أن يغطى هذا العجز تباعاً من كامل الأرباح المحققة خلال أية سنة من تلك السنوات اللاحقة. كذلك أعفى القانون هذه الشركات من الرسوم الجمركية بما في ذلك الحد الأدنى ورسم الاستهلاك الداخلي، المعدات، المواد، الآلات والأدوات، المركبات وقطع الغيار التي ليس لها مثيل في الإنتاج الوطني والتي يستوردها كل صاحب حق أو مشغّل أو وكيلهم لاستخدامها في الانشطة البترولية أو يعيد تصديرها، على أن تحدد هذه السلع بموجب لوائح مقترحة من هيئة إدارة قطاع البترول. وتم تأكيد ضرورة أن تعلم الشركات، الإدارة الضريبية، عن أية عملية تفرغ مباشر أو غير مباشر، كلي أو جزئي، عن أسهمها أو غيرها في الحقوق خلال مهلة شهر من تاريخ حصولها. ولتلافي الازدواج الضريبي، يتوجب، وفق النص، على المكلفين اقتطاع الضريبة على المبالغ المستحقة له، على أن تحدد وجهة ضريبة الدخل المتوجبة على الشركات صاحبة الحقوق البترولية والشركات صاحبة الحقوق البترولية المشغلة في قانون إنشاء الصندوق السيادي عند صدوره.

وكانت الجلسة الصباحية اتسمت في شقها المتصل بالأوراق الواردة بجدية ملحوظة، إذ تداعت الأسئلة والمطالب والشكاوى الإنمائية والانتقادات السياسية. لم تحكم هذه المواقف خريطة سياسية واضحة ولا ضفافٌ جامدة. إذ بدت الأرضية التي يقف عليها أصحاب السعادة متماوجة متداخلة.

رفع النائب انطوان زهرا بيده البطاقة الالكترونية الحزبية القواتية قائلاً إن كلفتها دولاران وسبعون سنتاً، ما يعني أن كلفة البيومترية التي يتم الحديث عنها لن تتجاوز السبعة ملايين دولار من دون الأخذ بعين الاعتبار الكلفة البشرية للجهاز. وكان زهرا بذلك يصوّب سهامه على تيار المستقبل ووزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة سعد الحريري وربما التيار الوطني الحرّ في طريقه. أما النائب محمد الحجار فقد هاجم وزير الخارجية جبران باسيل بنبرة حادة، من دون أن يسمّيه في ما يتعلق بما يتجاوز 400 ناجح في الخدمة المدنية بعناوين عدّة لم يتم إلحاقهم لغاية الآن في مراكزهم لأسباب سياسية طائفية، معتبراً أن ما يجري بحق هؤلاء يشكل انتهاكاً صريحاً للدستور والقوانين والمواطنية. النائب علي فياض انفعل رافعاً صوته عن وضع الكهرباء المزري في محافظة النبطية، مشيراً إلى أن مشاريع الكهرباء مقرّة منذ العام 2011، وأن الجنوب هو الأقل تغذية بالكهرباء مقارنة مع المناطق الأخرى، إذ لا تتجاوز التغذية بالتيار 8 ساعات يومياً وفي بعض المناطق أقل من 5 ساعات، علماً أن الانتاج بلغ حده الأقصى، في وقت تتغذى مناطق بما يصل إلى 18 ساعة يومياً. ومتسائلا هل أن الوزير سيزار ابي خليل يشغل موقعه خدمة للبنانيين كلهم أو ممثلاً لمنطقة محددة.

وتناول النائب ياسين جابر موضوع الكهرباء في الجنوب أيضاً، مشيراً إلى أننا أمام أزمة قد تصل إلى انتفاضة. أما النائب نواف الموسوي، فتحدّث عن مرفأ ترانزيت في الناقورة أقرّ في لجنة الأشغال واعتبره «أمراً حيوياً يسهل الحركة الاقتصادية وينشطها، قد يستفاد منه في عملية إعمار سورية، كما ينعش الحركة التي تصبح ضعيفة في الشتاء»، وطالب بـ «مد سكة الحديد من الشمال حتى الناقورة».

وعلى خط الانتخابات الفرعية، فقد أعاد النائب بطرس حرب التذكير بما ينص عليه الدستور لناحية إجرائها وأن ما قامت به الحكومة يشكل مخالفة دستورية. وعلّق الرئيس بري بالقول: «المخالفة الدستورية حصلت وانتهى الأمر.. «تخبز بالعافية». تناغمُِ بري وحرب بالنسبة للانتخابات الفرعية امتدّ إلى خشية حرب من عودة النفايات وعدم دفع التعويضات لمزارعي التفاح بعدما كانت الحكومة حددت دفعها قبل نهاية آب». فعلق بري مازحاً: «ما خلص شهر آب».

أما النائب سامي الجميل فكرّر مواقفه المعروفة، متحدّثاً عن فوضى تشريعية وعدم استقرار مؤسسي، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من النواب قد تقدم باقتراحات لتعديل السلسلة والضرائب، وهو ما كان قد طالب به أثناء نقاش سلسلة الرتب والرواتب ورفض وقتداك طلبه.

هذه الكلمات رد عليها رئيس الحكومة. كان رده واقعياً، لكنه في الوقت نفسه شديد الخطورة لناحية شرعنة الفساد وشرعنة التسلط، فهو قال إن صلاحيات مجلس الوزراء تتيح له أن لا يلتزم بملاحظات دائرة المناقصات في ما يتعلق ببواخر الكهرباء. أما في ما خصّ الانتخابات الفرعية فاعترف بتجاوز الدستور، لكن على قاعدة أن الكل شارك في هذا الجرم متسائلاً: «لم يثر أحد الانتخابات الفرعية في طرابلس بعد استقالة النائب روبير فاضل، فلماذا اليوم؟».

الجلسة الصباحية كانت منتجة إذ أقرّت أيضاً في خطوة إيجابية، قانون مكافحة التعذيب مع إدخال بعض التعديلات التي تحفظ دور القضاء العسكري بإلغاء الفقرتين الأولى والثانية من المادة الرابعة التي كانت ستحصر صلاحية متابعة قضايا التعذيب بالقضاء العدلي. هذه الأجواء لم تدم طويلاً. الجلسة المسائية كانت أشبه بجلسة نقاش روتيني أكثر من مملة، وإن خرقتها بعض الفكاهة التي ترددت في الجلسة الصباحية أيضاً…

فقد النصاب في الجلسة المسائية بعد نحو ساعة ونصف. فتعطّلت «لغة التصويت»، بعدما أقر المجتمعون حق المرأة المتزوجة بالترشح في بلدتها الام في الانتخابات البلدية، واقتراح قانون تنظيم متطوعي الدفاع المدني بحيث يستفيد منه الذين أصبحوا في سن متقدمة.

وعليه، فقد اقتصر عدد الاقتراحات والمشاريع المقرّة في الجلستين الصباحة والمسائية على 13. وأحيلت على اللجان 5 اقتراحات، فيما سحبت الحكومة 3 اقتراحات لمزيد من الدرس. ورفض رئيس مجلس النواب البحث في أي اقتراحات تتعلّق بسلسلة الرتب والرواتب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى