«الريجي» وزّعت الجوائز على الفائزين بمسابقة «منشر صوَر 2» للتصوير الفوتوغرافي

برعاية السيدة رندة عاصي برّي عقيلة رئيس مجلس النواب نبيه برّي وحضورها، وزّعت إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» في مقرّها في الحدث أول من أمس الأربعاء، الجوائز على الفائزين بمسابقتها للتصوير الفوتوغرافي «منشر صوَر»، التي تمحورت حول موضوع مراحل قطاف مواسم التبغ والتنباك في لبنان. ويشير عنوانها إلى المنشر الذي تعلّق عليه أوراق التبغ بعد قطافها، وتهدف إلى دعم الطاقات الشابة والموهوبة، وتوثيق رحلة التبغ والتنباك، ضمن استراتيجية «الريجي» للتنمية المستدامة.

وأثارت برّي في كلمتها عدم وجود أيّ ضمانات صحّية أو علاجية للمزارعين، مجدّدةً المطالبة بإنشاء بنك لتسليف المزارعين، ورفع سقف إنتاج الدونم الواحد من التبغ.

وأقامت «الريجي» في المناسبة معرضاً للصوَر المشاركة والفائزة، حضره أيضاً وزير الزراعة غازي زعيتر وعدد من الشخصيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومدير التحرير المسؤول في «البناء» رمزي عبد الخالق، وقدّمت الحفل رنا كمال الدين، علماً أن عدد الصوَر التي تلقّتها «الريجي» بلغ 614 صورة تم تحميلها على موقع الإدارة، قدّمها 240 مشتركاً من الهواة والمحترفين على حدّ سواء ومن الأعمار كافة، وتأهلت 56 صورة منها إلى المرحلة النهائية، وتم إدراجها في المعرض وتوثيقها في كتيّب خاص.

وركّزت الصوَر على محاور عدّة، منها «وجوه وحكايات»، «الجذور»، «الصبر» و«إيد بإيد»، و«الصلابة».

وقدّم سقلاوي وأعضاء لجنة الإدارة درعاً تذكارية إلى برّي عربون شكر وتقدير.

برّي

ولاحظت برّي في كلمتها أن لكلّ صورة في المعرض قصة رائعة، وقصة إبداع تختصر مجلدات تاريخية من الإرث التراثي والإنساني. ورأت أنّ حفظ التاريخ وحفظ الجهاد والعناء مسؤولية إنسانية ووطنية، وهو ما يوفّره نتاج هذا المعرض.

وهنأت المصوّرين الذين تحملوا عناء المسافات من طلوع الفجر إلى ما بعد الغروب ليلتقطوا أعمق اللحظات تعبيراً في الوقت نفسه عن المعاناة والفرح. وأشارت برّي إلى أنها قرأت في لوحات الصوَر قصصاً كثيرة. وأشادت بقدرة المصوّر اللبناني الذي يحمل من الفكر والحضارة ما يؤهّله ليقدّم للعالم أجمل ما يمكن عن شتلة التبغ، من قطافها إلى شكّها والسهر عليها حتى تكون لقمة العيش مغمّسة بعرق الفقير.

وأضافت: من الطفل إلى الكهل، يعمل الناس لحماية شتلة التبع لأنها مصدر رزق شريف وكريم. وحتى لا ننتقل من ذلك إلى أعمال لا تشبه مجتمعنا وإرثنا الثقافي، تمسّكنا وتمسّك الرئيس برّي بالشتلة، رغم شقائها وعنائها، كتعويض دائم ريثما نطوّر العالم الزراعي في لبنان.

وأسفت برّي لكون الزراعة تتلاشى شيئاً فشيئاً وتضمحل. وشدّدت على أن ليس في العالم من دولة أو استراتيجيّة تدير ظهرها للزراعة. واعتبرت أنّ الأولوية الأهمّ يجب أن تكون حماية قوت الشعب والمواطن.

وإذ ذكّرت بأنّ لبنان مصنّف بلداً زراعياً بالدرجة الأولى، إذ إنّ مدخوله القومي يأتي من الزراعة والسياحة، دعت إلى تشجيع السياحة الزراعية كما في بعض دول أوروبا، وتحويل المساحات الزراعية مواقع سياحية عبر دعم المزارعين وأصحاب الأراضي. لافتةً إلى أن ذلك يشكّل مصدر دخل قوميّ كبير للدولة واقتصادها. ورأت أنّ المشكلة الأخرى تتمثل في عدم الإشراف على نوعيّة الإنتاج الزراعيّ لا سيّما منه الغذائي.

وتابعت: لو وفّرنا الاهتمام بالزراعة والرقابة السليمة والصحية، لكان الوضع أفضل بكثير، منبّهةً إلى أنّ إهمال الزراعة يتأتى منه جزء كبير من الإهمال الصحّي الذي يكلّف الدولة أضعاف ما تتكلفه لإعادة ترميم ما خلّفته مساوئ التغذية التي تشكل الخطر الأكبر على حياة الناس.

ووصفت برّي معرض «منشر صوَر» بأنه لقاء إنسانيّ بكل مضامينه، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. مثنيةً على عمل «الريجي» الرائد والمتقدّم لتطوير هذا القطاع، وتحويله من إدارة احتكارية إلى إدارة يحتذى بها على صعيد المؤسّسات العامة، باعتبارها نموذجاً متقدّماً للقطاعات المنتجة التي تمثّل حاجة للوطن ولاقتصاده. مذكّرة بقول الرئيس نبيه بري في إحدى المناسبات: إن مؤسّسة «الريجي» تسبح عكس تيار الدولة التي تسبح نحو اللادولة. ولاحظت أن قيادة «الريجي» والعاملين فيها على دين واحد هو الوطن والعامل والأرض والتربة المقدسة في هذا البلد.

وأضافت: أن نعمل في بلدنا، في شتلة التبغ، أفضل من أن نتسكّع في أيّ مكان آخر. ووجّهت تحيةّ إلى هذه الأسَر، وإلى جباه أبنائها لا تكفي كل القبلات.

ورأت أنّ المعرض يشكّل مساحة تختلط فيها الأبعاد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهذا يدلّ على البعد الإنساني لشتلة التبغ. واعتبرت أن هذه الشتلة شتلة للحياة، لأنها تشكل صورة للوجدان الجنوبي والشمالي. ملاحظةً أنها أضحت كالطقوس الدينية التي تلازم يومياتنا، فلا يكاد المؤذّنون يُنهون أذان الفجر، حتى ينحني المزارعون من الرجال والنساء والأطفال على جذوعها الراسخة في الأرض والثابتة على الوعد، ينصتون لأوراقها المقطوفة بكل حبّ والتي تشبه القلب، يغازلونها وينشدون لها بكثير من الشقاء مواويل وأغنيات تحاكي وجوهاً نحت على جبينها بوهج الشمس تجاعيد تعب حفرت على مرّ السنين أقاصيص العزّ وكرامة الإنسان.

وأبرزت برّي أهمية الصورة الفوتوغرافية في العصر الراهن لما لها من تأثير قويّ وفاعل، فهي أضحت إحدى أهم أدوات عالمنا المعرفية والثقافية والاقتصادية والإعلامية، إذ استطاعت الصورة في أكثر من حدث أو مناسبة أن تحشد الرأي العام تجاه قضايا معيّنة، وتغيّر مواقف، وتبني سياسات جديدة.

كذلك شدّدت على أهمية الصورة في لفت نظر المسؤولين للإيفاء بالتزاماتهم البديهية بإنشاء بنك لتسليف المزارعين، ورفع سقف إنتاج الدونم الواحد من التبغ. ولفتت إلى أنّ إدارة «الريجي» قامت مشكورة في الآونة الأخيرة بتقديم الآلات والمعدّات للمزارعين، إضافة إلى تأهيل عددٍ من البرك الزراعية.

ولاحظت إمكان تضمين الصورة عدداً من الرسائل التي تستطيع أن تبلور رأياً عامّاً ضاغطاً على راسمي السياسات الاقتصادية في لبنان لدعم زراعة التبغ.

وتحدّثت برّي عن مشهدية الصمود والانتصار التي تستطيع أن تمثلها الصورة في إبراز دور شتلة التبغ في صمود أهالي الجنوب على مدى عقود من الزمن في وجه العدوّ «الاسرائيلي» الذي كان يتلف المحاصيل ويحرقها لتسقط وريقات التبغ شهيدة على الأرض، ويذهب جنى الموسم ولقمة العيش المغموسة بالدم والدموع في مهب رياح الحقد. هذا إضافة الى دور الإقطاع السيّئ الذي لطالما استغلّ تعب المزارعين وعائلاتهم وجهدهم.

سقلاوي

أما رئيس «الريجي» مديرها العام المهندس ناصيف سقلاوي فرحّب ببرّي، مذكّراً بأنها بنت ثقافة الفرح والفنّ من خلال مهرجانات صور والجنوب. وأسّست، بعزمها وإصرارها، أهمّ صرحٍ لتأهيل المعوّقين في الشرق الأوسط، وأخذت على عاتقها التنمية الشاملة من خلال الجمعيات الثقافية والتراثية والبيئية والجامعات والاتحادات، وساندت ودعمت المرأة اللبنانية وأسّست الهيئة الوطنية لشؤون المرأة.

وأشار سقلاوي إلى أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي وحده من تغزّل بشتلة التبغ وكتب فيها أجمل القصائد والصوَر.

وأوضح سقلاوي أنّ المسابقة تهدف إلى دعم الطاقات الشابّة والموهوبة، وإلى توثيق هذا الإرث الحضاري. وقال: للسنة الثانية على التوالي أصررنا في «الريجي» على إقامة معرض صوَرٍ يوثّق رحلة التبغ والتنباك، وحكاية الأرض وصمود شعب، لأنّ الصورة تنقل هذا التعب الجميل، وسخاء الأيدي القريبة من الله، والعرق المجبول بالتراب، وتوثق فصول زراعةٍ اقترنت على مرّ السنين بالصبر والصمود.

وأضاف: وحدها الصورة تعكس حلو الشتلة المرّة، ودفء الحبّ في عائلةٍ تحكي المواسم عند مصطبة الدار. ووحدها الصورة تنقل صدى مواويل المشاتل وحكايات الجذور، والصبر، والصلابة من يدٍ إلى يد، ومن جيلٍ إلى جيل، من الجنوب إلى البقاع وعكار.

وتابع قائلاً: إنّ ما تشاهدونه اليوم، لم يكن ليتحقّق بهذه السهولة، فقد جلنا بالمصوّرين على مناطق زراعة التبغ المحاذية للحدود مع فلسطين في بلدة عيترون الجنوبية، حيث فعل المقاومة والصمود يحضر أيضاً بزراعة هذه الشتلة. ورأينا ورأى المصوّرون الموهوبون والمحترفون كيف أنّ الناس يعيشون في هذه الأرض من خيرات هذه الزراعة. وإلى البقاع، تحديداً إلى دير الأحمر، وتزامناً مع معركة تحرير الجرود، رافقنا فريقاً من المصوّرين ليشاهدوا كيف أنّ أهلنا في البقاع يعملون رغم الظروف الأمنية الصعبة، وليستمدّوا العزم منهم وينقلوا بالصورة ثباتهم وتكاتفهم. ثمّ مضينا إلى عكار، مضينا إلى أمّهات التّبغ في قرى وبلدات سهلها، في تلمعيان والقليعات، حيث نموذج الوحدة، والصبر، والجهود المضاعفة والمضنية.

وإذ أكّد أنّ «الريجي» تؤمن بالفنّ الواعي والملتزم، وبتطوير قدرات الشباب فكرياً وفنياً، شدّد على إيمانها أيضاً بأهمية التنمية المستدامة ودعم المزارعين وأبناء المزارعين. مذكّراً بأنها ساهمت خلال السنوات الأربع المنصرمة في دعم أكثر من 133 مشروعاً تنموياً تنوّعت بين إنشاء برك مياه زراعية وشقّ طرق زراعية وتقديم مِنح مدرسية وحفر آبار ارتوازية وتوزيع مبيدات وبناء عبّارات، وحملات تشجير وتوزيع آليات زراعية وموتورات رشّ وسيارات لنقل النفايات وصهاريج مياه، وإنشاء مكتبات أطفال.

وختم قائلاً إن «الريجي»، من خلال مسابقة ومعرض «منشر صوَر»، تشارك في دعم قطاع الفنّ، وتشجّع الموهوبين، وتنصف المحترفين. واعداً بتوسيع هذه المسابقة وهذا المعرض وتطويرهما.

الفائزون

وبحسب النتائج التي أعلنتها رنا كمال الدين، حصلت إيمان السيّد على جائزة لجنة التحكيم لأفضل صورة، ونالت 2000 دولار، في حين مُنحت الجائزة الثانية وقدرها 1500 دولار لكريكس بربريان. ونال عباس سلمان جائزة أفضل مجموعة صوَر وقدرها 1500 دولار. أما جائزة تصويت الجمهور لأفضل صورة 1000 دولار فحازت عليها ثروت نور الدين.

وتولّت لجنة التحكيم مهمة تقييم الصوَر، بينما صوّت الجمهور إلكترونياً عبر موقع «الريجي» الإلكتروني وكافة صفحات التواصل الاجتماعي التابعة لها.

وتألّفت لجنة التحكيم من المصوّرين المحترفين: فادي بو كرم، ومهدي سكافي، والمهندس جعفر الحسيني، إضافة إلى مريم حريري عن «الريجي».

تصوير: مصطفى الحمود ومحمد أبو سالم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى