استراتيجية ترامب حيال إيران… مواجهات غير محسوبة!

معن حمية

استراتيجية الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه إيران، لا تمثل في خطوطها العريضة تناقضاً مع سياسات واشنطن المتبعة حيال المنطقة والعالم، لكن اللافت في هذه الاستراتيجية أنها وضعت جملة من الأهداف العميقة، السعي إلى تحقيقها، يضعُ المنطقة والعالم على مفترق خطير، ويشكل تهديداً للأمن والسلم العالميين.

صحيح أن استراتيجية ترامب تستهدف إيران وتضعها في «بوز المدفع» الأميركي في محاولة لمنعها من مواصلة امتلاك القدرات وعناصر القوة، لكنها في الوقت ذاته تستهدف فرض الهيمنة على عموم المنطقة، وهي محاولة لتطويع الساحة الدولية، على غرار ما كانت عليه، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. ولذلك فإن القوى الدولية الأساسية، لا سيما روسيا والصين، وحتى تلك الحليفة لواشنطن مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، ترى في إعلان «النفير» الأميركي ضد إيران، تقويضاً لعوامل الاستقرار، ومقدمة لخطوات مماثلة تستهدف دولاً عديدة في المنطقة والعالم، خصوصاً أن واشنطن تصعّد على أكثر من اتجاه، والتصعيد الأخطر هو ضد روسيا والصين ويتمثل بنشر منظومة صواريخ «ثاد» الأميركية في كوريا الجنوبية واليابان.

لقد عكست ردود الفعل الدولية على استراتيجية ترامب، تحذيراً من مغبة الدخول في مواجهات غير محسوبة النتائج. واذا كانت المواجهة المباشرة مستبعَدة راهناً بين أميركا وقوى دولية أساسية، فإنها إن حصلت مع إيران فلن تكون نزهة على الإطلاق. لأن لدى إيران استراتيجية للمواجهة، وضعت قيد الاختبار ونجحت في أكثر من محطة، بينما استراتيجية ترامب، تتبنّى الموقف «الإسرائيلي» الذي يدعو الى مواجهة إيران، ولا تأخذ بعين الاعتبار الهزيمة التي لحقت بـ «إسرائيل» في لبنان، على يد المقاومة التي تدعمها سورية وإيران.

أبرز نقاط الخلل في الاستراتيجية الأميركية تجاه إيران، أنها اعلنت رزمة من الإجراءات ضد إيران، من دون أي اعتبار لموقف الدول التي هي جزء من الاتفاق النووي، وأبرز مَن واجه هذه الاستراتيجية الأميركية هم أقرب حلفاء أميركا الدوليين، بريطانيا وفرنسا والمانيا.

تركيز الاستراتيجية على ما أسمته «تقييد عدوانية إيران» بواسطة العقوبات والحصار والحملات، قد يكون أخف وطأة على إيران وحلفائها، من الدعوة الأميركية الصريحة الى «تنشيط التحالفات الإقليمية»، في إشارة واضحة لتبني مقرّرات قمة الرياض الإسلامية الأميركية التي عقدت في أيار الفائت برعاية ترامب في مواجهة إيران. وهذا ما يجعل الأمور أكثر تعقيداً، وأشد خطراً.

على أية حال، لا يمكن فصل استراتيجية ترامب عن التطورات الحاصلة في المنطقة، وتحديداً في سورية، فبعد أن وجّه الروس اتهاماً للتحالف الدولي الذي تقوده أميركا، بتغطية انتقال «داعش» الآمن بين العراق وسورية، والاستثمار في الارهاب، جاء الاتفاق بين قوات سورية الديمقراطية التابعة لأميركا و«داعش» الذي قضى بانتقال عناصر التنظيم الإرهابي من الرقة إلى دير الزور كترجمة أمينة للاستراتيجية الأميركية التي تحمي الإرهاب وترعاه.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى