إسرائيل لن تُغامر بحرب جديدة!

خليل إسماعيل رمَّال

فجأةً ومن دون سابق إنذار بدأت تُقرع طبول الحرب في «الشرق الأوسط»، خصوصاً بعد تغريدة مزعومة لدونالد ترامب وتمتين التحالف بين مملكة بني سعود ومملكة بني نتنياهو اللتين جمعتهما مصيبة واحدة باندحار دولة الخرافة واندثارها القريب جدَّاً على يد محور المقاومة المُنتَصِر!

لكن كاتب هذه السطور يكاد يجزم أنَّ «إسرائيل»، ومعها حليفتها الجديدة، تقوم بالتهويل فقط من أجل الابتزاز ليس إلاَّ، ظنَّاً منها أنها ستأخذ بالسلم ما لا تستطيع أخذه بالحرب. لكن الحرب نفسها لن تقع للأسباب الآتية:

1 – «إسرائيل» مردوعة تماماً ولم تعد تملك قرار الحرب منذ 2006، لأنّها أوَّلاً لا تعرف كلّ شيء عن خصمها وما يملك من مفاجآت ومقدرات عسكرية جديدة إلاَّ لِماماً ومعلومات مبتسرة من هنا وهناك، كما أشار إلى ذلك السيِّد حسن نصرالله في خطابه التحذيري لليهود وضرورة فصل أنفسهم عن الصهاينة والحكومة المغامِرة والمُقامِرة بأرواحهم. هذا الخطاب الذي هزّ الكيان العبري من أقصاه إلى أقصاه لأن لا أحدَ سمع مثله من قبل منذ 1948، خصوصاً ما يتعلَّق بدعوة اليهود إلى المغادرة من حيث أتوا! من هنا سبّب الرعب والتسعير لـ «الإسرائيليين»، والحديث عن حرب مهولة والإعلان عن عدم التفريق بين لبنان والمقاومة واتهام الرئيس ميشال عون بأنه تابع للمقاومة! فـ»إسرائيل» لن تخوض حرباً مجهولة المصير وتتحمّل فيها أكلافاً بشريَّة ومادية هائلة قد تطيح بوجودها. وهناك قادة ومحللون وباحثون لدى دولة الاحتلال هم أنفسهم حذَّروا من أنَّ أبراج تل أبيب التي يتغنّون بها ستتحوّل إلى ركام بفعل صواريخ المقاومة التي ستنهمر كالمطر، عدا عن ضرب المنشآت البتروكيميائية وحاويات الأمونيا ومعامل الكهرباء والماء والبترول والبنى التحتية والمطارات التي لن تتمكّن من تأمين هبوط للمقاتلات الحربية العائدة، وكلّ هذا سيتسبّب بكوارث بيئية وعسكرية وبشرية لن تتمكَّن حكومة تل أبيب من تحمّلها. حتَّى المنشآت النووية ستصبح نقمة بسبب استهداف محطة ديمونا وغيرها. إذن، مقابل الدمار والخراب في لبنان من جراء حربٍ كهذه، سيقابله دمار أكبر وأخطر وأكثر كارثيةً في كيان العدو!

2 – الحرب المقبلة إذا حصلت فلن تقتصر على جبهة جنوب لبنان فقط، بل أصبحتْ الجبهات كلّها مُتاحة ومُباحة من سورية والعراق وحتَّى الأردن وفي غزَّة والجليل الأعلى عدا عن قدوم مقاتلين من بلدان عدة في العالم العربي بغرض تحرير فلسطين، ممَّا جعل المقاومة تملك هامشاً واسعاً من المساحة والمواقع العسكرية المُحصَّنَة في سورية، عدا عن الخبرات العسكرية المتراكمة نتيجة الحرب مع «الدواعش».

وبسبب التحالف الصهيوني مع بني سعود لن تكون مملكتهم بمنأى عن الخطر وستصل النيران إليها، ولا يُستبعد دخول الطرف الإيراني على الخط، إذا قرّر ترامب تجريد الاتفاق النووي من مفاعيله وفرض عقوبات على طهران وإدراج «الحرس الثوري» على لائحة الإرهاب، ممَّا استدعى للتوّ ردَّاً إيرانياً بالتعامل مع الجيش الأميركي في «الشرق الأوسط»، كما يتمّ التعامل مع «داعش».

3 – خسارة أميركا لتركيا بعد أنْ كانت أنقرة بوابة الإرهابيين إلى سورية، وذلك من خلال استخدام ورقة استقلال الكرد، وما قيل في تقريرٍ صدر مؤخَّراً عن محاولة انقلابية جديدة دبّرتها أميركا ضدّ أردوغان، وكشفتها له موسكو، ممَّا دفع الأخير إلى شنّ حملة عنيفة ضدّ واشنطن عنوانها حرب التأشيرات والدفع نحو التحالف مع روسيا وإيران.

4 – فشل السعودية الذريع في ترميم وإحياء جثث 14 آذار بعد الاستدعاءات المُهينة لبعض ساسة لبنان من «قرطة حنيكر»، كما فشلت سياسة السعودية في سورية والعراق والبحرين واليمن وقطر، خصوصاً أنّْ الدوحة تستطيع التشويش على السعودية وتعرقل دورها في أيّ حرب مقبلة ضدّ لبنان. كذلك إذا وقعت الحرب فسيتجنّد الرأي العام العربي ضدّ تل أبيب وبني سعود وستستيقظ المشاعر العروبية لدى الشعوب النائمة. ولهذا السبب التجأت السعودية إلى موسكو، وهي تحمل غصن زيتون رغم تحالفها الوثيق مع تل أبيب وترامب. والزيارة السعودية لبوتين هي تسليم بمرجعيته. وفي هذا الإطار ليس من مصلحة روسيا قيام عدوان «إسرائيلي» جديد يطال المقاومة وسورية بسبب حلف محور المقاومة ولوجودها العسكري في صلب المنطقة وحرصها على عدم خربطة الأوراق. كما أنَّ روسيا تخوض حرباً سريَّة مع أميركا تمهيداً لمعركة الفصل الكبرى في دير الزور والبوكمال والقائم بعد اغتيال الجنرال الروسي فاليري أسابوڤ على يد، كما يُقال، قوات أميركية، ممَّا استدعى ردَّاً روسياً صاعقاً بالغارة على اجتماعٍ سري، حسب موقع «النشرة»، كان يُعقَد بين كبار قادة «النّصرة» وعلى رأسهم الجولاني وضباط أميركيون ممَّا أدَّى إلى مقتلهم وإصابة الجولاني بجروح خطرة. فأيّ معركة «إسرائيلية» مقبلة ستعتبرها روسيا أنها تستهدف الفوضى وتخدم الإرهابيين رغم أنهم في أواخر أيامهم.

5 – نقل موقع «أونلاين إنتيليجانس» الفرنسي تحذيرات إقليمية أُرسِلَتْ إلى تل أبيب من مغبَّة شنّ أيّ حرب مقبلة، ناصحةً الأخذ بجدية بتهديدات السيِّد نصرالله، لا سيما أنَّ مؤشرات تدلّ على انقلابٍ وشيك في الإدارة الأميركية على خلفية مصير ترامب، حسب المادة 25 من الدستور التي تنصّ على أنَّ الحكومة يمكنها إزاحة الرئيس بغالبية أعضائها إذا وجدته عديم الكفاءة ممَّا قد ينجم عن ذلك فوضى عارمة!

لكلّ هذه الأسباب لا تجرؤ «إسرائيل» ولن تخاطر في شنّ حرب ستفتح عليها أبواب جهنم!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى