السبهان في الرقة برعاية أميركية لاسترداد الدواعش السعوديين… والكويت تحتفل بالغانم زاسيبكين لحوار لبناني سوري يحظى بالإجماع… والقوات مصمّمة على الحملة ضد سلامة

كتب المحرّر السياسي

فجأة حطّ وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان في الرقة برعاية أميركية أمنية وعسكرية يقودها ممثل الرئيس الأميركي في قوات التحالف الجنرال بريت ماكفورك، ومتى صار الشأن السوري خليجياً، وإغاظة تركيا بتوطيد العلاقات بالانفصاليين الأكراد شأناً خليجياً، كما الشأن اللبناني والتحريض على حزب الله هو شأن خليجي، إلا بعدما تم اختراع اللقب الدبلوماسي لتغطية مهمة رجل الاستخبارات الذي بدأ كملحق عسكري سعودي في سفارة بيروت بمهمة تجميع لوائح اسمية لقادة وكوادر حزب الله لحساب المخابرات الأميركية، مخترقاً لحسابه مباشرة تيار المستقبل لإنشاء جهاز معلومات يتبع له للقيام بهذه المهمة. وكرجل استخبارات كان سفيراً للتخريب في العراق حتى تمّ طرده. وفي الرقة حطّ على عجل ليستردّ مخبريه وكوادره التابعين لجهاز الاستخبارات السعودي الذين كانوا بعلم القيادة الأميركية وإشرافها يقودون فروعاً من تنظيم داعش، انتهت مهمة بعضهم فنقل لمنع الجيش السوري من التقدم نحو البوكمال على الحدود السورية العراقية، ولتتفرغ الوحدات الكردية لمنع الجيش السوري من مواصلة تحرير محافظة دير الزور، وكما في كل مهمة سعودية تتقدّم محافظ المال على الاجتماعات لتتحدث وحدها، وتضمن نجاح المهمة.

بالتزامن مع الرعاية السعودية لما تبقى من داعش ومحاولة ستر الفضيحة باسترداد الودائع، كما سبق وفعل الأميركيون مراراً في صحاري دير الزور متحدثين عن عمليات إنزال لاعتقال قادة من داعش أحياناً، وعن استرداد مندوبين أمنيين يخترقون التنظيم مرات أخرى، كانت صورة خليجية أخرى تظهر على السطح تعاكس مهمات وزير الدولة الخليجي واختصاصاته بالتطبيع مع إسرائيل كحليف طبيعي في الحرب على المقاومة. كان الكويت يستقبل بحفاوة احتفالية رئيس برلمانه مرزوق الغانم العائد من بطرسبورغ غانماً ومرزوقاً برصيد من التحيات والنجاحات بعد موقفه الصلب الذي أدّى لطرد الوفد «الإسرائيلي» من المؤتمر العالمي للاتحاد البرلماني الدولي.

لبنانياً، وعلى هامش الحدث البارز المتمثل بإقرار موازنة العام 2017، دون قطع حساب، كما تمّ التوافق السياسي تسهيلاً للإنفاق المنتظم، ريثما ينجز قطع الحساب، وتمهيداً لإحالة موازنة العام 2018 والتي تبدو محاطة بتوافق سياسي لتضمينها ما خلت منه موازنة العام 2017 من ترشيق وتخفيضات، بدا أن القوات اللبنانية ماضية في حملتها على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رغم التوضيحات التي صدرت عن مصرف لبنان ووزير المالية علي حسن خليل، وأجابت على تساؤلات النائب القواتي جورج عدوان حول تحويلات مصرف لبنان لوزارة المال، ما يؤكد النيات السياسية المبيتة والمتصلة بالضغط على سلامة في ملفات أخرى، ترى مصادر مطلعة أنها تتصل بالعقوبات الأميركية على حزب الله، بينما على ضفة العلاقة اللبنانية السورية كان الأهم الكلام الصادر عن السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين عن الحاجة لتفاوض مباشر بين الحكومتين اللبنانية والسورية لمواجهة تحديات ملف النازحين السوريين وعودتهم، مضيفاً أن المهم أن يحظى هذا التفاوض بإجماع اللبنانيين.

البرلمان صدق الموازنة بـ61 نائباً

صدّق المجلس النيابي أمس، قانون موازنة 2017 من دون قطع حساب العام الماضي، بعد أن صوّت في ختام الجلسة بالمناداة، وذلك بتأييد 61 نائباً ورفض 4 نواب وامتناع 8 عن التصويت، وبذلك يكون المجلس النيابي قد خطا الخطوة الأولى على طريق اعادة انتظام المال العام، بعد أن تمّ إغراق الموازنة في مستنقع الخلافات السياسية منذ اثني عشرة عاماً، ولو أنه سجل في تاريخه مخالفة دستورية تمثلت بخرق المادة 87 من الدستور.

وأشار رئيس الحكومة سعد الحريري الى أن «التوافق السياسي السائد في البلد هو ما أوصلنا الى هذه النتيجة، ومن يتحدث عن هدر وفساد ماذا فعل حين كان في السلطة سابقاً؟». واعتبر وزير المالية علي حسن خليل أنّ «هذا إنجاز حقيقي يسجل ويعيدنا الى انتظام الوضع المالي، والاسبوع المقبل سنبدأ بتحديد مواعيد لمناقشة موازنة 2018»، بينما قال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان: «مبروك الموازنة، واتفقت مع وزير المال وبري على تضمين الـ2018 التخفيضات على الاحتياطي والجمعيات وإبعاد قوانين الضرائب والبرامج من متن الموازنة».

وفي حين امتنعت كتلة الوفاء للمقاومة عن التصويت كما علمت «البناء»، أكّد النائب انطوان زهرا من مجلس النواب أنّ «القوات» «تصوّت مع الموازنة، لكن ضدّ نشرها». وطلب النائب سامي الجميل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري تسجيل اعتراض كتلة الكتائب على إقرار الموازنة من دون قطع الحساب».

موازنة 2017 «بروفا» لـ 2018

وقالت مصادر نيابية «البناء» إن «التواصل والتشاور بين الرئيسين بري والحريري ووزير المال والنائب كنعان في ربع الساعة الأخير أخرج الموازنة من عنق الزجاجة، وبالتالي يُعدّ إنجازاً مالياً جديداً واستكمالاً للاتفاق المالي بين القوى السياسية، وثمرة التوافق السياسي السائد في البلد منذ انتخاب الرئيس ميشال عون رئيساً للجمهورية». ولفتت الى أن «نقاشات موازنة 2017 هي بروفا لموازنة العام 2018».

الخيار الوحيد المتاح

لكن إضافة مادة على قانون الموازنة تجيز للمجلس إقرار الموازنة من دون قطع حساب على أن تتولى وزارة المال تقديم قطع حسابات الأعوام الماضية خلال مدة لا تتجاوز العام، قد يكون المخرج القانوني الوحيد المتوافر أمام الحكومة والمجلس النيابي لإقرار الموازنة. وفي سياق ذلك، أشار وزير المال الاسبق جورج قرم لـ «البناء» الى أن «اقرار الموازنة من دون قطع حساب مخالفة دستورية، لكن ليس لدى المجلس النيابي خيار آخر لإيجاد المخرج القانوني المناسب لاعادة الانتظام المالي من خلال إقرار الموازنة التي تسمح للمجلس بممارسة دوره الرقابي على الحكومة وسياستها المالية والاقتصادية». وميّز قرم بين قطع الحساب الذي يتولاه المجلس النيابي من خلال التدقيق بصحة صرف الاعتمادات عند التصديق على قانون الموازنة وبين حسابات الخزينة العامة الذي يدققها ديوان المحاسبة وبالتالي لا يمكن توقيف عمليات الخزينة بسبب عمليات مشبوهة، لذلك لا يجوز الربط بين الحسابين».

ولفت قرم الى أن «ما نعاني منه اليوم من فوضى مالية وانهيار للمنظومة الدستورية للنظم المالية بين مرحلة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ونهاية ولاية الرئيس اميل لحود، تعود لأسباب عدة، أبرزها التجاذب السياسي الذي كان سائداً حينها بين أركان التسوية اليوم، وتعطيل عمل المجلس النيابي الذي عطل بدوره إقرار الموازنات والصرف من خارج الموازنة ودون تسجيل ما تم إنفاقه».

حساب حقل الموازنة غير مطابق لبيدر «اللجنة»

وكانت الجولة المسائية قد شهدت احتداماً وسخونة في المواقف حول اعتمادات الموازنة، حيث انسحب وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي من الجلسة غاضباً لعدم لحظ مبلغ 30 مليون دولار لمشاريع استملاكات في بعلبك الهرمل وعكار وأعلن انسحابه من النيابة والوزارة، وحاور رئيس المجلس ثنيه وقال له: «لا يمكن للمجلس أن يضيف اعتمادات الى الموازنة إلا أنه غادر غاضباً»، غير أن النائبين جان اوغاسبيان وكاظم الخير لحقا بالمرعبي واجتمعا به في أحد المقاهي المجاورة للمجلس لتليين الموقف ونجحا في اعادته الى القاعة.

ولم يأت حساب حقل الموازنة مطابقاً لبيدر لجنة المال والموازنة النيابية، بعد أن سقطت تخفيضاتٌ كثيرة في الهيئة لعامة كانت أوصت بها الهيئة، ما دفع رئيسها النائب ابراهيم كنعان الى القول: «يبدو أن لكل جمعية ملائكتها ولكل وزارة من ينصرها ولا يجوز أن تعود الامور الى ما قبل رقابة لجنة المال»، في حين اعتبر النائب حسن فضل الله أن «مداولات 4 أشهر في لجنة المال ذهبت هباء وطارت بفعل التنفيعات والمحاصصات».

وكانت الجلسة بدأت صباحاً بالتصويت على بنود الموازنة العامة لعام 2017 بنداً بنداً لإقرارها، وأوضح كنعان خلال الجلسة «أننا مارسنا في لجنة المال رقابة برلمانية غير حزبية ولا كيدية. والمطلوب من الحكومة والمجلس النيابي خطوات عملية حتى لا يُعتبر أحد أن الرقابة في لبنان غير ممكنة». وإذ لفت الى أن «شطب الاعتمادات طال كل الوزارات بلا تمييز وجاء بخلفية مالية في ظل العجز والدين العام وبناء على جداول وزارة المال»، طالب الحكومة وأوصاها «بشدة بضرورة حصول تخفيضات في موازنة 2018 حيث يجب ضبط الإنفاق في ظل الاوضاع المالية الراهنة». وأعلن أن «اللجنة نقلت اعتمادات لصالح الجيش والأجهزة الأمنية تسهم في تعزيز دورها وأدائها بعدما كانت الحكومة أخضعتها للتخفيض»، بينما أشار الرئيس الحريري الى أن «لجنة المال اعتمدت معياراً موحداً في التخفيضات لضبط الإنفاق ودورنا كحكومة القيام بدورنا في ضوء ملاحظاتها في موازنة 2018».

وأقرّ المجلس البند المتعلق بقوانين البرامج بعد جدل حول إبقائها داخل الموازنة أو خارجها، وألغى المادتين 30 و39 المتعلقتين بالكسارات وتحريج مواقع المقالع، لاستحالة زرع شجر في أرض صخرية.

وبعد نقاش تمّ الاتفاق على الرقابة المسبقة على الهبات التي تحمل الطابع المالي، كما تمّ الإبقاء على قوانين البرامج ضمن موازنة 2017. وأقرّ اعفاء من يعملون في مؤسستين من الغرامات على التأخير في التبليغ والتسديد.

«القوات» ماضية في مواجهة «المركزي»

ورغم ردّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووزير المال علي حسن خليل على اتهامات النائب «القواتي» جورج عدوان، وتأكيدهما أن المصرف كان يجري التحويلات المالية المتوجبة عليه الى وزارة المال واعلان وزير المال بأن لديه كشوفات تثبت ذلك، غير أن «القوات اللبنانية»، بحسب المعلومات، يبدو أنها «ماضية حتى النهاية في تقديم طلب الى رئيس المجلس لتشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في شأن المستحقات المتوجبة على المصرف للدولة».

وفي إطار ذلك، يرى الوزير قرم في حديثه لـ «البناء» أن «اتهام مصرف لبنان بأنه لا يدفع المستحقات الى الخزينة العامة فيه الكثير من التجني والجهل بالمهمات والأعباء المالية المترتبة عليه»، مضيفاً: «صحيح أن المصرف المركزي لديه محفظة مالية وفيرة وسندات خزينة، لكنه في المقابل يدفع فوائد كبيرة لكتلة ودائع مصرفية موجودة لديه».

وعن لجنة التحقيق لفت قرم أن «المجلس سيد نفسه ويستطيع التحقيق في وجهة صرف المال العام، لكن مسألة التحقيق من اختصاص وزارة المال التي يجب أن تفتح تحقيقاً مالياً حول أي شبهة، ووزير المال بما لديه من كشوفات هو المرجع الصالح الذي يسحم الأمر». واعتبر قرم أن «الموازنات المتعاقبة منذ عشرين عاماً لم تلحظ تقارير مدققي الحسابات على المصرف المركزي، وبالتالي يتحمل المجلس النيابي والحكومة مسؤولية ذلك»، وتساءل: «لماذا تستفيد المصارف الخاصة من امتيازات الفوائد العالية على الودائع الموجودة في المركزي؟ ولماذ أعدت بنية الفوائد في لبنان لتصبّ في مصلحة هذه المصارف؟».

زاسيبكين: التفاوض مع الحكومة السورية أمر ضروري

في غضون ذلك، بقي ملف النازحين السوريين والعلاقة مع سورية محور الحركة السياسية والدبلوماسية في الداخل مع بروز دور روسي على هذا الصعيد. وأشار السفير الروسي الكسندر زاسيبكين بعد لقائه وزير الخارجية جبران باسيل، الى أن «هناك موقفاً موحداً للمجتمع الدولي في بعض النقاط الاساسية وضرورة العودة للنازحين الى الوطن، وما يهمّهم هو كيفية ترتيب هذه العودة، ونحن الآن نركّز على التطبيع مع سورية، لذلك كلما سنحت الفرصة يجب تركيز الجهود لتحريك عملية العودة اليها، وأظنّ أنه علينا العمل في هذا الاطار لإيجاد آلية لاتخاذ الإجراءات المناسبة، انطلاقاً من مبادئ العودة المعترف بها دولياً، ونحن متفقون مع الموقف اللبناني في ما يتعلق بالأعباء الكبيرة التي يتكبّدها والتي تشكل حالة من الممكن أن تنفجر قريباً، ما يؤكد أن هذه القضية ملحّة جداً».

وعما إذا كانت مسألة الاستعجال في عودة النازحين متفقاً عليها من قبل كل الدول في مجلس الأمن الدولي، قال: «هناك اتفاق على المبادئ، لكن بالنسبة للآلية، فلكل من هذه الدول تقييمها ورأيها. على سبيل المثال، اذا كان الاعتراف بأن الافق غير واضح المعالم للعملية السياسية، فكيف ستتم العودة؟ هذا رأيي. وثمة رأي جرى التعبير عنه، بان العملية السياسية تتطلب إجراءات، كالانتخابات والاصلاحات الدستورية، وهذا يستلزم وقتاً. الا أن هناك في الوقت نفسه مسار استانة الذي يسعى الى ايجاد الحلول للقضايا الميدانية وعنوانه العام هو تطبيع الاوضاع في سورية. وهذا يعني تنقية الاجواء وترتيب الامور للناس الموجودين في المناطق والنازحين ايضاً لذا يجب العمل على هذا الاساس».

واعتبر زاسيبكين بعد زيارته الرابطة المارونية أن «التفاوض مع الحكومة السورية أمر ضروري، لكن يجب أن يكون هناك موقف موحد من ذلك».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى