لقاء الأحزاب دان محاكمة المناضل حبيب الشرتوني عمله بطولي.. صان مقامَ رئاسة الجمهورية من دنس التعامل مع العدو

أعلن لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية، في بيان إثر اجتماعه أمس، تضامنه مع المقاوم المناضل حبيب الشرتوني، مديناً بشدّة الإقدام على محاكمته، لا سيّما أنّ ما قام به من عمل بطوليّ جاء في سياق مجابهة الغزو الصهيوني وتأسيس المقاومة الوطنية لطرده والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله، والحفاظ على مقام رئاسة الجمهورية من دنس التعامل مع العدو الصهيوني، الذي كان يريد أن يجعل الرئاسة في لبنان أداة لتنفيذ مخطّطه لصهينة لبنان وتحويله بلداً تابعاً لكيان الاحتلال.

وشدّد اللقاء على أنّه يجب عدم السماح بأيّ شكل من الأشكال بجعل العمل البطولي الذي قام به المناضل حبيب الشرتوني سبباً لتجاذب سياسي داخلي، بل يجب أن يتمّ إبعاده عن هذا التجاذب، باعتباره جزءاً من المقاومة الوطنية للاحتلال الصهيوني ورفض أيّ تعامل معه، لا سيّما أنّ الدستور والبيانات الوزاريّة ما فتئت تؤكّد حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الصهيوني بالوسائل كافة، واعتبار التعامل معه خيانة وطنية يجرّمها القانون.

من جهة أخرى، تقدّم عدد من المحامين بكتاب ملاحظات إلى النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود، تضمّن مطالبةً بالدفاع عن حق المجتمع بمقاومة الاحتلال «الإسرائيلي» وحق المتضررين من ذلك الاحتلال بالمطالبة بحقوقهم.

واستند كتاب الملاحظات، إلى نصوص دستورية وقانونية، تشكل أسباباً موجبة ووجيهة للأخذ بها، باعتبار أن «أي حكم يصدر بإدانة الفعل الحاصل يشكل إدانة لفعل المقاومة لصالح جرم العمالة، بما لذلك من تداعيات خطيرة على صورة لبنان المقاوم، وعلى المقاومة التي قدّمت آلاف الشهداء لتحرير لبنان من رجس هذا الاحتلال».

وطالب المحامون النائب العام لدى محكمة التمييز «اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لا سيما وضع ما ورد في كتابنا هذا موضع التنفيذ قبل صدور حكم مفصلي في مسألة على مستوى عالٍ من الحساسية يسلب المواطنين حقهم المقدس بالمقاومة المكفول دستورياً وقانونياً، والمكرس في جميع الشرائع والمعاهدات الدولية، لكون حق المقاومة هو أعلى مراتب الوطنية التي يبلغها الإنسان الحرّ المجرد من أنانيته ومنافعه الفردية».

وفيما يلي نصّ الكتاب:

«حضرة النائب العام لدى محكمة التمييز

القاضي سمير حمود المحترم

الموضوع: مطالبة بالدفاع عن حق المجتمع بمقاومة الاحتلال «الإسرائيلي»، وحق المتضرّرين من ذلك الاحتلال بالمطالبة بحقوقهم بواسطتكم.

مؤخراً، أعاد المجلس العدلي تحريك قضية الأمين حبيب الشرتوني عن فعله الذي أدى إلى مصرع بشير الجميل.

إن تحريك الملف، وبالرغم من حساسيته المتضمنة فعل مقاومة صرفاً بوجه المتعاملين مع العدو، فقد انبرى بعض المعنيين مطالبين بالحكم بالإعدام، وإدانة فعل المقاومة.

وقد صدرت بيانات عدة عنهم خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية يؤكدون فيها ما سوف يتضمنه الحكم من قضاء بالإعدام، وإدانة لمنظومة المقاومة بجوانبها الفكرية والعقائدية كافة، للإيحاء بأنهم يسيطرون على القضاء وبأن أحكامه مكتوبة سلفاً.

نعم، لا بد من تحقيق العدالة. هذه العدالة التي من حيث ندري أو لا ندري، تضع في ميزانها فعلين لا يمكن بأي حال من الأحوال المساواة بينهما: فعل مقاومة العدو «الإسرائيلي» من جهة، وجرم التعامل معه منذ ردح طويل من الزمن وتشجيعه ومعاونة قواته على احتلال لبنان وإذلال شعبه ووضع اليد على الدولة اللبنانية، بدءاً من رأس هرمها أي رئاسة الجمهورية حتى آخره، وذلك من قبل عدو الأمة التاريخي.

وعليه، فإننا نتقدّم من حضرتكم بصفتكم ممثلاً للمجتمع، وخصماً شريفاً في الدعوى، بالملاحظات التالية:

أ إن مسار الدعوى وإجراءاتها لم يتضمن إحاطة للملف بجوانبه الواقعية والقانونية كافة. إذ إن الملف المذكور لا يمكن إخراجه من سياقه التاريخي والواقعي وتسلسل الأحداث. فالفعل الحاصل وما نتج عنه ليس سوى رد فعل على اجتياح العدو «الإسرائيلي» للبنان باستدعاء من بشير الجميل وأزلامه ومعاونته على احتلال معظم أراضي لبنان وعاصمته وتدمير اقتصاده وبناه التحتية وقتل الآلاف من أبناء شعبه بطرائق مختلفة وفقدان الآلاف منهم. فمقاربة الملف كأنه جريمة قتل عادية اقترفت بحق أحد الرسميين رغم عدم تمتع بشير الجميل بالصفة الرسمية حين وقوع الفعل أمر في غاية من الخطورة، ويشكل طعناً للعدالة والإنصاف في صميمهما.

ب إن تعامل بشير الجميل وأعوانه مع العدو «الإسرائيلي» ومعاونتهم على فوز قواته واحتلال لبنان أمر ثابت، وليس موضع نقاش من أحد حتى من قبل المتعاملين معه. وهو ثابت أيضاً بالعديد من الكتابات لا سيما كتاب جورج فريحة أبرز مستشاري بشير الجميل «مع بشير ذكريات ومذكرات». وهذه الأفعال وما ارتكب بحق لبنان ما هي إلا جرائم ضد الإنسانية لا تسقط بمرور الزمن.

ج إن إجراءات المحاكمة كما هو ظاهر تمّت بشكل منقوص سواء لناحية تبيان الوقائع التي تحيط بالملف من جوانبه كافة ليتم تكوين قناعة حقيقية حوله.

وقد ختمت المحاكمة على هذا الأساس وتم تعيين تاريخ 20/10/2017 موعداً للنطق بالحكم، وذلك بعد صرف النظر عن الاستماع للائحة شهود الحق العام ومن دون عناء البحث والتمحيص في الوقائع بشكل يؤدي إلى تبيان الحقيقة وإنصاف الجميع.

د إن النيابة العامة بصفتها طرفاً في الدعوى فهي تمثل المجمتع بأكمله وهدفها ليس فقط معاقبة الجاني، بل كشف الحقيقة.

ولكون النيابة العامة تشكل خصماً شريفاً فيقع على عاتقها السعي إلى تطبيق القانون بشكل صحيح، خاصة إذا كان ثمة أدلة تثبت عدم صحة ما استند إليه في طلب الإدانة. إضافة إلى أنه يقع على عاتق المجلس العدلي بناء على طلب النيابة العامة أو عفواً أن يجري تحقيقاً في الدعوى.

وبما أن حبيب الشرتوني وفي التحقيقات المجراة معه كلها أكد أنه أقدم على فعلته بدافع سياسي، بخاصة أن ثمة أدلة لم تقاربها النيابة العامة ولا المجلس العدلي خاصة عن اجتياح العدو «الإسرائيلي» ونتائجه وأسبابه، والتي أدت وفقاً لتخطيط بشير الجميل إلى انتخابه رئيساً للجمهورية تحت مدافع دبابات الاحتلال، بحيث يكون لبنان بواسطته ممراً وأداة للقضاء على المقاومة والقضية الفلسطينية. إضافة إلى عدم شمول الملف، كما أسلفنا، أية إشارة إلى ما أصاب العديد من اللبنانيين من مجازر وأضرار لا تُعدّ ولا تُحصى بنتيجة مساعدة العدو «الإسرائيلي» من قبل بشير الجميل وأعوانه على احتلال لبنان، فضلاً عن انتهاك فاضح لكرامة الشعب اللبناني كله.

وهذه مسألة جوهرية لا بدّ من وضعها قيد المناقشة أمام المجلس العدلي، والبحث في الدوافع التي أدّت إلى ارتكاب الفعل، لا سيما أن الدافع إليها هو دافع وطني وسياسي شريف يهدف إلى حماية المجتمع من تداعيات انحلال السلطة وتقويض المجتمع بأكمله وانهيار الدولة وإمساك العدو «الإسرائيلي» بمفاصل البلاد كافة.

هـ إضافة إلى كل ما تقدم فإنه يقع على عاتق النيابة العامة والمجلس العدلي إثارة مسألة تتعلق بالانتظام العام، خاصة أن الفعل الحاصل هو من الجرائم السياسية التي ترتدي طابعاً عاماً مجرداً من أية غايات أو منافع شخصية.

فقانون العفو الصادر بتاريخ 26/08/1991 أكد في الفقرة ج من المادة رقم 2 بأنه:

يتوجّب على المرجع القضائي المختص الواضع يده على الدعوى من دون أن يستثني المجلس العدلي بأن يبت بطبيعة الجرم، فإذا كان القتل بدافع سياسي فيتوجب عليه وقف الملاحقة عملاً بالمادة المذكورة التي تعفي عفواً كاملاً عن الجرائم السياسية.

فبمجرد ورود عبارة في النص بأن «المرجع الواضع يده على الدعوى» أكبر دليل على شموله الملفات المحالة على المجلس العدلي، والتي ما زالت عالقة أمامه. فلا يمكن الحديث عن ملف عالق إذا كان مشمولاً بالعفو عامة.

و إن ملف المحاكمة بكامله يتمحور حول حقبة العام 1982 واجتياح العدو «الإسرائيلي» للبنان في تلك الفترة وتنصيب بشير الجميل رئيساً للجمهورية اللبنانية تحت وطأة الحراب «الإسرائيلية» بنتيجة تقويض مؤسسات الدولة اللبنانية بأشكالها كافة.

إن فعل التعامل مع العدو وما نتج عنه ما زال حتى يومنا هذا، موضع إدانة واستهجان واستنكار من معظم الشعب اللبناني، إلا الذين ساعدوا ذلك العدو على احتلال لبنان وما زالوا حتى يومنا هذا يفاخرون بعمالتهم وأفعالهم الدنيئة.

وعليه،

فإن أي حكم يصدر بإدانة الفعل الحاصل يشكل إدانة لفعل المقاومة لصالح جرم العمالة، بما لذلك من تداعيات خطيرة على صورة لبنان المقاوم والمقاومة التي قدّمت آلاف الشهداء لتحرير لبنان من رجس هذا الاحتلال.

لذا، نطلب من حضرتكم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لا سيما وضع ما ورد في كتابنا هذا موضع التنفيذ قبل صدور حكم مفصلي في مسألة على مستوى عالٍ من الحساسية يسلب المواطنين حقهم المقدس بالمقاومة المكفول دستورياً وقانونياً والمكرّس في جميع الشرائع والمعاهدات الدولية، لكون حق المقاومة هو أعلى مراتب الوطنية التي يبلغها الإنسان الحر المجرد من أنانيته ومنافعه الفردية.

وتفضلوا بقبول الاحترام،

بيروت في 19 تشرين الأول 2017

مع جميع التحفظات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى