عن أضرار كارثة التسرب النفطي في 2006؟

انتخبت الدورة 29 لمجلس وزراء البيئة العرب المنعقد في القاهرة في اختتام أعمالها لبنان عضواً في المكتب التنفيذي لمجلس وزراء البيئة العرب.

وأشار وزير البيئة طارق الخطيب، في كلمة ألقاها خلال اجتماعات المجلس، إلى أنّ العدوان الإسرائيلي عام 2006 «تسبب بأسوأ كارثة تلوث نفطي طالت الشاطىء اللبناني والحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط»، لافتاً إلى «أنّ تسرب ما بين 12 و15 ألف طن من المحروقات النفطية الثقيلة إلى الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط أدى إلى تلويث ما يزيد عن 70 موقعاً عاماً وخاصاً على الشاطىء اللبناني، من الصخور والرمول والحصى، بما فيها المنتجعات والمرافىء الأثرية والسياحية والتجارية ومرافىء الصيد».

وقال: «إحدى عشرة سنة تابعت فيها وزارة البيئة اللبنانية العمل بدءاً بالتنظيف وصولاً إلى التخلص الآمن من النفايات النفطية في الأسابيع الماضية، وتمّ ذلك بالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين. وطبعاً، ما كان النهوض من هذه الكارثة ليستغرق كل هذا الوقت لو أن الكيان الصهيوني التزم بدفع التعويضات المستحقة للبنان نتيجة الكارثة التي تسببت بها. فقد دانت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل بموجب 11 قراراً متتالياً لتاريخه، أعربت فيها عن بالغ قلقها إزاء الآثار السلبية المترتبة على هذا الانسكاب النفطي، واعتبرت أن بقعة النفط قد لوثت بشدة الشواطىء في لبنان، وبالتالي كان لها آثار خطيرة على صحة الإنسان والتنوع البيولوجي ومصائد الأسماك والسياحة، ما يؤثر بدوره، وبشكل خطير، على سبل كسب الرزق والاقتصاد في لبنان».

وذكّر بأنّ الجمعية العامة طالبت إسرائيل بدفع التعويض اللازم للبنان عن الأضرار الناجمة عن هذه الكارثة، والذي حدد بـ 4,856 مليون دولار أميركي في العام 2014، وهذا هو المبلغ الذي نصت عليه صراحة القرارات الثلاثة الأخيرة للجمعية العامة للامم المتحدة. وأضاف: «بالرغم من كل ذلك، لم تدفع إسرائيل حتى اليوم ليرة واحدة، الأمر الذي أرغم الحكومة اللبنانية، ممثلة بوزارة البيئة، على مناشدة الدول الأصدقاء والشركاء لتقديم الدعم، والذين لولاهم لما تخطينا هذه الكارثة».

وسأل: «أما آن الأوان اليوم، بعد مرور أكثر من 11 سنة، أن يدفع التعويض المقر، والكل يدرك العلامة الفارقة التي من شأن هذا التعويض، الذي يقارب المليار دولار أميركي، أن يحدثه على البيئة في لبنان»؟

وتابع الخطيب: «أما وما زلنا نخوض هذا النضال ونستعد لمشروع قرار جديد من الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت لافتة إصابة لبنان بأزمة بيئية أخرى خلال هذه الفترة، وهي كسابقتها تفوق قدراتنا على جميع المستويات. ففي العام 2011، اندلعت الأزمة السورية ومعها تدفق أكثر من مليون ونصف مليون نازح إلى لبنان الذي لا تتجاوز مساحته الـ10,452 كلم مربعاً ومواطنوه البضعة ملايين. فتخيلوا يا أصحاب المعالي إلى ماذا سيؤول مصير أي بلد يستضيف نازحين يقارب عددهم ثلث عدد سكانه، في مساحة جغرافية من بين الأصغر في العالم، وببنية تحتية أرهقتها الحروب المتتالية على مدى العقود».

وتوقف عند «ارتفاع إنتاج النفايات الصلبة والسائلة، وتأثير ذلك المباشر على موارد المياه والنظم الأيكولوجية والهواء، خاصة أنّ مخيمات الاستضافة عشوائية، والأخطر من كلّ ذلك الأثر غير القابل للانعكاس على وجهة استعمال الأراضي، وبالتالي الهوية البيئية للبلد المستضيف». وقال: «لذلك، إذا ما وجدنا حلاً يؤمن العودة الآمنة للنازحين إلى بلدهم الأم، عبثاً نحاول إصلاح وضع البيئة في لبنان أو أي بلد آخر يعاني من التحديات ذاتها».

وجدّد وزير البيئة التأكيد على جميع التوصيات التي رفعها لبنان بجميع مكوناته إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة في العام 2012 مؤتمر ريو+20 وتحديداً التوصيتين المتعلقتين بـ:

1- إعادة التأكيد على حق الفلسطينيين في العودة، ونضيف إليها الشيء نفسه بالنسبة للنازحين السوريين.

2- إنشاء محكمة بيئية عالمية للنظر في الجرائم البيئية المتعمدة بين الدول ومعاقبة الدول المسيئة».

وختم الخطيب: «أما بعد، ونحن كأعضاء في مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة نسأل نفسنا دوماً كيف نطور عملنا، لا بد أن نبحث جدياً في الوصفة التي من شأنها تمكين بلداننا التوفيق ما بين الواقع الاجتماعي والاقتصادي والحاجة للتنمية من جهة، وحماية البيئة والمحافظة على مواردها الطبيعية من جهة أخرى. فهذه المعادلة صعبة حتى في البلدان المتقدمة، كم بالحري في البلدان التي ما زالت في طور النمو والتي ما تبرح أن تنهض من حرب أو أزمة حتى تزج في حرب أو أزمة أخرى، ما يرغمها على الانهماك في الاستجابة للأزمات ووضع حد لها عوضاً عن التخطيط لغد أفضل. هذا إذا ما وجدنا من يخطط أصلاً، ممن قاوموا هجرة الأدمغة وصمدوا أمام الفساد المستشري وتغلبوا على اليأس. فتجاه هذا الواقع، علينا أن تتضافر جهودنا جميعاً للخروج من هذه الحلقة المفرغة لما فيه خير البيئة والتنمية المستدامة في وطننا العربي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى