حشود القوميين ملأت بيروت معلنة بأعلى صوت: كلنا حبيب الشرتوني

سما الخطيب

العشرون من تشرين الأول 2017، يوم أسود في تاريخ لبنان، فهو أعادنا ثلاثة عقود ونصف العقد من الزمن إلى الوراء، يوم كان الاحتلال الصهيوني يحتلّ لبنان ويقتل اللبنانيين بالتكافل والتضامن مع عملاء له وأدوات، خانوا بلدهم وشعبهم.

ومن أجل الحق والحقيقة والعدل والعدالة والمقاوم والمقاومة، احتشد القوميون الاجتماعيون يتقدّمهم عدد من العمُد وأعضاء المجلس الأعلى والمسؤولين، أمام قصر العدل، رافضين الحكم الجائر. وبرزت مواقفهم في التصريحات والمواقف الإعلامية، وفي اللافتات التي حملوها وعليها نصوص مواد قانونية تدين بشير الجميّل مرفقة مع صور موثقة، تفضح تعامله مع العدو «الإسرائيلي».

ورفع القوميون صور الأمينين نبيل العلم وحبيب الشرتوني وصور شهداء مجزرة عينطورة، وندّدوا بالحكم الذي صدر عن المجلس العدلي، مؤكدين أنه لم يُحِط بجوانب ملف القضية ولم يميّز بين فعل المقاومة وفعل الخيانة، ولم يأتِ في سياق القانون وتنفيذاً لروحه وموجباته، فالدستور اللبناني ينصّ على حق الدفاع عن السيادة الوطنية، ويمنح هذا الحق للبنانيين، ضدّ كلّ غازٍ ومحتلّ، والأمين حبيب الشرتوني نفّذ حكم الشعب وفقاً للقانون بمواده الصريحة.

وحتى لا يقع الظلم وإنْ كاد أن يقع أعطى للقاضي حق الاجتهاد أو ما يُسمّى مبادئ العدالة والإنصاف كروح لأيّ قانون وعدالة، إنما العدالة فقدت روحها أمس، والدستور لم يعلُ على سقف قصر عدلي ومؤشرات مطامع نيابية عابرة.

مواد القانون اللبناني واضحة وبالتحديد، في ما يخصّ مواد العقوبات التي تجرّم كل مَن يتواصل مع العدو عبر أيّ وسيلة كانت، بخاصة في حالة دعمه قوات العدو لتفوز على جيش البلاد والعمل على بث فتنة وإضعاف معنويات الأمة. القانون واضح ولم يأتِ لأجل فرد فقط او مجموعة او فئة من فئات الشعب، ولا لمجموعة على حساب أخرى، فالقانون فوق الجميع هو السلطة العليا الآمرة والناهية.

في السياق القانوني، هناك مخالفات شكلية وجوهرية ومخالفة أصول المحاكمات وتعيبها مسايرة سياسية فاضحة، وضغوط أثرت على سير المحاكمة. ومن أبرز المخالفات عدم سماع الشهود وعدم سماع شهود الحق العام، كما أنّ أحد أهمّ الأخطاء القانونية في المحكمة، لكونها لم تراعِ المكان والزمان «مسرح الأحداث» وتاريخها ووقائعها، إذ إنّ الفعل المقاوم الذي قام به الأمين حبيب الشرتوني كان في مسرح احتلال عدوّ لمعظم الأراضي اللبنانية من الناقورة حتى ضبيّة.

كما أنّ المحاكمة لم تراعِ أنّ الفعل المقاوم هو من ضمن حقوق المواطنين بمقاومة الاحتلال وأدواته، كما أنّ الحكم لم يأتِ على وصف الحالة التي أدّت لهذه الواقعة!

إنّ الميليشيا التي كان يرأسها بشير الجميّل أوجدها العدو «الإسرائيلي» والعدو هو من درّبها وسلّحها لتكون يداً قاتلة بتصرّفه تخدم مصالحه وتحقق أهدافه قبل غزوه لبنان وخلال هذا الغزو وبعده. لذلك كان التعامل معها كما التعامل مع الاحتلال.

ولا بدّ هنا من الإشارة إلى نصوص المواد التالية من قانون أصول المحاكمات الجزائية «273، 274، 275، 278، 295» والتي تضمّنت:

في جرم المادة /273/ عقوبات:

كلّ لبناني حمل السلاح على لبنان في صفوف العدو عوقب بالإعدام.

كلّ لبناني، وإن لم ينتمِ إلى جيشٍ معادٍ، أقدم في زمن الحرب على أعمال عدوان ضدّ لبنان، عوقب بالأشغال الشاقّة المؤبّدة.

في جرم المادة /274/ عقوبات:

«كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى دولة أجنبية أو اتّصل بها ليدفعها إلى مباشرة العدوان على لبنان أو ليوفّر لها الوسائل إلى ذلك، عوقب بالأشغال الشاقّة المؤبّدة، وإذا أفضى فعله إلى نتيجة عوقب بالإعدام».

وهذه الأفعال ثابتة ومؤكّدة باعترافات العديد من مساعدي ومستشاري بشير الجميّل، ومنهم جوزف أبو خليل عضو المكتب السياسي الكتائبي، سواء في أحاديثهم الصحافية أو في كتبهم ووثائقهم ومذكّراتهم بقيامهم مع بشير الجميّل، أو منفردين، بزيارات متكرّرة للأرض المحتلة للاجتماع بقيادات العدو «الإسرائيلي» العسكرية والسياسية لتأمين الأموال والتسلّح والتدريب والتجهيز لميليشيا الكتائب والقوات وحلفائهم.

كما تسلل «الإسرائيليون» بحراً إلى لبنان عبر مرفأ جونيه الذي كانت تسيطر عليه هذه الميليشيا، كانت تهدف لتأمين المصالح المشتركة للفريقين، وأدّت إلى وضع خطة مشتركة، بتشجيع من القيادة الكتائبيّة القواتية، مع القيادة «الإسرائيلية» لدخول جيشها إلى لبنان لتحقيق هذه الأهداف، أيّ وضع اليد عليه وعلى مؤسّساته وتنصيب رئيس من قادتهم هو الإرهابي بشير الجميّل رئيساً للجمهورية، وإنشاء نظام تابع لـ«إسرائيل» يحقّق أهدافها الأمنية والسياسية.

فكان الاجتياح وآثاره التي امتدّت حتى العام 2000، وما نتج عنه من تدمير للبُنى التحتية والممتلكات ومؤسسات الدولة، وكلّ ذلك بتشجيع وغطاء كامل من بشير الجميّل ومعاونيه.

كما نصّت المادة /275/ عقوبات:

«كلّ لبناني دسّ الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه بأيّ وجه كان على فوز قوّاته عوقب بالإعدام».

كما تنصّ المادة /278/ عقوبات:

«كلّ لبناني قدّم مسكناً أو طعاماً لجندي من جنود الأعداء يعمل للاستكشاف أو أجرى اتصالاً مع أحد الجنود والجواسيس أو العملاء وهو على بيّنة من أمره، يُعاقب بالأشغال الشاقّة المؤقتة».

وقد أنشأت مخابرات العدو الصهيوني الموساد مراكز عدّة بمساعدة من ميليشيا بشير الجميّل، لا سيّما منها مركز دائم لها في المتن الشمالي بحماية وحراسة تلك الميليشيا القواتية.

كما تنصّ المادة /295/ عقوبات:

مَن قام في لبنان في زمن الحرب أو عند توقّع نشوبها بدعاوة ترمي إلى إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبيّة، عوقب بالاعتقال المؤقّت.

إنّ ما قام به السوريون القوميون الاجتماعيون أمس، كان تعبيراً أصيلاً غاضباً عن فقدان العدالة وضياع مضمونها وفقدان تحقيقها بعدم تطبيق القانون بإهمال القضاء المتعمّد لنصوصه.

كانت تظاهرة راقية ومعبرة، كما هم أبناء الحياة بشعارات قومية ووطنية جامعة. لم يعيثوا قط في الأرض فساداً ولا لهواً، ولم يهينوا على الأرض إنساناً.

ولفتت المشاركين والمارة عبارة في لافتة تندّد بأنّ «الملف الوحيد الذي بقي مفتوحاً منذ الحرب الأهلية هو ملف حبيب الشرتوني»، متسائلين «إلى متى سيبقى الجرح مفتوحاً؟» و«لماذا هذا الصمت من القوى السياسية وعدم وضع نهاية عادلة لهذا الملف»؟ فما قام به حبيب الشرتوني هو تأسيس للمقاومة الشريفة التي انبثق منها فجر التحرير في العام 2000.

كانت الوقفة القومية أمس، كما هم أبناء مدرسة الزعيم سعاده بمناقبية تجلّت في وقفتهم الغاضبة وشعارات تحمل عزم المقاومة في مواصلة الحرب ضدّ عدونا المصيري و«لكلّ خائن حبيب».

أما احتفالية ورثة الذلّ والعار والخيانة، فلم تحمل سوى رسالة واحدة: كلّ مَن يُعادي الكيان الصهيوني ويقف في وجه الاحتلال فسيجد مصيره إعداماً وسيكونون له بالمرصاد، بأية ذريعة من الذرائع.

أولئك يهود الداخل الذين فضّلوا الخيانة والعمالة، فكانوا للعدو حليفاً وصديقاً بضعفهم وهوانهم، متناسين أنّ للحق شمساً تسطع ولو بعد حين، متناسين قوة مؤيدة بصحة العقيدة، فعلت وغيّرت وستفعل وتغيّر وجه التاريخ.

بالأمس، اغتالوا الحق باسم العدالة. أما العدالة الحقيقية فقد تحققت منذ نفّذ الأمين البطل حبيب الشرتوني حكم الشعب اللبناني وأسقط الحلم «الإسرائيلي» بوصول مرشح جاء بدبابات العدو «الإسرائيلي» إلى سدّة الرئاسة، وخسئ أن يبلغها وفي عروق مقاومينا دماء.

بعد الذي حصل، يبرز السؤال أين العدالة حيال شهداء مجازر صبرا وشاتيلا؟ أين العدالة حيال شهداء مجزرة عينطورة والمجازر الأخرى التي ارتكبها العدو «الإسرائيلي» وعملاؤه؟

سوريون قوميون اجتماعيون رفضوا الخيانة ورفضوا القبول بالذلّ، وهم أبناء العزة والكرامة، علَت حناجرهم أمس، لتصدح في فضاء بيروت التي حرّرها رصاصهم بدءاً من الويمبي، بـ«تحيا سورية ويحيا سعاده». ولن تحيا إلا بهما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى