كيف طوّر السيّد نصرالله خطاب الردع؟

د. صادق النابلسي

بعد سلسلة النكبات والنكسات والهزائم العربية منذ مطلع القرن الماضي، كان من الصعب لأحدٍ أن يتنبّأ بأنّ سيّداً عربياً من لبنان سيخرج على الناس عام 2000 في خطاب تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في مدينة بنت جبيل ليقول أمامهم: «هذا النصر وضع الأمة كلها على بوابة الانتصارات الآتية ووضع إسرائيل على بوابة الهزائم الآتية» 1 . ثم ليطلق عقب حرب تموز المدمّرة من العام 2006 شعاره الشهير: «بدأ زمن الانتصارات وولى زمن الهزائم» 2 .

لقد تعاقبت حروب وأجيال من غير أن تستطيع الشعوب والأنظمة العربية الصعود إلى أفق القوة لتعديل ميزان الصراع. فوضى في العقول، وعشوائية في الحركة، وقصور معرفي واستراتيجي في تقدير العدو يحاكي تلك الديدان العمياء التي لا تتعدّى مداركها الحسية سطح الأرض، وتراجع في الحوافز والإرادات والمواقف والتوجهات والإمكانيات والتحالفات أدّى إلى حرف مسار الصراع وتهشيم هوية المنطقة الحضارية والتسبّب بكوارث سياسية وإحباطات نفسية لا حصر لها، وكأنّ قوى الهيمنة الغربية وأداتها الصهيونية تقول للعرب: «أنتم لا شيء على الإطلاق»!

وظلّ الأمر على هذه الحال، حتى نجح حزب الله كحركة تحرّر لبنانية في تحقيق انتصارين مذهلين. الأول: عندما فرض على الاحتلال الإسرائيلي انسحاباً تحت النار من أغلب أراضي الجنوب اللبناني عام 2000. والثاني: لحظة إفشال عدوان «إسرائيل» الأكبر عام 2006. الانتصاران أعطيا حزب الله فرصة ليكون قوة إقليمية قادرة على التأثير في معادلات الصراع، ووضعاه في سياق أكبر وأوسع داخل ديناميات النظام الإقليمي العربي، وأمام مرحلة تاريخية جديدة بدوافعها ومعطياتها وآمالها، سعى عبرها إلى تخليق مساحات وعي إضافية في المجالين العربي والإسلامي تُركِّز على جوهر الصراع مع الكيان الصهيوني، وترفع الإحساس بالقضية الفلسطينية وتحشد الطاقات الجماهيرية لتحقيق وفورات عسكرية وسياسية لديها الكفاءات المطلوبة لإنجاز النصر وتفتح الباب أمام تغييرات جذرية تطال تاريخ المنطقة وجغرافيتها وثقافتها.

في الحقيقة، إنّ ما يميّز حزب الله عن غيره من الذين واجهوا العدو الإسرائيلي، هو امتلاكه نظرية متكاملة في مجال القيم والأخلاق، ومعرفته العميقة بالتاريخ، ووعيه الحادّ بالعدو، وبالإمكان العلمي والعملي لتحرير فلسطين. ونقصد بالإمكان العلمي: أنّ فرضيات العلم واتجاهاته المتحركة لا ترى في استعادة الأرض وزوال الكيان الصهيوني، ضمن شروط دقيقة واستعدادات منظّمة وحسابات مدروسة، عملية ممتنعة. أمّا الإمكان العملي: فنقصد به أنّ عملية التحرير متاحة لمن أراد ممارسة العمل المقاوم بغرض الوصول إلى هذا الهدف، بل يمكن تحقيق التحرير فعلياً خصوصاً أنّ تجارب الشعوب والحركات الوطنية المسلحة على مساحة العالم قد مارست هذه التجربة النضالية بنجاح وخبرت نتائجها على نحو واقعي وملموس. وإذا ما علمنا أنّ بيئة الصراع بين العدو الإسرائيلي ومناهضيه تتميّز بالحركة والتغيّر الدائمين فإننا لا نعود محكومين لنتيجة علمية جامدة. وإذا ما علمنا أنّ النصر مرتبط بسلسلة من المؤهّلات النفسية والإمكانات المادية والصفات الأخلاقية والظروف الاجتماعية والسياسية الملائمة، فإننا ندرك لماذا سقطت النخب العربية الرسمية في هذا التحدي، حيث لم تكن راغبة في استخدام ما في يدها من وسائل للإكراه، بل ولم تعد معنيّة بالصراع من أساسه، وتحوّلت عنه إلى التسوية المذلة، بينما نجح حزب الله باستغلال الطاقات المادية والمؤهّلات النفسية لعناصره ومجتمعه، وتطويع عامل الزمن وتثوير الحوافز الداخلية عند جمهوره، لإدراة عجلة الصراع بطريقة ذكية وناجحة.

أمام التحوّلات الجديدة على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي استناداً إلى الدور الحيوي الذي قام به حزب الله خصوصاً منذ فترة تولي الأمين العام الحالي السيد حسن نصرالله قيادة الحزب بداية التسعينيات من القرن الماضي وصولاً إلى اللحظة الراهنة التي يعتبر فيها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي آيزنكوت» حزب الله، التهديد المركزي الأول على إسرائيل « 3 ، فإننا سنقف عند تطور خطاب الردع من خلال رصد لأبرز المواقف التي صدرت عن الأمين العام للحزب منذ العام 2006 وحتى العام 2017، والتي لم تكن تعكس البعد التكتيكي العملياتي في نطاق المواجهة المفتوحة فحسب، بل كانت مليئة بالشحنات الاستراتيجية وقدرتها على التأثير في مجريات الأحداث وسياسات المنطقة.

مواقف الأمين العام في سياق كرونولوجي تاريخي

1 ـ شهد العام 2006 سلسلة من الخطابات يقوم المنطق الجوهري فيها على مواجهة التهديد الإسرائيلي المباشر بأنماط ومستويات متعددة من القوة النفسية والعسكرية. فعلى سبيل المثال وبعد ساعات من عملية الوعد الصادق في الثاني عشر من تموز والتي أدّت إلى أسر جنديين ومقتل ثلاثة في منطقة خلة وردة بالقرب من قرية عيتا الشعب الجنوبية، عقد الأمين العام لحزب الله مؤتمراً صحافياً رفع من خلاله سقف الردع رداً على مواقف إسرائيلية كانت تحرّض على إعلان الحرب وتحميل لبنان ثمناً باهظاً قائلاً: «إذا أراد العدو الإسرائيلي تصعيداً… فنحن جاهزون للمواجهة وإلى أبعد ما يمكن أن يتصوّر هذا العدو ومن يقف خلفه « 4 . وبعد يومين فقط على العملية كان الجيش الإسرائيلي قد وسّع عملياته الجوية وأغارت طائراته على أهداف مدنية في مختلف المناطق اللبنانية وصولاً إلى قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، فجاء ردّ الأمين العام للحزب برسالة صوتية بُثت عبر قناة «المنار» قال فيها: «لن أقول اليوم اذا ضربتم بيروت سنضرب حيفا، لن أقول لكم إذا ضربتم الضاحية سنضرب حيفا، هذه المعادلة أردتم أن تسقط فلتسقط. أنتم أردتم حرباً مفتوحة، نحن ذاهبون إلى الحرب المفتوحة ومستعدّون لها، حرباً على كلّ صعيد، إلى حيفا وصدّقوني إلى ما بعد حيفا وإلى ما بعد ما بعد حيفا» 5 . وفي نهاية الرسالة كشف الأمين العام عن تدمير البارجة الحربية ساعر عبر صاروخ أرض – بحر أدّى إلى خروج سلاح البحرية من المعادلة بشكل نهائي.

وعلى خلفية قرار الحكومة الإسرائيلية توسيع العمليات البرية بعد فشل الطيران الحربي الإسرائيلي من حسم المعركة بعد سبعة وعشرين يوماً على بدء الحرب، ردّ الأمين العام السيد حسن نصر الله قائلاً: «لن تستطيعوا البقاء في أرضنا لو دخلتم أرض جنوبنا الغالي سنحوّلها الى مقبرة للغزاة الصهاينة… حتى الآن لقد رأيتم بعض بأسنا، أهلاً وسهلاً بكم في العملية البرية الواسعة التي سترون فيها كلّ بأسنا إن شاء الله» 6 .

2 ـ في العام 2007 توالت التهديدات الإسرائيلية من قبل قادة الكيان وارتفع مستوى الخطاب التصعيدي بذريعة تسلّح حزب الله وإعادة بناء ترسانته الصاروخية. وكانت «إسرائيل» قد شنّت في هذا العام غارة جوية ناجحة على ما تزعم أنّه مفاعل نووي سوري ودمّرته بالكامل، ما حفزها إلى رفع سقف التحدّي مع حزب الله حتى كادت التهويلات توحي بأنّ حرباً على الأبواب قادمة، ما اضطر السيد نصرالله إلى الردّ في احتفال بمناسبة يوم الشهيد موجهاً كلامه للقيادة الإسرائيلية قائلاً: «إنّ المقاومة في لبنان تملك العزم والإرادة، وتملك الرجال الرجال، والسلاح اللازم والكافي إنْ شاء الله، والعلم والخطة الدقيقة العلمية المناسبة للدفاع، والقدرة على الإدارة والسيطرة، وإنّ المقاومة في لبنان جاهزة ليلاً ونهاراً وفي كلّ المواقع للدفاع عن جنوب لبنان وعن كلّ لبنان، ليس فقط للدفاع وانّما هي متوثبة لتصنع الانتصار التاريخي الذي يغيّر وجه المنطقة». 7

3 ـ أما العام 2008 فقد حمل حدثاً استثنائياً في تاريخ الصراع بين المقاومة و«إسرائيل». إذ نجحت «إسرائيل» بمعونة أجهزة استخبارات عربية ودولية في اغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في حي من أحياء دمشق. اعتبر السيد نصرالله في خطابه الذي ألقاه أمام الحشود المشيّعة عملية الاغتيال بدء مرحلة سقوط دولة «إسرائيل». وتابع رافعاً سقف التحدي: «إذا كان دم الشيخ راغب أخرجهم من أغلب الأرض اللبنانية وإذا كان دم السيد عباس أخرجهم من الشريط الحدودي المحتلّ باستثناء مزارع شبعا فإنّ دم عماد مغنية سيخرجهم من الوجود إنشاء الله» 8 . الأبرز في الخطاب كان البعد البشري العددي في معادلة الردع. ولأول مرة يكشف السيد نصرالله عن آلاف المقاتلين الذين أعدّهم عماد مغنية للحرب القادمة فيقول: «اليوم حزب الله والمقاومة الإسلامية في أتمّ الجهوزية لمواجهة أيّ عدوان محتمل، وأنا أقول أيّ عدوان على لبنان وأيّ حرب على لبنان. في الماضي تحدّثت عن الصواريخ ولكنني اليوم سأتحدّث عن الشباب لأنّه بين أيدينا قائد هؤلاء الشباب وواحد من كبار قادتهم. فينوغراد يقول: «إنّ عدواً من آلاف المقاتلين صمدوا لعدة أسابيع أمام جيش إسرائيل الذي يعدّ أقوى جيش في الشرق الأوسط»، ويعترف بالهزيمة، اليوم بعد أن قتلوا الحاج عماد فليسمعوني جيداً : في أي حرب مقبلة لن ينتظركم عماد مغنية واحد ولا عدة آلاف من المقاتلين، لقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدرّبين المجهّزين الحاضرين للشهادة» 9 .

4 ـ في العام 2009 بدأ قادة الكيان يتحدّثون عن أسلحة «كاسرة للتوازن» تعبر إلى حزب الله عن طريق سورية، ومهدّدين بحرب مدمرّة شديدة 10 في حال شنّ حزب الله عملية عسكرية انتقاماً لقائده عماد مغنية. ولعبت الآلة الإعلامية دوراً كبيراً من خلال إبراز الاستعدادات الإسرائيلية والمناورات التي تجريها القيادة العسكرية على الحدود مع لبنان. كان ردّ الأمين العام لحزب الله في خطاب ألقاه بذكرى يوم الشهيد فقال: «المرة المقبلة، ليس حيفا وما بعد حيفا، يمكن أن تبدأ القصة المعركة مما بعد ما بعد حيفا»… وأقول لباراك واشكينازي ونتنياهو وأوباما وكلّ الدنيا، أرسلوا ما شئتم من فرق خمسة وسبعة وإنْ شئتم أرسلوا كلّ الجيش الاسرائيلي فسندمّره ونحطمه في تلالنا وودياننا وجبالنا، هذا هو التحوّل الكبير الذي أتحدث عنه في المنطقة لو حصلت حرب من هذا النوع 11 .

5 ـ في العام 2010 حصلت مجموعة من التطورات الميدانية أبرزها قصف القوات الإسرائيلية لموقع للجيش اللبناني على مشارف بلدة العديسة الجنوبية أدّى إلى سقوط ثلاثة شهداء من عناصر الجيش. ردّ أفراد الموقع على النيران الإسرائيلية ما اعتبره مراقبون ثمرة الالتحام والتعاون بين المقاومة والجيش. لكن الأمين العام لحزب الله لم يترك الحادثة تمرّ دون إفهام العدو الإسرائيلي الرسالة التالية: «أنا أقول لكم بصراحة: في أيّ مكان سيُعتدى فيه على الجيش اللبناني من قبل العدو الصهيوني ويكون فيه تواجد للمقاومة أو يد المقاومة تصل إليه فإنّ المقاومة لن تقف ساكتة ولا صامتة ولا منضبطة، اليد الإسرائيلية التي ستمتدّ إلى الجيش اللبناني ستقطعها المقاومة» 12 . وكان الأمين العام في ذكرى الشهداء القادة وقبل أشهر من هذه الحادثة قد وسّع من معادلة الصواريخ المعروفة منذ حرب تموز 2006 وأراد إرساء معادلة ردع لإحداث نتيجة سياسية لها علاقة بإدامة الاستقرار في لبنان وإفشال أيّ خطة إسرائيلية محتملة للحرب يسعى إليها الطرف المعادي قائلاً: «أنا اليوم أقول للإسرائيليين ليس إذا ضربتم الضاحية سنضرب تل أبيب، إذا ضربتم مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي في بيروت سنضرب مطار بن غوريون في تل أبيب، إذا ضربتم موانئنا سنقصف موانئكم، وإذا ضربتم مصافي النفط عندنا سنقصف مصافي النفط عندكم، وإذا قصفتم مصانعنا سنقصف مصانعكم، وإذا قصفتم محطات الكهرباء عندنا سنقصف الكهرباء عندكم» 13 .

أما اللغز الذي تركه الأمين العام يهمس في أغوار نفوس الصهاينة قلقاً وخوفاً، فهو وضعه سلاح الجو الذي لم يثبت أو ينفي امتلاك المقاومة له في إطار «سياسة الغموض البناء» 14 .

6 ـ في العام 2011 وعلى خلفية التطورات التي بدأت تشهدها المنطقة من تونس إلى مصر والتي شعرت من خلالها القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية أنها يمكن أن تشكّل غطاء لعدوان جديد. حيث قام رئيس الأركان بيني غانتس برفقة وزير الدفاع إيهود باراك بجولة على الحدود مع لبنان أدلى بعدها باراك بتصريح يطلب فيه من جنوده الاستعداد للدخول مجدّداً إلى لبنان. فجاء ردّ الأمين العام من خارج التوقعات والتقديرات الإسرائيلية وقفزة نوعية واستراتيجية في تاريخ الصراع مع الصهاينة فقال: «إنني في ذكرى السيد عباس والشيخ راغب والحاج عماد أقول لمجاهدي المقاومة الإسلامية: كونوا مستعدّين ليومٍ إذا فُرضت فيه الحرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل» 15 .

7 ـ في العام 2012 وفي غمرة الأحداث الخطيرة في سورية والتي كانت تستهدف تغيير المعادلات لصالح الكيان الإسرائيلي، ورسم خرائط جديدة على مستوى جغرافيا المنطقة، وضرب المقاومة في لبنان عبر الجماعات التكفيرية وإشاعة الفتنة المذهبية لتضييق الخناق عليها، وفي ظلّ مراهنة العدو الإسرائيلي على ضعف المقاومة، أرسل حزب الله طائرة من دون طيار طائرة أيوب إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة في خرق أمني يحمل أبعاداً استراتيجية واضحة، وانقلاباً في معادلات الردع بحسب المعلق العسكري لصحيفة «هآرتس» الإسرائيلية للشؤون العسكرية عاموس هرئيل الذي رأى: «أنّ اختراق الطائرة الإيرانية الصنع، يوفر تذكاراً عن ميزان الردع المعقد، القائم بين الجانبين. وإنّ حزب الله هو العدو الأذكى في المنطقة، الذي تواجهه إسرائيل» 16 . ثم ينقل هرئيل عن ضابط رفيع المستوى في قيادة المنطقة الشمالية على هذه الحادثة بقوله: «إنّ التفكير الاستراتيجي لدى اسرائيل، وأيضاً لدى حزب الله، متشابه إلى حد كبير» 17 .

وفي ذكرى يوم القدس من العام نفسه، وجه الأمين العام رسالة شديدة اللهجة إلى قادة الكيان الإسرائيلي معتبراً «أنّ الحرب مع لبنان مكلفة جداً جداً جداً جداً حتى ينقطع النفس. هناك بعض الأهداف في فلسطين المحتلة، لن أسمّيها الآن… يمكن استهدافها بعدد قليل من الصواريخ. أنا أقول للإسرائيليين: يوجد لديكم عدد من الأهداف… ضرب هذه الأهداف بصواريخ قليلة، سيحوّل، ولن أذكر الآن أسماء، سيحوّل حياة مئات الآلاف من الصهاينة إلى جحيم حقيقي. يمكن الحديث عن عشرات آلاف القتلى، وليس عن 300 قتيل و500 قتيل.أنا اليوم في يوم القدس 2012 أقول للإسرائيليين: هذه الأهداف موجودة لدينا وإحداثيتها موجودة لدينا، وهذه الصواريخ معدّة ومنصوبة ومركزة على هذه الأهداف، وفي سرية ممتازة جداً، ونحن في أيّ مرحلة من مراحل العدوان على بلدنا إذا اضطررنا لاستخدام أو لاستهداف هذا النوع من الأهداف من أجل حماية شعبنا وبلدنا لن نتردّد من فعل ذلك» 18 .

8 ـ في العام 2013 ومع انشغال حزب الله في الحرب الدائرة في سورية ارتفعت لهجة التحدي الإسرائيلي، لكن الأمين العام عاد وأكدّ على جهوزية المقاومة وعلى المعادلات القائمة وصنع المعادلات الجديدة واستخدام الردع لحماية لبنان. وفي احتفال بذكرى شهداء المقاومة قال: «ربما البعض يعتبر أنّ سورية الآن في صراع دامٍ، وبالتالي أصبحت سورية خارج معادلة أيّ معركة يمكن أن تحصل مع العدو الإسرائيلي… إذاً هذه هي اللحظة التي يمكن أن تستغلّ للاستفراد بالمقاومة. أبداً. لمن يفكر بهذه الطريقة، أقول له: … أنت مخطئ تماماً. اليوم المقاومة في لبنان في كامل عدّتها وفي كامل عديدها، وكلّ ما تحدّثت عنه في الماضي يعرفه الاسرائيلي جيداً. يمكن الآن إذا أردت أن أرفع الصوت أكثر، أو أرفع «الدوز» في الكلام أكثر، يفهم أنه نحتاج لأن نرفع الصوت. كلا، بكلّ هدوء، سوف نقلب الآية: أنا أحذر الاسرائيلي ومن يقف وراء الاسرائيلي، المقاومة في لبنان لن تسكت عن أيّ اعتداء يمكن أن يحصل على لبنان أو على الاراضي اللبنانية» 19 . وفي هذا العام بالذات شكلت معركة القصيْر على الحدود اللبنانية السورية التي خاضها حزب الله بنجاح ضدّ المجموعات الإرهابية التي كانت تتلقى الدعم والمساندة من جهات على صلة بالعدو الإسرائيلي أقوى ردّ استراتيجي على الكيان الإسرائيلي خصوصاً لجهة النموذج والأساليب القتالية والنتائج العسكرية. ولهذا السبب اعتبر المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس» تسفي برئيل أنها شكلت منعطفاً معنوياً وتكتيكياً واستراتيجياً أيضاً.

9 ـ في العام 2014 واصلت أجهزة الدعاية الإسرائيلية حربها النفسية على المقاومة من خلال سلسلة من المواقف التهويلية لقادة الكيان الذين أبدوا تخوفاً وقلقاً من تعاظم قدرة حزب الله وانخراطه في أكثر من ميدان تدور فيه الصراعات ومن توظيف هذه القوة في أيّ حرب قادمة. وأمام حملة التصعيد الكلامية جاء رد الأمين العام بقوله:

«وأنا أودّ اليوم أن أؤكد لهم: عليكم أن تغلقوا مطاراتكم وعليكم أن تغلقوا موانئكم، ولن تجدوا مكاناً على امتداد فلسطين المحتلة لا تصل إليها صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان…كل ما يخطر في بالكم يجب أن تحسبوا له حساباً. وبالتالي ما يتحدثون به عن قلق أو خوف أو حسابات أو معركة جادة، نعم هذه حقيقة. ولكن نحن نضع كلّ ما سمعناه حتى الآن في دائرة التهويل أولاً، في دائرة التعبير عن القلق الإسرائيلي، وثانياً في دائرة التهويل على لبنان وعلى الشعب اللبناني وعلى المقاومة في لبنان. ونحن لا يخيفنا التهويل. نحن لا تخيفنا الحرب أصلاً فكيف يخيفنا التهويل بالحرب؟ هذا لا يمكن أن يقدّم أو يؤخر شيئاً على الإطلاق.

الذي يمنعهم من الحرب، الذي يمنعهم من العدوان على لبنان، الذي يمنعهم من استغلال فرصة الأحداث في سورية وانشغال جزء عزيز منا، من مجاهدينا في سورية، هو معرفتهم أنّ المقاومة في لبنان عينها لم تغفل لحظة واحدة عن الحدود مع شمال فلسطين المحتلة، إنّ المقاومة في الجنوب وعلى امتداد الجنوب حاضرة وقوية وجاهزة وساهرة وفاعلة وفي أعلى درجات الجهوزية» 20 .

10 ـ العام 2015 حمل معه تطوراً ميدانياً خطيراً بعد استهداف المروحيات الإسرائيلية في 18 كانون الثاني/ يناير سبعة مقاومين كانوا في جولة تفقدية في منطقة القنيطرة السورية. وضعت «إسرائيل» جيشها في حالة استنفار كامل، وقامت بإجراءات احترازية واستقدمت تعزيزات إلى منطقة الشمال والجولان. جاء الردّ سريعاً بعد عشرة أيام فقط من الغارة الإسرائيلية باستهداف المقاومة دورية عسكرية في مزارع شبعا أدّت إلى مقتل وإصابة ما يزيد عن خمسة جنود إسرائيليين. بعدها ألقى الأمين العام لحزب الله خطاباً ردعياً عالي المستوى. فقال: «لا يمكنكم أن تقتلوا الناس وتناموا في بيوتكم آمنين مطمئنين… وكأنكم قتلتم بعوضاً… من اللحظة الأولى اعترف الإسرائيلي أنه يواجه واقعاً من هذا النوع، وأيضاً الإسرائيلي وضع كلّ الاحتمالات على مدى عشرة أيام، تكلم من عدم الردّ إلى احتمال الردّ، وعندما وضع احتمال الردّ بدأ من الحدّ الأدنى وصولاً إلى استهداف بنى استراتجية وصولاً إلى منشآت ومؤسسات إلخ… لأنّه يعرف بأنّ المقاومة قادرة.. العدو يعرف أنّ كلّ ما تحدث عنه من دائرة الاحتمالات التي فتحها هي ممكنة بالنسبة لحزب الله وهو قادر عليها… نحن كان لدينا وضوح… إنّ الأمر يستحق التضحية ولو ذهبت الأمور إلى النهايات. نحن ذهبنا إلى العملية وقد بنينا على أسوأ الاحتمالات، وجهّزنا أنفسنا لأسوأ الاحتمالات، وأنّ هذا الذي يطلق النار الآن هو مستعدّ أن يذهب إلى أبعد ما يتصوّره أحد في هذا العالم، هذا كان له علاقة بالردع… يجب أن يفهم الإسرائيلي جيداً، أنّ هذه المقاومة ليست مردوعة. إذا كان العدو الإسرائيلي يحسب حسابه أنّ المقاومة مردوعة وأنها تخشى الحرب، أنا أقول له اليوم في ذكرى شهداء القنيطرة وبعد عملية مزارع شبعا النوعية فليأخذ هذا العدو علماً نحن لا نخاف الحرب ولا نخشاها ولا نتردّد في مواجهتها وسنواجهها إذا فرضت علينا وسننتصر بها إنْ شاء الله. وأتمنّى هنا الاصغاء وأن يدقق العدو جيداً…، نحن في المقاومة الإسلامية في لبنان لم تعد تعنينا أيّ شيء اسمه قواعد اشتباك. نحن لا نعترف بقواعد اشتباك. انتهت. ولا في مواجهة العدوان والاغتيال، لا توجد قواعد اشتباك، ولم نعد نعترف بتفكيك الساحات والميادين» 21 . وعلى إثر هذا الخطاب ظهر مصطلح تشبيك الجبهات بين الدول والحركات المنضوية في محور المقاومة في إيقاع منسجم وواضح بشأن احتمالات ورهانات أيّ حرب قادمة.

11 ـ في العام 2016 كانت التحوّلات الميدانية في سورية لصالح محور المقاومة حيث لعب حزب الله دوراً بارزاً في تحرير مساحات شاسعة من الأراضي السورية التي كانت تسيطر عليها الجماعات الإرهابية المختلفة خصوصاً في منطقة القلمون المحاذية للحدود مع لبنان. وأحبّ حزب الله هذه المرة أن يبعث برسالة ردعية حيّة من داخل الأراضي السورية ومن منطقة القصيْر تحديداً حيث أقام عرضاً عسكرياً ضخماً ظهرت فيه أنواع مختلفة من الأسلحة الثقيلة. الرسالة كانت تحوّلاً استراتيجياً إضافياً جعلت قادة الكيان يتحدثون بقلق متزايد عن قدرات حزب الله البشرية والمادية، وعن تطور إمكاناته وتجربته على ضوء الحرب السورية وعن اكتسابه تجربة هجومية. وأمام التطوّرات المتسارعة وضعوا عنواناً للحرب المحتملة أسموها «حرب لبنان الثالثة». لكن الأمين العام لم يكتف بذلك في هذا العام بل أكد في خطاب آخر ألقاه بذكرى قادة المقاومة على قدرة المقاومة على ضرب حاويات الأمونيا في حيفا التي يمكن أن توازي بمفعولها حال استهدافها ببعض الصواريخ قنبلة نووية 22 .

12 ـ في العام 2017 صعّد الأمين العام السيد حسن نصرالله من مستوى الردع ودعا الكيان الإسرائيلي «ليس إلى إخلاء خزان الأمونيا فقط بل إلى تفكيك مفاعل ديمونا النووي» 23 . لكن الموقف الأكثر تقدّماً في تاريخ الصراع حين كشف السيد نصرالله في احتفال يوم القدس «أنّ على العدو الإسرائيلي أن يعرف أنّه إذا شنّ حرباً على سورية أو على لبنان فليس من المعلوم أن يبقى القتال لبنانياً إسرائيلياً أو سورياً إسرائيلياً. هذا لا يعني إنني أقول إنّ هناك دولاً قد تدخل بشكل مباشر، ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات الآلاف بل مئات الآلاف من المجاهدين والمقاتلين من كلّ أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة» 24 .

قيادة المقاومة واتقان لعبة القوة والردع

منذ بدايات العمل المقاوم، والمقاومة تحاول الوصول إلى مستويات متعادلة في الردع، بحيث تمنع العدو من شنّ ضرباته دون أن يتلقى في المقابل ضربات قاسية تلجمه عن معاودة الاعتداء. تفاهم تموز 1993 ونيسان 1996 شكّلا بداية موفقة لتثبيت معادلة ردعية تحمي المدنيين بدرجة أساسية. ومع انتهاء حرب عام 2006 كانت قد ترسّخت منظومة ردعية لدى المقاومة تسبّبت بهدم كلّ المعتقدات الموروثة الإسرائيلية العسكرية والسياسية والنفسية حول منطلقات الردع وأساليبه. إذ لم تعد الآلة العسكرية كرمز للقوة وحدها من يحسم الصراع، صار الأمر يستلزم وضع افتراضات وتصوّرات وإدراكات جديدة على المستوى التكتيكي والاستراتيجي. أي أنّ المسألة باتت ترتبط بالرؤية والنموذج أكثر من ارتباطها بالتشكيلات العسكرية والنطاق العملياتي. وهنا لا بدّ من فهم كيف استطاع حزب الله من تطوير نظريته للردع وتنظيم قوى وموارد لوجستية بقوات قليلة خفيفة وأسلحة محدودة، شكّلت حلولاً نموذجية لكسر إرادة العدو وإفشال أهدافه؟ وكيف تمكّن من ردع التهديد الإسرائيلي والردّ عليه خلال كلّ الحروب اللامتناظرة واللامتماثلة التي خيضت بينه وبين القوات الإسرائيلية حتى من دون استخدام القوة بل بالاكتفاء بنشرها فقط أو العزم على استخدامها أو التلميح باستخدامها. بعد حرب عام 2006 ظهرت «إسرائيل» مردوعة إلى حدّ كبير، وعلى الرغم من امتلاكها ترسانة عسكرية ضخمة ومخيفة لكن لم يكن لاستخدام هذه الأسلحة أثر في حسم الصراع، ولا حتى إلى نتيجة تتناسب والقدرات المفترضة لهذه القوة، بل ظلت المشكلة الاستراتيجية الجوهرية مع حزب الله قائمة الذي استمرّ يعمل بطريقة مرنة ومتحركة لإفساد كلّ استخدام لقوة العدو وجعلها بلا فائدة استراتيجية وسياسية.

خلال السنوات الماضية التي خاض فيها حزب الله معارك وحروباً ضارية مع القوات الإسرائيلية أظهرت قيادة الحزب براعة وألمعية وحرفية عالية في مراوغة العدو ومنازلته، والصعود بجماعتها المقاتلة إلى قوة رادعة ومصدر تهديد استراتيجي للكيان الإسرائيلي. وفي السطور القادمة أبرز ما يمكن ملاحظته من مساهمات هذه القيادة في بناء قوة الردع التي غدت رهاناً لحماية لبنان:

1 ـ فهمها العميق لطبيعة القوة وجدواها وكيفية استخدامها بكفاءة وعلى نحو متدرّج ضمن سياق وظروف تحقق الأهداف والغايات المرجوّة منها.

2 ـ نجاحها في إبراز القوة وإخراجها إلى حيّز الوجود وإرادة نشرها واستعمالها عند اللزوم.

3 ـ نجاحها في لجم العدو عن استخدام القوة والنيل من استراتيجيته، وبراعتها في قذف رسائل الرعب لإبطال وإفساد خطط العدو، والتأثير على معنوياته وتغيير نواياه من دون الاضطرار إلى المواجهة المباشرة.

4 ـ نجاحها في اختيار الأهداف ومسرح العمليات وتوقيت الضربات وطريقة ومنهج تطبيق القوة وتوظيف النتيجة على المستويين السياسي والاستراتيجي.

5 ـ قدرتها على تحسس تهديدات العدو وتفسير نواياه وتحليل سلوكه في إطار هيكل نظري دقيق ومترابط.

6 ـ فهمها للسياق السياسي والاستراتيجي الذي تدور فيه المعارك والحروب وإيجادها التوازن بين العناصر السياسية المحلية والأهداف العسكرية التكتيكية والغايات الاستراتيجية.

خاتمة

يعتبر الأمين العام لحزب الله مصدر المنطق المحرك للردع في كلّ أساليبه ودرجاته، وهو التجسيد الشخصي الحيّ للقوة المصمّم على كسب صراع الإرادات. فشخصيته وحضوره وبأسه ومعنوياته وفهمه للقوة وجدواها وحسن استخدامه لها وإجراءاته في ربط القوى والإمكانات في إطار الهدف الاستراتيجي السياسي الأوسع، كلها من المكوّنات الأساسية الدالة على الإرادة الكاملة لردع العدو والفوز عليه.

ما زالت المواجهة بين حزب الله والعدو الإسرائيلي متواصلة وممتدّة بأشكال متنوّعة. وكلاهما وصلا إلى علاقة صراعية تقوم على مفهوم التدمير المتبادل في حال نشبت حرب شاملة. وفي السنوات الأخيرة خصوصاً مع دخول حزب الله الحرب في سورية كان كلّ طرف ينشر أوضاعاً ويتخذ مواضع لإظهار القوة تبرز المستوى الذي وصل إليه من التحفز والتأهب للحظة يتمّ فيها اختبار للقوة التي سيفوز بها مَن يُحسن استخدامها بفعالية وذكاء. السؤال اليوم، ليس ما إذا كانت «إسرائيل» قادرة على إنتاج واستدانة القوة، وإنمّا في التحوّلات النفسية والجيوستراتيجية التي ظهرت تحديداً بعد الأزمة السورية والتي كان للسيد نصرالله دور رئيسي فيها والتي جعلت قادة الكيان يعيدون بحث كلّ افتراضاتهم التفاؤلية بشأن الحرب القادمة.

الهوامش

1 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في عيد المقاومة والتحرير 26-5-2000.

2 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى إنتصار آب 22 ايلول 2006.

3 ـ جريدة «الأخبار» اللبنانية في 21 حزيران 2017.

4 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله : كلمة الأمين العام لحزب الله في 12/7/2006.

5 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله التي بثتها قناة «المنار» في 14/7/2006.

6 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله التي بثتها قناة «المنار» في 9/8/ 2006.

7 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله بمناسبة يوم الشهيد في 11/11/ 2007.

8 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في تشييع الشهيد عماد مغنية في 14/2/ 2008.

9 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في تشييع الشهيد عماد مغنية في 14/2/ 2008.

10 ـ تصريح لوزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك نقلاً عن موقع إيلاف في 13/2/ 2009.

11 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله بمناسبة يوم الشهيد في 11/11/ 2009.

12 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله بمناسبة عيد المقاومة والتحرير في 3/8/2010.

13 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/ 2010.

14 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/ 2010.

15 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/ 2011.

16 ـ نقلاً عن موقع أطلس15 تشرين الأول 2012.

17 ـ نقلاً عن موقع أطلس15 تشرين الأول 2012.

18 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى يوم القدس العالمي في 17/8/2012.

19 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/2013.

20 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في اليوم العاشر من محرم 4/11/ 2014.

21 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب في حفل تكريم شهداء القنيطرة في 30/1/2015.

22 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/2016.

23 ـ موقع قناة المنار : كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى قادة المقاومة في 16/2/2017.

24 ـ موقع العلاقات الإعلامية لحزب الله: كلمة الأمين العام لحزب الله في ذكرى يوم القدس في 23/6/2017.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى