رفضاً للحكم الجائر بحقّ الشرتوني… المواقف المندّدة بحكم المجلس العدلي تتواصل

تتوإلى ردود الفعل المندّدة بالحكم الصادر عن المجلس العدلي بحق الأمينَين حبيب الشرتوني ونبيل العلم على خلفية تنفيذهما حكم الشعب بعملية اغتيال بشير الجميّل، وتزامنت هذه الردود مع الهجوم «القواتي» عبر رئيس جهاز التنشئة السياسية شربل عيد على نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، الذي أكّد أنّ لا مبرّر لمسألة العمالة للعدو، متوجّهاً إليه بالقول: «نعيم قاسم أنتَ تتّهِم بشير بالعمالة وكأنّك ترقص على قبرِه، وها أنا أتمنّى لك الموتَ قتلاً لأرقصَ على قبرك»، في موقف يفضح أدبيّات مسؤول التثقيف السياسي للقوات اللبنانية، التي يبدو أنّها لا تزال تعيش في حقبة الحرب الأهلية التي من المفترض أنّ صفحتها قد طُويت إلى غير رجعة، بينما يظهر من خلال هذه التصريحات أنّ بشير وخطاب الحقد لا يزال حياً في نظر كلّ من يراه بطلاً ورئيساً للبنان، متجاهلين فعل العمالة والخيانة الذي أقدم عليه على حساب لبنان واللبنانيين، فارتكب المجازر وقتل العسكريّين وشرع البلاد أماماً لعدوّ من أجل الوصول إلى كرسي قصر بعبدا.

وفي سياق الردود والمواقف المندّدة بالحكم الذي أصدره المجلس العدلي ضدّ الأمينَين حبيب الشرتوني ونبيل العلم، سجّلت مواقف لمختلف القوى والشخصيات السياسية والإعلامية التي أجمعت على رفض حكم المجلس العدلي جملة وتفصيلاً، والتنديد بما تضمّنه من اجتزاء للحقائق والوقائع.

الخطيب: استثناء القضاء العدلي لملف بشير الجميل ازدواجيّة وانتقائيّة لمعايير العدالة

بدوره، رأى أمين عام جبهة البناء اللبناني زهير الخطيب، أنّ «استثناء القضاء العدلي لملف بشير الجميّل لإصدار حكم بمفاعيل سياسية وحزبية، في ظلّ محاولات إقليمية للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني الغاصب لفلسطين ومقدّساتها، ومحلّياً على مسافة أشهر من الانتخابات النيابيّة المفترضة بأنّه سيحتم على القضاة العدلي اللبناني تناول ملفات جرائم قتل رئيس الوزراء الأسبق رشيد كرامي وطوني سليمان فرنجية وعائلته وداني كميل شمعون وعائلته، وإصدار الأحكام المفترضة بالإعدام على القاتل أو القتلة قبل نهاية العام الحالي، خاصة أنّ الملفات مكتملة الأدلّة والعناصر والمجرم أو المجرمين أحياء ومعروفي أمكنة الإقامة».

ونبّه الخطيب إلى أنّ «انتفاضة القضاة المحقّة قبل أشهر لحماية حقوقهم المادية، لا بدّ أن تستكمل بتأكيد استقلالية القضاء عن المؤثرات السياسية، من خلال معالجة المجلس العدلي لكافّة الملفات النائمة بالتزامن مع إقفال ملف مقتل بشير الجميّل آنذاك، في ظروف مقاومة الشعب اللبناني لنفوذ واحتلال العدو «الإسرائيلي» للبنان والتنكيل بشعبه التي تصدر بِاسمه الأحكام القضائية».

واعتبر الخطيب، أنّ «الاستثناء بإصدار القضاء اللبناني لأحكام في ملف بشير الجميّل دون سواه، يعتبره الغالبية العظمى من اللبنانيين، على اختلاف طوائفهم ومناطقهم، ازدواجية أو انتقائية لمعايير العدالة، كما يؤسّس مجدّداً لتداعيات سياسية وأمنيّة لن يحتملها السلم الأهلي والاقتصادي في لبنان، إذ يعيدنا 40 سنة لمرحلة النقاش الحادّ حول هوية لبنان وتحديد أعدائه، ما أدّى للحرب الأهلية و اتفاق الطائف الذي يلغيه الحكم الصادر والاحتفالات والتصريحات التي صاحبته».

«الشيوعي»: الدستور شرّع للشرتوني والعلم حقّ مقاومة الاحتلال وعملائه

من جهته، أشار الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني حنا غريب، تعقيباً على صدور الحُكم بالإعدام على المقاومين حبيب الشرتوني ونبيل العلم، في كلمة له خلال مهرجان تكريمي لشهداء «الشيوعي» في بلدة الخيام الجنوبيّة، أنّ «المحاكمة يجب أن تكون لمرحلةٍ بكاملها وبجميع ملفّاتها أو لا تكون، ومن غير المقبول التمييز في هذا الخصوص».

وسأل غريب الذي كان يتحدّث في الذكرى الـ32 لعملية تدمير إذاعة عملاء العدو: «كيف لهم إصدار حكم الإعدام الجائر بحقّ هذين المقاومين، اللذين شرّع لهما الدستور والمواثيق الدوليّة الحق بمقاومة الاحتلال والمتعاملين معه من جهة، وإصدار مراسيم العفو العام عن سياسيّين سبق أن أدانهم القضاء اللبناني على جرائمهم من جهةٍ أخرى؟ إنّ هذه القضية تعني كلّ الوطنيين والمقاومين، وهي ستبقى موضع متابعة من قِبلنا».

«الجمعيات الإسلامية»: الحكم بحقّ المقاوم الشرتوني محاولة يائسة لتسويغ الارتباط بالعدو

لقاء «الجمعيات والشخصيات الإسلامية» في لبنان رأى في بيان له، أنّ الحكم الصادر بحقّ المقاوم حبيب الشرتوني، والحملة المسعورة التي قامت بعده من قِبَل قوى داخلية، استفاد كثير من رموزها من العفو العام والخاص لشطب أحكام طالتها بأعمال الاغتيال أو تهرُّبها من تهمة العمالة للعدو، بأنّها محاولة يائسة في هذه الظروف التي يحقّق فيها محور المقاومة انتصارات كبرى، لتسويغ الارتباط والتجسّس للعدو، وجعل الخيانة الوطنية مجرّد وجهة نظر، ومحاولة مرفوضة بكلّ المقاييس لإعادة الاعتبار لأيّ عميل ارتكب الخيانة بحقّ وطنه وشعبه.

وشدّد «اللقاء» على ضرورة وأهميّة الوحدة والتلاحم، خصوصاً في هذه الظروف، لمواجهة المشاريع الأميركية – الصهيونية – التكفيرية التي تريد العبث بعالمنا العربي والإسلامي، والتي تفترض أعلى درجات اليقظة والاستعداد، مؤكّداً أنّ المعادلة الوطنية اللبنانية الذهبية «شعب وجيش ومقاومة»، كما حمت لبنان في السابق، ستكون هي الأساس في الدفاع والمواجهة الوطنيّين في أيّ حين من أيّ محاولة للعبث بالمصير الوطني، لأنّها ستلقى الردّ المناسب بفضل تضحيات جيشنا وشعبنا ومقاومتنا.

«الديمقراطي الشعبي»: حبيب الشرتوني وجورج عبدالله رمزان وطنيّان وثوريّان

المكتب السياسي في الحزب الديمقراطي الشعبي رأى في بيان صادر عنه، أنّ «النظام السياسي الطائفي أصدر حكماً بالإعدام بحقّ المقاوم البطل حبيب الشرتوني، لتنفيذه حكم الشعب بإعدام بشير الجميّل بجرم التعامل مع العدو الصهيوني، وتمكين قوّاته من الفوز بمساعدته على احتلال الأرض وانتهاك السيادة وتدنيس الاستقلال».

واعتبر أنّ القرار السياسي بحقّ البطل حبيب الشرتوني سيترك تداعياته الخطيرة على الصراع السياسي الداخلي، وعلى مجرى الصراع العسكري والأمني مع الكيان الصهيوني، إذ من جهة سيؤدّي إلى تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي والعنصري لدى قوى اليمين الفاشي والرجعي في استعادة لخطاب الحرب الأهلية، والتباهي «بالإنجازات» ضدّ «الآخر» أكان سورياً أو فلسطينياً أو لبنانياً من حاملي المشروع النقيض، ومن جهةٍ ثانية، سيبرّر هذا الحكم للعملاء والخونة الالتحاق مجدّداً بركب العدو في اول فرصة سانحة، طالما أنّ من يُحاكم هم المقاومين وليس الخونة والمطبّعين، مع الإشارة إلى أنّ تقرير «فينو غراد» حول عدوان تموز 2006 حدّد أحد أسباب فشل العدوان أنّه لم يلاقيه أحد من الداخل لإشغال المقاومة وتشتيت جهودها.

وأضاف البيان: «المفارقة أنّه في الوقت الذي صدرت فيه من مراجع رسمية في النظام «أوامر» بالبحث عن البطل حبيب الشرتوني لاعتقاله، تعلم تلك المصادر وغيرها من أطراف النظام بوجود بطل لبناني مخطوف وأسير في سجون الإمبريالية الفرنسية، ولم يحرّك هذا النظام التابع ساكناً لاسترجاعه، هو البطل جورج عبدالله، لأن قرار إبقائه معتقلاً قرار أميركي غير خاضع للمراجعة.

وختم بيان «الديمقراطي الشعبي» مؤكّداً أنّ المقاوم البطل حبيب الشرتوني، سيبقى كما المقاوم البطل جورج عبدالله، وغيرهما الكثير، رموزاً وطنيّة وثوريّة، نسترشد من تجربتهم الفذّة دروساً في المقاومة والمواجهة لكلّ محتلّ ومستعمر ومطبّع وعميل، ستحفظ الأجيال الطالعة أسماء المقاومين الأبطال، أمّا العملاء والخونة والخانعين، كما أسيادهم الإمبرياليّين والصهاينة، سيلفظهم التاريخ إلى حيث يستحقّون.

الأمين: حكم المجلس العدلي يسحب الشارع إلى خيارات سمير جعجع ومن يشبهه

رئيس تحرير جريدة «الأخبار» الزميل إبراهيم الأمين، أشار في مقال له بعنوان «عون مسؤول عن إبطال حكم المجلس العدلي»، أنّ الحكم على المقاوم حبيب الشرتوني الذي نفّذ حكم الشعب باغتيال الخائن بشير الجميّل، يفتح الباب على كلّ المستور أو المكبوت لدى الفريق الذي يتزعّمه سمير جعجع، الذي صار يتعامل مع بشير الجميّل على أنّه البطل الشهيد، علماً بأنّ جعجع لم يكن من حلقة بشير أبداً.

لافتاً إلى أنّ جعجع يريد من خلف حكم المجلس العدلي، أن يستفيد من التعبئة القائمة في الشارع المسيحي، من أجل استعادة عصبية مسيحية عامّة، يعتقد أنّه سيكون من يقطف ثمارها في ظلّ مناخات التوتّر التي تشهدها البلاد والمنطقة، وهو في هذه الحالة، لا يحيد عن تقليد تربّى عليه في بناء تحالفات مع الغرب وأعوانه من العرب اليوم، لا يجد جعجع حرجاً في الإقرار بارتكابه مجزرة إهدن. وهو يقبل بحكم المجلس العدلي الذي بُني على إفادات تحقيق أوليّة انتزعت من الشرتوني يوم كان معتقلاً لدى الحكم الذي كانت «القوات» والجبهة اللبنانية تسيطران عليه.

وهو لا يريد لنا أن نتذكّر كم هو عدد الضحايا من المدنيين المسيحيين الذين قُتلوا انتقاماً في الأيام التي تلت تصفية بشير في مناطق سيطرة «القوات»، أو المجازر التي ارتُكبت بحقّ أبناء بيروت والمخيمات الفلسطينية. كما لا يريد لنا جعجع، وفريقه، أن نعود إلى تحقيقات المجلس العدلي نفسها بخصوص اغتيال داني شمعون ورشيد كرامي، وإلى عمليات إجرامية قادها بشير في المناطق المسيحية خلال وجوده على رأس «القوات».

وختم الأمين: «ما قام به المجلس العدلي قبل أيام ليس سوى نسخة عن عمل الأجهزة الأمنيّة والقضائية الواقعة تحت رحمة السلطات الحاكمة، وليس ما يبرّد الأجواء، إنْ كان هناك من يهتم لهذا الأمر، إلّا أن يُصدر الرئيس عون قراراً بعفو يبطل مفعول العار الذي وصم المجلس العدلي جباه اللبنانيين به. وغير ذلك، فإنّ مسؤولية الرئيس عون، وفريقه السياسي والحزبي، ستكون أكبر، عندما يجري سحب الشارع المسيحي، وبِاسم الدفاع عن الحقوق والتراث، إلى خيارات سمير جعجع ومن يشبهه.

قنديل: لماذا اتّخذ المجلس العدلي قراره من دون العودة إلى كيفيّة انتخاب الجميّل؟

وفي موقف له، اعتبر الكاتب والمحلّل السياسي غالب قنديل، أنّ «هناك حقائق مختلَف على قراءتها، فإذا اعتبرنا أنّ الظروف فرضت على بشير الجميّل العلاقة مع «إسرائيل»، فلماذا لم يحذُ العميد ريمون إدة حينها حذوه، بل وقف في وجه «إسرائيل»، في وقت اختار بشير الجميّل العلاقة معها تحت الرعاية الأميركية؟». وأضاف: «هنا لا يمكن القول سوى إنّ هناك أشخاصاً أخذوا مواقف وطنية، فيما هناك آخرين لجأوا إلى خيارات أخرى».

وإذ اعتبر قنديل أنّ الكلام الصادر عن موقف أحد مسؤولي القوات اللبنانية رداً على نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم محاولة ردّ اعتبار لمفهوم العلاقة مع «إسرائيل» ، يرى أنّ «الشراكة الوطنية ستبقى عرضة للاهتزاز، طالما أنّ هناك اختلافاً في القراءة المشتركة للتاريخ القريب وليس البعيد»، متسائلاً: «إذا أردنا اعتبار أنّ الشرتوني قاتل رئيس جمهورية سابق ولهذا السبب حوكم، لماذا اتّخذ المجلس العدلي هذا القرار من دون العودة في مراجعاته إلى الحقبة السابقة، وإلى كيفية انتخاب النوّاب للجميّل، فهل انتخبوه بكامل إرادتهم أم أُحضروا تحت وقع الدبابات؟».

«لام برس»: الشرتوني اغتال صاحب المشروع الصهيوني في لبنان

وفي سياق التنديد بالحكم الصادر بحقّ الأمين حبيب الشرتوني، سأل موقع «الرابطة اللبنانية للإعلام» «لام برس» عن الهدف من الحكم على حبيب الشرتوني بالإعدام الذي اغتال صاحب المشروع الصهيوني في لبنان، بينما تمّ العفو عن المجرم والقاتل للرئيس الوطني رشيد كرامي، ولغيره من الوطنيّين و الأبرياء؟!

وأضاف الموقع: «إمّا العفو عن كلّ مرتكبي أعمال القتل في الحرب، وإمّا محاسبة الجميع من دون أيّ معيار سياسي»، ونقل الموقع عن فعاليات سياسية سؤالها: «هل إصدار الحكم بالإعدام على المقاوم حبيب الشرتوني بتهمة اغتيال متعامل مع العدو يخدم العهد الجديد، أم هي مجرّد مزايدة على رؤساء الجمهورية السابقين بمن فيهم شقيق المغتال؟». وختم بسؤال آخر: «هل العهد سيشهد محاكمات ضدّ مقاومين آخرين، امام التساهل مع المتعاملين مع العدو للاعتبار الطائفي؟».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى