روحاني: إيران وروسيا وأذربيجان أكدت في قمّة طهران أهمية التعاون للحفاظ على استقرار المنطقة بوتين: نعمل مع إيران بشكل مثمر للغاية ونتمكّن من تنسيق المواقف

هيمنت ملفات سورية والبرنامج النووي الإيراني والتعاون الاقتصادي الثنائي بين موسكو وطهران، على جدول أعمال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته الرسمية إلى إيران.

في حين جرت الزيارة الحالية على خلفية تصاعد التوتر في العلاقات الأميركية الإيرانية وإصرار الرئيس دونالد ترامب، على تقويض الصفقة النووية. ومحاولاته لجعل طهران بمثابة كبش الفداء الرئيسي في الشرق الأوسط، بينما تؤكد زيارة بوتين على الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين الدولتين الموجودة اليوم في ذروتها التاريخية، ومساعيهما لتنسيق العمل بينهما، في ظروف التعرّض للضغوط الخارجية من جانب الولايات المتحدة وحلفائها.

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «أنّ التعاون الروسي الإيراني في سورية مثمر جداً»، مؤكداً أنّ «أيّ طرف لا يمكن أن يحلّ الأزمة السورية بشكل أحادي الجانب».

وقال بوتين في كلمة ألقاها في مؤتمر صحافي مشترك لرؤساء روسيا وإيران وأذربيجان في أعقاب القمة الثلاثية المشتركة في طهران أمس، «بحثنا مسائل مهمة في مجالات الاستقرار ومكافحة الجريمة والإرهاب، إلا أنّ المسائل الاقتصادية كانت، بطبيعة الحال، مسائل أساسية».

وأضاف الرئيس الروسي: «تطرّقنا إلى الوضع الأمني في المنطقة بالتفصيل، وكذلك المسائل المتعلّقة بالاتفاق الخاص بالملف النووي الإيراني، وبالطبع الوضع في سورية. وأودّ الإشارة إلى أننا نعمل مع إيران بشكل مثمر للغاية. ونتمكن من تنسيق المواقف حول القضية السورية. وبفضل جهودنا المشتركة، وكذلك جهود تركيا، كما تعلمون، يتطوّر الوضع على الأرض في مجال مكافحة الإرهاب بصورة إيجابية جداً».

وأعرب بوتين عن «أمله في التوصّل قريباً إلى اتفاق بين كافة الدول المطلة على بحر قزوين حول قواعد استخدام البحر وترسيم الحدود فيه».

من جهة أخرى، أكد الرئيس الروسي «استعداد روسيا لتوريد الغاز إلى شمال إيران عبر الأراضي الأذربيجانية».

وأوضح بوتين: «من المعروف تماماً أنّ روسيا وإيران وأذربيجان هي أكبر دول منتجة للهيدروكربونات. وذلك لا يعني أننا يجب علينا أن نتنافس، بل يعني أن علينا أن ننسّق جهودنا».

وأضاف: «أودّ أن ألفت اهتمامكم إلى أنه رغم وجود إنتاج كبير للهيدروكربونات في كل بلد من بلداننا، فهناك اهتمام بتوريد هذه المواد الخام إلى بعضنا البعض. وعلى سبيل المثال نحن نؤكد جاهزيتنا لتوريد الغاز إلى شمال إيران عبر أنظمة الأنابيب الأذربيجانية، الأمر الذي قد يمثل جدوى اقتصادية لشركائنا».

من جانبه، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني «إنّ إيران وروسيا وأذربيجان أكدت في قمة طهران أهمية التعاون للحفاظ على استقرار المنطقة».

وأشار روحاني إلى أنّ «رؤساء الدول الثلاث اتفقوا على عقد القمة الثلاثية المقبلة في روسيا العام المقبل».

فيما أعلنت الرئاسة الإيرانية أمس، «أنّ تعاون إيران وروسيا في سورية سيستمرّ حتى تحقيق الانتصار الكامل على الإرهابيين هناك».

وجاء في بيان نُشر أمس، على الموقع الرسمي للرئيس الإيراني حسن روحاني أنّ «إيران جارة وشريك استراتيجي لروسيا».

واعتبر الرئيس الإيراني دور روسيا في الدفاع عن الاتفاق الدولي الخاص بتسوية قضية برنامج إيران النووي، «دوراً فعّالاّ».

كما رحّب روحاني في البيان بـ «الاستثمارات الروسية في القطاع الخاص بإيران».

يأتي ذلك في الوقت الذي انطلقت في طهران أعمال القمة الروسية الإيرانية الأذربيجانية الثلاثية بمشاركة رؤساء الدول الثلاث فلاديمير بوتين، وحسن روحاني، وإلهام علييف.

في سياق متصل، وعلى هامش الزيارة التي يقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، وقعت شركة النفط الروسية «روس نفط» مع شركة النفط الإيرانية «NIOC» أمس، خريطة طريق لـ «تنفيذ مشاريع مشتركة في مجال إنتاج النفط والغاز»، بـ «استثمارات تصل إلى 30 مليار دولار».

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «روس نفط» إيغور سيتشين عقب مراسم التوقيع: «إنّ هذه الاتفاقية تسمح لنا خلال العام المقبل بتوقيع وثائق بشأن تنفيذ مشاريع في مجال النفط والغاز، وإنشاء أساس للتعاون الاستراتيجي».

وأضاف مدير «روس نفط»، التي تُعدّ كبرى شركات النفط الروسية أنّ «الحديث يدور حول استثمار مشترك مع الشركات الإيرانية لتطوير مجموعة من حقول النفط والغاز»، مشيراً إلى «القوة الإنتاجية لهذه المشاريع قد تصل إلى 55 مليون طن من النفط الخام سنوياً».

من جهة أخرى، أعلن الكرملين «أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا ينوي التوجّه إلى السعودية بعد زيارته لإيران».

وقال المتحدّث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف تعليقاً على سؤال بهذا الشأن في طهران، «لا، إنه ليس كذلك».

يُذكر في هذا الصدد أنّ تقارير إعلامية أشارت مؤخراً، استناداً إلى معطيات غير مؤكدة، إلى أن «الرئيس بوتين سيزور السعودية بعد زيارته إيران».

على صعيد أمني، التقى رئيس الأركان الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف، نظيره الإيراني اللواء محمد باقري، قبيل وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس لطهران.

و بحث الجانبان «الدبلوماسية الحديثة والدفاعية بين إيران وروسيا ومحاربة الإرهاب»، بالإضافة إلى «العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك كالأزمة السورية وتقديم المساعدة لجبهة المقاومة».

كما بحث المسؤولون أيضاً «الإدارة والتوجيه الدفاعي والأمني المشترك في مختلف أنحاء المنطقة، وسبل تطوير مستوى التعاون في القضايا الأمنية والصناعية والبحثية والتدريبية».

وأعرب غيراسيموف، عن «سعادته لزيارة طهران»، قائلاً: «من دواعي سروري أن أشهد تطوّر مستوى التعاون الدفاعي والعسكري الحالي بين البلدين».

من جانبه، أشار اللواء باقري إلى ما وصفه بـ «التطوّر الجيد جداً بين القوات المسلّحة الإيرانية والروسية»، خلال العامين الماضيين، وقال بهذا الصّدد: «إقامة المسابقات العسكرية في روسيا ودعوة إيران للمشاركة فيها أمر يستحق التقدير لأن عقد هذه المنافسة يؤدي إلى تعزيز التعاون بين بلدينا».

وكان قد وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، إلى طهران بزيارة عمل للمشاركة في القمة الروسية الإيرانية الأذربيجانية الثلاثية.

وتوجّه بوتين بعد وصوله إلى العاصمة الإيرانية إلى قصر سعد آباد، حيث استقبله الرئيس الإيراني حسن روحاني.

وشكر الرئيس الروسي نظيره الإيراني على تنظيم اللقاء، مشيراً إلى «إمكانية عقد مباحثات في طهران في الإطار الثنائي وكذلك في الإطار الثلاثي بمشاركة رئيس أذربيجان إلهام علييف».

من جانبه أكد روحاني في مستهلّ اللقاء، «يسرني أن بلدينا إلى جانب تطوير علاقاتنا الثنائية يلعبان دوراً مهماً في ضمان الاستقرار والسلام في المنطقة».

كما عقد الرئيس الروسي لقاء ثنائياً مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف.

وأكد بوتين «أنّ العلاقات بين روسيا وأذربيجان تحمل طابع شراكة استراتيجية»، مشيراّ إلى «زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 62 في المئة منذ بداية العام الحالي».

من جانبه اعتبر علييف «القمة الثلاثية حدثاً دولياً مهماً»، مشيراً إلى أنّ «تعاون البلدان الثلاثة يعتمد على العلاقات التاريخية العميقة بينها ومصالحها المشتركة».

ومن المعروف أنّ «روسيا وإيران وأذربيجان تعتبر من اللاعبين الأساسيين في سوق النفط والغاز العالمية»، وهي تتقاسم الجرف القاري في بحر قزوين الغني جداً بالنفط والغاز.

ويؤكد خبراء أنّ «موسكو يمكن أن تلعب دور الوسيط بين طهران وباكو في محاولة لتعزيز الاستقرار في المنطقة، وخاصة مع وجود نقاط توتر بين إيران وأذربيجان، من بينها علاقات باكو الودية مع «إسرائيل»، والكره المتبادل بين الأخيرة وإيران».

يُذكر أنّ آخر زيارة للرئيس بوتين إلى إيران كانت قبل عامين، في تشرين الثاني 2015.

وسبق لبوتين وروحاني أن اتفقا على عقد القمة الحالية في نهاية أيار الماضي أثناء مكالمة هاتفية هنأ خلالها الرئيس الروسي روحاني بإعادة انتخابه رئيساً لإيران.

في سياق منفصل، تعتزم روسيا المشاركة في بناء خط أنابيب لنقل الغاز بطول 1200 كليومتر من إيران إلى الهند، أحد أسرع الاقتصادات نمواً في العالم.

وأعلن وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أمس، أنّ «وزارتي الطاقة الروسية والإيرانية ستوقّعان على مذكرة تفاهم لمشروع توريد الغاز من الجمهورية الإسلامية إلى الهند، على أن ينتهي البلدان من إعداد الوثائق التقنية وتوقيعها قبل نهاية العام الحالي».

هذا وستشارك في المشروع، بحسب الوزير الروسي، شركات من روسيا والهند وباكستان وإيران. ومن المخطط أن يبدأ تنفيذه في العام 2018.

وشركة «غازبروم» الروسية هي مَن ستمثل روسيا في هذا المشروع، كما أن الشركة نفسها ستشارك أيضاً في تطوير حقول غاز في إيران. وقال الوزير الروسي: «إنه مشروع كبير تشارك فيه غازبروم، حيث سيتمّ تطوير حقول في إيران بمشاركة غازبروم وبناء البنى التحتية لتوريد الغاز الى الهند».

ولم يكشف نوفاك عن قيمة المشروع، لكنه أكتفى بالقول إنه «مشروع ضخم واستراتيجي ويتطلّب تمويلاً كبيراً».

يُشار هنا إلى أنّ «غازبروم» تُعدّ من كبرى شركات الطاقة العالمية، وبلغت صادراتها من الوقود الأزرق العام الماضي إلى أوروبا، أحد أبرز أسواقها، ما يقارب 178.3 مليار متر مكعب من الغاز.

وكانت «غازبروم» قد أجرت دراسة في آذار بمشاركة شركائها من الهند لطرق نقل الغاز إلى الهند، حيث تمّ اختيار أفضل مسارين، واللذين تتراوح كلفتهما من 5.7 مليار دولار إلى 16.5 مليار دولار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى